كتاب قصة الإنسان - القمص متى المسكين

حركة الشيطان كما ظهرت تجاه آدم

1 – الشيطان قوة عقلية :

واضح من قصة سقوط آدم أن الشيطان قوة عقلية استطاع أن يؤثر على تفكير الإنسان الأول (حواء ، ثم آدم) ؛ والطريقة التي تلاحم فيها مع عقل الإنسان تقوم أساساً على التشكيك في كلام الله ووصاياه، إذ ابتدأ الشيطان يتكلم في ذهن حواء هكذا: «أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة ؟» هنا المدخل الذي دخل منه الشيطان، فهو يصطنع الكذب أولاً ليدرب الإنسان على الحوار، ثم يدخل من خلال الحوار إلى قول يمكن الشك فيه : «فقالت الحية للمرأة : لن تموتا ، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر» . هنا كلمة «لـن تـمـوتـا» تشكيك وتكذيب لقول الله ، فالواقع أنه ولو أنهما لن يموتا في الحال، لكنها ماتا بالفعل بعد ،زمن والأمر الثاني أن فيها مصيدة للإنسان، وقع فيها ولم يعلم ، وهي «معرفة الخير والشر» .

صحيح أن الإنسان بعد أن كسر الوصية وأكل من الشجرة المحرمة، انفتحت عيناه وصار كالله عارفاً الخير والشر، لكن معرفة الله للخير والشر شيء، ومعرفة الإنسان لهما شيء آخر، فالله يعرف كل شيء ولكنه لا يسود عليه شيء، لكن الإنسان إذ عرف الخير والشر انقسمت معرفته ولم يستطع أن ينحاز كلياً للخير، كما لا يستطيع قط أن يقف بينها ، بل حتماً يسقط ، لأن إلحاح الشر وراءه قوة جاذبة هي قوة الشيطان التي تفوق قوى الإنسان الطبيعي، وهكذا سقط آدم….

2 – الشيطان وتحريك الغرائز البشرية:

في الوقت الذي يمارس فيه الشيطان الحوار العقلي مع الإنسان، يهييء الفرص، بكل ما أوتى من قوة لتحريك غرائز الإنسان، حتى يحصره بين الإرادة والفعل معاً : «فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت» . وهكذا استطاع الشيطان بإعطاء أجمل وأشهى صورة للأمور المشتهاة بأن يحرك الغريزة نحوها بصورة لا تقاوم.

وهكذا تكمل عملية تضليل الإنسان إذا دخل في الحوار الفكري مع الشيطان. ويلاحظ أن الشيطان يستخدم الحوار الفكري، وليس التسلط ، حتى لا يقع تحت ملامة الله ، وكذلك يستخدم تحريك الغريزة من الداخل لكي تنهار الإرادة الحرة أمام الإغراء والغواية، فيحدث السقوط، دون أن يُجبر الشيطان الإنسان على إتيان الخطيئة وعصيان الله ؛ وهذا صار منهجه المستمر مع الإنسان: «من هو جاهل فليمل إلى هنا، والناقص الفهم تقول له إن المياه المسروقة حلوة وخبز الخفية ( المسروق) لذيذ، ولا يعلم أن الموت هناك ، وضيوفها في أعماق الجحيم.» ( أم 9: 17 ترجمة دقيقة ) .

وهكذا، في النهاية يسيطر الشيطان – بمحض إرادة الإنسان ـ على الفكر والإرادة والعمل معاً. هذا هو مبدأ سقوطنا : وقوعنا تحت غواية الشيطان، ودخول الخطيئة على مستوى العصيان السافر الله ، فكراً وعملاً وإرادة !!

سقوط الإنسان

كتب القمص متى المسكين

الشيطان كما وصفه الكتاب قبل السقوط

كتاب قصة الإنسان
المكتبة المسيحية

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى