تفسير سفر العدد 36 للقمص أنطونيوس فكري
الآيات (1-13):- “وَتَقَدَّمَ رُؤُوسُ الآبَاءِ مِنْ عَشِيرَةِ بَنِي جِلْعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى مِنْ عَشَائِرِ بَنِي يُوسُفَ، وَتَكَلَّمُوا قُدَّامَ مُوسَى وَقُدَّامَ رُؤَسَاءِ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالُوا: «قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ سَيِّدِي أَنْ يُعْطِيَ الأَرْضَ بِقِسْمَةٍ بِالْقُرْعَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أُمِرَ سَيِّدِي مِنَ الرَّبِّ أَنْ يُعْطِيَ نَصِيبَ صَلُفْحَادَ أَخِينَا لِبَنَاتِهِ. فَإِنْ صِرْنَ نِسَاءً لأَحَدٍ مِنْ بَنِي أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ مِنْ نَصِيبِ آبَائِنَا وَيُضَافُ إِلَى نَصِيبِ السِّبْطِ الَّذِي صِرْنَ لَهُ. فَمِنْ قُرْعَةِ نَصِيبِنَا يُؤْخَذُ. وَمَتَى كَانَ الْيُوبِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُضَافُ نَصِيبُهُنَّ إِلَى نَصِيبِ السِّبْطِ الَّذِي صِرْنَ لَهُ، وَمِنْ نَصِيبِ سِبْطِ آبَائِنَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ». فَأَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ قَائِلًا: «بِحَقّ تَكَلَّمَ سِبْطُ بَنِي يُوسُفَ. هذَا مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ بَنَاتِ صَلُفْحَادَ قَائِلًا: مَنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِهِنَّ يَكُنَّ لَهُ نِسَاءً، وَلكِنْ لِعَشِيرَةِ سِبْطِ آبَائِهِنَّ يَكُنَّ نِسَاءً. فَلاَ يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ سِبْطٍ إِلَى سِبْطٍ، بَلْ يُلاَزِمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيبًا مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا، لِكَيْ يَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ، فَلاَ يَتَحَوَّلْ نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلَى سِبْطٍ آخَرَ، بَلْ يُلاَزِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ». كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى كَذلِكَ فَعَلَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ. فَصَارَتْ مَحْلَةُ وَتِرْصَةُ وَحَجْلَةُ وَمِلْكَةُ وَنُوعَةُ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ نِسَاءً لِبَنِي أَعْمَامِهِنَّ. صِرْنَ نِسَاءً مِنْ عَشَائِرِ بَنِي مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ، فَبَقِيَ نَصِيبُهُنَّ فِي سِبْطِ عَشِيرَةِ أَبِيهِنَّ. هذِهِ هِيَ الْوَصَايَا وَالأَحْكَامُ الَّتِي أَوْصَى بِهَا الرَّبُّ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ يَدِ مُوسَى، فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا.”
شريعة ميراث النساء
إذ صار لبنات صلفحاد من سبط منسى حق ميراث نصيب أبيهن (ص27) تقدم رؤساء الآباء من عشيرة بنى جلعاد بن ماكير بن منسى إلى موسى النبي يشتكون بأن بنات صلفحاد إن تزوجن من سبط آخر ينتقل جزء من ميراث سبط منسى إلى السبط الآخر. بهذا يمكن أن يقتنى سبط على حساب آخر. فأجاب موسى حسب أمر الرب مؤكدًا مبدأين:-
1- من حق البنات أن يتزوجن بمن يخترن، فإن الزواج لا يكون إلزامًا = من حسن في أعينهن يكن لهُ نساء آية 6.
2- ولكن إن أردن الاحتفاظ بنصيبهن في الأرض فعليهن أن يتزوجن برجل من سبطهن = ولكن لعشيرة سبط آبائهن يكن نساء فلا يتحول نصيب لبني إسرائيل من سبط إلى سبط (الآيات 7،6) فإن تزوجن من داخل السبط يبقى لهن الميراث وإن تزوجن من خارج السبط يضيع منهن الميراث حتى يبقى الميراث داخل السبط
آية 4:- و متى كان اليوبيل لبني إسرائيل يضاف نصيبهن إلى نصيب السبط الذي صرن له ومن نصيب سبط ابائنا يؤخذ نصيبهن.
ومتى كان اليوبيل = في اليوبيل تعود الأرض لأصحابها (لا23:25-28) ولكن هذا لا ينطبق في حالة من تزوجت برجل من خارج سبطها. فالأرض في هذه الحالة تذهب للسبط الآخر ليس بالرهن أو بالبيع. ففي اليوبيل تعود الأرض المباعة أو المرهونة فقط. أما في هذه الحالة فالأرض ذهبت مع البنت المتزوجة فتصبح حقًا شرعيًا لأزواجهن وفي هذا خروج على القرعة التي قسمت أرضًا معينة لكل سبط.
واحتجاج رؤوس أباء سبط منسي هنا رائع:-
أ- هم بهذا يشبهون نابوت اليزرعيلى (1مل 3:21) فهم متمسكين بميراثهم.
ب- هم متمسكين بميراثهم الذي لم يأخذوه بعد، وهذا يثبت أن إيمانهم عظيم.
ج- ظهر في موقفهم مدى يقظتهم وغيرتهم على شعبهم وفهمهم للشريعة والناموس. ولكن كان لهم تساؤل بخصوص هذه الشريعة وهم يسألون في جرأة مع إيمان فأولاد الله ليسوا آلات صماء بل أناس أحياء.
وهناك سؤال لماذا لم يلحق هذا الإصحاح بقصة بنات صلفحاد في إصحاح 27 ولماذا أتت هذه القصة في نهاية سفر العدد؟
ببساطة فإن معنى القصة أن البنات اللواتي يردن أن يتزوجن من خارج السبط يخسرن ميراث آبائهن. وكل بنت حُرّة فيما تقرره، هل تريد ميراثها أم تريد زوجًا.
وتفسير هذا روحيًا في نهاية هذه الرحلة أن من يريد أن يلتصق بالكنيسة في خلال رحلة هذه الحياة لن يخسر ميراثه السماوي، أو بمعنى آخر فكل نفس تلتصق بعريسها السماوي يسوع المسيح الذي هو من نفس سبطها (هو عريس الكنيسة) هذه النفس ترث مع المسيح، تصير النفس وارثة لله مع المسيح (رو 17:8). ولكن كل إنسان حر أن يختار المسيح فيبقى لهُ ميراثه أو يختار آخر ويضيع ميراثه. وهذا الإصحاح بعد إصحاح الملجأ كأنه دعوة أن نظل في حماية المسيح حتى لا نخسر ميراثنا. وهو يُشبه ختام سفر الرؤيا من يظلم فليظلم بعد…. (رؤ11:22). أي بعد أن قدم الله كل شيء وأعد الميراث تركنا أحرارًا.