رو7: 14 فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدى مبيع تحت الخطية
“فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ.“(رو7: 14)
+++
تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم
” فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدى مبيع تحت الخطية” (رو14:7).
1 ـ ولأن الرسول بولس قال سابقا إن هناك شرور كثيرة قد صارت، وإن الخطية قد أصبحت أكثر قوة عندما كانت هناك الوصية، وإن ما حاول الناموس تحقيقه قد حدث عكسه، فإنه بذلك يكون قد وضع المتلقي لرسالته في حيرة كبيرة. لذلك أخذ هنا يتحدث عن كيف صارت هذه الأمور على هذا النحو بعدما برأ الناموس من الشبهة الخبيثة. وحتى لا يعتقد أحد أنه خدع وقتل بناء على قول الرسول بولس بأن الخطية اتخذت فرصة بالوصية ، وأنه عندما أتت الوصية عاشت الخطية، ، وأن الناموس هو سبب كل هذه الشرور، راح يدافع أولاً عنه بكلام مستفيض، ليس فقط مبرءا إياه من الإدانة، ولكن موجها له أعظم المديح. وهو يذكر ذلك، ليس باعتباره متفضلاً على الناموس، بل كمن يعبر عن حكم عام معروف لدينا جميعا. إذ يقول: ” لأننا نعلم أن الناموس روحى”. كما لو أنه قال إنه لأمر معروف وواضح، أن الناموس روحي، وأنه بعيدا كل البعد عن أن يكون سببا للخطية، ومسئولا عن الشرور التي تحدث.
لاحظ أنه لم يبرئ الناموس من الإدانة فقط، ولكنه يمتدحه بشدة. لأنه يقول عنه إنه “روحي” موضحا كيف أن الناموس هو معلم الفضيلة، وعدو للخطية. لأن هذا هو معنى أن “الناموس روحي”، بمعنى أنه منزها عن كل الخطايا، الأمر الذي جعل الناموس هو المحذر، والمرشد، والمصحح، والمقدم لكل النصائح التي تساعد على ممارسة الفضيلة. إذا من أين وجدت الخطية، طالما أن المعلم (أي الناموس) كان رائعا؟ أقول وجدت الخطية نتيجة لامبالاة التلاميذ. ولهذا أضاف قائلا: “وأما أنا فجسدى” واصفا الإنسان الذي عاش في ظل الناموس، والإنسان الذي عاش قبل الناموس، أنه “مبيع تحت الخطية” لأن آلاما كثيرة ظهرت مع الموت (الناتج عن الخطية)، وعندما صار الجسد فاسدا، تعرض فيما بعد بالضرورة للشهوة والغضب والحزن وكل الأمور الأخرى التي تحتاج لعفة كبيرة. أقول هذا حتى لا تغمر نفوسنا هذه الأشياء، ويغرق فكرنا في قاع الخطية. لأن هذه الأشياء لم تكن في حد ذاتها خطية، ولكن المغالاة فيها، وعدم قمعها هو ما جلب علينا كل هذه النتائج. وتوضيحا لذلك أسوق هذا المثل وأقول إن الرغبة المشروعة في حد ذاتها ليست خطية بالطبع، ولكن عندما تسقط في المغالاة، وترفض البقاء في إطار قوانين الزواج، بل وتذهب إلى نساء غريبات، عندئذ يصير هذا المسلك زني، إلا أن الشهوة في حد ذاتها ليست هي السبب في ذلك، بل السبب يكمن في الشراهة التي هي وراء الشهوة.
وانتبه إلى حكمة الرسول بولس، لأنه بعدما امتدح الناموس، انتقل سريعا وبطريقة مباشرة إلى الزمن السابق على الناموس، مظهرا كيف عاش الجنس البشرى آنذاك، وكذلك كيف عاش عندما أخذ الناموس، لكي يبين أن مجيء النعمة كان أمرا ضروريا، الأمر الذي حرص على أن يظهره في كل موضع. لأنه عندما يقول ” مبيع تحت الخطية”، لا يتحدث فقط عن أولئك الذين عاشوا في ظل الناموس، بل وعن الذين عاشوا قبل الناموس، وأيضا عن الذين وجدوا في عهد النعمة.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“فإننا نعلم أن الناموس روحي وأمّا أنا فجسدّي، مبيع تحت الخطيّة” [14]. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن الرسول بقوله هذا يُعلن أنه لا حاجة للتدليل على أن “الناموس روحي”. فهو بعيد كل البعد عن كونه مصدرًا للخطية، أو علّة للشرور الحادثة. أنه “روحي“، معلم للفضيلة ومضاد للرذيلة؛ يقودنا بعيدًا عن كل أنواع الخطايا بالتهديد والنصح والتأديب والإصلاح وبمدحه للفضيلة. إذن من أين جاءت الخطيّة مادام الناموس معلمًا هكذا؟ إنها منّا نحن: “وأما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطيّة”. لقد تقبّلت الشهوات الجسديّة واستُعبدت للخطية، صرت غارقًا في أعماقها، ساقطًا تحت ناموسها، فحُسبت جسديًا.
v لعنة الله الأصليّة (بسقوط أبوينا في العصيان) جعلتنا جسدانيّين، وحُكم علينا بالأشواك والحسك؛ وقد باعنا أبونا بذلك التعاقد التعيس حتى أننا صرنا عاجزين عن فعل الصلاح الذي نريده. إذ صرنا ننقطع أحيانًا عن تذكّر الله العظيم السمو، مضطرّين إلى الانشغال بما يخص الضعف البشري. وبينما نشتهي الطهارة ننزعج غالبًا بغير إرادتنا بالشهوات الطبيعية التي لا نريد حتى أن نعرفها، لذلك نحن نعلم أنه ليس ساكن في أجسادنا شيء صالح (رو 7: 18)، أي ليس ساكن فيه السلام الأبدي الدائم الذي لهذا التأمل المذكور.
الأب ثيوناس
v “أمّا أنا فجسديّ، مبيع تحت الخطيّة” [14]. هذا يعني: “بكوني إنسانًا جسدانيًا موضوع بين الخير والشرّ كوكيل حرّ، لي سلطان أن اختار ما أريد. فإنه “هاأنذا أجعل أمامكم طريق الحياة وطريق الموت“ (إر 21: 8؛ جا 15: 8؛ تث 30: 15)، بمعنى أن الموت يأتي ثمرة لعصيان الناموس الروحي أو الوصيّة والطاعة للناموس الجسدي أي مشورة الحيّة. فبمثل هذا اختيار أنا مبيع للشيطان، ساقط تحت الخطيّة. هكذا أمسك الشرّ بي، والتصق بي، وسكن فيّ، وسلمني العدل للشرير بانتهاكي للناموس.
الأب ميثودوس
تفسير القمص متى المسكين
14:7 « فإننا نعلم أن الناموس روحي، وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية » .
« روحي وجسدي»:
أما الناموس الروحي، فمعناه أنه ناموس إلهي، مسلم « بترتيب ملائكة » » (أع7: 53 )، طبيعته المـتـحـدر مـنـهـا روحية خالصة. وإن كان يختص بالجسد، إلا أنه من مصدر روحي وله طبيعة هذا المصدر، مقدس وعادل وصالح .
«أما أنا فجسدي»:
كلمة «جسدي » هنا ، توضح طبيعتي في مقابل طبيعة الناموس. وطبيعتي هي جسدية وليست روحية، مصنوع من الجسد من اللحم والدم. وهنا كلمة «جسدي» غير « جسداني » التي تعطي مفهوماً آخر غير وارد قط في ذهن بولس الرسول، إذ معنى « جسداني » أن له فقط صفات الجسد. وهذا قد يفهم منه أنه أصبح له طبيعة روحانية وصفات جسدانية ، وهذا لا يـقـصـده بـولـس الـرسـول ، لأن الإنسان الذي يتكلم بولس الرسول عنه أو بلسانه لم يتجدد، لم يقبل الروح القدس، أي لم يصر مسيحياً بعد وهو باق كما هو جسدي . وهذا واضح من وصفه للـنـامـوس أنه روحي متحاشياً ذكر «الروح» أو «الروحاني». لأن هذا هو واقع المسيحي فقط ، حيث الجسد يـتـعـامـل ضد الروح (القدس) الذي فيه، والروح ضد الجسد الساكن فيه . ولكن الناموس، هنا ، روحي فقط، من حيث مصدره لا عمله ، فهو لا يختص بروح الإنسان بل بجسده ، وهو لا يعمل في روح الإنسان وإنما يهذب الواقع تحت الخطية بالأحكام الجسدية لا بالتهذيب الروحي. لذلك، «فالناموس روحي وأنا جسدي » يفيد اختلاف الطبيعة والمصدر والعمل، دون الـتـفـاعل بينهما، فالناموس بحكم طبيعته الروحية يحكم علي بسبب الخطية ولا يتعامل معي لأني جسدي .
«مبيع تحت الخطية » :
اصطلاح حزين يقوله إنسان واقع تحت أسر الخطية، وقد طالت به العبودية . فالإنسان يباع، إما لإنسان كسيد يستخدمه ، وإما لخطية تستذله ولا فكاك، حيث سيوضح بولس الرسول بعد ذلك هذه الحالة بدقة .
بولس الرسـول هـنـا يـتـكـلـم بفم إنسان واقع تحت عبودية الخطية، وبآن واحد تحت مطالبة الـنـامـوس باتباع الصلاح. وهذه بحد ذاتها مناقضة ، لأن الناموس روحي يطلب الصلاح، وأنا في نفس الوقت جسدي وواقع تحت عبودية الخطية، والناموس لا يعطيني يده ليساعدني للخروج من عـبـوديـة الخطية، والنتيجة أنني واقف ممزق بين مطلب الصلاح الروحي وواقع جسدي الغارق في الخطية ولا معين .
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 14: فإننا نعلم = إذا ما هو آت مرتبط بالآية السابقة، وكانت تقول إن الخطية سببت الموت وليس الناموس. فالناموس روحيٌ= أي أوحي به الروح القدس. ولو أطاعه إنسان لصار روحي يسلك في حياة روحية فاضلة.
أما أنا فجسديٌ= أي من التراب، وتسكن فيَّ الخطية، الإنسان العتيق يستعبد أعضائي. مبيع تحت الخطية= الإنسان العتيق يستعبد أعضائي فأنا مولود بالخطية، هذه الحالة ليست ما قبل المسيح، بل ما قبل التوبة. وفيها يكون الإنسان مستعبد لسيد هو الخطية، وشهوات جسده. الخطية تمتلكه كما يمتلك السيد عبده. إذاً الخطية مني أنا وليست من الناموس. لقد سعيت وراء الشهوات البشرية الجسدية وإستعبدت للخطية فصرت ساقطاً تحت ناموسها فحُسِبْتُ جسدياً. هذا الإنسان لا تحركه سوي شهوات جسده (حقد /حسد /مال/ إمتلاك /جنس…)
الناموس روحيٌ= أي بوحي من الروح القدس ويقود الإنسان في الاتجاه الروحي، ولكنه فقط يدين ويظهر الفساد الداخلي، أوامر دون معونة أمّا النعمة فالروح القدس يسكن فينا ليعين ضعفاتنا، لذلك فالناموس يدين، أما النعمة فتعين.
تفسير كنيسة مارمرقس مصر الجديدة
ع14: هنا يبدأ بولس الرسول في بلاغة رائعة وصف الصراع النفسى الداخلي للإنسان المحب للخير ولكن مغلوب من الشر، بادئًا بإعلانه أنه يحترم الناموس ولا يقلل من شأنه، إذ أن الناموس روحي مسلم بترتيب ملائكة (أع7: 53)، ملقيًا بكل أسباب الخطية على نفسه كإنسان من لحم ودم قبل اتحاده بالروح القدس. فيقول القديس بولس نيابة عن كل نفس: أنا إنسان مُباع كعبد تحت أسر الخطية، فالناموس الروحي يطالبنى باتباع الصلاح بلا مساعدة، والنتيجة أنى كإنسان ممزق بين مطالب الروح وواقع الجسد المستعبد للخطية.
- تفسير رسالة رومية 7 – القديس يوحنا ذهبي الفم
- تفسير رسالة رومية 7 – القمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير رسالة رومية 7 – القمص متى المسكين
- تفسير رسالة رومية 7 – القمص أنطونيوس فكري
- تفسير رسالة رومية 7 – الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف
- تفسير رسالة رومية 7 – د/ موريس تاوضروس
- تفسير رسالة رومية 7 – كنيسة مارمرقس مصر الجديدة
رو7: 1 | رسالة رومية | رو7: 3 | |
رسالة رومية – أصحاح 7 | |||
تفسير رومية 7 | تفاسير رسالة رومية |