أحبوا أعداءكم
“أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم” (مت 5 : 44)
هذه الآية هي علم المسيحية الخفاق ، ودرة الإنجيل ، وسلاح المؤمن ، وأساس الطريق الضيق المؤدي للحياة الأبدية ، في وقفة شامخة أمام العداوة والبغضة والإساءة .
أحبوا أعداءكم : هذا النوع من المحبة لا يدركه العالم ، ويجحده كل من هو ليس مسيحياً . فالعدو يصب غضبه ونقمته على المسيحي ، والمسيحي بدوره يصب محبته على رأس العدو .
باركوا لاعنيكم : هو يلعن وأنت تبارك ، والعالم يصفق للأول ويغض النظر عن الثاني . هو يأخذ ما ليس له ، وأنت تخسر ما لك . وفي النهاية لا يوجد الأول ويتجلى الثاني . الأول يفرح به الشيطان ، والثاني تهلل له الملائكة ، هو يلعن بلا سبب وأنت تبارك لأنه يلعنك ، فاللعنة تثير عند الإنسان المسيحي ذكريات المصلوب . هو يتمادى في اللعنة ليرتاح قلبه ، وأنت تتمادي في البركة لترتاح على صدر المسيح . ومصير اللاعن تصفيق الناس ، أما مصير الذي لُعن فميراث المصلوب .
أحسنوا إلى مبغضيكم : البغضة غريبة عن مشاعر المسيحي ، فالبغضة تشعلها نار جهنم ، وجهنم أطفأها المسيح على الصليب فخرجت من دائرة المسيحي . أما الإحسان فينبع من المحبة ، والمحبة فيض من الصليب ، والصليب تعبير عن محبة صلبت ذاتها حباً في الذين أحبتهم كفدية للنجاة من خطية وموت ودينونة عتيدة .
فإزاء بغضة العدو ، تتقدم الحسنة لتطفئ غضب المبغض الذي لا يعرف الرحمة . وإذا سأل الباغض المحسن ، لماذا تحسن إلي وأنا أهنتك وضربتك ، يرد المحسن لأني أحبك بلا سبب ، كما أحبني المسيح وصلب ذاته من أجلي ومن أجل من أساء إليه .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين