ما هو اللاهوت العقيدي

مقدمة

يبحث هذا العلم في الله تعالي وجوهره وطبيعته وصفاته الذاتية والنسبية وعنايته والمشاكل الخاصة بالعناية الالهية كالفقر والشر والألم في الحيونات والناس، ويبحث في الإنسان وحقيقته وجوهره المادي والروحي، وفي حريته وإرادته. وخلود النفس ومصيرها بعد الموت.

ويبحث كذلك في العلاقة بين الله والإنسان، كالديانة والوحي، وأعمال الله وتدبيراته الخاصة بالإنسان وسر الخلاص والفداء واشتراك الاقانيم الثلاثة في سر التجسد الإلهي والثمار الخلاصية وبركات الفداء ومواهب الروح القدس. ويبحث في الملائكة الاطهار والاشرار.

علم اللاهوت العقيدي هو العلم الباحث في الله وصفاته، والانسان ومصيره، وصلة الله بالانسان.

وهو علم لانه معرفة منظمة مرتبة مبوبة ذات غاية معلومة، وعلم لاهوت لان الموضوع الاكبر لهذا العلم هو البحث في الله وصفاته وأفعاله التي منها الانسان وعلاقة هذا الإله بخلائقه الجامدة و الحية الناطقة وغير الناطقة.

أقسام علم اللاهوت العقيدي

القسم الأول: ويسمى ثيولوجيا أي علم الله، ويدخل في هذا صفاته تعالي الذاتية والنسبية، ويدخل فيه كذلك البحث في جوهر الله وطبيعته وتوحيد ذاته وتثليث اقانيمه وعمل كل اقنوم من الاقانيم وخواصه وصفاته ولاهوتيته.

القسم الثاني: ويسمي انثربولوجيا أي علم الانسان، ويشمل البحث في النفس الانسانية وإثبات وجودها وحريتها وخلودها.

القسم الثالث: ويسمى السوتيريولوجيا أي علم الخلاص، وهو يبحث في سر الفداء والتجسد الإلهي ولاهوت المسيح بوصفه الفادي والمخلص وأقنومه وطبيعته الواحدة وبركات الفداء وثمار الخلاص . كما يبحث في الروح القدس وأعماله ومواهبة الخلاصية ومنها الأسرار السبعة فضلا عن سائر العطايا والمواهب الأخري في الكنيسة.

القسم الرابع: ويسمى الاسخاتولوجيا ومعناه علم الآخرة، وهو علم يبحث في مصير الانسان بعد الموت وفي الدينونة والجزاء الأخروي ، وفي سعادة الأبرار وشقاء الاشرار، ومجئ المسيح الثاني وعلامات هذا المجئ.

مصادر علم اللاهوت العقيدي

المصدر الأول : الطبيعة

إن من يتأمل الطبيعة بفكر بعيد عن الهوى يمكنه أن يقر بوجود الله الخالق العظيم، الذي جّمل الطبيعة بكل بهاء وجلال، وطبع عليها عظمة فائقة تنطق بما له من حكمة عالية وقدرة سامية.

فالتأمل في الطبيعة مصدر من مصادر المعرفة اللاهوتية: فها هي الأفلاك في سيرها تخضع لقوانين في غاية الدقة والاحكام، وفي كل يوم يكشف الفلكيون عن حقائق جديدة تنطق باتساع هذا الفراغ الفراغ الكوني واشتماله علي نظام بديع جميل. الامر الذي يدعو الي الايمان بوجود الله.”اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا” (مز19 :1-2).

المصدر الثاني: الضمير

الضمير هو ايضا مصدر ثاني لمعرفتنا عن الله وصفاته، وعن كثير من الحقائق اللاهوتيه الأخرى، كوجود النفس وحريتها وخلودها والثواب والعقاب. فالضمير فينا حكم باطني وصوت طبيعي يكلم الانسان شاهدا عن الله وشريعته، وهو قائد امين يقرب النفس من الله ويقودها لمعرفة الحق والواجب والتمييز بين الخير والشر.

المصدر الثالث: العقل

العقل هو قوة في الإنسان يتميز بها تميزاً جوهريا عن الحيوان، ولذلك يقولون عن الانسان أنه حيوان ناطق أو عاقل. فإذا كان العقل هو الذي يمنح الانسان وجوده الحقيقي كإنسان ويجعله مستحقاً للقب الإنسانية، فوجب علي الإنسان أن يستخدم هذا العقل ويستثمر هذه العطية التى منحت له منذ نشأته.

فإذا آمن المرء بالدين الحقيقي وصدق مبادئه أنها حقة وصادقة، فإن العقل لا يقف بعذ ذلك عمله بل يقوم بمهمة أخري، هي تفهم هذه الحقائق الإيمانية حتى تنضج وتتميز ويزول منها الغموض والابهام وتتميز عن غيرها من المعارف بل وتتميز فيما بينها ايضا.

أن العقل يقوم بمهمة تفسير الديانة وشرح غوامضها وإيضاح حقائقها بما لا يتناقض مع قوانين الفكر الاساسية.

المصدر الرابع: الوحي

إذا كان العقل والطبيعة والضمير مصادر للمعرفة الدينية والعقائد اللاهوتية، فإن الوحي مصدر رابع لهذه المعارف والعقائد الإيمانية، بل هو أهم هذه المصادر الاربعةجميعاً لان تلك المصادر الثلاثة الأولي ناقصة وغير كاملة ولا تصلح وحدها بدون الوحي لأن تكون منبعاً أميناً لعلم اللاهوت العقيدي وحقائقه.

والوحي بالعربية الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما القيته إلي غيرك، ويقال أوحي إليه بمعنى كلمه بكلام يخفيه

المصدر: اللاهوت العقيدى الجزء الأول لاهوت السيد المسيح- المتنيح الأنبا غريغوريوس

 

زر الذهاب إلى الأعلى