حياة التلمذة ونصرة يشوع
معنى كلمة يشوع
يشوع أسم عبرى معناه يهوه يخلص أو خلاص الله وكان اسمه في الأصل هوشع ( عد 13 : 8 ) وقد غير موسى هذا الاسم ليصبح يشوع ( عد 16:13 ) ووُلد في أرض جاسان من مصر وهو ابن نون.
وحمل يشوع هذا الأسم ليعلن عمل ربنا يسوع المسيح القيادی، حيث يدخل بنا إلى أورشليم السماوية ، بعد أن يعبر بنا في الأردن لننعم بالأرض الجديدة . ونتناول الحنطة الجديدة ونتعبد في هيكل الرب.
دخل شعب بني إسرائيل أرض مصر عندما كان يوسف الرجل الثاني في مصر، فی أيام فرعون ، وحدثت جوع في الأرض فذهب أبوه وأخوته إليه، واستقر شعب بني إسرائيل في مصر ، ولكن أسرة جديدة أحتلت العرش ( فرعون آخر ) ، فعرف الشعب الإضطهاد بواسطتها وكان فرعون يريد أن يتخلص منهم، وفي نفس الوقت يحتاج إليهم كفعله ويقول الكتاب : ” ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا ” ( خر1 : 12 ) وظل شعب بنی إسرائيل في مصر حوالي 400 سنة عرفوا فيها الإضطهاد والإحتقار ، بعد ذلك دعاهم الرب للخروج.
أحيانا تكون بداية الحياة مع الله في الخروج ، مثلما خرج إبراهيم ولوط – نوح – يوسف . ويقول القديس الأنبا أنطونيوس : ( أخرج بإرادتي قبل أن يخرجونی کارها ) ، وإذا خرجنا نهيئ أنفسنا للتجارب ، ففرعون لم يترك الشعب بل تتبعه حتى حافة البحر . كثيرين خرجوا من عبودية فرعون ، ولكن أهلكتهم شهواتهم في البرية . والله بعدما أخرج الشعب من أرض العبودية لم يتركه بل أراد الدخول به إلى كنعان، فالحياة الروحية ليست خروج و إنما أيضا دخول إلى كنعان، واستغرقت رحلة الشعب في البرية 40 سنة وكان من الممكن قطع هذه المسافة في أسبوعين ، ولكن لله قصد في ذلك ، فقد قصد أن يعرفهم ذواتهم ، ويكشف لهم ذاته ، والذي كان يقود الشعب في البرية هو موسى النبي.
1- يشوع وحياة التلمذة
“فدعا موسى يشوع وقال له أمام أعين جميع إسرائيل : تشدد وتشجع لأنك أنت تدخل مع هذا الشعب الأرض التي أقسم الرب لآبائهم أن يعطيهم إياها. وأنت تقسمها لهم. والرب سائر أمامك . هو يكون معك . لا يهمك ولا يتركك . لا تخف ولا ترتعب” ( تث 7:31 ، 8 ).
عندما قربت أيام موسی ، طلب الله من موسى أن يكون يشوع خلفاً له ، وهو الذي سيقود الشعب للدخول به أرض كنعان .
– حينما نشعر بالضعف ، فإن ركزنا ثقتنا في الله نصبح أقوياء ، أقوياء وسط متاعبنا ، أقوياء في جهادنا.
فعندما بدأ يشوع يخطو الخطوة الأولى في عمله العظيم ، أمر بأن يتشدد ويتشجع ، وعندما أتته الدعوة لشغل المنصب أحس بالضعف ، واحتاج للتشجيع والتنشيط . –
وحينما يشعر الإنسان بضعفه وعجزه يبدأ الله يتدخل ، فعندما أحس موسی بضعفه تدخل الله. و أيضا عندما أحس يشوع بضعفه بدأ تدخل الله.
– “تكفيك نعمتی ، لأن قوتی فی الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحرى في ضعفاتي ، لكى تحل على قوة المسيح .. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى ” ( 2 كو12: 9-10)
ولعل من مصادر قوة يشوع الآتي :
أ- ماضي نزيه أمین : وكان بعد موت موسی عبد الرب ، أن الرب كلم يشوع ابن نون خادم موسی . فكان يشوع خادم لموسى ودخل معه حروب كثيرة ، وكان أمين لذلك أئتمنه الله على الكثير ، لذلك فالأمانة والطاعة هي سلم للوصول إلى العرس الرفيع ، فقد قيل عن الرب يسوع : “وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب . لذلك رفعه الله أيضا ، وأعطاه اسماً فوق كل اسم ( في2 : 8،9) .
ب- دعوة صريحة: “قُمُِ اعْبُرْ هذَا الأُرْدُنَّ أَنْتَ وَكُلُّ هذَا الشَّعْبِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ أَيْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ…تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ، لأَنَّكَ…” ( يش 1: 2 ،6) . حيثما يعلم المرء أنه دعى لعمل معين لابد أن يزداد قوة، هذه القوة ليست من ذاته ، ولكنه يستمدها من السيد المسيح، فهو لا يجهل ضعفاته ، سواء الجسمانية ، أو الذهنية ، وهذه القوة لازمة له ، لأنه قد تواجهه أحجار كبيرة ومتاريس حديدية ، وهو ليس في مأمن من سهام النقد والتجريح ، ولكنه في كل هذه يسلم نفسه لله ليكون أداة لإتمام مقاصد الله .
ج- الشعور برفقة الله : “كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ.” ( یش 5:1 ) ، وهي تعتبر أهم مصدر من مصادر القوة ، هي أن نشعر أن الله دائماً معنا ، ونستطيع وقتها أن نقول مع بولس الرسول : ” أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني ” ( في 13:4 ) .
بلدة أريحا :
بعدما تولى يشوع قيادة الشعب بدأ السير مع الشعب في البرية ، وبدأ يغزو البلاد، للوصول إلى أرض كنعان كما وعده الله ، وبعدما عبروا الأردن (رمز المعمودية) ، بدأ يشوع والشعب يستعد لدخول أريحا المدينة القوية ، التي كانت بها أسوار ضخمة ، وفيما يشوع واقف هو والشعب بالقرب من أريحا وشاعر بضعفه أمام هذه المدينة العظيمة “رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ، وَإِذَا بِرَجُل وَاقِفٍ قُبَالَتَهُ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ. فَسَارَ يَشُوعُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ لَنَا أَنْتَ أَوْ لأَعدَائِنَا؟» فَقَالَ: «كَلاَّ، بَلْ أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ. الآنَ أَتَيْتُ». فَسَقَطَ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ لَهُ: «بِمَاذَا يُكَلِّمُ سَيِّدِي عَبْدَهُ؟» فَقَالَ رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: «اخْلَعْ نَعْلَكَ مِنْ رِجْلِكَ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ مُقَدَّسٌ». فَفَعَلَ يَشُوعُ كَذلِكَ.” ( یش 13 : 5-15 )
قال أحد الأباء
اثبت في طاعة أبيك الروحي ، مثل يشوع مع موسی ، لتصير مثله أباً لأمة كثيرة ، ووارثاً لأرض الميعاد ، متمتعا بثمراتها أنت وبنوك.
وكان أهل أريحا حينئذ تسودهم أفكار كثيرة أهمها : أن عزيمتهم قد فترت ، وذاب قلبهم في داخلهم ، واستغرقوا في سبات تأم ، عاقهم عن الوقوف موقف الدفاع ، وكانت أريحا مغلقة ، لا أحد يدخل ولا يخرج.
“فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا، جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ، عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ، أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافًا عَظِيمًا، فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ، وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ».” ( يش 6: 2-5 ) .
فدعا يشوع كما أمره الرب سبع كهنة حاملين أبواق ، وكهنة يمشون ورائهم حاملين التابوت وخلفهم الشعب ، وداروا كل يوم من الأيام الستة مرة واحدة كما أمره الله ، وفي اليوم السابع في المرة السابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق ، قال يشوع للشعب : اهتفوا لأن الرب قد أعطانا المدينة وأوصاهم أن كل ما في المدينة محرمة للرب . كل الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد تكون قدساً للرب وتدخل في خزانة الرب ، وبعدما ضربوا الكهنة بالأبواق وهتف الشعب ، سقط السور في مكانه ، وصعد الشعب إلى المدينة وأخذوا المدينة.
2- سقوط أسوار أريحا
بلد أريحا تمثل صراعنا مع الرياسات الشيطانية ومملكة ابليس ، وقوات الشر الروحية ، التي تحاول أن تصدنا عن دخول السماويات ، وتظلم قلوبنا ، عن أن ندرك ما أعده لنا الله ، فليس قصد الله أن تقف أي صعوبة مهما كانت عميقة الأساس سداً منيعاً في سبيل المفديين إلى السماويات . ولكن نستطيع أن نتغلب على هؤلاء بقوة المسيح .
+ الصمت : كان الشعب كله في حالة صمت فيما عدا الكهنة يضربون بالأبواق .
– إن القلب الهادئ الصامت ، هو وحده الذي يستطيع التأمل في عناية الله ربنا ، وندرك ملئ نعمته وقوته ، فحينما نسكت يتدخل الله لمعونتنا .
تعاون بين الله والانسان:
أسوار أريحا لم يكن ممكنا أن تسقط إلا بقوة الله ، على أن بنی إسرائيل في نفس الوقت كان يجب أن يدوروا حولها ، فالله هو الذي ينمي والإنسان لابد أن يزرع ويسقى ، يعمل الله حينما يجاهد كل المؤمنين بروح واحدة. وهنا يظهر تعاون وطاعة يشوع بماذا يكلم سيدي عبده ونفذ أوامر الله له.
+ إيمان : حول الشعب ويشوع كل استعدادته إلى الله نفسه ، وأمنوا بوعود الله ، لذلك نجد أن كل الصعوبات ذابت ، وتلاشت والأسوار الضخمة قد سقطت ، فلابد أن نسلم للمسيح كل الصعوبات التي تبدوا لنا مستحيل التغلب عليها ، والتي تقف عثرة في سبيل التمتع بالمسيح ” بالإيمان سقطت أسوار أريحا بعدما طيف حولها سبعة أيام ( عب 30:11 )۔
من المسابقة الدراسية – الحرفيين – مهرجان 2011