2كو 5:1 لانه كما تكثر الام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا ايضا
لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا،
كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا” [5].
كأن الرسول يعلن أن من يتعرف على الإيمان من خلال دراسة الكتب والوعظ فقط مسكين وبائس، فإنه لا ينال من فيض تعزيات اللَّه خلال الشركة العملية مع المسيح المتألم.
يقدم لنا الرسول بولس خبرته بأن كثرة آلامه تزيده قوة، لأنها تفتح بالأكثر باب التعزيات الإلهية. عوض الشكوى مما أصابه من آلام يحث الكل أن يختبروا بركات طريق الآلام فينالوا أمجادًا سماوية.
v لم يرد بولس أن يُحزن تلاميذه بتقديم حساب مُبالغ فيه عن آلامه، عِوض ذلك يعلن عن عظمة التعزية التي تقبّلها، مذكرًا إيّاهم بالمسيح.
v إنه يسمو بنفوسنا حاسبًا هذه الآلام خاصة به، فأي فرحٍ يشملنا أن ،كون شركاء المسيح، ومن أجله نتألم؟
v ما أمجد الآلام! بها نتشبه بموته!
كما يُلقى ممحص الذهب بقطعة الذهب في الفرن لتحتمل النار إلى حين حتى يراها قد تنقت، هكذا يسمح اللَّه بامتحان البشرية بالضيقات حتى تتنقى وتحصل على نفعٍ عظيمٍ… فليتنا لا نضطرب ولا نيأس عندما تحل بنا التجارب. لأنه كما أن ممحص الذهب يعلم الزمن الذي ينبغي أن يترك فيه الذهب في الفرن، فيخرجه في الوقت المعين ولا يتركه بعد في النار حتى لا يفسد ولا يحترق، هكذا كم بالأكثر يعلم اللَّه ذلك. فعندما يرانا قد تنقينا بالأكثر، يعتقنا من تجاربنا حتى لا ننطرح ونطرد بسبب تزايد شرورنا.
عندما يحل بنا أمر ما لم نكن نتوقعه، لا نتذمر ولا تخور قلوبنا، بل نتحمل اللَّه الذي يعرف هذه الأمور بدقةٍ، حتى يمتحن قلوبنا بالنار كيفما يُسر، إذا يفعل هذا بهدف وبقصد فائدة المجربين، لذلك يوصينا الحكيم قائلاً بأن نخضع لله في كل الأمور، لأنه يعرف تمامًا متى يخرجنا من فرن الشر. (حكمة يشوع 1 :1، 2)
نخضع له على الدوام، ونشكره باستمرار، محتملين كل شيءٍ برضى، سواء عندما يمنحنا بركات أو يقدم لنا تأديبات. لأن هذه الأخيرة هي نوع من أنواع البركات.
فالطبيب ليس فقط يسمح لنا بالاستحمام (في الحمامات)… أو الذهاب إلى الحدائق المبهجة بل وأيضًا عندما يستخدم المشرط والسكين هو طبيب!
والأب ليس فقط عندما يلاطف ابنه، بل وعندما يؤدبه ويعاقبه… هو أب!
وإذ نعلم أن الله أكثر حنوًا من كل الأطباء، فليس لنا أن نستقصي عن معاملته، ولا أن نطلب منه حسابًا عنها، بل ما يحسن في عينيه يفعله. فلا نميز إن كان يعتقنا من التجربة أو يؤدبنا لأنه بكلا الطريقين يود ردنا إلى الصحة، ويجعلنا شركاء معه، وهو يعلم احتياجاتنا المختلفة، وما يناسب كل واحد منا، وكيف، وبأية طريقة يلزمنا أن نخلص.
لنتبعه حيثما يأمرنا، ولا نفكر كثيرًا إن كان يأمرنا أن نسلك طريقًا سهلاً وممهدًا أو طريقًا صعبًا وعرًا.
v إن كان كلما كثرت آلام المسيح هكذا أيضًا تزداد التعزية بالمسيح فلنرحب بآلام المسيح المشجّعة. ولتفض فينا، إن كنا بالحق نطلب التعزية الفيّاضة التي بها يتعزّى كل الحزانى، وإن كانت ليست متشابهة بالنسبة لكل واحدٍ. فلو أن التعزية متشابهة لكل أحدٍ ما كان قد كتب أنه كلما كثرت آلام المسيح فينا، هكذا تكثر التعزية بالمسيح جدًا. الذين يشتركون في الآلام سيشتركون أيضًا في التعزية حسب شركتهم في آلام المسيح.
يوجه الرسول أنظارنا إلى التمتع برؤية السيد المسيح المتألم والمصلوب عوض انشغالنا بالآلام. وقد جاءت كلمة “تعزية” هنا لتشير إلى تمتع النفس برؤية المسيح الحاضر وسط الضيق.
v واضح أن المسيح نفسه الذي من أجله نتألم هو حاضر معنا، يعزينا، ويخلصنا من التعب بتدخله الإلهي.
أمبروسياستر
v يعني بالتعزية “ثاوريا” وتُفسّر “رؤية النفس”، فالرؤية تلد تعزية.
القديس مار اسحق السرياني
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 5 :- لانه كما تكثر الام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا ايضا.
ألام المسيح = تعنى :-
1- الآلام التي نجتازها ونتعرض لها مثل المسيح المتألم.
2- الآلام التي نتعرض لها بسبب إيماننا بالمسيح. فألامنا لأجل المسيح تنبع من نفس المنبع الذي جاءت منه آلامه أي مقاومة الظلمة للنور الذي فينا، والموت للحياة التي نلناها في شخصه
3- آلامنا هي ألام المسيح نفسه(كو 1 :24) فالألم الذي يقع علينا هو واقع على المسيح فنحن جسده.
وهنا توجيه من الرسول لهم.. أنه بدلاً من أن تنشغلوا بالمباحثات الغبية عليكم أن تنظروا للصليب الموضوع عليكم، بكونه شركة مع المسيح فتجدوا تعزية، وإذا تألمتم معه ستتمجدون معه (رو 8 : 17) فالصليب والآلام هي المدرسة الحقيقية لمعرفة المسيح وتعزياته وليس العلم والدراسة، لذلك صار الألم هبة (في 1 : 29) ولاحظ أنه كلما زادت الآلام زادت التعزيات.