جئت لأفرق

 

“جئت لأفرق” (مت 10: 35)

أينما طُرحت وصية المسيح في وسط أي جماعة تقسمها قسمين :

+ قسم ينفعل بها بفرح ، فيتفاعل معها في جدية ورزانة حتى يبلغ أعماقها . هؤلاء هم الروحيون الذين تنفتح بصيرتهم فيدركوا حقيقة الروح ودوامها ، وتفاهة الجسد وزواله .

+ وقسم آخر لا ينفعل بالوصية ، فيتنافر معها إما علنا فيسد الطريق على نفسه منذ البدء فينصب نفسه عدواً سافراً لوصايا المسيح وكلام الإنجيل ويُسفه ما فيهما . وإما سراً فيحتدم الصراع الداخلي ويستمر إلى أن تتشكل النفس على طول السنين بشكل مزيف تخدع به الآخرين وكأنها على وفاق مع الإنجيل وهي في حقيقتها تكون متغربة بالنسبة للروح والله.

هؤلاء هم الروحيون وهؤلاء هم الجسديون ، وقد يكونون معا في أسرة واحدة . والمسيح جاء ليفرق بينهما تفرقة حادة كما يفرق سيف الحاكم بين الجاني والبريء .

“ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً” ( مت 10 : 34 ) ، هذا القول قاله المسيح وهو الحمل الوديع الهادئ .. نعم عُرف المسيح أنه لا يزال محباً للعشارين والخطاة ، وقيل عنه إنه ذهب ليبيت عند رجل خاطئ ، وصفح علناً عن امرأة  فاسدة ، وأكرم امرأة خاطئة أخرى معروفة في المدينة بكت عند قدميه ، ودخل بيت زكا العشار . كان بالحق محبوباً.

ولكنه أيضا يمقت أولئك الذين يتباعدون عنه ويسدون آذانهم عن كلامه ، ويهددهم أنهم سيبقون في خطاياهم.

وأخيراً، فإن الذي يرفض طاعة المسيح ، فهذا دليل على عدم إيمانه بابن الله ، وسيمكث عليه غضب الله للأبد.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى