خير لكم أن انطلق

 

“خير لكم أن أنطلق ، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي” (يو7:16)

هناك فرق شاسع بين الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية ، الهوة بينهما هائلة ومطلقة ولا يقوى أي عقل أو منطق أن يصورها . فالله هو ” آخر ” كلي ومطلق بالنسبة للإنسان ، ولا يستطيع الإنسان أن يتصوره أو يُقيَّمه.

ولكن بعد أن اتحد الكلمة اللوغوس ، أي كلمة الله ، ابن الله ، بالطبيعة البشرية ، مولوداً من الروح القدس والعذراء مريم ، جمع في – نفسه هذين النقيضين الهائلين ، أي الإلهي والبشري معاً في نفسه ، دون أن يفقد الكامل المطلق – أي الإلهي فيه – شيئا ؛ ولكن زاد الناقص العاجز – أي البشري فيه – كل شيء وكل كرامة .

ولكن ، بالرغم من هذا الاتحاد الإعجازي فقد ظلت الطبيعة الإلهية لنا شيئاً لا يُقترب إليه لا بالفكر ولا بالحس . فالتلاميذ ، بالرغم من عشرتهم الطويلة مع المسيح وما أتاه من معجزات ورؤيتهم قيامته ؛ بالرغم من كل هذا لم يدركوا لاهوته . والسبب في هذا أن الاتحاد والتصالح بين الطبيعتين الإلهية والبشرية ظل منحصراً في أقنومه الشخصي ، ينتظر حلول الروح القدس لينقله للمؤمنين.

لذلك شدد المسيح أنه خير لكم أن أنطلق ، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ( يو 7:16 ) .

وهكذا بسكنى الروح القدس في قلب الإنسان اختُزلت الهوة التي كانت تفصل الله عن الإنسان ، ودخلت الطبيعة البشرية في شركة حية وفعالة مع الطبيعة الإلهية ، وبذلك تم شفاء عجز الطبيعة البشرية  وقصورها وموتها . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى