هوذا الاستماع

 

“هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة” (1 صم 22:15)

أعلن الله مراراً أنه لا يقبل صلاة ولا صوماً أو ذبيحة ؛ إلا بمقتضى أوامره انا وحسب قوله. لأن العبرة ليست في هذه الأشياء بل إتباع أوامر الله ظاهراً  وخفياً.

وقد يتهيأ للفكر البشري العاجز أن الله يُسترضى بمجرد الصلاة أو الصوم الشديد والتذلل أو بالذبائح والعطايا .. ولكن هيهات . فيستحيل أن لا يقتحم الإنسان الله ، لابد أولاً رجوعه عن طرقه الرديئة وخضوعه وطاعته لأوامر الله طاعة عملية من كل القلب ؛ وحينئذ تُقبل عبادته وصلواته وتقدماته.

فمهما قدَّم الإنسان من أنواع العبادات ، لا تفيده شيئاً إذا كانت بروح التفضل على الله ، أو كانت بروح القوة والاقتدار ، أو بإحساس التفوق في البذل . بل يلزم أن تكون بروح الطاعة وإحساس إنسان خاضع يُنفذ وصایا الله بكل اتضاع وأمانة.

والإنسان لا يجني في حياته من ممارساته للصلوات والأصوام وأنواع الطقوس المختلفة قيمة روحية خالصة ، إلا في اعتباره إنساناً مطيعاً لأوامر الله ووصاياه.

وفي الحقيقة إن الذي يُقرب الإنسان إلى الله ، والذي يرفع روحه فوق مستوى الطبيعة الجسدية والعقلية ، والذي يُطهر ضميره ويقدس نفسه ليست الممارسات الطقسية ؛ سواء كانت بسيطة تافهة ، أو حاذقة متقنة ؛ وإنما طاعته لله وأمانة حبه له.

بهذا نرى طريق الخلاص مفتوحاً أمام كل إنسان ، كل واحد على قدر طاقته يجاهد لتتميم وصايا الله . ولكن الإكليل لا يكون بمقدار الجهاد ؛ ولكن بمقدار طاعة الجهاد وبساطة الإيمان وبر الله وصلاحه. 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى