لأن الآب نفسه يحبكم
“لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني” (يو16: 27)
لقد كانت صلاة المسيح الأخيرة توسلاً إلى الآب أن يحبنا كما أحبه الأب. وسرّ محبة الآب لنا هي بسبب محبتنا لابنه يسوع المسيح، وإيماننا أنه أرسله لنا ليخلصنا ويفدينا ويعيدنا إلى رتبتنا الأولى. ومحبة الآب تبشّر بحياة في المجد لا يدانيها مجد.
المسيح قال : « كل شيء قد دُفع إلي » ( مت ۱۱ : ۲۷ ) ، لذلك صار الإنسان ، حبيب المسيح ، شريكاً وصاحباً لكل ما في السموات والأرض ، فكما كان في أحزانه هكذا في أمجاده ، لدرجة أن المسيح من عظم محبته الخالصة لنا ، وقلبه الحنون الأحن من قلب الأم على رضيعها آلاف المرات، طلب من الآب في صلاته الأخيرة أن يحضرنا في ملكوته معه، لنرى مجده الذي أعطاه الله. إنها أحاسيس أخ شقيق وحبيب لحبيب.
هكذا طوقنا المسيح بحبه ولطفه وحنانه ، لا على الأرض فقط بل وما أعده في السماء لنا ، لنكون أعز خلائق الله وأبناء حب الآب والابن ، مدللين كرضيع على صدر أمه . فيعوضنا عن قسوة هذا الدهر الذي نعيشه متغربين عن وطننا السمائي ، ويجزل لنا من لطفه فننسى أيام الجفاء والجفاف والبعد عن من يحبنا، ولا نعود نتذكر الأوقات التي كنا فيها مكروبين ومذلين تحت قسوة الزمان. ولن نهتم بعد بالبغضة التي يُكنها العالم لنا والتي أنستنا – للأسف- أن لنا صدراً حنوناً في السماء ينتظرنا ليفيض علينا من حنانه ، ويعوّضنا عن سنين أكلها الجراد ، وحياة أعوزها مجد الله!
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين