لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير
“لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير” (رو ۲۱:۱۲)
إذا تحرك قلب الإنسان بالغضب ، وفكر مجرد فكر بالنقمة ؛ فقد انغلب للشر مرتين مرة للشر في حد ذاته إذ أطاع إيحاءاته الشيطانية في القلب ، والمرة الثانية للعدو إذ أراد الله بإساءة ذلك العدو إليك أن يختبر مقدار برك أو صدق أمانتك لله . فإن أنت بادلت الشر بالشر أو حاولت النقمة لنفسك أو حتى الغضب ، فستكون قد سقطت مغلوباً للعدو إذ صرت مثله أو ربما أكثر . هنا يكون خذلان المسيحي للمسيح ، وهنا يكون قد انغلب من الداخل ومن الخارج أيضاً.
فالآن مطلوب من المسيحي التحرك على مستويين معاً:
أولاً: المستوى الداخلي بأن لا ينغلب لروح الشر فيستغيث بالمسيح وبنعمته للنجاة ليبقى قلبه متمسكاً بالصلاح والتقوى ، ثم لا يحيد عن روح المسيح ومشورة النعمة ولا إلى لحظة واحدة . هذه هي أخطر مراحل الوقوف مقابل الأعداء ، حيث لا يهتز القلب في الداخل هزة واحدة نحو الشر أو ينحرف الفكر بالرديء ولا حتى قيد شعرة . بل يبقى في الداخل متمسكاً بالكمال المسيحي وتسليم الحياة لمن له الحياة وتقبل الإساءة بالدعاء وباستعداد قبول المزيد منها حتى الموت ، طالما هو في يد الله .
ثانياً: أن يبقى الفكر مع القلب في حالة سلام مع الشخص العدو ، فلا يسمح أن تكون صورة العدو أمامه أو في مخيلته كعدو ، بل كإنسان مجرد إنسان أرسله الله ليختبر مدى صبره ، ومدى احتماله واتساع قلبه ، ثم مدي خضوعه لوصية المسيح : « أحبوا أعداءكم » .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين