كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية - القمص متى المسكين

إنسحاق الروح

+ «إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح، والمرتعد من كلامي.» (إش 66: 2)

+ «أنا لم أعاند ، إلى الوراء لم أرتد، بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق، والسيد الرب يعينني فلا أخجل.» (إش 50: 5-7) 

+ « ظلم أما هو فتذلل.» (إش 53: 7) 

+ « تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.» (مت 11: 29)

لو استطعنا ولو إلى لحظة أن ندرك حقيقة الله وعلاقتنا به ، لانكشفت لنا في الحال حقيقة أنفسنا واقتنعنا بأننا لا شيء أمام مجد عظيم لا يُحد!

هذا الحادث فعلاً مع القديسين فشدة تواضعهم وانسحاقهم وامتهانهم لأنفسهم وإسناد اللوم على ذواتهم دائماً، ما هو إلا نتيجة لهذا الكشف، بحيث لو حاولنا أن نغتصب هذه الصفات ونقلدها لأنفسنا قبل أن نتقدم في النعمة وندرك هذه الحقيقة ونعرف ما هي أنفسنا على وجه التحقيق، لظهرت هذه الصفات معنا كأنها شيء مزيف، بل تقودنا إلى ما هو يضادها من صفات !!

فإن الذي قاد القديسين والمتقدمين في النعمة إلى صفات التواضع والإنسحاق والتذلل ، ليس هو جمال هذه الصفات في ذاتها ولا هو شهوة الحصول عليها والتحلي بها، وإنما الذي اقتادهم إلى التواضع والإنسحاق الحق هو اكتشافهم لحقيقة أنفسهم في نور الله.

ليس التواضع هو أن ندعي أننا خطاة ونحن لا نشعر بذلك في أعماق نفوسنا، لأن ذلك إنما يبعدنا عن معرفة أنفسنا و يضلنا عن حقيقة التواضع!

الإنسحاق يجب أن يكون نتيجة اقتناعنا أننا أغضبنا الله . فبينما كان أمامنا أن ننتصر ونتقدم في النعمة نحو الله ، إذ بنا نختار بإرادتنا شهوة العالم ونفضل الحياة الفانية وذلك بسبب حبنا لذواتنا وتفضيلنا لراحتنا الجسدية . إن الرجل الطبيعي الذي للعالم ، يحب الأشياء الطبيعية التي فيه . ولكنه لا يستطيع أن يحب الله من ذاته إلا بتوسط النعمة . ولو أنه من حين إلى حين يشعر بحاجة ملحة وعطش مبهم نحو الله. وما هذا النداء الأخرس إلا نداء الطبيعة الإلهية الساكنة فيه.

وهذه الطبيعة الإلهية يمكن تجديدها وتقويتها وتغليبها على طبيعة العالم بواسطة تدخل الروح القدس، على شرط خضوع النفس وانسحاقها تماماً، وذلك إنما يكون بالحزن على الخطايا السالفة في نور محبة الله والإشتياق إليه ولولا الخطيئة التي دخلت على طبيعتنا ، لكنا نحيا مع الله في نور المحبة الخالصة، ولكن بسبب هذه الخطية الساكنة فينا صارت عبادتنا ممزوجة بالحزن، وحبنا بالإنسحاق.

فخطايانا وزلاتنا وأفكارنا مكشوفة وعريانة أمام الله . إذن فمن يستطيع أن يشمخ على الله ؟ فقد قال بولس الرسول : «لا تضلوا. الله لا يُشمخ عليه.» ( غل 6: 7)

إذن، فعلاقتنا مع الله يجب أن تكون على أساس الإتضاع والإنسحاق الكامل، ومن ثم تكون علاقة حقيقية بواقع الحال.

ومن دواعي الخجل والإنسحاق جداً، أنه بينما نحن نخطىء إلى الله ونتعدى على حقوقه ووصاياه، إذا هو ينظر إلينا في حنو ولا ينقص من حبه لنا!!

وكيف لا ننسحق حينما نتأمل في محبة الله وعظمته عندما تنازل وانسحق على الصليب ! وبيد من ؟ أليس بيد البشرية التي أنا وأنت واحد منها ؟ إن مجرد تأملنا في الله وكيف طلب بالجسد وتألم بأيدي بشرية يُزيدنا انسحاقاً على انسحاق!

إن الإنسحاق لا يُدرك في يوم أو يُدرس في كتاب؛ فهو حياة عميقة بين النفس والله ، تبدو في أولها ثقيلة ومجهدة إذ تكون جهاداً ضد العظمة الذاتية، وإذلالاً لعزة النفس؛ ولكن بعد حين حينما تتنقى النفس من العظمة الكاذبة والكرامة الخادعة تبدو لها هذه الحياة المنسحقة لحناً شجياً لذيذاً يقربها إلى الله و يدعوها إلى الإستقرار فيه شيئاً فشيئاً حتى تستريح فيه تماماً!

إن النفس المنسحقة تكون مملوءة سلاماً ، كلما نمت في النعمة والكمال ازدادت انسحاقاً وانسابت في التواضع بلا جهد، فأي انحراف منها نحو الكبرياء أو العظمة أو المجد الباطل تقشعر منه كما تقشعر أذن الموسيقي البارع حينما تصطدم بنشاز يطرأ في لحن جميل!

والإنسحاق في المفهوم الإنجيلي هو السحق، بمعنى كسر الشيء بغرض تحطيم علوه ليصير منخفضاً وضعيفاً » ، وهو اصطلاح يفيد، فيما يخص الروح ، معنى الإتضاع والوداعة وإنكار الذات وإماتة المشيئة، كل ذلك معاً . ولكن مضمون كسر الشيء بغرض تحطيم علوه ليصير منخفضاً، حسب نص الإصطلاح ، لا يشمل في المعنى الإنجيلي مفهوم الإضرار بالنفس أو امتهان الروح الإنسانية المخلوقة على صورة الله ، ولكن الكسر والتحطيم ينصب على أجزاء النفس المتعالية كذباً وادعاء ، حتى تصل النفس إلى حدودها الأصيلة الواقعية البسيطة المتضعة ، فلا يعود الإنسان يطمح فيما يفوق قامته أو يتطلع إلى ما لا يناسب إيمانه وجهاده كما يقول بولس الرسول : «فأقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي إلى التعقل، كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان . » (رو 12: 3)

وبذلك يتضح لنا أن معنى انسحاق الروح يتجه اتجاهاً إيجابياً محضاً ليدخل في مضمون إعادة بناء النفس بناءً واقعياً صحيحاً ، لا يشوبه تزييف أو خيلاء أو طموح أو ادعاء أو افتخار ذاتى ، بناء يطابق خلقتها تماماً ، تمهيداً لبلوغ غايتها العليا في المسيح للإتحاد بالطبيعة الإلهية.

وسحق النفس يتم على مستويين : مستوى إرادي سلبي، ومستوى لا إرادي إيجابي، أي أن الإنسان مسئول عن سحق الأجزاء العليا الكاذبة من نفسه من جهة أخلاقه وسلوكه وطموحه الباطل، وهذا هو السحق الإرادي السلبي للنفس. وفي نفس الوقت، فإن الإنسان مطالبٌ أن يقبل كل سحق يأتى إليه من لدن الله بغرض توضيع نفسه وإرجاعها إلى صغرها وبساطتها الأولى، وهذا هو السحق اللا إرادي الإيجابي الذي يُعتبر هبة عظمى من الله ، لأن الإنسان في غالبية أحواله عندما يُترك لنفسه لا يعرف أن يوضع ذاته و يسحقها كما يجب، فلولا سحق الله لنا لبقينا حتماً ناقصين في الإتضاع والوداعة.

وسحق النفس بغرض اتضاعها عملية دقيقة وخطرة وتحتاج إلى صدق وبصيرة، حتى يقف الإنسان في انخفاضه عند المستوى الحقيقي والطبيعي للنفس ولا يتعداه إلى ما دونه لئلا يدخل في ادعاء آخر ادعاء الصغر، فيتظاهر بأنه جاهل وهو يشعر أنه ليس بجاهل، أو يتظاهر بالبساطة أكثر من حقيقته، أو يتظاهر بالضعف وهو غير ضعيف، فيتقمص الإنسان شخصيات أخرى غير شخصيته ويمارس الرياء بداعي التواضع وهذا هو وجه الخطورة في فضيلة الإنسحاق.

فالإنسان في حياة الإنسحاق إنما يجاهد ليحطّم كل طموح وكبرياء، وكل تعال على الغير، وكل اعتداد بالذات وتفوقها، إلى أن يصل إلى حقيقة نفسه البسيطة الضعيفة المسكينة ؛ ويقف عند هذه الحدود ولا يتمادى في إلغاء ما فيه من نعمة أو يُغالي في إنكار نفسه للدرجة التي ينكر فيها عمل الله فيه . وهذا ما قصده القديس بولس الرسول ، بمنتهى الإختصار والوضوح، في قوله إنه لا ينبغي أن نمتد ببصيرتنا الروحية فوق ما هو لنا أو فوق ما هو فينا بل ينبغي فقط أن . يمتد بصرنا بتعقل واتزان في حدود موهبتنا التي قسمها المسيح لنا ! فلو فرضنا أن إنساناً ما أخذته الحماسة الذاتية وطموح الفضيلة وأخذ ينسحق و ينكر نفسه إلى ما دون التعقل بأن أظهر نفسه أقل من مستوى موهبته وإيمانه، فهنا نجد أن إنكار الذات تعدى حدوده إلى إنكار الإيمان ونعمة الله والنتيجة الحتمية هي توقف الإتصال بين الله والإنسان، فيبتدىء الإيمان يضمر بالفعل وتبتدىء النعمة تنسحب من تدبير الإنسان.

أما إذا فرضنا أن الإنسان سلك سلوكاً واقعياً صحيحاً في انسحاقه واتضاعه حتى بلغ درجته الحقيقية البسيطة، فإن النفس تكون مفتوحة بأقصى طاقاتها الإيمانية على الله ، وحينئذ تكون على درجة الإتصال الحقيقي بالله فتنمو أكثر في بساطتها واتضاعها لتتهيأ بالتالي لإتصال أكثر ونمو أكثر وهكذا.

«إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي.» (إش 66: 2)

وبذلك نرى أن الإنسحاق الواقعي الحقيقي يؤدي إلى اتصال حقيقي بالله كما يؤدي إلى ملء النعمة، بعكس الإنسحاق المبالغ فيه المزيف، فإنه يؤدي إلى انفصال عن الله وتفريغ النعمة أولاً بأول.

 وهذا ما دعا كافة الآباء، وبدون استثناء، لإعتبار انسحاق النفس بقصد الإتضاع الحقيقي أنه هو أساس جميع الفضائل وبداية كل عمل روحي وغاية كل معرفة، كما يقول القديس أوغسطينوس : «إن اتضاع النفس هو المضمون الكامل للديانة المسيحية ». سواء كان هذا الإنسحاق إرادياً عن طريق ممارسة ضبط النفس وإخضاعها للحق وقمعها لخوف الله في حدود الإيمان والطهارة أو كان الإنسحاق عن طريق الخضوع الكامل لتأديبات الله مهما كانت صعبة أو مهينة في استسلام كلي لمشيئته عن مسرة بدون تحفظ و بدون تذمر و بدون قيد ولا شرط.

وحسب الظاهر يبدو الكلام عن انسحاق النفس مُرّاً ، ويتضمن جهاداً مضنياً ضد عتو الذات وكبرياء النفس والطموح الكاذب للروح ، كما يبشر بصعوبات وتأديبات وإهانات يلزم أن نتقبلها من الله ، ولكن الحقيقة العملية عكس ذلك تماماً، فممارسة انسحاق النفس في حدود التعقل و بطريق صحيح شيء لذيذ جداً يصعب علينا وصفه بالكلام لأنه بالكلام لا يمكن تذوق شيء تذوقاً حقيقياً، وهل يمكن وصف حلاوة العسل ؟ الكلام ممكن أن يهج العقل ولكن يستحيل على الروح أن تبتهج إلا بالحقيقة المعاشة، وانسحاق النفس حقيقة معاشة، الكلام عنها مرّ علقم وممارستها لذيذة أشهى من العسل.

وما نحسبه واجباً علينا هنا بالكلام هو أن نصف فقط للقارىء أين يوجد هذا العسل السماوي وكيف يُقطف وكيف يؤكل سراً !!

وادي الإتضاع في مظهره مظلم وكئيب، ولكن أول ما تطأ قدماك هذا الوادي المقدس يجري لإستقبالك حُرَّاس المرصد ليغسلوا جراحاتك التي تكون قد مزقت نفسك وجسدك عند اجترائك على الهبوط المفاجيء الخطر من فوق جبال العالم الكاذبة إلى منحدر وادي الإتضاع المخيف ! و يأخذونك لإستراحة قليلة بعدها يُدخلونك المرصد السماوي المقام في أول الوادي الطويل حيث يعطونك منظاراً كاشفاً يمكنك بواسطته أن ترى دقائق الوادي المقدس بأكمله، حيث ترى على جوانبه تعزيات على شكل أقراص الشهد، والسائرون يغتذون بها، والنعمة تفتش العابرين باستمرار لتطمئن على شفاء جروحهم، وهي تعصبهم بعصائب تمتص الآلام وتحول الجروح إلى بقع مضيئة شبه المصابيح تنير.

وحينئذ يأخذك العجب والإندهاش : كيف يبدو هذا الوادي بدون المنظار السماوي كثيباً ومظلماً، وكأن الموت والإندحار في كل ركن من أركانه، مع أنه بالرؤيا المقربة يبدو مليئاً بشهد العسل وبأيد رحيمة وأشفية ونور خفي يضيء الداخل قبل أن يضيء الخارج؟؟ وحينئذ تدرك سر الوادي.

ولكن وأنت مأخوذ بجمال الوادي يدعوك الحرّاس أن ترفع المنظار قليلاً لترى ما بعد الوادي وما ينتظرك هناك في نهاية المطاف، وإذ ترفع المنظار ترى جبل التجلي من بعيد بنوره الفائق، والسيد رافع يديه يحتضن الذين يبلغون نهاية الوادي ، و بقع الدم على يديه تشع نوراً مبهجاً يضيء الجبل كله و ينعكس نورها سراً على الوادي المظلم، وعندما تسقط على جروح السائرين في الوادي، تضيء هي الأخرى كما يضيء القمر عندما تسطع عليه أشعة الشمس عبر الفضاء المظلم !

وعندها يأخذك الفرح والإطمئنان وتتحرق شوقاً لإقتحام ظلمات هذا الوادي المقدس، بعد أن ينكشف لك سر الإنسحاق المبهج والجروح المضيئة والمرارة المخفى داخلها أقراص الشهد.

والحقيقة أن موضع هذا الوادي المقدس وادي الإنسحاق والجروح والمرارة هو داخل قلب الإنسان، وحُرَّاس المرصد الذي في أول الوادي هم الآباء الذين جازوا الإنسحاق ومرارته و وصفوا وعورته وفائدته ، والمنظار هو الممارسة العملية الصحيحة لألم الإتضاع حباً وكرامةً للمصلوب ، حسب المواصفات الدقيقة لرؤية الإتضاع الصحيحة، أما شهد العسل فهو اللذة النابعة من شركة آلام الرب ، وأما الجروح النازفة فهي الكرامة المجروحة ، وهي على أنواع : منها ما هو جروح سطحية يصنعها الإنسان في نفسه، ومنها ما هو رضوض وجروح غائرة من صنع الناس، ومنها ما هو كسور مميتة في جدران القلب من صنع التأديبات الإلهية حيث يستفرغ منها كل دماء الذات الترابية التي يصعب سحبها بواسطة الجروح السطحية أو الغائرة.

أما الأشعة الإلهية المنبعثة من جروح الرب والمنعكسة على جروح وكسور الإتضاع، فهي الشركة الجزئية في مجد المسيح الموعود به عن ثقة ويقين والتي سوف تبلغ أشد وهجها وضيائها عند ظهور ربنا كما هو!

أقوال الآباء في انسحاق الروح :

 522 – الله اتضع من أجلك، أفلا تريد أنت أن تتضع من أجل منفعة ذاتك؟ هو أتى ليحمل ما عندك من أثقال وهموم و يعطيك ما عنده من راحة وهدوء، وأنت لا تريد أن تتحمل مشقة المسير إليه والصبر حتى تبرأ جراحاتك.

523 – الكرامة والكبرياء كانتا في البدء علة سقوط آدم بواسطة الحية، ولا زالت الحية إلى الآن تستعمل وسيلتها وهي مختبئة في القلوب لتطرح وتهلك جنس المسيحيين بعلة الكرامة واحترام النفس . لذلك اتخذ المسيح صورة عبد وغلب الشيطان بالتواضع ليعلمنا طريق النصرة.

524 ـ إذا كان الإنسان حراً وذا نسب شريف في نظر العالم ، وقد استحوز على وفرة الغنى، وصار ذا دخل كثير، سرعان ما يفقد شعوره و يعتز بنفسه وتبتدىء يداه تمتدان بالصفع والضرب ورجلاه تسارعان إلى الرفس واللكز، فيصبح غير محتمل. وهذا هو سلوك عديمي | الفطنة والتمييز. وليس ذلك فقط، بل والذين تقدموا قليلاً في معرفة الصلاة وقوتها إذا لم يتمسكوا بالاتضاع ينتفخون و يسقطون. فالحية عينها التي أسقطت آدم بعلة الكبرياء قائلة له : « إنك ستصير كاملاً كالله »، لا زالت توحي بالكبرياء في قلوب بني البشر وتهمس في قلب الجاهل : « لقد صرت كاملاً، ها قد ملكت زمام المعرفة وصرت غنياً وليست لك حاجة لأحد. طوباك»، … وهكذا.

525- لذلك إذا افتقدت نعمة الله نفس إنسان وأعطته قوة من الأعالي على قدر إيمانه، فإنما يكون ذلك جزئياً فقط لئلا يستكبر. فلا يظن أحد أن نفسه قد استضاءت كلية لأن كمية الشرور التي لا زالت فيه تحجب كمال النعمة.

وفي البدء يكون افتقاد النعمة قليلاً مع أن لها القوة لتغسل وتكمل الإنسان في ساعة، وذلك لكي تختبر غرض وميل الإنسان هل هو محتفظ بحبه نحو الله تماماً؟ وهل تخلت نفسه عن شهوة الشر؟ وهل أسلم نفسه حقيقة لعمل النعمة؟

فإذا ما استطاعت النفس أن تستجيب لمطالب النعمة وتمتد معها في طريق القداسة والبر، فإن النعمة تتأصل في النفس وتمتد جذورها حتى الأعماق وترتقي بالنفس قليلاً قليلاً في توافق وسهولة حتى تصير كلها في أحضان النعمة السماوية .

526ـ ولكن إذا لم يتضع الإنسان تماماً فهو يُسلَّم للشيطان ليجرب بالمحن الكثيرة، فتنفضح كبرياء نفسه وتظهر بألوانها الحقيقية ويبقى عارياً مكشوفاً وبائساً تماماً.

أبا مكاريوس الكبير

527ـ ليت كل الذين يتقدمون لخدمة الله بالصلاة يتعلمون أولاً أن يكونوا مثله ودعاء متضعين بالقلب حقاً.

الأب يوحنا ك .

528 – «صرخ العشار بقلب منسحق ذليل: اللهم ارحمني أنا الخاطىء» (لو 18: 13)، فخرج من لدن الله مبرراً دون الفريسي. وهنا تتفاضل الصلاة المنسحقة على العمل غير المتضع ! فالفريسي أظهر بره بالصوم الدقيق والعشور المنظمة، والعشار قدَّم قلباً منكسراً بدون أعمال ! إن الرب لا ينصت إلى الكلام فحسب بل يلمس المشاعر التي تصوغ الكلام . فلما وجد العشار متضعاً ومنسحقاً أحبه ورحمه . لستُ أقول هذا حتى نخطىء مثله بل لنتضع !

يوحنا ذهبي الفم

529 – لنتعلم كيف نستميل قلب الله إلى الرحمة بالصلاة الممزوجة بالتواضع والوداعة، لأن الرب أعطانا مفتاح الوصول إلى قلبه «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة النفوسكم» (مت 11: 29) . داود أيضاً عرف ذلك فقال :
«الذبيحة لله روح منسحق. والقلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله» (مز 51: 17) . الرب لا
يحب شيئاً مثل النفس الوديعة المتضعة.

530 – لا تقل إني خاطىء وليست لي شجاعة أن أقف لأصلي، لأنها شجاعة محبوبة أن تقول ليست لي شجاعة أمام الله ! والعكس أيضاً، فالذي يظن أن له شجاعة للوقوف أمام الله بسبب أعماله أو طهارته فإنه يُحرم من قوتها كالفريسي ، لأن كل من يعتبر نفسه مرذولاً وفاقد الجرأة أمام الله فهذا يستمع إليه، كالعشار.

531 ـ «ولكن لنا ثقة مثل هذه بالمسيح لدى الله. ليس أننا كفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئاً كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله.» (2كو 3: 4 و 5).

532- الندامة هي نفس أسيفة وتضرع حزين مستمر في صلاة نقدمها الله من أجل الصفح عن الخطايا السالفة، وتوسلات لحفظنا من العثرات المستقبلة.

والرب عرف علّتنا وقدم الدواء : « إسهروا وصلوا لكي لا تدخلوا في تجربة» (مت 26: 41) . وبما أن الله يعرف أننا لا نخلو من الإنحراف عن الحق نحو الباطل حتى إلى أن يحين كأس الموت، فهو يأمرنا أن نسهر ونجاهد في صلاة مستمرة !

مار إسحق السرياني

533 – ليست الأعمال هي التي تفتح باب القلب المغلق وإنما الإنسحاق والتواضع، لأن الشهوات لا تُغلب إلا بالا نضاع !

534- إذا كنت متضع القلب بالحق، فالله يكشف لك عن مجده. ٥٣٥ ـ بكثرة الصلاة يتضع القلب .

536- قلب الرب دائماً على المتضعين ليريحهم، أما وجهه فضد المتكبرين ليتضعوا . لأن الإتضاع إنما يُقابل بالعطف والمعونة دائماً . ولكن الغلظة وقساوة القلب تُقابل بالشدة والجفاء.

537- الرجل الجبان مصاب دائماً بعلتين : محبة جسده، وضعف إيمانه.

كذلك الرجل الشجيع القلب الذي لا يتهيب المخاطر، سر شجاعته أحد سببين : إما قساوة قلب، أو عمق إيمان بالله، وفرق بين الشجاعة في الحالتين، فإن الأولى تصحبها الكبرياء، والثانية الإتضاع وإنكار الذات.

538- كتب أحد القديسين : «كل من لا يعتبر نفسه خاطئاً فصلاته لا يقبلها الله ».

539- حينما تقع بوجهك على الأرض ساجداً في الصلاة، ضع في نفسك أنك مثل نملة وكإحدى الزواحف التي تزحف على الأرض ومثل خنفساء، لا منظر ولا شكل لك. لا تحدث القدير من معرفتك بل بعقل طفل تقدم إليه وسرّ أمامه لتستحق عناية الأبوة.

قيل إن الرب يحفظ الأطفال، لا تظن أن ذلك قيل بخصوص الأطفال فقط ، بل و يناسب هؤلاء الذين وهم حكماء في هذا العالم يتخلون عن علمهم و يغضون الطرف عن حكمتهم بما يكفي أن يجعلهم أطفالاً بإرادتهم. حينئذ يستأهلون أن يتلقنوا الحكمة التي لا تُدرك بالعمل والجهاد. وهكذا قال الطوباوي بولس الرسول : « إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلاً لكي يصير حكيماً » ( 1كو 3: 18) . فعليك إذن أن تتوسل كثيراً لدى الله يمنحك أن تبلغ مثل هذا القياس من الإيمان.

مار إسحق السرياني

540 ـ إذا كنت تحب التواضع فاترك التحلي والزينة ، فمن يحب التزين لا يحتمل المحقرة والإزدراء، وأعمال المحبة والتواضع تصعب عليه . خادم الله لا يزين جسده، واعلم أن كل من يحب زينة جسده الخارجي فهو مريض في داخله ، ولو كانت أعماله جليلة.

مار إسحق السرياني

541- كن صديقاً للمحزونين ومنكسري القلب وشاركهم في صلواتهم وأعمالهم لتفتح لنفسك ينبوع الرحمة.

542 ـ ليس شيء يقرب قلب الإنسان إلى الله مثل الرحمة وليس شيء يمنح السلام للقلب مثل الفقر الإختياري.

مار إسحق السرياني

543 – التواضع يُكتسب بأعمال التواضع ؛ والحب بأعمال الحب.

الأسقف ثيوفان الناسك

544ـ إذا كنت متسربلاً بالوداعة الكاملة وعدم الغضب، لا يعسر عليك أن تتحرر من عبودية الماديات.

الأب يوحنا الدرجي

545-كل ما تنتقم به من أخيك الذي أخطأ إليك ، فسيكون كله وبالاً عليك في وقت صلاتك.

الأب نيلوس السينائي

546 ـ ليس كل هادىء متضعاً، ولكن كل متضع هادىء.

مار إسحق السرياني

547 – الرجل المتواضع لا يُسر بمرأى الجموع المحتشدة ولا بالصخب والضوضاء ولا بالغنى والتزين والتنعم ، بل في كل حال تجد الفقر والعوز والقلة والحاجة محبوبة لديه.

مار إسحق السرياني

548 ـ المواهب لا تُمنح من أجل الأعمال في ذاتها، وإنما من أجل الاتضاع الذي عملت به.

مار إسحق السرياني

549 – علينا أن نعرف أن الإتضاع أثناء الصلاة يحطم فخاخ الشيطان . أما الكبرياء فعلامة على أننا نفرز كل كلام الصلاة كأنه ليس لنا . تقول في نفسك: أنا أعرف هذا، وهذا لست محتاجاً إليه، وهذا ليس من أجلي أنا، وهذا زائد عن اللزوم، وأنا لست في هذا مخطئاً. يا لكبريائنا و وعدم تعقلنا.

الأب يوحنا ك .

550- إن أردت أن تكون متضعاً حقاً، إشته الإهانة والإضطهاد شهوة الجوعان إلى الطعام، لأنك بالعدل تستحقها وليس تنازلاً منك.

551 ـ إن أردت أن تكون متضعاً حقاً، فاعتبر نفسك دون الكل ومستحقاً أن تداس من الجميع، لأنك دست وصايا الرب، وامتهنت كلامه بأعمالك.

552ـ حينما تصلي وتسكب الدموع من أجل شعب الله ورعيته فلا تجعل أفكارك تمدحك ، بل قل: «لستُ أنا المصلي من أجل أولاد الله ولكن, الروح ذاته، الذي يئن في هو الذي يصنع في الشفاعة من أجلهم». لأن الروح في ذلك الوقت هو الذي يربطك برباط الحب الحلو، و يلهمك العباده والتقوى الصادقة . والذي يثبت لك ذلك هو أن حلاوة الصلاة وفرح القلب بالحب يستطيعان مفارقتك سريعاً رغم إرادتك. 

553- عدم إحساس القلب في الصلاة بحقيقة ألفاظها ينشأ من قلة إيمانه وعدم شعوره بخطيته ، وذلك ينشأ من إحساس خفي بالكبرياء . فبقياس الشعور أثناء الصلاة، يمكن للإنسان أن يدرك قياس اتضاعه. فبقدر تأثره ويقظته وحماسته لألفاظ الصلاة، يكون اتضاعه، وبقدر جموده و برودة الكلمات في فمه يكون كبرياؤه.

الأب يوحنا ك .

554 ــ إجعلوا الوداعة وبساطة القلب سلماً تنزلون عليه إلى أن تدركوا أقل أخ لكم في البشرية . وعليكم بالهدوء والتواضع والصبر حتى لا تغرقوا في بحر هيجان الغضب. إجعلوا هذه فيكم كما كانت في المسيح.

المطران فیلارت

555- رجل من وجوه مدينة الإسكندرية زهد في الدنيا ، فتوجه إلى دير شركة (أي المعيشة فيه مشتركة)، ولما فحصه رئيس الدير وجده رجلاً مستكبراً عاتياً ، فقبله، لأنه كان رئيساً حكيماً عالماً بطب النفوس. وقال له : « إن كنت تؤثر أن تحمل غير المسيح فأريدك أن تُحكم الطاعة قبل كافة الفضائل»، فأجاب قائلاً : ( كما يطيع الحديد الحداد هكذا أنا قد بذلت نفسي لطاعتك» . فأعطاه الرئيس تدريباً لتهذيب كبرياء نفسه : ، بأن يقف عند باب الدير و يركع لكل إنسان داخل أو خارج، و يقول له : «يا أبي صلَّ من أجلي لأني مصروع». فوقف هناك سبع سنين بلغ فيها حداً كبيراً من خشوع النفس، وتهذب بجمال التواضع، حتى أنه بعد مضي السبع السنين، ولما أراد الرئيس الحكيم أن يرفع عنه النير و يقدمه لرتبة الكهنوت لم يُرِدْ ذلك المغبوط ، الذي كان يُدعى إيسيذوروس، وتضرع كثيراً مستعيناً برهبان كثيرين وبحقارتى أنا أن يتركوه ليكمل معيشته تحت نير التواضع .

556- الوداعة والتواضع هما الصخرة الموضوعة على شاطىء بحر الغضب، التي عليها تتكسر أمواج ذلك البحر الهائج وهي ثابتة كالطود لا تتحرك.

الوداعة مفتاح باب المعرفة لأن الله «يعلم الودعاء طرقه» ..

في قلوب الودعاء يجلس الله ليحكم ، والنفس المنزعجة هي مجلس لإبليس وجنوده.

557ـ روح اليأس يفرح إذا أبصر الرذيلة متكاثرة، وروح العُجب والكبرياء يفرح إذا رأى الفضيلة وافرة، الأول يلد الجراحات والثاني يلد الموت.

 558 – ويحي … إذا صمت استحوذ العُجب عليَّ ، وإذا نقضتُ. صومي حتى لا يُعرف تدبيري استولى العُجب علي أيضاً. إذا لبست ثياباً بهية استحوذ العُجب علي، وإذا لبست الحقيرة غمرني العجب أيضاً.

متى تكلمت داخلني العُجب ، ومتى صمت انقهرت له أيضاً.

كلما طرحت عني هذا المثلث ذا الثلاث شُعَب ، تبقى له دائماً شعبة منتصبة !

من لا يضحك على المُعْجَب بذاته حينما يقف ليرتل : مرَّة تجده ضاحكاً، ومرة تجده عابساً ، ومرة تجده باكياً.

559ـ المبتدىء إذا احتمل السب والشتيمة يُعتبر شجاعاً . هكذا القديس إذا احتمل المديح والإطراء.

560 – إذا سمعت أن أخاً لك شتمك وأهانك في غيبتك أو حضورك ، فأظهر له حبك.

561 ـ ليس من يذم ذاته ويلومها هو المتضع ، لأنه من الذي لا يستطيع أن يحتمل نفسه ؟ وإنما هو متضع بالحقيقة ذاك الذي يحتمل تعيير ومذمة غيره، ولا ينقص حبه له !

562 – روح العُجب يسبق حضور أهل العالم، ويأمر رهبان الدير الفارغين من الحزم بالخروج إلى استقبالهم. ويجعلهم يلبسون وشاح التواضع فوق الكبرياء، فيخفضون الصوت و يطأطئون الرأس وعينهم إلى أيدي الواردين ليأخذوا منهم شيئاً . ويدعونهم سادة وأئمة و واهبين الحياة بعد الله ! ولكن روح العُجب والكبرياء قد سببا في كثير من الأوقات الهوان بدل الإكرام .

563 ـ حدث في جلوسي في مجمع من الناس أن وافاني شيطان العُجب وجلس بجانبي ، فلكزني قائلاً: حدّث الناس عن أعمالك في البرية ، فانتهرته مردداً قول داود النبي : « فليرجع المفتكرون عليَّ بأفكار ردية». فانبرى لي عن يساري شيطان الكبرياء قائلاً ما أحسن ما عملت وما أصوبه، لقد صرت عظيماً إذ قهرت أُمّي الخالية من الحياء . فأجبته أنا بقول :داود : « ليرجع بالخزي سريعاً جداً القائلون لي حسناً حسناً».

فلما استخبرت كيف أن شيطان العُجب هو أُمُّ الكبرياء؟ قيل لي : إن العُجب هو تزكية النفس وبداية ارتفاعها ، أما الكبرياء فهي التي تستلم النفس لترفعها إلى السموات لتحدرها إلى الأعماق. لهذا قيل : « الويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسناً».

564 – من شأن العجب أن يوسوس للنفس لتتشكل بالفضيلة التي ليست هي موجودة فيها.

565 ـ متى شعرنا بالعُجب ، علينا أن نقف للصلاة بالنوح والخشوع الرهيب على انفراد لكي نفرز هذا الروح الهدام.

566 ـ من حكمة الله أنه قد يسبق و يعطي السائلين ما يحتاجون إليه قبل أن يسألوه، لثلا إذا أخذوه نتيجة لصلاتهم فإنهم يسقطون في الكبرياء والعُجب.

567 ـ إبتداء الكبرياء هو انتهاء العُجب. حينئذ يزدري الإنسان بصاحبه، ويشهر أتعابه ويمدح نفسه في قلبه ويمقت التوبيخ.

568 ـ إن داء الكبرياء من عادته أن يستمد نموه من وراء كثرة الشكر الله ، فهو لا يشير علينا أن نجحد نعمة الله علانية من الأول. وقد رأيت كثيرين يشكرون الله بفمهم أما قلبهم فمملوء كبرياء واعتداداً بالنفس والشاهد لصحة قولي هو الفريسي القائل: «اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. » (لو 18: 11)

569 – قيل أن علل النفس اثنتا عشرة، إلا أن واحدة منها، وهي التعظم، إذا سقطت النفس فيه، أكمل موضع البقية.

570 ـ الإنسان المترفع يجاوب إجابة شديدة بلسان سليط، والإنسان المتذلل المنكسر لا يعرف أن يجاوب.

571 ـ الرجل المتعظم القلب يرتاح أن يترأس على غيره . ليت الله يرحمنا من هذا الداء ومن أدوائه (سقطاته ) المرة.

572ـ عاتب شيخ حكيم أحد الإخوة عتاباً روحياً . فجاوبه ذلك الأخ متعامياً : يا أبانا اغفر لي أنا لست متكبراً ! فقال له الشيخ الحكيم : يا ولدي وأي برهان لكبر يائك تعطيه لنا أظهر من هذا، مثل قولك أنا لست متكبراً ! إن من تكون هذه حالهم عليهم بالطاعة جداً.

573ـ نسيان الهفوات التي سقطنا فيها ينشيء الصلف. وتذكرها دواماً يجدد التذلل .

574- الشبح الباطل شيء آخر غير العظمة، ولكن يوجد بينهما رباط متين، فالأول هو البداية والثاني هو نهاية البداية.

575- السبح الباطل مصيبة مخفاة، يندس في كل عمل صالح وفي كل فضيلة ليفسدها . كالثعبان ينتظر الدجاجة حتى تضع بيضتها و يأتى ليسرقها . فهو ينتظر على المجاهد حتى ينموة نمو قليلاً في الفضيلة فيأتى و يفسدها . ويجعله شغوفاً بأن يكشف كل مقتناه الروحي.

576 ـ صوم ذي السبح الباطل ، بغير أجر ؛ وصلاته بلا ثمرة. فهو من أجل المديح يصنع كل شيء.

الأب يوحنا الدرجي

577 ـ إن شيطان الإنتفاخ والسبح الباطل لهو وجع دقيق، فهو لدقته لا يُضبط سريعاً ولا تُدرك بدايته ولا غايته كل الأوجاع والآلام ظاهرة واضحة تُدرك سريعاً ، لذلك فقتالها هين وسهل إذا ما تيقظت النفس للجهاد قبالتها . فأما الإنتفاخ والسبح الباطل فقتاله شديد وعسر، لأنه يصارع كل شكل وكل ترتيب و يدخل في كل الأمور في المشي وفي الكلام وفي الأكل وفي الصمت أيضاً، وفي السهر والصوم وفي الصلاة وحتى في القراءة والترتيل وفي طول الروح والصبر. فهو لا يهدأ بل يصوب سهامه لكل من انتصب في الفضيلة عسى يسلبه أجرة جهاده.

فإذا لم يصبه بفخر الملابس وزينتها ، فهو يصيده بحقارتها ورداءتها ؛ وإذا لم ينله عن طريق الكرامة ، يحاول أن يرشقه باحتماله الهوان والمسكنة ؛ وإذا لم يُصِبه بحسن الكلام والمنطق وإقامة الحجة، يحاول أن يطغيه بالصمت والسكون ؛ وإن لم يقدر أن يرخيه بكثرة الطعام، يطلب منه مدحة الصوم ؛ و بالإختصار فهو ينبري لكل مجاهد في كل عمل وكل ترتيب سواء بالجسد أو بالروح، ليُسقطه و يفسده منه، إن لم يكن بضربة شمال فبضربة يمين!

أما الجهاد ضد هذا الشيطان اللعين الذي هو الشبح الباطل والانتفاخ، فيتلخص في أن نحترس من أن نصنع شيئاً نطلب فيه مدحاً من الناس، بل ناظرين إلى الله مثبتين عزمنا واجتهادنا نحوه في كل عمل حتى ترافقنا معونة الله.

578- شيطان العظمة روح خبيث لا يصيب إلا البالغين في القامة الروحية ليهدم برج فضائلهم . كل الأوجاع تحارب في البدايات، ما خلا هذا الوجع الرديء ، فهو يصيب في النهايات، لذلك فضرره عظیم و گسرته شديدة. معروف أن شهوة البطن تضبط بالصوم والزنا بالعفة، وحب المال بالتجرد والفقر والغضب بالوداعة . فأما شر العظمة فهو إذا ملك على النفس البائسة ، يكون كالقائد المنتقم عندما يحاصر مدينة شامخة و يظفر بها فإنه يهدمها ويدلُّ أساساتها ! يشهد بذلك الملاك الذي سقط من السماء من علو رئاسته بسبب العظمة ! الذي لم يُرِدْ أن يسند الخير والقوة التي كانت فيه إلى خالقه بل شاء أن يجعلها لنفسه. وفي ذلك يبكته النبي قائلاً: «كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح ! كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم . وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسيي فوق كواكب الله … أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي ! لكنك انحدرت إلى الهاوية، إلى أسافل الجب !» (إش 14: 12 – 15)

ونبي آخر يقول : « لماذا تفتخر بالشر أيها القوي … أحببت الشر أكثر من الخير … لسانك غاش لذلك يهدمك الله إلى الأبد وينفيك من مسكنك ويستأصلك من أرض الأحياء . يبصر الصديقون فيخشون و يضحكون عليه، هذا هو الذي لم يجعل الله له عوناً ولكنه وثق بكثرة غناه، وتقوى على مسكنتنا بباطله . » (مز52)

إذن، فلنحذر من شيطان العظمة وترفعه المهلك الذي يجلب الموت علينا، قائلين مع القديس بولس الرسول : « لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة الله لا منا.» ( 2كو 4: 7)

وأيضاً «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يو15: 5) ، و «إذا لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون» (مز 127: 1 ، وأنه «ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى بل الله الذي يرحم .» (رو 9: 16)

لأنه مهما كان اجتهادنا واشتياقنا، فما دام اللحم والدم فينا فلن نبلغ إلى فضيلة ما إلا برحمة المسيح ومواهبه ، كما يقول القديس يعقوب الرسول : «كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار. » (يع 1: 17)

وآباؤنا لما علموا ذلك يقيناً قالوا: «ليس من سبيل إلى وضع أساس متين من الفضائل إلا بالا تضاع وانسحاق النفس.»

الأب يوحنا كاسيان

579 ـ مُحبُّ المديح يتخيل أسباباً للمديح ( أي ليمتدح بها ) . والمتواضع هو الذي إذا امتدح لا يستريح قلبه بالمديح.

580 – من يقوم الآخرين باستعماله الغضب ليس متواضعاً . 

581- المضبوط بأمور هذا العالم الزائل والمرتبط ولو بشيء منها ، لا يستطيع أن يكون متواضعاً ولا نقي القلب. لأن المتواضع يكون ميتاً للعالم، والعالم ميت له ، فلا يستميل قلبه إلى محبة شيء.

لذلك إن أردت أن تكون متواضعاً، فأول كل شيء حلّ نفسك من أمور العالم، واتبع الله بالرجاء والإيمان والحب وعوض العالم الذي تركته تأخذ حياة لا تزول.

582ـ في الوقت الذي تكون فيه ضعيفاً وغير قادر على عمل الخير بسبب مرض أو عارض، استعمل الإتضاع مثل العشار، وتقدم بصلاة منكسرة، تلك التي بها يتبرر الإنسان عند الله بدون عمل .

583 ـ إذا كانت نفسك محتقرة في عينيك، حينئذ سوف تخضع لك جوقات الشياطين، وينفتح ينبوع المعرفة داخلك.

584- ما دمت في هذه الحياة، احتقر ذاتك بذكر خطاياك على الدوام، واعترف بها قدام الله الرحوم بانسحاق ، فيتولد لك من هذه دالة القلب قدام الله .

585ـ يستحيل أن يترك الله قلباً منسحقاً بدون عزاء.

586ـ الذبيحة الله هي روح منسحق وقلب منكسر. والغريب عنها غريب عن رحمة الله.

587 – وإذا وثق قلبك بعملك وفهمك ، فاعلم أن مجيء التجارب قريب منك !

588 – يسمح الله بالتجارب والعوارض لتأتى على الناس حتى القديسين لكي يدوموا في التواضع .. فإذا قسَّينا قلوبنا تجاه العوارض والتجارب يشدد الله التجارب ويصعبها . أما إذا قابلنا التجارب باتضاع وقلب منسحق ، فالله سوف يمزج التجربة بالرحمة.

589- إذا النعمة نظرت فوجدت أن قلب الإنسان ابتدأ يتحرك بفكر العظمة أو الإعتداد بالنفس، تتخلى عنه قليلاً ليمتحن بصعوبة الوقوف وحده قبالة التجارب.

590ـ بواسطة التجارب ندنو من الإتضاع، ومن يدوم بلا أحزان أو تجارب ، باب العظمة والكبرياء مفتوح أمامه.

591ـ لا يرفض الله إنساناً ما و يكرهه إلا إذا وجد عقله قد امتلأ بأفكار العظمة والإفتراء، فيقع حتماً في إحدى مصيبتين : إما الزنى أو التجديف. فمن يتعظم بفضيلته حتماً يقع في زنى نجس، ومن يتعظم بجودة العقل والعلم يقع في التجديف على الأمور الإلهية.

592- ليس من فكر بأفكار العظمة هو المتعظم بل من يثبت فيها . لأن مجرد الفكر العابر يكون بغير شهوة و يتبعه ندامة وحزن و يكون بسبب ضعف الطبيعة، أما الثبوت في العظمة فيكون من وقاحة المتعظم ومن مديح الناس.

593- إن نعمة الله تقف على الدوام على بُعد وتنظر في الإنسان على الدوام أثناء الصلاة، فإذا تحرك فيه فكر اتضاع فإنها في الحال تدنو منه ومعها ربوات المعونة ، وذلك يكون في وقت الصلاة أكثر من بقية الأوقات !

594ـ إذا عملت فضيلة ولم تحس بلذتها ومنفعتها فلا تتعجب ، لأنه إن لم يتضع الإنسان لا يأخذ مكافأة عمله.

595ـ من الأحزان يـتـولـد الإتضاع، وبالاتضاع تُعطى المواهب . فالمواهب لا تُعطى إذن للأعمال ولا للأحزان بل تُعطى بسبب الإتضاع المتولد منها . 

596 – قبل السقوط الكبرياء، وقبل المواهب الإتضاع.

597 ـ من أحب العظمة لا يعرف الندامة .

598ـ المتضع لا يكون محسوباً في نظر نفسه، ولا يجب أن ينفرد وحده بفعل شيء من الأمور.

599- إعلم أن قيامك في العفة والفضيلة ليس هو من حرصك ولا من فضيلتك ، بل أن النعمة حاملة إياك على راحة يدها لئلا تتحرك فتزل . أذكر هذا دائماً ، وإذا تعظم فكرك فقل : «أبانا الذي في السموات … وابك، واحزن ، وانتحب، وتمرغ على الأرض بوجهك ، واذكر زلا تك لعلك تنجو من هذا الفكر وتقتني الاتضاع ، ولا تقطع الرجاء قط بل اعلم أنه بمجرد أن يملأ عقلك فكر اتضاع، حينئذ تغفر لك خطاياك بغير عمل ! وكم من خطايا عظيمة صعبة استطاع الإتضاع أن يرفعها!

600ـ ليس لنا أن نحسب كل إنسان متواضعاً كيفما اتفق وليس كلُّ مَنْ طبعه هادىء ووديع ومسالم بلغ إلى درجة الإتضاع، بل المتواضع الحقيقي من يوجد في نفسه شيء مخفى يستوجب الإرتفاع، لكنه لا يتعظم بل يكون في أفكاره كالتراب والرماد.

601 ـ كذلك ليس من يذكر زلاته وخطاياه لكي يتواضع يسمى متواضعاً ـ وإن يكن ذلك حسناً جداً ـ إلا أنه يدنو فقط من التواضع ويحاول أن يصل إليه. أما المتواضع الحقيقي فلا يحتاج إلى أن يقنع ذاته أو يغصب فكره للشعور بالتواضع أو خلق أسبابه ، بل قد صار طبيعيا عنده أن لا يحسب ذاته شيئاً بلا تعب، وكخاطىء مرذول في عيني نفسه ؛ ومع أنه يكون متداخلاً في أسرار الروح العميقة يبقى في نظر نفسه كمن لا يعرف شيئاً.
إنها قوة سرية وهبة للكمال تُعطى لتكميل الفضائل بلا تعب . 

602ـ إن سأل إنسان : ماذا أصنع لأكون متواضعاً ؟ أقول له : ينبغي أن يكون التلميذ كمعلمه والعبد مثل سيده ، ومن قال ذلك هو الذي يقدر وحده أن يعطيك . فتشبه بذلك الذي قال : « للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار ، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه . » (مت 8: 20)

603ـ لا تعتمد على قوتك لئلا تُترك لضعف طبيعتك فتعرف ضعفك من سقطتك ، واعلم أن كل أمر يفتخر به الإنسان يسمح الله تعالى بتغييره ليتواضع.

604 – إن حقرت نفسك لكي يكرمك الناس، فالرب يفضحك ! وإن أنت از دریت بذاتك واحتقرت نفسك وأعمالك في قلبك بالحق من أجل الحق، فالله يوحي إلى جميع خليقته لتكرمك.

605 ـ الإعجاب بالذات يجعل صاحبه لا يفهم أنه سائر في الظلام، فلا يدرك حكمة الروح الحقيقية فيتعظم على الناس وهو أحقر منهم. والرب يخفي عنه إرادته لأنه لم يؤثر أن يسلك في طريق المتواضعين.

606ـ حقاً ، يا رب، إنك لا تكف عن تذليلنا بشتى التجارب والأتعاب إلى أن تتضع نفوسنا !

مار إسحق السرياني

607 ـ فيا أولادي ما هو الذي أخوّجَ ربنا يسوع المسيح حتى شد وسطه بمنديل وشمر ساعديه وصب ماءاً في مغسلة وغسل أرجل الذين هم دونه ، إلا ليعلّمنا الاتضاع بهذا المثال الذي صنعه . . فكل الذين يريدون الرجوع إلى رتبتهم الأولى لا يمكنهم ذلك إلا بالإتضاع.

608 ـ قد قيل عن دبورة أنه لما حصل لها من الله تلك الرفعة العظيمة حتى تدير الشعب جميعه لأنها كانت قاضية لإسرائيل، لم يرتفع قلبها ، بل كانت تذكر طقس النساء وتقول أن الرجل رأسها . فلما أرادت أن تحارب سيسرا الملك أرسلت لباراق وأعطته السلطة لكي يمضي ويحارب سيسرا، ولكن القديس باراق لم تضله هذه الكرامة ولا نسي تدبير الله ، بل قال لها : إن كنتِ تنطلقين معي فأنا أنطلق. لأنه كان يعلم أن الله معها . فانظروا يا أولادي كيف أن كلاً منها كان يعطي الكرامة للآخر.

609ـ ربنا يسوع المسيح نفسه قال . عن ذاته أنه جاء ليخدم !

610- إعلموا يا أولادي، أن كثيرين يسعون للإتضاع، ولكن ليس بحقيقة قلوبهم . فهم بظاهرهم يتضعون أمام الناس وفي داخلهم لم يصلوا إلى الإتضاع الحقيقي . لأن الإتضاع الحقيقي يكمل حينما يحل الله فينا ونراه كإشعياء الذي لما رآه قال : الويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين.» (إش 6: 5)

611 – جميع الخطايا مرذولة أمام الرب وبالأكثر كبرياء النفس . يا أحبائي بكتوا نفوسكم وحدكم، واعترفوا بخطاياكم ودنس نفوسكم، لكي يرفعكم الرب.

612 – يسوع المسيح قال: «مجداً من الناس لست أقبل». وأكمل القول في موضع آخر أن: «ويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسناً». إذن ، فلنجاهد نحن حتى إلى الموت ضد روح المجد الباطل. إهرب أنت يا حبيبي، من مجد الناس ومديحهم، فقد مات كثيرون من جراء ذلك، وتحول جهادهم وتعبهم وصلواتهم وصدقاتهم إلى خزي وعار. فإن كنت متضعاً فلا تجر نحو الأعمال العظيمة ذات الفخر بل اهرب منها ، واختر لنفسك مسكنة القديسين وانسحاقهم لكي يدركك كلام الله : «طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السموات . » (مت 5: 2)

أبا أنطونيوس الكبير

ملخص المبادىء الهامة :

(1) عمل النعمة في النفوس المبتدئة يكون قليلاً وبقدر محدود، لئلا يسقط الإنسان في الغرور والإعتداد بالذات.

(2) الله يسمح لأولاده بالمحن والتجارب لتتنقى نفوسهم من الكبرياء، ويجذبهم إلى التواضع والإنسحاق. أما من يتضجر منها ولا يحتملها تزداد وتتضاعف عليه.

(3) الصلاة المنسحقة لها قوة وفاعلية كبيرة، فتُستَجاب في الحال كصلاة العشار، وتجلب رحمة الله ومعونة النعمة.

(4) المواهب والمكافأة لا تُعطى من أجل الأعمال، بل بسبب الإتضاع والحب الذي عملت لأجله.

(5) روح الكبرياء يجعلك تعتبر كلام الوعظ والصلاة أنه ليس لك وأنك بريء من الخطايا.

(6) إنسحاق النفس يجعلك تشتاق إلى احتمال الإهانة والتوبيخ ، لا تنازلاً منك ، بل كمستحق لها.

(7) إنسحاق الروح لا يتفق البتة مع الغضب والأخذ بالثأر ومقابلة الشر بالشر.

(8) الإجابة القاسية واستعمال الكلمات اللاذعة الشديدة دليل كبرياء النفس.

(9) إنسحاق الروح لا يتناسب مع التأنق في الملبس وزينة الجسد الخارجية.

( 10 ) البرودة في الصلاة دليل عدم الشعور بالخطايا ، وهذا الكبرياء الخفية.

( 11) الإفتخار بالتقدم في حياة الفضيلة هو ضد روح الإنسحاق فالقديسون كلما ازدادوا في الفضيلة ازداد شعورهم بالعجز والنقص وصارت نفسهم مرذولة لديهم جداً.

(12) ليس من يذم ذاته ويلوم نفسه هو المنسحق، بل الذي يحتمل المذمة من الآخرين و يسمع ملامته ولا يتغير قلبه. 

(13) الإعجاب بالنفس هو بداية الكبرياء، وسببه محبة النفس وسماع المديح .

(14) النفس المعجبة بذاتها تتصنَّع فضائل ليست موجودة فيها.

(15) الصلاة الحزينة المنسحقة وتعيير النفس بخطاياها هو علاجها الوحيد من العجب والخيلاء.

(16) حب الرئاسة يعمي قلب المتعظم ، وعلاجه عند الله بسقطة مرة .

(17) القلب الحساس للهفوات والحزن عليها والكثير المحاسبة لنفسه، هو قريب من الإتضاع.

(18) المفتخر بالفضيلة، ولو في قالب الشكر لله ، قد لمسه شيطان الإعجاب بالذات ؛ ومصيره السقوط إن لم يكف عن طلب مديح الناس، ويضع خطاياه أمام عينيه .

(19) المنسحق النفس لا يستريح إلى مديح الناس.

(20) إذا كرمت نفسك احتقرك الله والناس . وإذا احتقرت نفسك كرمك الجميع .

(21) إذا حقرت نفسك لكي يكرمك الناس فالرب يفضحك .

(22) المنسحق النفس لا يُقدم على عمل يميزه عن غيره .

(23) كل أمر يفتخر به الإنسان يسمح الله تعالى بتغييره ليتواضع هذا الإنسان.

(24) الرب يخفي إرادته عن المتعظم .

(25) الرب لا يكف عن إذلالنا بشتى التجارب والأتعاب إلى أن تتضع نفوسنا .

(26) ليست العظمة أو الكبرياء مجرد الفكر الذي يعرض لنا ثم يزول، بل هي محبتنا للعظمة وميلنا إلى الإرتفاع .

(27) المتواضع الحقيقي من يوجد في نفسه شيء مخفى يستحق و يستوجب الرفعة، ولكنه لا يتعظم بل يكون في أفكاره مثل تراب ورماد.

(28) المتواضع الحقيقي لا يحتاج أن يقنع ذاته أو يغصب فكره للشعور بالتواضع أو خلق أسبابه. بل قد صارت طبيعته متواضعة وحقيقة نفسه منسحقة وبلا تغصب يحسب نفسه دائماً لا شيء .

(29) إنسحاق الروح يكون في البدء صعباً وشاقاً، وبعد ذلك ترتاح له النفس جداً ولا ترضى أن تحيد عنه.

(30) الرب غسل أرجل تلاميذه، فماذا عملت أنت ؟ يسوع المسيح قال : « مجداً من الناس لست أقبل» ، أفتقبل أنت ؟ يسوع المسيح قال : «ويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسناً» (لو6: 26) ! فهل تريد أن يمدحك الناس ؟

زر الذهاب إلى الأعلى