وآخرون عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل

 

“وآخرون عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل” (عب ۳۵:۱۱)

ماذا نقول عن احتمال أولئك الذين سمعنا عن قصص تعذيباتهم الرهيبة لكي يفرطوا في إيمانهم ، فما جزعوا ولا خاروا ولا خانوا العهد . أهي قوة إرادة ؟ مستحيل أم هي بطولة ؟ حاشا ! أو هو عجز أقعده عن الإنكار ونوال والراحة والمجد الدنيوي ؟ حاشا ألف مرة! فما هي إذن هذه القوة الجبارة السرية التي تجعل الشهادة نوعاً من قبول الموت من أجل الخلاص!

المسيح على الصليب أطلق قوة إلهية يقبلها المؤمنون ليستهينوا بها من آلام الصليب وعذاب المعذبين . تلك القوة شهادة صامتة بما حازه المسيح من سلطان إلهي على كل المعاندين لقول الحق . هذه القوة يمارسها كل القديسين في كل مكان ، فكانوا الرائحة الذكية لله التي تُنعش المخلصين وتسوقهم في طريق الشهادة بقوة لا تقهر تخزي العدو وأعوانه.

كل عذاب وألم يلقاه المؤمنون بالمسيح هو بحد ذاته قيامة سرية يمارسها المتألمون إلى أن تُستعلن بظهور المسيح . فكل عذابات المؤمنين المحسوبة شهادة لصليب المسيح ، تحمل في طياتها سر القيامة العتيدة أن تكون . وهنا يصح القول الذي يقوله الكتاب : ” خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً” ( 1 كو 17:4 ) . 

والذي نود أن نقوله إن الآلام والضيقات هنا ، لو احتملناها بصبروفرح فإنها تحوي في ذاتها النصيب المذخر لنا . لا كأنه آت فيما بعد ؛ بل حاضر وعامل في الروح ، ينعشنا بروح القيامة فتستهين بخزي هذا العالم ، بل وتفتخر على رجاء مجد الله .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى