كتاب مفاهيم إنجيلية للأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أنبا مقار

أولاد إبراهيم

للأنبا إبيفانوس أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار

يتكرر اسم إبراهيم أبي الآباء في العهد الجديد مراراً كثيرة، وفي إنجيل القديس يوحنا بمفرده يتكرر إحدى عشرة مرة، تقع جميعها في الأصحاح الثامن منه (31 – 58). وإذا عرفنا وجهة نظر اليهود أيام المسيح حول علاقتهم بإبراهيم أمكننا فهم الحوار الذي دار بين المسيح واليهود والذي ورد ذكره في إنجيل يوحنا.

لقد بارك الله إبراهيم وأعطاه الوعد قائلاً: أجعلك أمة عظيمة وأباركك واعظم اسمك، وتكون بركة. وابارك مباركيك، ولاعنك ألعنه وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض» (تك ١٢: ٢و٣). وأضاف الله على هذا الوعد بعد ذلك قائلا: «لنسلك أُعطي هذه الأرض» (تك ١٢: ٧). ثم تأكد هذا الوعد عندما وعده الله بميلاد إسحق: «أنظر إلى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها». وقال له: «هكذا يكون نسلك» (تك ١:١٥-٦). ثم تأكد الوعد مرة أخرى عندما غير الله اسم إبراهيم من أبرام إلى إبراهيم، وكان الختان هو علامة هذا الوعد (تك ١٧: ١ – ١٤).

على هذا الأساس الكتابي صارت شخصية إبراهيم ممجدة جداً في التقليد اليهودي المتأخر بسبب مآثره وشخصيته المثالية.

وقد كال له اليهود المديح لأنه تمم أقصى متطلبات الحياة الفاضلة كما كان ينادي بها فلاسفة اليونان. فيصفه المؤرخ اليهودي يوسيفوس أنه: “إنسان فائق الكمال من جهة جميع الفضائل” . أما كتاب المشنا، وهو مجموعة تعاليم الربيين اليهود والتي أشار إليها الإنجيل تحت اسم: “تقليد الشيوخ” (مر٧: ٣)، فإنها في تعليقها عل آية سفر التكوين: «من أجل أن إبراهيم سمع لقولي وحفظ ما يُحفظ لي: أوامري وفرائضي وشرائعي» (تك ٢٦: ٥)، تقول: “إن أبانا إبراهيم قد حفظ جميع أحكام الشريعة قبل أن تُعطى الشريعة”. كما تعتبره أول من أدان عبادة الأوثان بسبب إيمانه بالله. إذ يقرر يوسيفوس أن السبب الوحيد لترك إبراهيم منطقة ما بين النهرين هو العداوة التي لاقاها من جراء رفضه لعبادة الأوثان.

وبسبب هذه الكرامة التي أُسبغت على شخصية إبراهيم، نسجت أيدي الخيال حوله القصص، وقد تسجلت هذه القصص في بعض كتابات اليهود المتأخرة مثل كتاب: رؤيا إبراهيم”، وكتاب: عهد إبراهيم”؛ وهي تحوي تاريخ حياة إبراهيم كما ورد في سفر التكوين بالإضافة إلى أساطير الربيين التي تخيلت إبراهيم في تعامله مع الملائكة، والرؤى التي شاهد فيها الله، ورحلاته في عالم السماويات.

أما قمة المديح لإبراهيم فنجده في التقليد اليهودي الذي يقرر أن إيمان وطاعة إبراهيم كانا من العظمة بمكان حتى إنهما – بالإضافة إلى بر إسحق ويعقوب – يعتبران كنزاً عظيماً لما يُسمى بـ “استحقاقات الآباء”. هذا الكنز من بر وتقوى الآباء كان أكثر من احتياجهم لكي ينالوا الخلاص. لذلك فقد كانوا يعتقدون بأن الله يسمح بانتقال هذا البر للشخص اليهودي عندما يحتاج إليه لي يكفر عن خطاياه. وبالرغم من أن بعض الربيين اليهود قد عارضوا هذا الرأي، إلا أن وجوده يوضح الكرامة التي نالتها شخصية إبراهيم.

لقد جاء شعب إسرائيل من نسل إبراهيم، وبالتالي فهو الشعب المختار الذي تحققت فيه الوعود والبركة التي منحها الله لإبراهيم، وإن كانت كل هذه الوعود والبركات لم تتحقق إلا في المسيا الآتي من نسل إبراهيم. لذلك كان اليهود يلقبون إبراهيم دائما في كتاباتهم بلقب “أبينا إبراهيم”. ويقابلنا نفس هذا اللقب أيضا في كتابات العهد الجديد:
+ «القسم الذي حلف لإبراهيم أبينا، أن يعطينا إننا بلا خوف مُنقذين من أيدي أعدائنا نعبده» (لو ١: ٧٣-٧٤).

+ «ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ» (أع٧: ٢).
+ «فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟… وَأَبًا لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يَسْلُكُونَ فِي خُطُوَاتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ …» (رو ٤: ١و١٢).
+«ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح» (يع٢: ٢١).

حتى الرب يسوع نفسه استخدم هذا اللقب في مثل الغني ولعازر، فيقول عل لسان الغني بعد أن انتقل إلى الهاوية: «فنادى وقال: يا أبي إبراهيم ارحمني، وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني…» (لو ١٦ :١٩-٣١). لذلك كان يطلق عل اليهود عادة لقب “أولاد إبراهيم” (يو ٨: ٣٩)، و”ذرية إبراهيم” (يو ٨: ٣٣)، و”ابن إبراهيم” (لو ١٩: ٩)، و”ابنة إبراهيم” (لو ١٣: ٦).

هذه الإشارات المتكررة في كتابات القرن الأول لاعتبار إبراهيم أبا لليهود، وأن اليهود هم ذرية إبراهيم، تحتاج إلى فحص دقيق، فربما تحمل معنى مغايراً تماماً للمعنى المقصود. فهل تكرار هذا اللقب يشير إلى أية امتيازات أو استحقاقات لليهود، أم أنه يؤكد على واجبات والتزامات مفروضة على من حمل هذا اللقب؟

كلا هذين الاتجاهين – أي الامتياز والالتزام – واضحان في رواية سفر التكوين. فالوعود الممنوحة لإبراهيم في سفر التكوين مرتبطة بإيمان إبراهيم وطاعته:
فالوعد بالبركة في الأصحاح الثاني عشر مرتبط بأمر الله لإبراهيم: «اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك إلى الأرض التي اريك» (تك ١:١٢).
كما أن التأكيد عل البركة وإضافة الوعد بميراث الأرض (تك ١٢: ٢ و٣) يحمل في طياته بصورة متلازمة الوجهين: العطية والالتزام؛ فالوعد بإنجاب الوريث يتطلب الإيمان (١٥: ١-٦)، والوعد بميراث الأرض يتطلب تقديم ذبيحة (١٥: ٧-٢١).
وتأكيد الوعد بعلامة الختان (١٧: ٢-١٤) سبقها الوصية: “أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً» (١:١٧).
وحتى بعد أن منحه الله إسحق الذي وعده بأن يكون هو الوارث للمواعيد والبركة، فلكي يتثبت له وعد الله وبركته، تطلب هذا امتحاناً لإيمانه عندما طلب منه الله أن يقدم إسحق ذبيحة. وكان هذا هو الامتحان: هل يؤمن أن الله قادر أن يقيم له إسحق من الموت، هذا الذي تقبَّل فيه المواعيد، وحيده (تك ٢٢: ١-١٨)؟

وإذا فحصنا مفهوم البنوة لإبراهيم في الفترة التي واكبت مجيء المسيح بالجسد، نجد كلا المفهومين – أي الامتياز والالتزام موجودين، ولكن التركيز بالأ كثر كان على مفهوم الامتياز دون الالتفات كثيراً إلى متطلبات البنوة. فمن أقوال الربيين اليهود المعاصرين لتلك الفترة، نلاحظ الإشارة إلى امتيازات البنوة لإبراهيم وكأنها حق واجب غير مشروط بأية شروط. فيذكر الرابي مير Meir أن: “الإسرائيليين هم دائماً أولاد إبراهيم، سواء ضايقوه بأعمالهم أم لا، سواء فسدوا في حياتهم أم لا وسواء عصوا الله أم لم يعصوه”. 

هذا المفهوم كان شائعاً في زمن المسيح، وكان اليهود يرون أنهم ما داموا أولاد إبراهيم فلهم حق ميراث الوعود وميراث الأرض والمستقبل المجيد. وقد ذكر القديس يوستينوس الشهيد في حواره مع تريفو أن اليهود – كأولاد إبراهيم – انوا يتوقعون نوال ملكوت الله بغض النظر عن سلوكهم في الحياة . وقد واجه القديس يوحنا المعمدان هذا المفهوم الخاطئ عندما بدأ البعض يقبلون رسالة التوبة التي نادى بها:
+«وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ الَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ:«يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. ولاَ تَبْتَدِئُوا تَقُولُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْرَاهِيمَ. وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ».(لو ٣ : ٧-٩؛ مت ٣: ٩و١٠).

فهنا كان يوحنا يذكر سامعيه أن البنوة لإبراهيم لا تلغي أمر الله لكل إنسان: “سر أمامي وكن كاملاً”.
بيد أن هناك بعض الربيين المعتدلين الذين فهموا البنوة لإبراهيم بمفهوم الالتزام والمسئولية تجاه متطلباتها. وقد نادى أولئك بضرورة التشبه بأخلاقيات وفضائل إبراهيم. ففي كتاب المشنا نجد هذا المفهوم: “إن من يمتلك هذه الخصال الثلاث، فهو تلميذ لأبينا إبراهيم، أما من يوجد فيه تلك الصفات الثلاث الأخرى فهو تلميذ لبلعام الشرير. فمن فيه هذه الخصال الثلاث وهي العين البسيطة (القنوعة) والروح الوديعة والنفس المتضعة، فهذا هو تلميذ لأبينا إبراهيم. ومن فيه هذه الصفات الثلاث وهي العين الشريرة (الطماعة) والروح المنتفخة والنفس المتعالية فهو من تلاميذ بلعام الشرير… فتلاميذ أبينا إبراهيم يتمتعون بالعالم الحاضر ويرثون الحياة الآبدية… أما تلاميذ بلعام فيرثون جهنم وينحدرون إلى هاوية الهلاك”. (5:19 Aboth),

هذه الفقرة المقتبسة من تعليم الربيين توضح أنه كأن هناك من قادة إسرائيل الروحيين من نادى بأن مصير الإنسان إنما يحدده سلوكه الروحي وليس مجرد انتسابه إلى ذرية إبراهيم. وهذا المفهوم هو ما أكد عليه الرب يسوع عند مقابلته لزكا رئيس العشارين. فبعد أن أعلن زكا توبته والتزامه بالعطف عل المساكين وإنصاف المظلومين، والكف عن أعمال الظلمة التي كان يمارسها، أجابه الرب يسوع قائلا: «اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً ابن إبراهيم» (لو ١٩: ٩). وقد أكد بولس الرسول على هذا المفهوم في رسائله، إذ نادى في تعاليمه أن “في المسيح” ليس هناك أهمية روحية لأصل الإنسان سواء كان يهودياً أم أممياً (غل ٣: ٢٨)، وأن الإنسان لا يحسب يهودياً إن كان يهودياً من الخارج فقط، أي بسبب انتمائه فقط إلى ذرية إبراهيم، والختان لا يحسب ختاناً إن كان مصنوعاً
في الجسد فقط. أما اليهودي الحقيقي فهو اليهودي من الداخل، أي الذي يسير عل خطوات إيمان إبراهيم (رو ٢: ٢٨ و٢٩).

يمكننا الآن أن نتتبع الحوار الذي دار بين الرب يسوع واليهود في إنجيل يوحنا الأصحاح الثامن، لنرى انعكاس وجهات النظر المختلفة حول مفهوم البنوة لإبراهيم. فعندما أخبرهم يسوع بجاجتهم إلى الحرية: «وتعرفون الحق، والحق يجرركم» (٣٢:٨)، أجابوه من وجهة نظر الربيين التي تنادي بامتيازات البنوة لإبراهيم: “إننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد لأحد قط» (٣٢:٨)، وهو الرأي الذي يرى أن جميع اليهود هم أحرار – بالرغم من أنهم في ذلك الوقت كانوا تحت عبودية الدولة الرومانية – “حتى الأفقر في إسرائيل فجميعهم أحرار، وإن فقدوا جميع ممتلكاتهم، وذلك لأنهم أولاد: براهيم وإسحق ويعقوب” (  Mishna Baba Kamma8.6)

لقد استثار المسيح في هؤلاء اليهود – الذين أظهروا في البداية قبولاً لكلام المسيح – أفكارهم الدفينة المترسبة عبر الأجيال والدهور، القائمة على الغلو في الوطنية السياسية المصبوغة من الخارج بالعبادة، والموضوع عليها شعار يهوه، لتصبح السياسة المقدسة التي لا يستطيع أحد أن يمسها. فكيف لهذا المعلم أن ينفي عنهم الحرية وهم قد أخذوا السيادة على العالم بكل شعوبه وأممه، بوعد وتعهد من الله لأبيهم إبراهيم! وإن كانت بلادهم وأرضهم اجتاحتها جيوش أعداء عل مر السنين، مصريين وبابليين وأشوريين ورومان، فكما جاءوا هكذا رحلوا دون أن يمسوا ميراثهم أو تراثهم أو عوائدهم أو عبادتهم. لقد خرج اليهود من نير الأسر وهم أحرار كما كانوا، بوعد أبيهم إبراهيم. فكيف يعدهم هذا بالحرية وهم في حريتهم قائمون ؟

لقد أقر الرب يسوع ببنوتهم الجسدية لإبراهيم «أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم» (٨: ٣٧)، لكنه أضاف أن لهم أباً آخر: «أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم» (٨: ٣٨). لقد كان بهذا الكلام يستفزهم لكي يؤكدوا عل ادعائهم بالبنوة الجسدية لإبراهيم:” أجابوا وقالوا له: أبونا هو إبراهيم” (٨: ٣٩). وهنا فند الرب مزاعمهم مستنداً إلى تعاليم اليهود التي تنص على أن أولاد إبراهيم الحقيقيين هم أبرار. فبالمقارنة بين ما فعله إبراهيم وبين ما يفعلونه هم يظهر أنهم ليسوا أولاد إبراهيم: “قال لهم يسوع: لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وانا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعة من الله. هذا لم يعمله إبراهيم” (٨: ٣٩ و٤٠)٠ أي أن إبراهيم لم يكن قتَّالاً للناس، وأنتم تريدون أن تقتلوني، وإبراهيم لم يكن معانداً للحق، وأنتم تقاومونني لأنني كلمتكم بالحق، وإبراهيم كان مطيعاً لكلام لله، وأنتم تعصون الكلام الذي أخبرتكم أنني سمعته من الله.

وبالإجمال، فإن إبراهيم قبل الرسل الذين أرسلهم إليه الله واستضافهم  وأطاع كلمتهم، أما أنتم فإنكم ترفضون: «الذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم» (يو ١٠: ٣٦). فالأعمال التي تعملونها أنتم لم يعملها إبراهيم. إذاً، بنوتكم لإبراهيم لا تفيدكم شيئا.

وهنا أحس اليهود أنهم قد بلعوا الطعم الذي ألقاه لهم وأنه تفوق عليهم في هذه الجولة. لذلك تركوا تمسكهم ببنوتهم لإبراهيم ونادوا بأنهم ليس لهم أب إلا الله: «لنا أب واحد وهو الله (٨: ٤١)، مستندين إلى نبوة إشعياء النبي: «فإنك أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم، وإن لم يدرنا إسرائيل. أنت يا رب أبونا، ولينا مند الأبد اسمك» (إش ٦٣: ١٦).

وهنا اعترض الرب يسوع بشدة عل ادعائهم البنوة لله. فالبنوة لله أيضاً لها واجبات ومتطلبات كثيرة. وربما كان الرب يسوع أيضا يشير إلى نبوة إشعياء النبي «ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليَّ… ويل للامة الخاطئة، الثعب الثقيل الإثم، نسل فاعلي الشر، (وليسوا أولاد اللهاولاد مفسدين» (إش ١: ٣و٤). فحسب ما يراه الرب يسوع أمامه، فأولئك ليسوا أولاد الله، بل لهم أب اخر هو إبليس: «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.» (يو 8: 44). وفي هذا الهجوم أيضا كان الرب يسوع يشير إلى نبوة إشعياء الني: «أنتم أولاد المعصية، نسل الكذب» (إش 57: 4).

لقد أراد الرب يسوع أن يؤكد أن مجرد الانتساب الجسدي لإبراهيم لن يجدي نفعاً ما دام الإنسان لا يسير في إثر خطوات إبراهيم: «إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السموات، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية» (مت ٨: ١١و١٢): حتى الانتساب لله إن لم يحفظ الإنسان متطلباته، فالله نفسه سينكر هذا الانتساب: «اذهبوا عني يا فاعل الإثم … إني لم أعرفكم قط» (مت ٧: ٢٣). أما إذا صنع الإنسان مشيئة الله، فإنه لا يصير فقط ابناً له، بل يدعوه المسيح:”أخي واختي وامي» (مت١٢: ٥٠).

التطهيرات كتب أنبا إبيفانيوس اطلبوا الرب
كتاب مفاهيم إنجيلية
المكتبة المسيحية

 

زر الذهاب إلى الأعلى