ليكن لكم فيَّ سلام
“ليكن لكم فيَّ سلام” (يو 16 : 33)
المسيح لم يقل : ” ليكون لكم سلام” ، بل “ليكن لكم في سلام ” .. فحينما ننهزم أمام التجرية كما انهزم التلاميذ في محنة الصليب ، وحينما نفقد السلام الذي فينا ، فإنه يتبقى لنا “سلام في المسيح” ، فسلام المسيح هو القوة المُذخرة لنا ، حينما تنتهي قوتنا . يكفي أن نلقي همنا عليه لنجد فيه سلامنا المفقود : “لأنه هو سلامنا” ( أف 2 : 14 ) .
أُنظر كيف تحول انهزام التلاميذ إلى نصرة ، وشكهم إلى يقين، وحزنهم إلى فرح إنجيلي ملأ المسكونة كلها .
إن خبرة التلاميذ في هذا التحول القوي والغالب ، سلَّموها للكنيسة . والكنيسة بعد ذلك عبرت مثل هذه المحنة ، ومحن بلا عدد أقوى من محنة التلاميذ وغلبت ، وها هي غالبة وستغلب. والسر هو سلام المسيح الذي تركه لها ميراثاً ثابتاً دائماً: « أبواب الجحيم لن تقوى عليها » .
الإيمان العملي بالمسيح ، هو الثقة الكاملة والمطلقة بكل الكلام الذي قاله لها . كل آية أعطاها لنا ، هي كنز مغلق ، سُلم لنا لكي نغتني بما تحويه من مواعيد . كل وصية للمسيح تحمل وعداً منه بالتنفيذ . فإذا آمنا حقاً بكلام المسيح وتمسكنا به بقلب واحد غیر منقسم ، يكون لنا فيه كل الوعد تماماً كما وعد .
المسيح يعرض سلامه مجاناً مقابل ضيقات العالم ، فهل تؤمن ؟
ولكن يلزم أن نرث منه هذا السلام ، الآن مُسبقاً، حتى إذا جاءت الضيقة انبری سلام المسيح في قلوبنا ليخفض من كبرياء التجربة مهما كانت عنيفة حتى يضعها تحت رجليك . هذا هو إيماننا الذي نغلب به العالم .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين