الرسائل الفصحية للقديس أثناسيوس الرسولي

الرسالة الفصحية العاشرة

عيد القيامة 30 برمهات 54ش
26 مارس 338م

الضیق لا یمنعني من مراسلتكم

إخوتي… بالرغم من أنني أسافر كل هذه المسافة من أجلكم، لكنني لا أنسى تلك العادة التي تسلمناها من الآباء، لهذا فأنني لا أصمت غیر مخبر إیاكم عن موعد العید المقدس…
فأنه وإن كان قد عاقني أولئك الذین صبوا على الأحزان التي سمعتم عنها، وبالرغم من التجارب التي لحقت بي، وبعد المسافة التي تفصل بیني وبینكم، وبینما یتتبع أعداء الحق خطواتنا ناصبین لنا الشباك حتى یعثروا على رسالة منا یزیدون بها من جراحاتهم باتهامنا؛ وفي هذا كله یعزینا الرب ویقوینا في شدائدنا، لهذا فأننا مهما كنا وسط مؤامرات یدبرونها حولنا، غیر أننا لا نخاف من أن نعلمكم ونخبركم بعیدنا الذي للقیامة المنقذ، حتى ولو كنا في أقاصي الأرض.

كذلك عندما كتبت إلى كهنة الإسكندریة، طلبت منهم أن یرسلوا إلیكم هذه الرسائل تحت إشرافهم، رغم معرفتي بالمخاطر التي تحیط بهم من الأعداء. إلا أنني قد أوصیتهم أن تكون لهم الشجاعة الرسولیة في الحدیث قائلین: لا یفصلنا عن المسیح شدة أو ضیق أو اضطهاد أو جوع أو عري أو تجارب أو سیف [1]

وإذ أنا أحفظ العید، أشتاق أن تحفظوه أنتم أیضا یا أحبائي.
وإذ أشعر أنه من واجبي على أن أعلن لكم هذا العید، لهذا لم أتأخر عن أن أقوم بهذا العمل حتى لا توبخني الوصیة الرسولیة القائلة “فأعطوا الجمیع حقوقهم”2]

سأعبر معكم رغم ابتعادنا بالجسد

  وإذ قمت بكل أعمالي تجاه االله، كنت شغوق أن أعید العید معكم، غیر معط حساباً ا لبعد المسافة التي بیننا. لأنه وإن كان المكان یفصل بیننا، لكن الرب واهب العید الذي هو نفسه عیدنا[3] والذي هو واهب الروح القدس[4] يجمعاً معاً في الفكر والرأي وفي رباط السلام[5] لأننا جميعاً مشغولون بنفس الأمور، ونقدم نفس الصلوات من أجل بعضنا البعض. لذلك لا یستطیع بعد المكان أن یفصل بیننا، إذ یجمعنا الرب ویوحدنا مع بعضنا البعض.

لأنه إن كان قد وعد قائلاً بأنه إن اجتمـع اثنـان أو ثلاثـة باسـمه یكـون فـي وسـطهم، فأنـه مـن الواضـح أنـه إذ یكـون الـر ب فـي وســط أولئـك المجتمعـین مـع بعضهم الـبعض فـي كـل مكـان (رغــم بعد المكـان عـن بعضــهم الــبعض)، فأنــه یوحــد بیــنهم ویقبــل صــلوات جمیعهم، كما أنهــم لو كانوا مقتـربین معاً، وينصت إلى الكل كأنهم یصرخون بفم واحد قائلین “آمین”!
أنني أحتمل أحزاناً كهذه، وتجارب مما قد أشرت إلیكم عنها یا أخوتي…

في الضیق یتمجد االله

ولكي لا أضایقكم بالمرة، أرید فقط أن أذكركم باختصار، لأن الإنسان لا ینسى ما یذوقه من آلام في التجربة… حتى لا یكون الإنسان غیر شاكر فیبتعد عن الاجتماع الإلهي. لأنه لا یوجد وقت فیه یمجد الإنسان االله مثل الوقت الذي فیه تعد الضیقات، ولا یوجد وقت یقدم فیه الإنسان التشكرات مثل الوقت الذي فیه یجد الراحة بعد التعب والضیق.
فحزقیا عندما أهلك الأشوریین سبح الرب شاكرًا قائلاً “الرب لخلاصي. فنعزف بأوتارنا كل أیام حیاتنا في بیت الرب”
والثلاثة فتیة الأبطال الطوباویون الذین جربوا في بابل. حنانیا ومیصائیل وعزاریا، عندما صاروا في أمان وأصبحت النار بالنسبة لهم مثل الندى، شكروا االله مسبحین إیاه وممجدینه.
وأنا أیضا كتبت إلیكم یا إخوتي، واضعاً هذه الأمور في ذهني، لأن االله إلى أیامنا هذه لا یزال یصنع أموراً هي في نظر البشر مستحیلة. وما لا یستطیع البشر أن یفعلوا، مستطاع لدى االله… ألا وهو أن یحضرنا إلیكم، ولا یسلمنا كفریسة في فم أولئك الذین یریدون أن یبتلعوننا…

االله هو شبع الجمیع

ً االله الصالح یضاعف حنو محبته لنا، لیس فقط عندما وهب الخلاص للعالم خلال حكمته، بل أیضا عندما یضطهدنا الأعداء (الأر یوسیین) ویمسكوا بنا، وذلك كقول الطوباوي بولس عندما كان یصف غنى محبة المسیح غیر المدركة قائلاً “االله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثیرة التي أحبنا بها. ونحن أموات بالخطایا أحیانا مع المسیح” لأن قدرة الإنسان وكل الخلائق ضعیفة وفقیرة، أما القدرة التي هي فوق الإنسان، غیر المخلوقة، غنیة وغیر مدركة، لیس لها بدایة بل هي سرمدیة.
لا یستخدم االله طریقة واحدة للعلاج، بل بكونه غنیًا یستخدم طرق كثیرة لأجل خلاصنا بكلمته، الذي هي لیس بمحدود ولا مقید ولا معوق في طرق علاجه التي یقدسها لنا، إنما هو غنى، وقادر أن یشكل نفسه حسب احتیاجات وقدرة كل نفس.
إنه كلمة االله وقوته وحكمته كما یشهد سلیمان عن الحكمة قائلاً :”  وهي واحدة وقادرة على كل شيء وثابتة في ذاتها ومجددة الكل ومنتقلة إلى النفوس القدیسة في أجیال الأجیال وتجعل أحباء وأنبیاء لله” (حك٢٧:٧)

فبالنسبة للذین لم یبلغوا بعد طریق الكمال، یكون (الكلمة) بالنسبة لهم ( ١ كو ٢:٣ ) كقطیعٍ یقدم لهم لبناً .وهذا ما خدم به بولس إذ یقول “سقیتم لبنًا لا طعام”.
أما بالنسبة للذین تقدموا وتعدوا دور الطفولة الكاملة، ولكنهم لازالوا ضعفاء إذ هم یطلبون الكمال، هؤلاء أیضا یكون (الكلمة) بالنسبة لهم كطعامٍ قدر طاقة احتمالهم. وقد خدم به بولس أیضاً، إذ قال “أما الضعیف فیأكل بقولا ً” ( رو ٢:١٤ )
وبالنسبة للإنسان الذي یبدأ في السلوك في طریق الكمال، فإنه لا یعود یأكل من الأشیاء السابقة بل یكون “الكلمة” للخبز، والجسد للطعام، إذ مكتوب : “أما الطعام القوي فللبالغین الذین بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة” ( عب ١٤: ٥)
بالحري عندما تبذر الكلمة لا تأتي بثمر متساو في كل الناس، بل یأتي ثمر كثیر ومتنوع، یأتي بمائة وستین وثلاثین ( مت ٨:١٣)، كما علمنا المخلص باذر النعمة وواهب الروح.
وهذا لیس بأمر مشكوك فیه، ولا بمحتاجٍ إلى من یؤیده، إنما یمكننا أن نتطلع إلى الحقل الذي یزرع فیه (الرب)، إذ نجد أن الكلمة واضحة ومثمرة في الكنیسة، لیس فقط بالعذارى وحدهن یتزین الحقل، ولا بالرهبان وحدهم، بل وأیضا بالمتزوجین زواجاً مكرم، وبعفة الجمیع…
لقد أعد الرب منازل كثیرة عند أبیه ( یو ٢:١٤)، لكن بالرغم من أن مكان السكنى نجد فیه درجات ً متنوعة حسب تقدم كل واحدٍ ، غیر أننا جمیع سنكون في داخل الحصون، محفوظین في داخل نفس السیاج حیث یطرد العدو (الشیطان) وكل جماعته خارجًا.
لأنه خارج النور تكون الظلمة، وبالابتعاد عن البركة توجد اللعنة، هكذا یكون الشیطان بعیدً عن القدیسین، والخطیة بعیدة عن الفضیلة. لهذا ینتهر الإنجیل الشیطان قائلاً “اذهب یا شیطان” ( مت ١٠:٤). بینما یدعونا نحن قائلاً : “ادخلوا من الباب الضیق” ( مت ١٣:٧ ) ومرة أخرى یقول “تعالوا یا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم”.
 وهكذا أیضا یصرخ الروح من قبل في المزامیر قائلاً ” ادخلوا أبوابه بحمد (بمزامیر). 
لأنه خلال الفضیلة یدخل الإنسان إلى االله كما فعل موسى في السحابة الكثیفة حیث كان االله.
 ولكن خلال الرذیلة یخرج الإنسان من حضرة الرب، كما حدث مع قایین عندما قتل أخاه ، إذ خرج من لدن الرب قدر ما قلقت نفسه.
والمرتل یدخل قائلاً “فآتي إلى مذبح االله، إلى بهجة فرحي (شبابي)”
ویحمل الكتاب المقدس شهادة ضد الشیطان أنه خرج من حضرة االله وضرب أیوب بقروح ( أي ٧:٢). لأنه هكذا تكون صفات الذین یخرجون من حضرة االله، یضربون رجال ویؤذونهم. وهكذا أیضاً تكون صفات الخارجین عن الإیمان (الأریوسیین) یضطهدون الإیمان ویضرون به.
وعلى العكس نجد القدیسین إذ یقتربون منهم (رجال االله) وینظرون إلیهم كأصدقاء، كما فعل داود متحدثًا بأسلوب صریح قائلاً “عیناي على أمناء الأرض لكي أجلسهم معي” ( مز٦:١٠١ .)
 ویحثنا بولس أن نقبل ضعفاء الإیمان لأن الفضیلة خیریة (أي یحب الإنسان الخیر للغیر)… والخطیة تجعل الإنسان یحب الشر للغیر. وهذا ما فعله شاول –كخاطئ – عندما اضطهد داود، أما داود فإذ وجد فرصة لقتل شاول لم یقتله.
وعیسو أیضا أضطهد یعقوب، أما یعقوب فبالوداعة غلب شره.
والأحد عشر باعوا یوسف، أما یوسف ففي عطفه المملوء حنوًا تراءف علیهم.

خراب الیهود وخسرانهم كل نعمة إلهیة.

وما الحاجة إلى الإطالة في هذا الحدیث؟! فأن ربنا ومخلصنا عندما أضطهده الفریسیون بكى لأجل خرابهم!.
هم ضایقوه، أما هو فلم یهددهم، ولا حتى عندما أحزنوه أو قتلوه! إنما حزن من أجل أولئك الذین ارتكبوا هذا!
تألم هذا المخلص لأجل الإنسان، أما هم فاحتقروا “الحیاة” والنور، والنعمة” وطردوه!
كان یمكنهم أن ینالوا هذا كله خلال المخلص الذي تألم عنا. لكن بسبب ظلمتهم وعماهم بكى!
لأنهم لو فهموا ما قد كتب في المزامیر ما كانوا یتجرأون هكذا ضـد المخلـص، إذ یقـول الـروح “لمـاذا ارتجـت الأمـم وتفكرت الشعوب في الباطل؟!”
 لو تأملوا نبوة موسى لما صلبوا ذاك الذي هو حیاتهم!
لو فحصوا بفهم ما كان مكتوبًـا، مـا تحققـت فـیهم تلـك النبـوات التـي جـاءت ضـدهم، ومـا كانـت قـد صـارت مـدینتهم هكذا الآن خرابًا، وتنزع النعمة عنهم، ویصیرون بلا ناموس (إذ عصوه ورفضوا واهب الناموس) ویصیرون غرباء
لا أولاد.
وهكـذا ســبق أن أعلنـت المزامیــر قائلـة بــأن بنـو الغربــاء عملـوا معــه عمـلاً بــاطلاً ، وجـاء فــي أشـعیاء النبــي “ربیــت بنيناً ونشــأتهم. أمــا هــم فعصــوا علــيَّ”. وهكــذا لــم یعــودوا بعــد شــعب االله أو الأمــة المقدســة بــل صــار حكــام ســدوم وشعب عمورة أفضل منهم. كقول النبي أن سدوم أختك لم تفعل هي مثلك . لأن أهـل سـدوم اسـتهانوا بالملائكـة، أما اليهود فاستهانوا بالرب االله ملك الكل، وتجاسروا فقتلوا رب الملائكة غیر عارفین أن المسیح الذي ذبحوه هو
حي.
ولكن هؤلاء الیهود الذین تآمروا لموت الرب فرحوا قلیلاً في هذه الأمور وفقدوا الأبدیات.
ً لقـد كـانوا جـاهلین هــذا. أن المكافـأة الخالـدة لا تكمــن فـي المـنح الزمنیـة، بــل هـي ترجـوا أمــوراً أبدیـة. لأنـه بضــیقات وأتعــاب وأحــزان یــدخل القدیســون ملكــوت الســموات، وإذ یبلــغ الملكــوت یهــرب منــه الغــم والضــیق والتنهــد ویبقــى فــي راحة.
هكذا إذ جرب أیوب هناك صار صدیق الرب المشهور!

أما الذي یحب الملـذات، متمتعًـا بهـا إلـى حـین، فأنـه یعبـر بعـد ذلـك إلـى حیـاة مملـوءة أحزانًـا مثـل عیسـو الذي كان له طعام مؤقت، لكنه دین بعد ذلك بسببه…

لنحتمل الآلام

آه أیها الأعزاء المحبوبون! وإن كنا سنقتني تعزیة من الأحزان، وراحة من الأتعاب، وصحة من الأتعاب، وخلودًا بعد الموت، فإنه لا یجوز لنا أن نغتم من الأمراض البشریة التي تلحق بالبشریة، ولا نقلق بسبب التجارب التي تحل بنا.

یلزمنا ألا نخاف إن تآمر الذین یحاربون المسیح (الأریوسیین) ضد الصالحین، إنما بالحري نحن نرضي االله بالأكثر بسبب هذه الأمور، إذ نتهیأ أكثر ونتدرب على حیاة الفضیلة. لأنه كیف ننال الصبر ما لم توجد متاعب وأحزان؟
وكیف تظهر الشهامة إلا باحتمالنا الهزء والظلم؟
وكیف یختبر الاحتمال ما لم یوجد هجوم من الأعداء (الأریوسیین وغیرهم)؟
وكیف تتزكى طول أناتنا إن لم توجد وشایات ممن هم ضد المسیح (الأریوسیین)؟!
وأخیراً كیف یمكن للإنسان أن یدرك الفضیلة ما لم تظهر أولاً شرور الأشرار؟!
هكذا فإن ربنا سبقنا في هذا عندما أراد أن یظهر للناس كیف یحتملون…
عندما ضرب احتمل بصبر،
وعندما شتم لم یشتم،
وإذ تألم لم یهدد، بل قدم ظهره للضاربین، وخدیه للذین یلطونه، ولم یحول وجهه عن البصاق ( ١ بط ٢٣:٢، إش٦:٥٠)
وأخیرًا كانت إرادته أن یقاد إلى الموت حتى نرى فیه صورة كل الفضائل والخلود، فنسلك مقتفین آثار خطواته، فندوس بالحق على الحیات والعقارب وكل قوة العدو (الخطیة).

مثال: بولس

 هكذا إذ سلك أیضا بولس على منوال ربه، أوصانا قائلاً  “كونوا متمثلین بي كما أنا أیضا بالمسیح”
بهذا تغلب بولس على انقسامات الشیطان كاتبًا “فأني متیقن أنه لا موت ولا حیاة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خلیقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة االله التي في المسیح یسوع ربنا”. لأن العدو یقترب منا وقت الأحزان والتجارب والأتعاب مجاهدًا أن یهلكنا، ولكن الإنسان الذي في المسیح یناضل هذه الأمور المضادة، فیقابل الغضب بطول الأناة، والاستهزاء بالوداعة، والرذیلة بالفضیلة، عندئذ ینال النصرة ویعلن قائلاً “أستطیع كل شيء في المسیح یسوع الذي یقویني”، و”لكننا في هذه  جمیعها یعظم انتصارنا بالذي أحبنا”
هذه هي نعمة االله، وهذه هي طرق االله في إصلاح بني البشر، فأنه تألم لیحرر الذین یتألمون فیه.
نزل لكي یعرفنا،
قبل أن یولد حتى نحب ذاك الذي هو لیس (بإنسان عادي)،
نزل إلى حیث (الموت) لیهبنا عدم الموت، 
صار ضعیفاً لأجلنا حتى ننال قوة….
أخیرًا صار إنسانًا حتى نقوم مرة أخرى نحن الذین نموت كبشر، ولا یعود یملك الموت علینا، إذ تعلن الكلمات الرسولیة قائلة “لا یسود علینا الموت بعد”

الأریو سیین جاحدوا النعمة!

وإذ لا یقبل هذا الأریوسیون والمانویون، إذ هم ضـد المسـیح وهراطقـة، یشـتمون بألسـنتهم ذاك الـذي هـو “معـین”، ویجــدفون علــى مــن یحررهم، ویفكرون بأفكــار متنوعــة ضـد المخلــص. لأنــه عنــد نزولــه مــن أجــل خیـر الإنسان ینكرون لاهوته، ناظرین إلى مجیئه من العذراء مع شكهم في كونـه إبـن االله. وإذ جـاء متجسـداً یرفضـون سـرمدیته.و إذ  یرونه متألمًا لأجلنا ینكرون ما لجـوهر أبدیتـه، سـامحین لأنفسـهم بأعمـال الجحـود، مـزدرین بـالمخلص، شـاتمین إیاه عوض أن یعرفوا نعمته.
إننــا نوجــه لهـــؤلاء (أي للأریوســیین) هـــذه الكلمــات بحـــق قــائلین: “آه أیهـــا الجاحــد المضـــاد للمســیح! إنـــك بكلیتك شریر وذابح لربك، وأعمى تمامًا، ویهودي في تفكیرك! هل فهمـت الكتـاب المقـدس وأنصـت إلـى القدیسـین،
 إذ یقول “أنر بوجهك فنخلص”،  “نورك وحقك یهدیانني”
ألا تعرف أن الرب لم ینزل من أجل نفسه بل لأجلنا، وبسبب هذا تذهل من أجل حنو محبته؟!
لو تأملت في الآب والابن لما جدفت على الابن كمن له طبیعة مغایرة؟!
لو فهمت عمله الخاص بحنو محبته من نحونا لما كنت تجعل الابن غریباً عن الآب، ولا تنظر إلیه كغریـب، هـذا الذي صالحنا مع الآب…
إن الرب كان یهزأ دومًا بالشیطان لا یزال إلى یومنا یصنع هذا (قائلاً للأریوسیین) “أنا في الآب والآب في ّ”
ً هــذا هــو الــرب المعلــن فــي الآب، وأیضــا الآب معلــن فــي الابــن، الــذي هــو حقًــا ابــن الآب، إذ تجســد مــن أجلنــا فــي أواخر الأیام، لیقدم نفسه للآب عوضاً عنا، ویخلصنا خلال تقدمته وذبیحته!..
ً هذا هو الذي فـي القـدیم ذبـح كخـروف، إذ رمـز لـه الخـروف، لكنـه بعـد ذلـك جـاء وذبـح لأجلنـا “لأن فصـحنا أیضـا المسیح قد ذبح لأجلنا”
هـذا هـو الــــذي خلصـنا مـن شـباك الصـیادین من أضـداد المســیح (حیل ومكائد الأریوســیین)… وأنقــــذنا نحــــن كنیسته …

لنمجد الرب ونشكره

ما هو إذا عملنا یا أخوتي تجاه هذا الصنیع، إلا أن نمجد االله ونشكر ملك الكل؟!ً أولاً لنهتف بكلمات المزامیر قائلین “مبارك الرب الذي لم یسلمنا فریسة لأسنانهم”
لــنحفظ العیــد بهــذه الطریقــة التــي أشــار بهــا إلینــا مخلصــنا –یــوم عیــد القیامــة المقــدس – حتــى نقــدس العیــد الــذي فــي السموات مع الملائكة!..

لقد كان الشعب قدیماً ینشد مسبحاً عندما یخرج من الحزن…
ً وفــي أیــام أســتیر حفظــوا عیــداً للــرب إذ أنقــذوا مــن المنشــور المهلــك الــذي ینــادي بــالموت، حاســبین هــذا عیداً، مقدمین الشكر للرب، وممجدین إیاه…


لیتنا نفي نحن بنذورنا للرب، معترفین بخطایانا، حافظین العید للرب في أحادیثنا وسلوكنا وطریقة حیاتنا، مسبحین ربنا الذي أدبنا إلى قلیل لكنه لم یتركنا أو یهلكنا… ولا أبتعد صامتًا عنا.
والآن إذ خرجنا من خداع مضادي المسیح المشهورین (الأریوسیین)… وعبرنا كما في البریة إلى كنیسته المقدسـة محتملین في البریة تجاربًا وأحزان، فأننا نرسل إلیكم وننتظر منكم رسائلاً كالعادة.
لهذا… فأنني أتقدم بالشكر إلى االله بنفسي، وأوصیكم أنتم أیضاً أن تشكروه معي…
وإذ هي عادة رسولیة (أن أرسل إلیكم رسالة) لهـذا فـإن أضـداد المسـیح وأصـحاب الانشـقاقات رغبـوا فـي أن یفسـدوا هذه العادة ویوقفونها. لكن االله لم یسمح بهذا، بل جدد وحفظ ما قد أمرنا به بواسطة الرسول، حتى نحفظ العید مع بعضنا البعض، حافظین یوماً مقدساً  حسب تقلید الآباء ووصیته.

فاصل

  1. رو 8: 35
  2. رو 13: 7
  3. 1كو 5: 7
  4. لو 11: 13
  5. أف 4: 3

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى