تأملات في الميلاد

 

إن الذي يمعن النظر في قصة الميلاد ، يجد نفسه أمام تأملات كثيرة . لعل في مقدمتها إن الله ، في كل عصر من العصور مهما كانت مظلمة ، ” لا يترك نفسه بلا شاهد ” ( أع 14 : 17 ).

لا يترك نفسة بلا شاهد

لقد أحيط ميلاد الرب بمجموعة من القديسين …
علي الرغم من أنه كان عصراً مظلماً.
كان عصراً مظلماً حقاً ، لذلك قيل عن مجئ المسيح فيه ” النور أضاء في الظلمة . و الظلمة لم تدركه ( يو 1 : 5 ) . و السيد المسيح نفسه قال عن الجيل الذي عاش فيه ” جيل فاسق و شرير يطلب اَية ، و لا تعطي له ” ( مت 12 : 39 ، مت 16 : 4 ).
و كرر مثل هذا الكلام في مناسبة أخري ( مز 8 : 38 ) .

و لما تكلم عن المعلمين الذين أرشدوا الناس قبل مجيئه ، قال عنهم ” كل الذين أتوا قبلي ، هم سراق و لصوص ” ( يو 10 :8 ).

و ظهور قديسين في ذلك العصر الخاطئ، يعطي رجاء.
إن فساد العصر لا يمنع أن روح الله يعمل . و وجود الأرض الخربة الخاوية المغمورة بالماء و الظلمة ، لا يمنع أن روح الله يرف علي وجه المياه ( تك 1 : 2 ) . و في كل جيل يستحق طوفاناً ليغرقه ، لا بد من وجود نوح ليشهد للرب فيه. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد. و هكذا كان العصر الذي ولد فيه المسيح.

رأينا مجموعة كبيرة من القديسين عاصرت الميلاد.
نذكر من بين هؤلاء ، القديس زكريا الكاهن ، الذي ظهر له ملاك و هو يبخر عند المذبح ( لو 1 : 11 ) . و زوجته القديسة اليصابات . و قد قيل عنه و عن زوجته : ” و كانا كلاهما بارين أمام الله … ” ( لو 1 : 6 : ) . و قيل عنهما كذلك إنهما كانا ” سالكين في جميع وصايا الرب و أحكامه ، بلا لوم ” ( لو 1 : 6 ) . إن الفساد السائد في ذلك العصر ، لم يكن عقبة تمنع وجود هؤلاء الأبرار فيه.
و إلي جوارهما ، وجد يوسف النجار و سمعان الشيخ …
و قال الكتاب عن يوسف النجار إنه ” كان رجلاً باراً ” ( مت 1 : 19 ) .و سمعان الشيخ شهد له لاكتاب بأنه ” كان باراً تقياً ، ينتظر تعزية إسرائيل ، و الروح القدس كان عليه ” ( لو 2 : 25 ) . إنه أمر يجلب الرجاء و التعزية ، أن نسمع أنه في جيل فاسق و شرير ، أمكن وجود رجل بار ، عليه روح الله ، و أنه ” أوحي إليه بالروح القدس …” ، و أنه ” أتي بالروح إلي الهيكل ” ( لو 2 : 26 ، 27 ) .
جيل فاسد ، و لكن الروح القدس يعمل فيه .
و نتيجة لعمل الروح و جد هؤلاء الأبرار … و كان الروح يكلمهم … و كان الملائكة يظهرون لهم ,. و كانت لهم أحلام مقدسة . و استحقوا أن يروا المسيح له المجد .

و في وسط قديسي هذا العصر ، نجد قديسة نبية هي : حنة النبية بنت فنوئيل العابدة في الهيكل . و كانت هذه القديسة ” لا تفارق الهيكل ، عابدة بأصوام و طلبات ليلاً و نهاراً ” ( لو 2 : 37 ).

و مع هؤلاء وُجدت العذراء و المعمدان.
إننا لا نيأس من فساد أي جيل ، إذا رأينا أن جيلاً شريراً كهذا ، عاشت فيه في حياة الكمال أطهر إمرأة في الوجود ، هي مريم العذراء ، التي استحقت أن الروح القدس يحل عليها ، و قوة العلي تظللها ، و يولد منها إبن الله ( لو 1 : 35 ) .

و كذلك في هذا الجيل الفاسق ، وُجد يوحنا المعمدان ، الذي من بطن أمه امتلأ من الروح القدس ( لو 1 : 15 ) . و الذي وصفه الرب بأنه أعظم من ولدته النساء ( مت 11 : 11 ) .

كل أولئك كانوا موجودين في عصر واحد ، هو وقت الميلاد ، بالإضافة إلي المجوس و الرعاة الذي استحقوا بشارة الملائكة و رؤية المسيح .

و كان هناك قديسون اَخرون وقت كرازة الرب و قيامته . نذكر من بين هؤلاء الإثني عشر رسولاً ، و السبعين الآخرين الذين اختارهم أيضاً ( لو 10 : 1 ) . و يذكر بولس الرسول ” أكثر من خمسمائة أخ ” ظهر لهم السيد المسيح بعد قيامته ( 1 كو 15 : 6 ) … كل هؤلاء و أمثالهم كانوا الباكورة . ثم شملت القداسة الكل …

و كل هؤلاء إجتمعوا معاً في عصر قيل إنه فاسد . أليس هذا أمراً يعطي رجاء للجميع ؟! ثم أنه مما يزيد الرجاء في القلوب حقيقة أخري هامة و هي : كان هؤلاء القديسون من نوعيات متعددة.

نوعيات متعددة

في إحدي المرات جاءني إنسان تائباً ليعترف بخطاياه . و بعد الإعتراف طلب مني لمنفعته الروحية أن أرشده إلي قراءة قصص بعض قديسي التوبة . فأعطيته قصص قديسين كبار مشهورين في حياة التوبة ، مثل القديس موسي الأسود ، القديس أوغسطينوس ، القديسة بيلاجية ، القديسة مريم القبطية … و لما قرأهم و جاءني مرة أخري ، سألته : هل أعجبتك القصص ؟ فأجابني :
نعم أعجبتني ، و لكن كلهم من نوع واحد ، ترهب …
و سألني هل توجد سير لقديسين اَخرين تابوا ، و لكنهم عاشوا مثلنا في العالم ، في مثل حياتنا ، دون أن يترهبوا …؟ و هل كل الذين يتوبون ، لا بد أن ينتهوا إلي الرهبنة ؟ ألا يوجد تنوع في مصير التائبين ؟
و لا شك أن ذلك الشخص كان له حق في سؤاله . إنه يريد عينة تابت ، و عاشت بعد التوبة حياة مقدسة في العالم ، مثلما يعيش هو …
و في قصة الميلاد ، نري عينات متنوعة من القديسين ، نذكر من بينها :
نري في قصة الميلاد قديسين مختلفين في السن.
نري إنساناً طاعناً جداً في السن مثل سمعان الشيخ ، و مثل زكريا الكاهن و زوجته اليصابات ” و كانا كلاهما متقدمين في أيامهما ” ( لو 1 : 7 ) . و كذلك حنه النبية ” و هي أرملة نحو أربع و ثمانين سنة ” ( لو 2 : 37 ) . و يوسف النجار أيضاً كان شيخاً …
و إلي جوار هؤلاء نجد السيدة العذراء مريم ، و كانت في نحو الرابعة عشرة من عمرها ، شابة صغيرة . ثم هناك يوحنا المعمدان و هو طفل ، و قد ارتكض بابتهاج في بطن أمه لما سمع سلام العذراء ( لو 1 : 44 ) . و من بطن أمه امتلأ من الروح القدس ( لو 1 : 15 ) . أما الرعاة فغالباً كانوا في سن الرجولة ، لا أطفالاً و لا شيوخاً ، و قد بشرهم الملاك.

و كان قديسو الميلاد ، متنوعين من جهة عملهم.
كان منهم الكاهن ، مثل زكريا ، و تبعه في ذلك إبنه يوحنا .
و كان هناك النجار مثل يوسف ، من سبط يهوذا و ليس من الكهنوت.
أما سمعان الشيخ فكان من علماء اللاهوت أو علماء الكتاب.
والمجوس كانوا من رجال الفلك ، و هم غير الرعاة في عملهم.
و حنة بنت فنوئيل كانت نبية ، و كانت عابدة ، و العذراء كانت عابدة و اليصابات كانت تخدم بيتها ( ست بيت ) .

و القداسة شملت الكل . لا يهم السن ، و لا نوع العمل .
كل إنسان له نصيب في الرب : النجار مثل عالم الاهوت ، مثل الكاهن و النبية مثل ست البيت . و عالم الفلك مثل راعي الغنم … لقد جاء السيد المسيح للكل . و كل إنسان له رجاء في المسيح ، بغض النظر عن سنه و عن عمله.

كذلك كان قديسو الميلاد متنوعين من جهة الزواج .
فهناك قديسون متزوجون عاصروا قصة الميلاد و بركته ، مثل زكريا الكاهن و زوجته اليصابات . و كانت هناك الأرملة مثل حنه النبية ( لو 2 : 37 ) . و لا شك أن سمعان الشيخ كان أرملاً أيضاً . و في قديسي الميلاد نري أيضاً المتبتلين مثل السيدة العذراء و يوسف النجار ( لو 1 : 27 ) .

في صورة واحدة إجتمع المتزوجون و المترملون و المخطوبون و البتوليون ، كلهم لهم نصيب في الرب ، و نصيب في حياة القداسة و التمتع بالمسيح .

الناس يتنازعون قائلين أيهم أفضل ؟ و نحن نقول : الكل لهم نصيب في المسيح. المهم في نقاوة القلب.

وفي قصة الميلاد ، نري المرأة و الرجل.
نري قديسات نساء ، مثل العذراء ، و اليصابات ، و حنه النبية .
و نري قديسين رجالاً ، مثل يوسف النجار ، و زكريا الكاهن ، و سمعان الشيخ …
الكل إجتمعوا معاً في الفرحة بميلاد الرب ، لأن المسيح قد جاء للكل …

كذلك نري في قصة الميلاد فقراء و أغنياء.
المجوس كانوا أغنياء . لأنهم قدموا هدايا من ذهب … و يوسف النجار كان فقيراً ، و كذلك كانت السيدة العذراء التي لم تجد مكاناً تضع فيه مولودها ، فولدته في مزود بقر … و قد اجتمع الغني و الفقري معاً في قصة الميلاد ، لأن الرب يحتضن الكل . و كل إنسان له نصيب فيه . جاءت البشارة للرعاة البسطاء ، كما لهيرودس الملك أيضاً ( مت 2 : 3 ) .

و بنفس الوضع نجد في الميلاد أنواعاً من الناس.
نجد العمل ، و التوحد : العمل ممثلاً في الرعاة الذين كانوا يسهرون في حراسات الليل علي أغنامهم ، و ظهر لهم الملاك يبشرهم بالميلاد . و التوحد كان ممثلاً في حنة النبية التي كانت عاكفة علي عبادتها في الهيكل ، و سبحت الله علي ميلاد المسيح ( لو 2 : 38 ) .

و في قصة الميلاد ، كما نري اليهود ، نري الأمم أيضاً يمثلهم المجوس.
نري الصغيرو الكبير ، العلماني و الكاهن ، العابد و الخادم ، النبي و الإنسان العادي ، المرأة و الرجل … الكل معاً ، في فرحة البشرية بالميلاد .

و في فرحة بالميلاد إشترك الملائكة مع البشر.
ملائكة بشروا بالميلاد ، ميلاد المسيح المخلص للكل ، و ميلاد سابقه يوحنا المعمدان الذي يُهيئ الطريق قدامه . و جمهور من الجند السماوي ظهروا مسبحين الله و قائلين : ” المجد لله في الأعالي ، و علي الأرض السلام ، و في الناس المسرة ” ( لو 2 : 13 ، 14 ) .

و قصة الميلاد تعطي رجاء في اللقاء مع المسيح .
سواء في الطفولة ، أو في الشيخوخة و الكهولة.
يوحنا المعمدان ، إلتقي بالرب ، و ارتكض بابتهاج نحوه ، و هو بعد جنين في بطن أمه ( لو 1 : 44 ) . و العذراء مريم إلتقت به في شبابها . و زكريا و اليصابات إلتقيا به و هما شيخان متقدمان في الأيام ، و كذلك حنة النبية . و سمعان الشيخ إلتقي به به سن الكهولة ، و هو أكثر من 200 سنة عمراً . و لكن له رجاء في هذا اللقاء إذ أوحي إليه أنه لا يري الموت قبل أن يري المسيح الرب ( لو 2 : 26 ).

و كان في قصة الميلاد رجاء حتي للعاقر.
و تمثل ذلك في اليصابات التي كانت عاقراً ( لو 1 : 36 ) . و مع ذلك أعطاها الله إبناً في شيخوختها. و كان إبنها أعظم من نبي ، بل لم تلد النساء من هو أعظم منه ( مت 11 : 11 ).

و أعطي المسيح فرصة للكل أن يروه .
سواء الغرباء أو الأقارب : الغرباء مثل المجوس و الرعاة . و الأقارب مثل اليصابات نسيبة العذراء ( لو 1 : 36 ) ، و يوسف قريبها … أعطي فرصة لليهود و الأمم .
كل أنواع الناس وجدت لها نصيباً في المسيح الذي جاء ليعطي رجاء للكل … حتي إن كنت لم تبصر المسيح طوال عمرك ، ستراه و لو في كهولتك مثل سمعان الشيخ . و حينئذ تقول ” الآن يا رب تطلق عبدك بسلام ، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك ” ( لو 2 : 29 ، 30 ) .
و كما أعطي المسيح بميلاده رجاء للكل ، كذلك قدس كل شئ
:

قدس كل شئ

ارانا ان ” كل شئ طاهر للطاهرين ” ( تي 1 : 15 ).
و هكذا قدس الجسد ، لما أخذ جسداً …
الجسد الذي يتكلم البعض عنه كان لو كان فاسداً و سبباً لكل خطية ، هذا قدسه الرب أخذ لنفسه جسداً و حل بيننا ، و أرانا كيف يكون الجسد طاهراً و مقدساً و مرضياً لله …
و قدس الجسد ، حينما حل اتلروح القدس في بطن السيدة العذراء ، و قدس جسدها ليكون إنناء طاهراً مختاراً لحلول الله الكلمة . و قدس الجسد فيما بعد لما منحه نعمة القيامة و الصعود إلي فوق . و أعطانا أن نقوم بأجساد روحانية ( 1 كو 15 : 44 ).

و هكذا قدس أجسادنا ، و قدس أرواحنا ، و قدس طبيعتنا البشرية عموماً ” أخذ الذي لنا ، و أعطانا الذي له ” … و صيرنا نحن جسده ، و هو الرأس …

و قدس كذلك بتجسده كل مراحل العمر.
أعطانا مثالاً للحمل المقدس . ومثالاً للطفولة المقدسة لما صار طفلاً . و بنفس الوضع أرانا كيف يكون الشباب مقدساً ، و كيف تكون الرجولة مقدسة . أعطانا الصورة المثالية لكل مرحلة من مراحل العمر لما مر بها.

و قدس المسيح الزواج .
قدس الزواج ، لما سمح أن تتزوج العذراء بيوسف النجار ، و إن كانت لم تعش معه كزوجة ، إنما عاشت بتولاً في كنفه و رعايته.
و قدس الزواج أيضاً ، لما حضر عرس قانا الجليل و باركه ( يو 2 ).

و قدس الأرض و البحر و المكان عموماً.
الأرض التي لعنها الرب في خطية اَدم ( تك 3 : 17 ) . عادت فدخلتها البركة بميلاده . و هكذا بارك فلسطين بميلاده فيها ، و بارك بلادنا مصر بإقامته فيها بضع سنوات . بل بارك مزود البقر إذ ولد فيه . و بارك بلاد الشرق . و بارك كل مكان حل فيه ، و كل مكان صنع فيه معجزة . و بارك البحر لما مشي عليه . و بارك الجبل حين ألقي عظة عليه ، و حين تجلي علي الجبل ، و حين كان يختلي في جبل الزيتون ، و حين صلب علي حبل الجلجثة .

و قدس الحياة البشرية التي مارسها.
قدس الصوم ، لما صام أربعين يوماً ( مت 4 : 2 ) . و قدس الأكل و الشرب ،لما أكل مثلنا و شرب ، حتي قيل عنه ” جاء ابن الإنسان يأكل و يشرب ” ( مت 11 : 19 ) .
قدس العمل ، حينما اشتغل نجاراً في بيت يوسف ، و قيل عنه ” أليس هذا هو النجار ابن مريم ” ( مز 6 : 3 ) . و هكذا بارك العمل لما عمل بيديه . قدس كل عمل كانت تمتد إليه يده .

قدس الحياة كلها ، و ناب عن البشرية في هذا التقديس.

البشرية لم تقدم حياة مقدسة كاملة لله …
فقدمها الإبن الكلمة نيابة عنا ، كصورة الله.
قدم لنا الصورة الإلهية التي ينبغي أن يحيا بها الإنسان الكامل علي الأرض . و كان هو بيننا ” صورة الله غير المنظور ” ( كو1 : 15 ) ، رأينا الله في شخصه لأن ” الله لم يره أحد قط ” و لكن ” الإبن الوحيد الكائن في حضن الآب هو خبر ” ( يو 1 : 18 ) . هو الذي قال ” من راَني فقد رأي الآب ” ( يو 14 : 9 ) . فبالنسبة إلينا أرانا صورة الله، و بالنسبة للآب قدم له صورة الإنسان الكامل ، الذي خلق منذ البدء علي شبهه و مثاله ( تك 1 : 26 ) . و عاد له بهاؤه في التجسد …
و في هذه الصورة الإلهية ، قدس كل شئ .

قدس الفقر و الغني و المال.
قدس الفقر ، لما ولد فقيراً في مزود البقر ، و عاش فقيراً ليس له أين يسند رأسه .و قدس الفقر لما اختار له تلاميذ فقراء صيادي سمك … و في نفس الوقت قدس الغني ، لما سمح ان يكفنه رجل غني هو يوسف الرامي ( مت 27 : 57 ) ، و دفن في مقبرته الخاصة .
و قدس المال ، غذ كان لجماعته صندوق يضع فيه المتبرعون مالهم ( يو 12 : 6 ) . و قدس المال لما امتدح الأرملة التي دفعت من أعوازها فلسين في الخزانة ( لو 21 : 2 ) . و هكذا لم يعد المال شراً في ذاته كما يظن البعض . و عاش علي الأرض محباً لكل أحد ، يرضي الجميع ، و يشبعهم من رضاه

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى