السبت الحقيقي كفّ عن الشر

العظة الخامسة والثلاثون من العظات الخمسون للقديس أنبا مقار

 ( عن السبت العتيق والسبت الجديد )

++++++

 1- في ظل الناموس[1] المُعطي بواسطة موسی أمر الله بأن يستريح كل أحد في السبت ولا يصنع شيئا[2]، لكن هذا كان مثالا وظلا للسبت الحقيقي المُعطى للنفس من الرب. ذلك أن النفس التي صارت أهلاً للسبت الحقيقي تكُفُّ عن الأفكار القبيحة النجسة وتستريح منها فتسبت[3] السبت الحقيقي وتستريح الراحة الحقيقية، إذ تكف عن جميع الأعمال المظلمة وتتحرر من ربقتها. فإنه هناك في السبت الرمزي حتى وإن كانوا يستريحون جسدياً، إلا أن نفوسهم لا تبرح مكبلة بالشرور والمفاسد ؛ أما هذا السبب الحقيقى فهو راحة حقة للنفس وقد كفت عن أفكار الشيطان وتطهرت منها واستراحت في راحة الرب الأبدية وفرحه.

 ۲ – فكما أمر الله آنذاك أنه حتى الحيوانات غير العاقلة نفسها تستريح في السبت[4]، فالثور لا يربط بالنير قسرا والحمار لا توضع عليه أحمال، فحتي الحيوانات غير العاقلة نفسها كانت تستريح من الأعمال الثقيلة؛ هكذا لما جاء الرب ووهب السبت  الحقيقي والأبدي، أراح النفس التي أثقلتها أحمال إثمها وأفكارها النجسة فسقطت تحتها واقترفت – صاغرة – الأفعال الأثيمة وكأنها مستعبدة لسادة قساة، وعتقها من الأعباء الباهظة الباطلة، أعباء الأفكار النجسة، ورفع عنها النير المرّ ، نير أعمالها الأثيمة ، وأراحها بعد أن أعيت في أفكار النجاسة.

 3- فإن الرب يدعو الإنسان إلى الراحة قائلا : « تعالوا يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا سأريحكم » ( مت ۱۱ : ۲۸ – حسب النص ) . فكل الأنفس التي تصدق ذلك وتدنو منه يريحها من كل الأفكار الثقيلة الفادحة النجسة ، فتكف عن كل إثم وتسبت السبت الحقيقي البهيج المقدس[5]، وتعيد عيد الروح ، عيد الفرح والابتهاج الذي لا ينطق به ، وتعبد عبادة نقية مرضية لله من قلب نقي ، هذا هو السبت الحقيقي والمقدس. فلنطلب إلى الله أن ندخل نحن أيضا هذه الراحة لكي نكف عن الأفكار المخزية الشريرة الباطلة ، حتى بهذا يتسني لنا أن نعبد الله من قلب نقي ونعيد عيد الروح القدس . فمغبوط إذا هو ذاك الذي « يدخل تلك الراحة »[6] ، والمجد للذي سُرَّ بهذا – للآب والابن والروح القدس، آمین.

فاصل

  1.  انظر : عب ۱:۱۰ « الناموس إذ له ظل الخبرات العتيدة».

  2.  انظر  خر ۱۰:۲۰ .

  3. من الفعل يسبت ( انظر مثلا : لا 23: 32 ،  26: 35)

  4. انظر : خر ۱۰:۲۰ .

  5.  هذه الثلاثة نعوت لـ ” السّبت “ ( الحقيقى ، والبهيج، والمقدس) وجدناها مجتمعة كذلك ، وكنعوت لـ ” السّبت ، عند كاتب مصري آخر معاصر للأنبا مقار ، هو العلامة القديس ديديموس الضرير ( ۳۱۳-۳۹۸م ) ، ففي مستهل شرحه للمزمور السادس يتكلم عن السبت الحقيقي البهيج المقدس “ ( PG 39 – 1176 A).

  6.   عب 4 : 11 .

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى