لأجلهم أقدس أنا ذاتي

 

“لأجلهم أقدس أنا ذاتي” (يو ۱۹:۱۷)

العالم لا تُسكَّن آلامه بالكلمات ولا تُستأصل أورامه بالعظات. العالم يحتاج دائماً إلى روح فدية ، إلى نفوس تموت كل يوم لتحفظ شهادة الإنجيل حية حتى تستطيع أن تقبلها النفوس المريضة وتحيا بها. العالم يحتاج إلى نفوس تبذل دمها لتوصل إليه روح الحياة التي للمسيح. العالم يحتاج إلى نفوس تحترق وتُصلب في آلامها وضيقاتها ، دون أن تنزل إلى مستوى الأنين لتنير بتمسكها بالله طريق الإيمان أمام المتشككين والجاحدين واليائسين . العالم يحتاج إلى قديسين يتقدسون ويتطهرون لا من أجل أنفسهم بل من أجل الذين لا يؤمنون بالقداسة ولا بالطهارة.

واضح أن المسيح مات ليعيش العالم ، ولأن المسيح مات عن العالم وقام ، أقام العالم معه أيضاً. والله وضع الكنيسة في العالم ووهبها روح القيامة لتموت كل يوم عن العالم ويقوم العالم بواسطتها . والكنيسة التي لا تشاء أن تموت ، لا يمكن أن تقوم ، وروح القيامة يفارقها ، والعالم إذا مات يموت بذنبها.

المسيح جعل نفسه سكة يطأها العالم ، ودمه المسفوك وجسده طريقاً يعبر عليه الخاطئ والأثيم حتى يصل للآب . هكذا الكنيسة أيضا جعلها الله طريقاً، لا بتعاليمها ولا بصلواتها وحسب ؛ ولكن قبل كل شيء وبموتها عن العالم ، وكل قديس عليه أن يمات كل النهار لا من أجل نفسه بل من أجل العالم الذي أحبه الله.

الكنيسة ليس لها عمل على الأرض إلا أن تحب المسيح ، وبالتالي أن تموت عن الآخرين ، لكي تُسعد كافة الناس بهذا الحب المحيي.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى