كونوا عاملين بالكلمة
“كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم” (يع۱ :۲۲)
الذي يخاف من المستقبل ، كيف يفهم قول الرب : « لا تهتموا للغد » ، وقوله : “لا تهتموا لحياتكم” ؟ والشخص الذي يخاف على كرامته ، كيف له أن يفهم الصليب ؟ والذي يخاف من المرض أو الموت كيف يفهم القيامة ؟
إن الذي يطلب أن يقرأ الإنجيل هو في الواقع يطلب الحياة الأبدية ، والذي يطلب الحياة الأبدية ينبغي أن يحدد موقفه من الحياة الحاضرة !
ليس أجمل من تصوير يعقوب الرسول للإنسان الذي يسمع كلام الإنجيل وينساه ، بإنسان ينظر وجه خلقته في مرآة ، فإذا ترك المرأة نسيها لها في الحال شكلها فالذي يسمع الكلمة المسموعة يفقد في الحال إحساسه بذاته .
يوجد سامع للإنجيل يتقبل الكلام ويحفظه في قلبه ، فلا تفارقه الوصية ، وتكون أمامه كمرآة لا تفارق ذهنه ، وعلى الدوام يُصلَّح بها كلامه وأفكاره وأعماله .
ويوجد سامع للإنجيل لا يتبقى في قلبه كلمة واحدة ، لأن القلب لاهٍ ومشغول في أمور تهمه أكثر من الإنجيل وأكثر من الحياة الأبدية .
قد يواظب الإنسان على قراءة الإنجيل كل يوم ، ولكن يشعر أن هناك فاصلاً من حديد يفصل بين ما يقرأه كل يوم وما يسلكه كل يوم . هذا الفاصل الحديدي مصنوع من النسيان ، فلا القراءة تزداد في قوتها وفعلها على ممر الأيام ، ولا الحياة تتغير أو تتقدم خطوة واحدة .
لذلك يوصي يعقوب الرسول : « اقبلوا الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسكم ، ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم » ( یع ۱ : ۲۱ ) .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين