وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىَّ الجميع

 

“وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىَّ الجميع” (يو ۳۲:۱۲)

إن قوة المسيح على جذب قلب الإنسان راجع إلى أنه سبَّاق في محبته ، فهو يستحيل أن ينتظر محبتك أولاً، بل هو البادئ دائماً. لذلك ففي اللحظة التي فيها يرفع الإنسان عينيه ويخفق قلبه بالحب نحوه ، يحس أن المسيح كان واقفاً منتظره بنظرة أكثر حباً وقلب أكثر خفقاناً.

فحينما يطالبنا المسيح لنحبه فوق كل شيء ؛ فهو يهيئ لنا فرصة لتنسكب في قلوبنا محبته الإلهية لتبدأ عملها فينا ، حتى نبلغ لكمال الإنجيل ومحبة جميع الناس .

الإنسان المسيحي عموماً مدعو إلى الحركة والامتداد إلى أعلى إلى الله ، حيث عبء الحركة والامتداد إنما يقع على الروح الخالص الذي يحيا على كلمة الله ويتشدد بنعمته ، أساس الحركة هنا هي المحبة ، المحبة نحو الله التي تجعل للحياة معنى ، وتُقوَّم طريق الإنسان فلا يميل ولا يعتسف بل ينمو باطراد ، ولا يبقى أبداً كطفل بل يصير من يوم إلى يوم إلى قامة الرجولة ، رجولة المحبة ؛ أي محبة الله ، محبة كاملة حتى ولو كان الذي يحملها قلب ضعيف مُلوَّث بالخطايا . ولنا في مثل المرأة الخاطئة ، التي أحبت كثيراً وقُبل حبها ، عوناً لا يستهان به .

ولكن الإنسان المسيحي يعوقه الجسد أن يتحرك باستمرار إلى فوق . فللجسد حركة أفقية من الأرض وإلى الأرض تتعارض مع حركة الروح فتشكل صليباً ، هذا الصليب لا يمكن تجاهله أو تجاوزه .

فالإنسان المسيحي مدعو بأستمرار لحمل صليبه في قلبه إن هو أراد أن يتحرك وينمو في محبته لله .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى