قد محوت كغيم ذنوبك
“قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك” (إش 44 : 22)
الإنسان بإمكانه أن يسود على الخطية حتى ولو خضع لها وسقط في غوايتها ، لو أنه انحاز مرة لصوت الله ، إما أثناء التحذير قبل السقوط الفعلي فيمتنع ؛ وإما أثناء الندم والتوبيخ فيقوم ويتوب : “ليتك أصغيت لوصاياي ، فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر”.
ومن هذا يتبين أن دور الله الفعال في توبة الإنسان هو مبكر جداً قبل السقوط ، وقبل التورط في الإثم . أليس هذا سر أسرار الرحمة الإلهية العاملة في التوبة ؟ ذلك أن مسلك الله تجاه الخاطئ يعتمد أساساً على فعل رحمة الله وسخائه ، فتتحرك أحشاؤه حتى قبل ندامة الخاطئ .
فالله لا يحجز رحمته عن الخاطئ إطلاقاً إن هو رجع إليه ، مهما كانت أثقال خطاياه ومهما كان زيغانه . ذلك لأن الله يكيل رحمته بمكيال مجده ويسخو في الغفران بمقتضى لطفه ، ويحب الخطاة بدافع لذته الخصوصية .
الله كان يدعو الخطاة قديمة بكلمة من فم الأنبياء ، وهذه كانت تكفي . أما الآن فنرى الرب يسوع ، الابن الحبيب لأبيه ، قائماً مذبوحاً على الصليب ودمه يتكلم في صمت ، ويقسم بحياته المسفوكة في بلاغة وروعة وأمانة مذهلة : ” ها خطاياكم قد غفرت علانية ، فتعالوا . ويشدد رسول المحبة على هذا المعنى : “أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غفرت لكم خطاياكم من أجل اسمه » ، « هو كفارة لخطايانا ، ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم » .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين