طوبى للمساكين بالروح

 

 “طوبى للمساكين بالروح” (مت 5: 3)

المسيح بتطويبه المساكين والجياع والعطاش والمطرودين والباكين لم يقصد أبدا أن يقلب طبيعة القيم ، فهو لم يقل إن الفقر والجوع والعطش والاضطهاد والبكاء هي أمور صالحة في حد ذاتها. فهو الذي تحنن على الجموع الجائعة وتكفل بإطعامهم ، وهو الذي لم يحتمل بكاء أرملة نايين فأقام ميتها. ولكن المسيح بتطويبه هذا فتح مجالاً لرجاء أعظم أمام الإنسان الذي حُرم من ضروريات الحياة الأرضية بسبب ظلم أخيه الإنسان وجور الرؤساء وقصور العدالة.

المسيح يعرض خيرات السماء تعويضاً بحتاً للمحرومين من خيرات الأرض ، جاعلاً العدالة السمائية تتكفل بنقض أحكام الإنسان الجائرة وتعويض المظلومين من كل إجحاف ، فالذين لفظتهم البشرية خارج السياجات وعاشوا مُذلين ، استدعاهم وقربهم إليه وأجلسهم في وليمته السمائية وأشبعهم من خيراته.

المسيح بهذا الرجاء الأعظم ألغى كل مشاعر بالنقص يمكن أن تصيب الإنسان مهما بلغت من العوز حتى العدم، بل أعطته رجاء ورضا مهما كان ضعفه وفقره.

الإيمان بالملكوت وحياة الدهر الآتي وبحب المسيح كفيل أن يمد الإنسان بطاقة عظيمة من الرجاء والتفاؤل والشكر يجعله أكثر نشاطاً وانطلاقاً وحرية.

المسيح لم يؤمَّن الظلم ؛ ولكنه عالج ضحايا الظلم . هو لم يُهدئ قلب الفقير بالأماني والوعود ليسكت ويموت ؛ ولكنه رفع معنوياته ليجاهد في فقره كغالب ومنتصر ، بل وكأعظم من منتصر. 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى