مُسبحين الله

 

“مسبحين الله” (أع 47:2)

ليس هو تسبيح على أي شيء يمت للجسد ؛ ولكن هي تسبحة الروح بالروح للروح ، لا يدفعها دافع أرضي بل هي التي تدفع كل ما على الأرض ليشترك في التسبيح . هي روح العبادة ، فالتسبيح هو العبادة الصادقة الدائمة والكاملة بحد ذاتها ، وإن كانت كاملة في ذاتها فلا شيء يزيدها ولا شيء ينقصها . هي خلاصة علاقة بين النفس المخلوقة وخالقها خلواً من كل شيء ورغماً عن كل شيء . والتسبيح قادر بذاته أن يدفع ذاته إلى تسبيح أعلى ، وأن يدوم ويزيد ولا يفتر.

التسبيح إذا أخذ حقه من وقت الإنسان ، فإنه يصير قادراً أن يرد للإنسان عوض الساعات سنين من القربى والعشرة مع الله .

فرح الروح وسلامة النفس عندما يكونان بحرارة بالروح ، فهما قادران أن يغطيا على كل الأتعاب والأمراض والضيقات والاضطهادات ، يجعلاها كلها كلا شيء ، فتدخل كعناصر تسبيح للتمجيد والشكر الدائم .

ربما يكون التسبيح هو العمل الوحيد الذي نعمله على الأرض لنكمله في السماء ، فكل شيء سيتوقف إلا تمجيد الله وتسبيحه . كذلك فهو العمل الوحيد الذي نعمله وتأتي الملائكة لتشاركنا فيه لأنه مهنتهم الوحيدة . وإن أعظم مظهر من مظاهر رضى الله على الإنسان أن يتيح له الفرص أن يقف ويسبح ، لا باللسان والفم وحسب بل بالقلب والروح ، ويخرج كل مرة وكأنه خارج من وليمة سماوية وفي حضنه هدایا .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى