الإيمان بالمسيح والثبات فيه

 

أولاً: الإيمان بالمسيح

أ- من هو المسيح؟

هو ابن البشر: اسمه من حيث الناسوت.. “ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِى فِى مَجْدِ أَبِيهِ” (مت 27:16). (ابن الإنسان).. “لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَىْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ” (لو 10:19).
آدم الأخير: اسمه بالمقارنة مع آدم الأول “صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا” (1كو 45:15).السيد المسيح
 ابن داود: اسمه من ناحية اليهود “كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ” (مت 1:1). 
 عمانوئيل: من حيث التجسد وقد صار جسدًا (الله معنا) وحل بيننا “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ” (يو 14:1).
 يسوع: يشوع = يهوه يخلص = اسم الخلاص “وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ” (مت 21:1).وهذا هو اسم الخلاص الذى لربنا يسوع المسيح (التسبحة: ثيؤطوكية الجمعة) “يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” (عب 8:13).
⦁  المسيح: الممسوح من الله = اسم ملوكى “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَىِّ” (مت 16:16).
⦁  ابن الله الحىّ: الإله المتجسد = اسمه الإلهى الظاهر فى الجسد “أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ” (لو 35:1)، “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ” (إش 6:9)،”وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ (شهادة يوحنا)” (يو 34:1). (اقرأ المزيد عن من هو المسيح هنا في أوتار السماء).
الإيمان ليس مجرد اعتناق مجموعة من العقائد نتلوها فى قانون الإيمان إنما هو حياة تحياها = عقيدة تقود إلى حياة.. لأنه ما فائدة الإيمان بالأبدية والحياة بعد الموت مع المسيح إن لم تعد نفسك لها بالتوبة وبالسهر الدائم وبمحبة الله وأولاده.

فاصل

ب- حياة الإيمان بالمسيح:

هناك فرقاً كبيراً بين الإيمان النظرى الذى لا يخلص النفس..وبين الإيمان العملى الذى تظهر ثماره فى حياتك “مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ” (مت 16:7).. فحياة المؤمن الحقيقى ترتبط:
1- بالسلام الداخلى والاطمئنان: وعدم الخوف (مت 31:14).. 
المسيحى من وقت لآخر لابد أن يختبر إيمانه هل هو مؤمن بالحقيقة وله ثمر الإيمان أم لا! “جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِى الإِيمَانِ؟” (2كو 5:13).
2- ترتبط بنقاوة السيرة: المؤمن يشعر دومًا بوجود الله أمامه، يرى ويسمع، ويسجل كل ما تعمله، لذا فهو يخاف أن يخطئ أمام الله. فيقول مع المرنم: “جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِى فِى كُلِّ حِينٍ. لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِى فَلاَ أَتَزَعْزَعُ” (مز 8:16). لأننا نتكلم كما من الله أمام الله.
3- يرتبط بحياة التسليم الكامل للمشيئة الإلهية: 
⦁ – فالله هو صانع الخيرات.
⦁ – وهذا مانصلى به فى مقدمه كل صلاة (فلنشكر صانع الخيرات).
⦁ – كل ما يسمح به الله هو للخير.
⦁ – “وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ للَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ” (رو 28:8).
4- الرضى والفرح والهدوء: فهم يطمئنون لعمل الله معهم وفيهم، وليده الحانية، وأبوته الصالحة ولمشيئته المقدسة. لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض (الصلاة الربانية).
5- يثق فى المسيح صانع المعجزات: “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَىْءٍ فِى الْمَسِيحِ الَّذِى يُقَوِّينِى” (فى 13:4). “غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ” (لو 27:18). “كُلُّ شَىْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ” (مر 23:9).
6- يفرح فى الضيقات ولا يهتز: فالله عنده حلولًا كثيرًا “اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِى حِينَمَا تَقَعُونَ فِى تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ” (يع 2:1)، “أِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا” (فى 4:4).
7- يرتبط بالأعمال الصالحة: “الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ” (يع 20:2). “هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِى ذَاتِهِ” (يع 17:2).
8- يرتبط بالثقة الكاملة فى الله: وفى وعوده الصادقة (إش 15:49)، “وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى” (عب 1:11)، “أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرَُّ بِهِ نَفْسِى” (عب 38:10). فالمؤمن لا يجادل الله ولا يناقشه فى كل ما يفعله.. بل يقبل كل شئ منه بثقة كاملة فى حكمة الله وفى محبته.
9- يرتبط بنقاوة القلب: 
⦁ – الله قدوس: تخشى أن تظهر بخطاياك أمامه (إش 3:6-4).
⦁ – الله موجود: “كَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟” (تك 9:39).
⦁ – الله يراقب ويرى: “أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ” (رؤ 2:2،9،13،19، رؤ 1:3،8،15).
⦁ – الله فاحص القلوب: يعلم كل ما يخطر على فكرك وقلبك ومشاعر وخطط وتدابير عقلك الذى يحيا فى الإيمان الله يراه والملائكة تراه وأرواح المنتقلين تراه فلا يجرؤ على فعل الخطية “بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ” (1يو 18:5).

فاصل
ج- بساطة الإيمان بالمسيح:


“كُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ” (مت 16:10).
قصة: كانت إحدى البلاد تعانى من الجفاف بسبب سقوط الامطار لفترة طويلة، فأتفق أهلها على أقامة يوم للصلاة من أجل سقوط الامطار، وبالفعل ذهب الجميع فى اليوم المقرر للصلاة وذهبت طفلة صغيرة ومعها شمسية فلما سألوها عن ذلك قالت ألسنا نصلى من أجل المطر، فالله يستجيب لصلاتنا وينزل المطر فهل يسقط وأنا لا أحمل شمسية لا أحمى نفسى من المطر.. ومن أجل إيمانها البسيط أنزل الله المطر على الأرض.


العقل يُحلل كل شئ ولا يصدق بعضها.. بينما الإيمان يحتاج إلى تصديق فى بساطة تامة عن التعقيدات العقلية، فالمعجزات تحدث مع البسطاء وليس العقـلاء لذا فهـم ينكرونهـا ويستهزئون بمصداقيتها فتكون شاهدة عليهم (يو 22:15).


لم يصدق اليهود معجزة شفاء المولود أعمى (يو 24:9)، فالعقل واضع أمامهم مشكلة شفاؤة فى يوم السبت (يو 16:9).


“أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ” (مت 25:11). فالأطفال بسطاء فى الإيمان. والإيمان البسيط يثق بأن يد الله تتدخل للإنقاذ ولحل كل مشاكله..
فالله محب البشر – صانع الخيرات – وعوده صادقة – يده ممدودة لانتشالنا ونجدتنا.


– الإيمان البسيط: يقبل نعمة الله دون أن يفحص كيف تعمل.
– الإيمان البسيط: يثق أن كل شئ مستطاع ولا يوجد مستحيل (أى 2:42، مر 23:9). 
لا تجعل كثرة التفكير تبعدك عن بساطة الإيمان.. 
– الإيمان البسيط: لا يكتفى بالاعتماد على الله بل يسلمه كل شئ: حياتى أفكارى طموحاتى خدماتى – أولادى – زوجتى أسرتى كنيستى.. الخ.


مثال: يوسف الصديق – داود النبى – تلاميذ المسيح – إبراهيم وتقدمة اسحق ابنه.
د- قوة الإيمان بالمسيح
الإيمان فضيلة من الفضائل: يمكن أن تقوى ويمكن أن تضعف.
فما هى الوسائل التى تقوى إيماننا؟ (2تس 3:1، 2كو 7:8).


1- الثقة فى الله
⦁ أ- الله صانع الخيرات: كل ما يصنعه لنا فهو لخيرنا.. وكل ما يسمح به لابد أن يؤول لخيرنا ولمنفعتنا حتى وإن بدت الأمور على غير هذا  فمثلاًُ: فى تجربة يوسف يقول واثقًا فى رعاية الله له: “لَيْسَ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمُونِى إِلَى هُنَا بَلِ اللهُ” (تك 8:45)، “أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِى شَرًّا أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا” (تك 20:50).
⦁ ب- الله محب: “على كَفَّىَّ نَقَشْتُكِ” (إش 16:49)، “وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ” (إش 15:49) فنحن كبنين وبأبوته يعطينا أكثر مما نحتاجه ودون أن نطلبه حتى نقول له : كفى.. كفى.
⦁ ج- الله قادر على كل شئ: مهما كان الأمر صعبًا مثل إبراهيم واسحق “َيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ” (رو 17:4)، وأيضًا مع موسى يشق فى البحر نصفين ويصنع أرضًا فى وسطه (خر 15). ويدخل مع يشوع وبنى اسرائيل ليعبروا نهر الأردن.


2- الثقة فى صدق مواعيد الله
⦁  وعده لأبانا ابرآم بأن يعطيه نسلاً من صُلبه وأن نسله سيكون كنجوم السماء فى الكثرة.
⦁  وعده لإيليا بأن يعوله وقت المجاعة فعاله بأعجوبة (1مل 3:17-6). 
⦁  وعده لأمنا حواء نسل المرأة يسحق رأس الحية (تك 15:3).
⦁ وعده بأن يسكب من روحه على كل بنى البشر (يؤ 28:2).
⦁ وعده بحلوله فينا صرنا هياكل لروحه القدوس (1كو 16:3).
⦁  وعده ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر (مت 20:28).
⦁  وعده أن لا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأن الروح يعطيكم ما تتكلمون به (مت 19:10-20).
⦁  وعده بأن أبواب الجحيم لن تقوى على كنيسته (مت 18:16).


3- النظر إلى الله وليس إلى الظروف المحيطة: 
فالظروف تدعو إلى اليأس. أما إلى الله فيعطى رجاء.
⦁ – موسى النبى: دعا الناس إلى النظر إلى الله.. قفوا وانظروا خلاص الرب (خر 13:14-14).
⦁ – داود النبى: نظر داود إلى الله الجبار فقتل جليات.. اليوم سيحسبك الرب فى يدى (1صم 17). 
⦁ – التلاميذ: ما هذا المثل هؤلاء؟! فلو نظروا إلى الله لطمئنوا ورأوا قوته العظيمة. 
⦁ – مرثا: ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله (يو 39:11-40). 
⦁ – لا تنظر إلى الخطية: لأنها طرحت الكثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء (أم 26:7).
⦁ – أما النظر إلى الرب يسوع: فهو يخلص شعبه من خطاياهم (مت 21:1).


4- قصص الإيمان ومعاشرة المؤمنين:
 فالإيمان ينتقل بالتسليم “انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ” (عب 7:13).


5- اتضاع القلب والفكر:
ألق نفسك فى دائرة الله
⦁ – الإنسان المتضع يعترف بأن عقله محدود وقدراته محدودة ولا يستوعب الغير محدود ولا يدرك عمق حكمة الله وصفاته (أحكامك فوق فهمى وأعمالك فوق معرفتى). 
⦁ – جرب الاتكال على الله واختبر علميًا وجود الله فى حياتك لتعرف من هو فتدعوا “ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ!” (مز 8:34).
6- أبصر الله فى كل أمر: فى كل خليقة رأيتكَ لمستكَ عرفتكَ..
⦁ – تأمل كل خليقة الله وإبداعاته وخلقته العظيمة العجيبة.
⦁ – تأمل الطبيعة الساحرة: “اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ” (مز 1:19).. فلا تفضل مخلوقات الله على الله جابلها وخالقها.. 
7- اتخذ الرب لك صديقًا لك فيقوى إيمانك به:
⦁ – “اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ وَلَكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ” (أم 24:18). 
⦁ – “لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا” (يو 15:15). 
⦁ – لقد صادقه إيليا النبى.. فأخذه الله حيًا بمركبة نارية إلى السماء. 
⦁ – لقد صادقه أخنوخ.. فصار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله نقله.

فاصل

ثانيًا: الثبات فى الإيمان 

1- الثبات وصية إلهية:
 يأمرنا بها الله قائلاً: 
– “وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَىْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا” (أف 13:6).
– “اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِى الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا” (1كو 13:16).
– “الَّذِى يَثْبُتُ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِى بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِى لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا” (يو 5:15). المسيح هو الكرمة ونحن المسيحيين المؤمنين الأغصان.
– “كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِىَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِى الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِىَّ” (يو 4:15).
2- فيمن أثبت ؟
– أثبت فى الوصية: “إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَاىَ تَثْبُتُونَ فِى مَحَبَّتِى” (يو 9:15-10).
– أثبت فى المحبة: “اُثْبُتُوا فِى مَحَبَّتِى” (يو 9:15).
– أثبتوا فى الكرمة: “أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِى يَثْبُتُ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِى 
بِثَمَرٍ كَثِيرٍ” (يو 5:15).
– أثبتوا فى المسيح: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ” (يو 56:6).. 
(فى الإفخارستيا) “اُثْبُتُوا فِىَّ وَأَنَا فِيكُمْ” (يو 4:15).
عليك أن تلاحظ كيف تتحول الأمور عندما يدخل الإنسان فى علاقة شحصيٌَة وديٌَة حميمة مع الرب يسوع: “الذى يثبت فىٌَ وأنا فيه، هذا يأتى بثمر كثير”.


فإنه عندما تسرى عصارة الرب المنشٌطة فى أجزاء حياتنا العميقة والخفية، فإننا نتقوَُى ونغتنى ونتشدَّد، إننا نشترك فى حياة الله ونصبح مثله، ولا يعود للهزيمة والخوف والإحباط واليأس مكان فينا، فالله الساكن داخلنا يطردها خارجًا. 


كان القديس بولس الرسول يستمتع بمثل هذه العلاقة الحميمة مع الرب يسوع، كان غصنًا فى كرمة المسيح، وكان يُعبًر عن هذه العلاقة باستمرار بالكلمات: “فى المسيح”، استخدمها فى رسائله 164 مرة. كان هذا التعبير بمثابة المفتاح لكل ما يود أن يقوله. إن الحياة المُنتصرة، الحياة المُتألقة، الحياة المليئة بالقوٌة والمعنى هى الحياة التى نحياها: “فى المسيح”.
ولكن ما معنى أن تكون “فى المسيح” ؟ إننا نعرف معنى أن يكون الإنسان: “فى السياسة”، “فى القانون”، “فى العمل”. فلو كان الإنسان: “فى القانون”، فهذا معناه أن القانون قد أصبح الاهتمام الغالب والرغبة المسيطرة على حياته، وعندما اختار الاهتمام والتخصص فى القانون فقد قام باستثناء جميع الأعمال الأخرى من حياته، وقام بتكريس نفسه، ووقته، وجهده، وتدريبه، وحتى حياته بأكملها، لأجل القانون. أما أن تكون: “فى المسيح”، فهذا معناه أنٌَ الإنسان قد اختار أن يتبع المسيح.


وعندما يحدث هذا يصبح غُصنًا فى كرمة المسيح، ويكون له مصدر حيوى للاتصال بالمسيح الذى يتلقى منه الحياة والطاقة، إنه يحيا “فى المسيح” كما تحيا الخلية فى الجسد الذى تنتمى إليه، وتصبح ألفته مع المسيح على درجة من القرب تجعله يستطيع أن يهتف مع بولس الرسول: “فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ” (غل2: 20).


 ولكن يُلاحظ أن هذه الحياة فى المسيح ليست هى مُجرد علاقة داخلية سرية بين المسيح والمُؤمن، ولكنها تعتمد أيضًا على عضوية المُؤمن فى الكنيسة التى تُعتبر جسد المسيح المنظور. إنه من خلال سرً المعمودية يتأصل كل مسيحى مُؤمن مثل غُصن فى كرمة المسيح، وعندما نفصل أنفسنا بالخطية عن المسيح الذى هو الكرمة الحقيقية، فإن الله يمنحنا عطية التوبة التى بها نستطيع أن نتأصل فى الكرمة من جديد. إن الطاقة الحيوية التى تسرى فى حياتنا من الكرمة، التى هى المسيح، تأتى إلينا من خلال سر الكنيسة العظيم، ألا وهو سر التناول، حيث يقول المسيح: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ” (يو6: 56).


 لأنه لا يمكن أن تكون هناك ثمارعلى الشجرة ما لم تكن الشجرة متأصلة فى الأرض بثبات. وبهذه الطريقة يصف كاتب المزامير الرجل البار فيقول عنه: “فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ” (مز1: 3).


إن المسيحى أيضًا إنسان متأصل، جذوره ثابتة فى المسيح، ولكن ماهو الاختلاف الذى يحدثه التأصل فى المسيح من عدمه؟


يقول المرنم: “إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي.”     (مز23: 4). هذا ما يقوله داود، فالمسيحى لا يخاف موتًا أوشرًا.


ويقول أشعياء النبى: “وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ.” (أش40: 31). هذا مايقصده إشعياء النبى: إن المسيحى دائم القوة والتجديد فى المسيح.


3- لماذا أثبت ؟ أهمية الثبات فى المسيح :
⦁ – لكى آتى بثمر: “الَّذِى يَثْبُتُ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِى بِثَمَرٍ كَثِيرٍ” (يو 5:15).
⦁ – لكى أصبح تلميذًا للمسيح: “بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِى أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِى” (يو 8:15).
⦁ – لكى ما أتنقى: “أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِى كَلَّمْتُكُمْ بِهِ” (يو 3:15).
⦁ – لكى آخذ كل ما أطلبه: “إِنْ ثَبَتُّمْ فِىَّ وَثَبَتَ كلاَمِى فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ 
⦁ لَكُمْ” (يو 7:15).
⦁ – لكى أنال حياة: “فَمَنْ يَأْكُلْنِى فَهُوَ يَحْيَا بِى” (يو 57:6). “مَنْ يَأْكُلْ هَذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ 
⦁ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ” (يو 58:6).
– سر الإثمار: 
يستمر الرب يسوع فى شرح السر الثانى من أسرار الإثمار. كان السر الأول هو الثبات فى الكرمة.
4- ما هى العوامل التى تساعدنى على الثبات فى المسيح
⦁ – وسائط النعمة: الصوم – الصلاة – القراءات الروحية – قراءة الكتاب المقدس.
⦁ – الإفخارستيا: نأخذ من على المذبح فنتطهر ونكرز بموت وقيامة الرب.التناول
⦁ – الاجتماعات الروحية: التى تبنى الخدام وتثبتهم فى كلام الرب ووعوده. 
⦁ – الرجاء والمحبة: والآن ليثبت الإيمان والرجاء والمحبة (1كو 13:13).
5- بركات الثبات فى الإيمان بالمسيح ؟
⦁ – الخلاص: ليس لنا سوى نفس واحدة نسعى دائمًا لخلاصها لأنه “مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟” (مر 36:8).
⦁ – الفرح: بالمسيح – بالمحبة – بالخدمة – بالآخر – بالنصيب الأبدى. 
⦁ – الثمر المتكاثر: “وَكُلُّ مَا يَأْتِى بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِىَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ” (يو 2:15).
⦁ – الأعمال الصالحة: “مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِى أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا” (1يو 6:2).
⦁ – عدم الخجل منه: “وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِى مَجِيئِهِ” (1يو 28:2).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى