أطلب إليكم برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية
“أطلب إليكم برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله” (رو ۱:۱۲)
نحن مدعوون أن نعتبر أنفسنا ذبائح الله حية على الدوام ، أمواتاً عن العالم وأحياء للمسيح . والذبيحة ، يا صديقي ، ليس لها سلطان على نفسها ولا على جسدها، هي فاقدة لملكيتها لذاتها، وهي تقدست للرب ، وللرب تحيا وتعيش.
والتقديس هو الإفراز من العالم والتخصص لله والحفظ بلا دنس لكي تكون ذبيحة حياتنا طاهرة بلا لوم أو عيب أي مقدسة لله. وهذا لابد أن نطالب به بسبب اتحادنا مع المسيح، بل إن هذا مُسجل لنا تسجيلاً من قبل تأسيس العالم : “كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين ، وبلا لوم ، قدامه في المحبة” ( أف 1 : 4 ).
والرسول حينما يُطالبنا أن تكون أجسادنا ذبيحة مقدسة ، فهو لا يغالي في مطلبه ، ولا يتشدد علينا ظُلماً؛ بل هو يطلب ذلك لأنه يرانا كذلك بالحق والفعل، فهو في الحقيقة يطلب منا ذلك لا لنعمله ولا النجاهد فيه ؛ بل لأنه قائم متمم فينا بتقديس الكلمة وتقديس المعمودية وتقديس الدم وتقديس الروح القدس . وكأن الرسول بولس يُنبهنا فقط أن نكتشف ما فينا، ومن ثم نكون على مستوى ما صنعه الله فينا.
والذبيحة المرضية لله هي النهاية والنتيجة لكونها الذبيحة ” مقدسة ” ، فالذي تخصص لله بالكمال ، أي تكرس له ؛ فهو بالضرورة مرضي عنده. والنبي داود يقول : إن « الذبيحة الله هي الروح المنكسرة » ، هي الإنسان في أصدق مواقف اتضاعه.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين