تفسير سفر إرميا ١١ للقمص أنطونيوس فكري

تفسير إرميا – الأصحاح الحادي عشر

 

الله يذكر الشعب هنا بالعهد الذي قطعه مع أبائهم وعليهم أن يطيعوا شروط هذا العهد فيكون لهم بركة.

 

الآيات 1-10

الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب قائلا. اسمعوا كلام هذا العهد وكلموا رجال يهوذا وسكان أورشليم. فتقول لهم هكذا قال الرب إله إسرائيل ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد. الذي امرت به اباءكم يوم اخرجتهم من ارض مصر من كور الحديد قائلًا اسمعوا صوتي واعملوا به حسب كل ما امركم به فتكونوا لي شعبا وأنا أكون لكم الها. لاقيم الحلف الذي حلفت لابائكم أن اعطيهم ارضا تفيض لبنا وعسلا كهذا اليوم فاجبت وقلت امين يا رب. فقال الرب لي ناد بكل هذا الكلام في مدن يهوذا وفي شوارع أورشليم قائلًا اسمعوا كلام هذا العهد واعملوا به. لأني اشهدت على ابائكم اشهادا يوم اصعدتهم من ارض مصر إلى هذا اليوم مبكرا ومشهدا قائلًا اسمعوا صوتي. فلم يسمعوا ولم يميلوا اذنهم بل سلكوا كل واحد في عناد قلبه الشرير فجلبت عليهم كل كلام هذا العهد الذي امرتهم أن يصنعوه ولم يصنعوه. وقال الرب لي توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم. قد رجعوا إلى اثام ابائهم الاولين الذين ابو أن يسمعوا كلامي وقد ذهبوا وراء آلهة أخرى ليعبدوها قد نقض بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهدي الذي قطعته مع ابائهم.

أن نتذكر أن هناك عهدًا بيننا وبين الله، هذا يدعونا أن لا نستسهل صنع الخطية ثم نطلب حياة سهلة مملوءة بركة لأن هنا شروطًا لهذا العهد ولهذه البركة، وهي طاعة الوصية. وملعون من لا يسمع لكلام العهد (3) لأن من لا يطيع يفصل نفسه عن الله فيسقط مباشرة تحت سلطان إبليس لذلك يصبح ملعونًا. وفي (4) الله حين حررهم من أرض العبودية أعطاهم هذه الوصايا بنود العهد وطلب منهم الالتزام بها. وهنا يجب أن نفهم أن الالتزام بهذه الوصايا ليست عبودية جديدة بل أن “نير المسيح هين وحمله خفيف” وليس كور حديد (هو رمز للآلام الحادة والعبودية) والله يعلم أن الإنسان أصبح ضعيفًا بعد أن سقط، والشيطان يستغل ضعفه ويغريه على الخطية، والخطية تسبب خراب الإنسان لأن الشيطان سيعود ويتملكه لذلك فالله يطلب في محبة من الإنسان أن يلتزم بهذا العهد. وهو إن لم يلتزم سيعيد نفسه لكور الحديد ثانية أي عبودية الشيطان “إن حرركم الابن بالحقيقة تكونون أحرارًا” ومن ثمار الطاعة لله ولوصاياه البركة (5). راجع (لا26)، (تث28). قول النبي أمين يا ربهي شهوة قلبه أن يستمع الشعب لوصايا الله. ولإحساس الله بغيرة النبي قال لهُ نادِ بهذا (6) ولكن للأسف فلم يسمع الشعب ولم يطيع بل قاموا بفتنة أي مؤامرة ضد الله ورجالهُ.

آية 2:- كلموا رجال يهوذا = النبي يوجه كلامه هنا لرسل أتوه من قبل الملك.

 

الآيات 11-17

لذلك هكذا قال الرب هانذا جالب عليهم شرا لا يستطيعون ان يخرجوا منه ويصرخون إلى فلا اسمع لهم. فينطلق مدن يهوذا وسكان أورشليم و يصرخون إلى الالهة التي يبخرون لها فلن تخلصهم في وقت بليتهم. لأنه بعدد مدنك صارت الهتك يا يهوذا وبعدد شوارع أورشليم وضعتم مذابح للخزي مذابح للتبخير للبعل. وانت فلا تصل لأجل هذا الشعب ولا ترفع لاجلهم دعاء ولا صلاة لأني لا اسمع في وقت صراخهم إلى من قبل بليتهم. ما لحبيبتي في بيتي قد عملت فظائع كثيرة واللحم المقدس قد عبر عنك إذا صنعت الشر حينئذ تبتهجين. زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة دعا الرب اسمك بصوت ضجة عظيمة اوقد نارا عليها فانكسرت اغصانها. ورب الجنود غارسك قد تكلم عليك شرا من أجل شر بيت إسرائيل وبيت يهوذا الذي صنعوه ضد أنفسهم ليغيظوني بتبخيرهم للبعل.

في (11) الشر الذي يجلبه الله عليهم هو نتيجة طبيعية لخطيتهم وحين يطلبون الله لن يستجب لهم، فهم لا يصرخون في توبة، بل لمجرد الخروج من الضيقة فقط. في (12) نعرف لماذا لم يستجيب لهم الله فمازالت أوثانهم في قلبهم وها هم يلجأون إليها. وأوثانهم متعددة (13) لذلك في (14) يحرمهم الله من صلوات النبي وشفاعته، وهذا تهديد مخيف لمن يفهم أن صلاة القديسين أصبحت مرفوضة بالنسبة لهُ. وفي (15) فالله يرفضهم من بيته = ما لحبيبتي في بيتي فأورشليم التي أحبها الله وخطبها لنفسه بالعهد الذي أصبحوا به خاصته. وهم في وثنيتهم صاروا زناة. والزانية لو تكرر زناها وأصبحت وقحة يجب طردها خارج البيت. والله يسأل لماذا هي الآن في بيتي وأنا قد رفضتها. ولم تَعُدْ الذبائح تحميهم أو تكفر عنهم. ولكنهم ما زالوا يذهبون للهيكل ويقدمون ذبائح سلامة ويأكلون منها بينما هم يفرحون بخطاياهم. ولكن لا المذبح سيحميهم ولن تعطيهم هذه الذبائح أي بركة فهم حُرِموا من كل البركات = اللحم المقدس عبر عنك ولاحظ أن الله مازال يسميهم حبيبتي وكذلك يسميهم بولس (رو28:11) “هذا من أجل الآباء”. وفي (16) قارن بين الحالة التي أوجدهم الله عليها زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة = فالله غرسهم وجعل منهم شعبًا وأعطاهم مميزات كثيرة وبركات عظيمة بل كان في وسطهم.  وكان لهم ثمار صالحة للأكل وشكلها جميل أي صالحة لله وللإنسان. يراها الناس في بركاتها فيمجدوا أباها الذي في السموات. ولكنهم بإصرارهم على الخطية تحول عنهم الله سر خضرة وإثمار زيتونتهم فتحولوا لزيتونة برية جافة لم تعد تصلح لشيء سوى الحريق والحريق آتٍ بواسطة جيش بابل الذي سيأتي بضجة عظيمة. والأغصان التي انكسرت هي ملكها وكهنتها ورؤسائها.

 

الآيات 18-23

والرب عرفني فعرفت حينئذ اريتني افعالهم. وأنا كخروف داجن يساق إلى الذبح ولم اعلم أنهم فكروا علي افكارا قائلين لنهلك الشجرة بثمرها ونقطعه من ارض الأحياء فلا يذكر بعد اسمه. فيا رب الجنود القاضي العدل فاحص الكلى والقلب دعني ارى انتقامك منهم لأني لك كشفت دعواي. لذلك هكذا قال الرب عن اهل عناثوث الذين يطلبون نفسك قائلين لا تتنبا باسم الرب لئلا تموت بيدنا. لذلك هكذا قال رب الجنود هانذا اعاقبهم بموت الشبان بالسيف ويموت بنوهم وبناتهم بالجوع. ولا تكون لهم بقية لأني اجلب شرا على اهل عناثوث سنة عقابهم.

هنا يتآمر أهلهُ كهنة عناثوث ضده ليقتلوه قائلين لنهلك الشجرة بثمرها = هو تعبير يعنى دعنا ننتهى منهُ جذرًا وفروعًا أي نقتل العائلة كلها (هكذا قام الكهنة ورؤساءهم على المسيح) وهم تصوروا أنهم بقتله سينتهون من نبوته (21) فهم لا يحتملون إنذاراته ودعوته لهم بالتوبة، ولكن الله أبقاه وكشف لهُ مؤامرتهم (18). وفي (19) يصوِّر حاله وهو سالك وسط هؤلاء الوحوش في سلام وإطمئنان بينما هم يضمرون لهُ الشر، ويصوِّر نفسه كخروف مسالم . ولكن هذه الآية تتكلم بروح النبوة عن المسيح (إش7:53). الذي تآمر عليه الكهنة أيضًا لأنهم لم يحتملوه. وفي (20) هذا بروح النبوة يتنبأ عن ما سيصيبهم. وما سيصيب صالبى المسيح بيد الرومان.

فاصل

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى