لأعرفه
” لأعرفه” ( في 10:3)
يسوع ليس هو مجرد موضوع للمعرفة ، وليس هو مجرد موضوع للإيمان ، كذلك ليس هو موضوع للعبادة . إن كنا نظن ذلك فنحن نلغي شخصية يسوع ، ولا نستطيع أن نحبه ، نجعل بيننا وبينه هوة عميقة من العبادة الفكرية.
الله ذات ، ولا يمكن أن يعبد الله إلا في ذاته ، يسوع هو ابن الله تشخَّص للبشرية ليعلن لنا الله وليكشف لنا عن ذاته … يسوع هو استعلان لذات الله ، حتى نستطيع أن نعبد الله في ذات قريبة حبيبة ، في شخص يظهر لنا حبه ويقبل منا حبنا . إذا نحن لم نأت إلى المسيح كشخص حبيب ونطلب حبه كما يطلب حبنا ؛ فلن نستطيع أن نعرفه ولن نستطيع أن نعبده .
الذين يبحثون عن المسيح في العقيدة الفكرية فقط يتوه عنهم شخص المسيح.
+ إذا لم تكن عبادتنا على أساس معرفتنا ليسوع المسيح ولبره الشخصي تنقلب إلى عبادة مزيفة ومحاولة تثبيت بر الذات .
+ إذا لم يكن تمجيدنا وتسبيحنا الذي نقدمه في عبادتنا ناتجاً عن حبنا لشخص يسوع وناتجاً عن حب يسوع لنا ينقلب فيصير تمجيداً للنفس سواء كان في الظاهر أو الخفي ، أمام الناس أو أمام أنفسنا …
+ وإذا لم تكن قراءتنا للكلمة هي عن اشتياق لمعرفة يسوع وحبه ؛ ويتحول الإنجيل إلى مصدر لتغذية الذات على الكبرياء بدل التعزية والفرح والامتلاء.
معرفة يسوع هي دعوة إلى الوحدة وهي دعوة أيضاً إلى المحبة.
ليس هناك حب دون معرفة ، فأن تعرفه هو أن تحبه ؛ فكيف تحب من لم تعرفه ؟ حينما تكمل المعرفة يكمل الحب وتكمل الوحدة بالضرورة …
إذا انقسمت المعرفة وتشيعت في المسيح ، انقسم الحب وانفصمت الوحدة . إن انقسام الحب وتفتت الوحدة دليل تشيع المعرفة وتفرقها . لا يمكننا أن نتشيع في معرفة ربنا يسوع المسيح ونبقى في الحب ونبقى في الوحدة .
يسوع يدعو لملكوت واحد ، ولا أحد يدخله إلا بيسوع ، لأنه قد صار الطريق الوحيد إلى ملكوت الله ، لأنه هو الوحيد الذي صالح الإنسان بالله .
اثنان متخاصمان لا يدخلان ملكوت الله ، لأنه لا يوجد ملكوتان … هو ملكوت واحد . التخاصم إغفال للصليب ، امتهان لما صنعه المسيح ، هو احتقار لعمل المصالحة الذي لا يزال يكمله الرب يسوع لدى الآب بالشفاعة .
التخاصم في المسيحية ليس هو العراك الجسدي أو التراشق بالألفاظ أو القطيعة مع البغضة ، لا ، ليست هذه من المسيحية في شيء . ولكن التخاصم في المسيحية هو الانقسام الفكري ، هو الاختلاف في معرفة المسيح .
حينما يختلف اثنان في معرفة المسيح يتآمران على المحبة .
معرفة المسيح ليس فيها اختلاف ، لأن المحبة لا يختلف فيها اثنان .
وبالنهاية ؛ باطلة كل عبادة لا تقوم حسب معرفة يسوع وتوجه نحو شخصه .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين