ولما ابتدأت أتكلم حل الروح القدس
“ولما ابتدأت أتكلم حل الروح القدس” (أع ۱۵:۱۱)
كلمة الإنجيل عند الرسل لم تكن مقروءة من كتاب ولا منقولة ؛ وإنما منطوقة من الروح القدس مباشرة ، فكانت هي بنفسها حالة حلول – بالروح القدس في الإنسان . أي أن الكلمة الإنجيلية هي في جوهرها حالة حلول مجسم في نطق تسجل ككلمة .
الكلمة في واقعها الإنجيلي هي نُطق الروح القدس الكاشف لأسرار المسيح والحق والله : « ذاك يأخذ مما لي ويخبركم » ( يو 16 : 14 ) . ولكن الكلمة لا تزال أكثر من نطق ، هي صوت الروح القدس ، هي صوت المسيح ، هي صوت الآب ، ونفخة فمه.
لذلك نقول عن كل قراءة نكملها تكميلاً روحياً بانفتاح قلب ووعي إنها هي حالة حلول بالروح القدس أمام المسيح .
والذي يقرأ الكلمة أو الذي يسمعها يكون كمن يتقبل نفخة الله ، وما هي نفخة الله إلا تقبل روح الله . لذلك “طوبي للذي يقرأ وللذين يسمعون” ( رؤ 1 : 3 ) .
أما علامة تقبلنا لنفخة الكلمة ودخولنا في حالة حلول للروح القدس ، فهو انفتاح الذهن لتقبل معرفة الحق واستعلان أسرار الله . لذلك كم نحن خجلون الآن لأننا لم نبلغ إلى انفتاح الذهن أو تقبل الاستنارة الروحية بالكلمة ، ولم نتذوق الروح الذي في الإنجيل .
عزيزي القارئ ، إن كنت تريد أن تبدأ الطريق ؛ ابدأ بالإنجيل . تأدب بكلمة الحياة ، اجلس إليها ساهراً كل يوم ، أخضع لوحيها واتجاهاتها ، استمع لصوتها ، تنفس بها كما تتنفس الهواء أو الريح الزكية ، لأن الكلمة روح ، والروح القدس هو ريح الله ، يستنشقه القديسون ويتنفسون به .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين