عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً

 

“عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً” (یع 1 : 3)

أدعوكم إلى فضيلة هامة تناسب هذا الزمان ، التي إن بلغتم إلى تتميمها تنالون أجراً سماوياً ، وهي الصبر . فلا تقلقكم زمجرة العدو ولا تهديداته كأنه قد ابتلع شيئاً وهو لن يبتلع ، بل سيبتلعه سیف الرب ذو الحين الذي وعد الرسول أن الرب سيييده بنفخة فيه .

اصبروا ، لأنه زمان غربلة الحنطة ، وعن قريب يمتلئ الجرن بأكوام * الحنطة المنقاة بمذراة المجرب ، حنطة نقية خالية من الزوان الذي أعد له الرب حريقاً للإبادة.

أما بخصوص أن الرب أطال فترة الضيق أو الاختبار أو الغربة ، فلأن كأس الأشرار لم يمتلئ بعد . أما الذين حفظوا الإيمان والحق بالصبر ، فهؤلاء لا يرتاعون من الضيق ، فالضيق لهم طريق ، والاضطهاد لهم فخر ، والألم إكليل ، والموت نصرة . لذلك نحن جميعاً نتوقع خلاص الرب بالصبر ، عالمين أن طول أناة الرب في ذلك إنما هو محسوب لنا لا علينا ، وإن ازدادت الأتعاب جداً ، فلابد أن الرب من وراء ذلك يُعد لنا ثقل مجد أبدي ، وسيسعد قلوبنا في حينه الحسن ، حينما نسمع كلمة واحدة من فمه ، أو يمسح بيده دموع آلامنا .

ولكن أرجو أن تتأنوا وتترفقوا بالضعفاء ولا تحكموا على الناس قبل الأوان ، لأن الذي سيحكم علينا جميعاً هو السيد القدوس ، حينما نقف أمامه عريانين جميعاً ، فلا تتسرعوا وتحكموا أنتم ، لأنه لم يعطنا أن ندين أحداً بل ندين أنفسنا فقط . أما إذا ظُلمنا فعلينا أن نعطي الحكم للحاكم العادل ، لا لكي يهلك أو يسيء إلى من أساءوا إلينا ؛ بل لنأخذ نحن تزكية صبرنا وأجر ضيقتا ، أما هم فلا يهلك منهم أحدة بل يخلص على كل حال منهم قوماً. 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى