وهم يكونون لي شعباً

 

“وهم يكونون لي شعباً” (إر ۱:۳۱)

من هو شعب الله ، إلا الذي كرس له الحياة ، لا كأنه يمن على الله بحياته ؛ بل هو يعطيه ما هو له أصلاً. والله لا يأخذها منه ولا ينقصها عليه ، بل يقدسها له ويزيدها غنى وثراء ، ويملأها فرحاً ونعيماً وسروراً.

شعب الله يحب الله ، وهو لا يمن على الله بحبه ؛ ولكنه إنما يرد الحب بالحب ، “لأنه هو أحبنا أولاً) ( 1يو 4 : 19 ) . أحبنا فخلصنا ، وأحبنا ففدانا ، وأحبنا فجنسنا بجنسه وتبنانا ، فإن أحببناه كبنين ؛ فلأنه هو غمرنا بحب أبوته فكيف لا نحبه؟

شعب الله مسراته وأفراحه وتسلياته كلها بالروح وليس بالجسد ولا للجسد . وهو خارج عن مسرة الله وفرح الروح لا يطلب لنفسه مسرة ، لئلا يستخدمها الجسد لإهانة روح الله ، وإذ يعود يطلب الله لا يجده ، وإن ناداه لا يسمعه ، وإن توسل يسد أذنيه ، لأنه يكون قد كسر العهد.

شعب الله لا يخاف الشدة ولا يضيق بالاضطهاد ، يُسر بالجوع ويفرح بالعري ، ولا يهاب الخطر ولا يخشى السيف ، فهذه كلها أدوات الشيطان التي أُعطي لنا أن ندرسها فنتسلق عليها لنبلغ النصرة الأخيرة ومعها المجد ، وفيها يتراءى لنا الله وهو يحملنا على ذراعيه كأعظم من منتصرين.

شعب الله الذي انفصل عن العالم الشرير بأمجاده وملاهيه يكون قد تقدس له ، فلا يعود يفصله عن قلب الله شيء : لا موت ولا حياة بأباطيلها ولا بأمجادها ، لا أمور حاضرة مخيفة ولا أمور مستقبلة مرعبة.

لقد صار الله له كالهواء الذي يتنفسه والنور الذي يملأ عينيه بل وكالخبز يأكله أكلاً وبالسر يشربه شرباً.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى