كعيسو … لما أراد أن يرث البركة رُفض
“كعيسو .. لما أراد أن يرث البركة رُفض ، إذ لم يجد للتوبة مكاناً، مع أنه طلبها بدموع” (عب 12: 16، 17)
ربما تبدو هذه الآية قاسية ، مفرطة للغاية ، ولكن هي تحصيل حاصل ، وحكم يضعه المرتد على نفسه ولا يضعه عليه آخر ، أي أنهم فرزوا أنفسهم بأنفسهم . وأمامنا بطرس الرسول وقد أنكر المسيح عن وعي ثلاث مرات ، والرب غفر له وشدده ليشدد غيره ، وأمامنا أيضأ يهوذا الذي أنكر المسيح أيضا وبتأكيد وقبض الثمن ثم ذهب وشنق نفسه .
واضح أن الأول أي بطرس الرسول سقط بتفريط اللسان وقد خانته الإرادة ، ولكن كان حب المسيح شديداً ، فاعتبره الرب أنه لم يسقط بعيداً عنه بل سقط بين يديه فحمله وحملته المحبة فلم يسقط أبداً .
أما الثاني وهو يهوذا ، فسقط بالإرادة والنية والقول والفكر معاً وخان وباع بيعة مبيتة وقبض . فهذا كان سقوطه بعيداً عن المسيح ، وسقوطه كان لا يسنده ساند ، لا حب ولا أمانة ولا ثقة . لهذا دعاه المخلص : “ابن الهلاك” ، مع أنه تعمد واستنار وذاق كل كلام المسيح وصلاحه وشارك في قبول القوات السمائية ومارسها وأخرج شياطين وعلم وسار في مواكب المعلم والمعلمين ، وتلقى البركات ، وسرق الصندوق .
التوبة تعني عملياً تغييراً كلياً وشاملاً للفكر عن كل أخطاء وجهالات الماضي ، على أساس إدراك منفتح لحقيقة طبيعة المسيح وقوة قيامته في إعطاء حياة جديدة للإنسان . بهذا المفهوم العملي يصبح من المستحيل تكرارها .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين