تفسير رسالة رومية اصحاح 6 للأنبا أثناسيوس

الاصحاح السادس

يرتبط الاصحاحان السادس والسابع بوجود ثلاثة أسئلة يناقش فيها الوحي فكر المؤمن “أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة” (رو6: 1) ، “أنخطئ لأننا لسنا تحـت النامـوس بـل تحت النعمة” (رو6: 15) ، “هل الناموس خطية” (رو7: 7) ان هذه الأسئلة تشبه ما يقوله بعض فتيان أشقياء كانوا يلعبون ويهملون النظافة لأنهم يسكنون بيتاً مهدماً متسخ الحوائط ، قام عليه أبواهم واقتـرضـا مبلغاً بتعب وأصلحا المسكن جيداً ودهنوا حوائطه وصـار جميلاً للأقامة . فيجلس الأولاد ويقول أحدهم ما دام اتساخ البيت قد جعل والدينا يوجـدان المال اللازم ويجددانه ، فـمـا أحلى أن يسكن الأولاد في مسكن مهدم لكى ينشط الكبار ويبذلوا الجهد اللازم في الإصلاح . وقال الثاني يمكننا الآن أن نلعب بحرية لأن البيت نظيف ولن يتأثر بلعبنا فدخلت عليهم الأم وقالت لم يكن البيت سبب توسيخ ملابسكم . البيت الآن يجب أن يعطى سعادة ، ويحفز على النظافة ، وشكر الله عليه .

السؤال الأول رو6: 1 – 14 أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة ؟

أليس السكن في مسكن مهـدم يحفز الكبار على الاجتهاد لتجديده ؟ الذين عانينا من الخطية وها الآن متنا عنها كيف نحبها وندعى أنها تظهر نعمة الله . إن قلنا هذا فإننا . نريد أن الله ونتجاهل ما حصلنا عليه . أما الله فكأننا أن نصلبه ثانية أو على الأقل نسبب له حزناً شديداً “لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس ، وذاقوا قوات الدهر الآتى ( الحياة الحقيقية الأبدية ) وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه” ( عب6: 4 – 6) . أما تعبير لا يمكن تجديدهم فيعنى لا يمكن تعميدهم مرة أخرى ، لان المعمودية هي مشاركة الرب في دفنه وقيامته وهذا حدث مرة واحدة . أما ما يتعلق بموضوعنا هنا فيعنى أن لا يجوز لنا نعود للخطية لأننا و كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمد حاشا . نحن ونتعب أنفسنا نتعب نريد بعد أن اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمير الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحـيـاة ( الحـيـاة الـجـديدة ) عالمين أن المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت أيضاً …. إذا لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواتها … قدموا ذواتكم الله كأحياء من الأموات (رو6: 3-13) ، لأنه الآن قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس . معلمة أيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتـقـوى في العالم الحاضر . ( تی2: 12) فالجواب على السؤال الأول أننا قد نلنا السعادة ولا يجوز أن نعود للفساد ، ويجب أن نقدم ، أعضاءنا آلات بر الله  رو6: 13.

السؤال الثاني رو6: 15 – 7 : 6 أنخطئ لأننا لسنا تحت الناموس بل تحت النعـمـة

( أليس لنا أن نلعب الآن بحرية لأن البيت نظيف ) قد يرتكب إنسان خطية لأول مرة ويكون متهيباً ويصارع مع ضميره كثيراً قبل وبعد ارتكابها . ولكن التعود عليها يسهلها . ولذلك حتى بعد التوبة يلزم الانسان أن يقف ضد الخطيئة موقفاً حازماً ، لأن مجرد تذكرها قد يثير الرغبة فيها ، كقولنا في القداس . وهنا بعد نوال النعمة يأتى الشيطان ويحاول أن يوقع الإنسان في الخطيئة القديمة أو غيرها . ومن الحجج التي يقدمها ان الإنسان قد صار في عهد النعمة وليس في العهد القديم ، الذي كان فيه العقاب والشدة ، أما المسيح فحلو ورحيم ودمه يطهر من كل خطية يرتكبها أولاده . عجبا ! حجة للانسان النظيف أن يتسخ ، ولمن عولج مرة حادث قد تسبب فيه كـالتـهـور في قيادة السيارة من يعود للإتساخ أو للتـهـور . العادة تتكون وتسهل بالتكرار . وما هي إلا عمل نلتزم بأدائه في البداية وقد نغصب أنفسنا على أنجازه مثل تنسيق المنزل أو إتقان عمل الطعام أو غير ذلك فإن البنت إذا التزمت بادائه أتقنته وسهل عليها . فالعادة السيئة أو الخطيئة تأخذ نفس المسار ، وإن كان الشيطان يزينها ويسهلها يسقط فيها الانسان ولكن الروح القدس يساعد على العمل الصالح فيتحول إلى عادة طيبة سهلة . وهذا هو السبب في أن طاعة الناموس المسيحى تصعب على من لم يطلب النعمة وقوتها.

الذين لم يذوقوا النعمة يجدون صعوبة في محبة الأعداء ووقـفـة الصلاة والتسامح وما شابهها من مقتضيات السلوك المسيحى . وأما الثابتون في النعمة فيجدون في كل ذلك سعادة وسهولة مهما انتقدهم الغير والوحى هنا يقول « كنتم عبيداً للخطية ولكنكم أطعمتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتوها . وإذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر ، ويكرر ذلك ، وأما الآن إذ أعـتـقـتـم من الخطيـة وصـرتـم عـبـيـداً لله فلكـم ثمـركم للقداسة والنهاية حياة أبدية » (رو6: 17 – 18 و 22).

 في الرد على هذين السؤالين استعمل الرسول ثلاث صور ، الأولى الموت والقيامة وطالبنا “احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا …” (رو6: 11 – 13). ثم صورة العبيد 6: 15 – 23 ، ثم ينتقل إلى المرأة المتزوجة . وهذه الصور سهلة القبول على عقلية ذلك الزمان الذي كانت الثقافة الرومانية فيه قانونية . فأولا من يموت تسقط عنه مسئولياته ، فأن كان قد ارتكب جريمة فأنها تسقط بموته – وهو كميت لا يطالب بحق . فالمسيحى قد مات وقام مع المسيح فليس للخطية حق فيه “احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية” ولكن لأنه قام فعليه أن يقدم ذاته وأعضاءه بالأرادة آلات بر الله .. .

وظروف العـبـيـد في القانون الروماني في ذلك الوقت كانت قد تحسنت . فلو نال مالا عن بعض الأعمال ، له أن يشترى حريته من سيده أن وافق . ولكن العبد ملك لسيده إلى أن تشترى حريته . وقد وردت كلمة عبد في الفقرة القصيرة 6: 15 – 23 ثمان مرات . ولذا يبين أن القارئ كان عبداً للخطية وتحرر منها بغير مجهوده إذ إقتحم غيره سلطان سيده الذي هو الخطيئة والشيطان وحرره منه ، فلا يجوز أن يعود إلى العبودية مرة أخرى.

تفسير رومية – 5 رسالة رومية – 6 تفسير رسالة رومية تفسير العهد الجديد تفسير رومية – 7
 الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف
تفاسير رومية – 6 تفاسير رسالة رومية تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى