ليكون فيهم

 

“ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به” (يو26:17)

إن المحبة التي يحثنا المسيح أن نحب بها ، سواء بعضنا البعض ، أو للمسيح أو للآب ، ليست على مستوى الأخلاق ولا العاطفة كإرادة تحضر وتغيب ؛ بل إن هذه المحبة هي محبة مُشابهة ومُستمدة من محبة الآب للابن ومحبة الابن للآب ، فهي محبة من طبيعة الروح لا الجسد . هي محبة فائقة للطبيعة البشرية ، أو بالمفهوم الإلهي هي “موهبة” .

من هنا تنقشع الغمامة التي تعتم الفكر ، حينما يسأل الإنسان متحيراً : كيف نقيم حد الوصية : “أحبوا أعداءكم ” ( مت 5 : 44 ) ؟!

نعم إن ذلك مستحيل على مستوى الإرادة أو التغصب أو العاطفة ولكن هذا يمكن إتمامه فقط في حالة واحدة وهي أن تكون المحبة هي “محبة الله” ، تلك المحبة الروحية الفائقة ، الموهوبة لنا والعاملة بالروح في القدس ، لتذليل كبرياء الإنسان ، وإعلاء لاتضاع المسيح .

هذه المحبة هي التي سبق وأن عملت فينا ونحن خطاة وأعداء الله . هذه المحبة قادرة بالفعل أن تحب حتى الأعداء ، والتي سماها ق . بولس بالمحبة الفائقة المعرفة ، وهي أقوى دليل على أن الإنسان بلغ الوحدة مع الله ، الذي أحب العالم ، وهو يشرق شمسه على الأشرار والأبرار سواء بسواء .

ونقول ثانية إن المحبة كوصية أولى وعظمى ليست مفروزة كعمل أخلاقي ؛ ولكنها هبة روحية وعطية ، وعلى هذا الأساس يطالبنا بها المسيح ، وعلينا كما أخذناها كهبة ، نعطيها كهبة أيضا .

“الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلنا” ( غل ۲ : ۲۰ ) ، « بهذا قد عرفنا المحبة ، أن ذاك وضع نفسه لأجلنا ، فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة » . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى