لا أترككم يتامى
“لا أترككم يتامى” (يو 14 : 18)
لقد شعر المسيح ، عند اقتراب الساعة أن البشرية أصبحت محتاجة أشد الاحتياج إلى روح أبوة الآب ، حتى لا يعيش الإنسان بعد يتيماً بإحساس من لا أب له .
ولذلك وعد المسيح تلاميذه أنه بمجرد صعوده سيطلب من الأب أن يرسل إليهم الباركليت ، روح التعزية ، من الآب ، حاملاً للبشرية كلها أحشاء تحننات الأبوة كشركة تدوم إلى الأبد مع الله الآب لذلك قال لهم : ” لن أترككم يتامی “.
إن روح يوم الخمسين هو حقيقة روح حنان الأبوة لعزاء الإنسان كي يعيش كابن في بيت الله إلى الأبد . لقد أدخلنا الآب يوم الخمسين في شركة معه هي – على درجة ما – مما هو موجود وحاصل بينه وبين ابنه الحبيب لدرجة أن الروح القدس أصبح عليه أن ينقل لنا حديث الآب القدوس الخاص مع ابنه ، حديث الحب الإلهي الخالص : « متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم … يأخذ مما لي ويخبركم ، كل ما للآب هو لي » . وهكذا أدخلنا الروح القدس في سر شركة الآب مع الابن.
وهذا هو نفس ما قاله بولس الرسول : « إن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله » ، « ما لم تر عين …. أعلنه الله لنا بروحه » ، « نحن ( أخذنا ) الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله ، ( اكو ۱۲:۲ ) .
هذا هو الروح القدس الذي سكبه الآب يوم الخمسين ، حسب وعده ، ليعرفنا بما لم يخطر على قلب بشر ، وليُلقنا الحب الأبوي ، وليهب لنا كل بركات أسرار الشركة بين الأب والابن .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين