يو 3:17 وهذه هي الحياة الأبدية…
“وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.” (يو 3:17)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“وهذه هي الحياة الأبدية،
أن يعرفوك أنت الاله الحقيقي وحدك،
ويسوع المسيح الذي أرسلته”. (3)
“الحياة الأبدية“: إذ يقدم المسيح نفسه ذبيحة يبطل مفعول الخطية وهو الموت، ويثبت في المؤمنين وهم فيه، فيتمتعوا به بكونه الحياة التي لا تُقاوم. به يعبر المؤمن فوق حدود الزمن، فتتمتع النفس بالخلود في السماء، ويتمجد الجسد حاملاً طبيعة جديدة لائقة بالأبدية. دُعي الخلاص المقدم من السيد المسيح حياة أبدية للأسباب الآتية:
أولاً: صار للمؤمن حق الوقوف أمام العدالة الإلهية متحصنًا بذبيحة المسيح التي تحميه من الموت الأبدي.
ثانيًا: صار للحياة حتى في العالم الحاضر طعمها الخاص ورسالتها، حيث يبث المؤمن في الآخرين روح السعادة والفرح والسلام الداخلي خلال عمل السيد المسيح الخلاصي.
ثالثًا: حياة أبدية، لأنها تتعدى حدود الزمن، وتتحدى الموت.
رابعًا: تكشف عن خلود المؤمن نفسًا وجسدًا.
“أن يعرفوك”: المعرفة هي طريق الحياة الأبدية، معرفة الآب الإله الحقيقي وحده، والعبادة له، والطاعة، وقبول السيد المسيح المعلم والذبيحة والكاهن والمخلص، المسيح الحقيقي وحده.
“الإله الحقيقي“: الله ليس اسما مجردًا أو فكرة في الذهن، لكنه الإله الحقيقي الذي ينشغل بخليقته، ويهتم بخلاص بني البشر، العملي في حبه اللانهائي. هذا الذي في حبه الإلهي أرسل ابنه الوحيد خلاصًا للبشر. إنها ليست معرفة عقلانية مجردة، لكنها معرفة اختبار وتذوق لخطة الله الخلاصية. إنها تجاوب مع هذه الخطة، فيقبل المؤمن يسوع المسيح ربًا وفاديًا ومعلمًا ومشبعًا لكل احتياجاته. قبول عملي لإرسالية السيد المسيح الإلهية. فيتمتع المؤمن بتجديد حياته المستمر خلال عمل روح الله القدوس. بهذا فإن المعرفة هي حياة وشركة مع من نتعرف عليه. ما قيل عن الله الحقيقي وحده لا يحمل هنا تعارضًا مع يسوع المسيح، إنما مع العبادة الوثنية وتعدد الآلهة.
يترجم البعض هذا النص: “لكي يعرفوك، ويسوع المسيح الذي أرسلته، الإله الحقيقي وحده“.
يرى القديس أمبروسيوس أن المؤمن أشبه بتاجرٍ ناصحٍ يتقدم إلى مائدة الصيارفة الروحية ليقدم الوزنات والتمسك بالوعود الإلهية مقابل تمتعه بالحياة الأبدية المجانية، فينعم بالمعرفة الإلهية الحقيقية.
v هذه هي كلمة الرب، هذه هي الوزنة الثمينة التي بها تخلصون. هذا المال يلزم أن يُرى على مائدة النفوس حتى بالتجارة الدائمة الصادقة للعملات الصالحة يمكن التنقل في كل مكان بشراء الحياة الأبدية. “هذه هي الحياة الأبدية” التي تهبها لنا أيها الآب القدير مجانًا، لكي نعرف أنك “أنت هو الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته” (3).
v بهذا يضع النهاية لأتباع سابيليوس (الذين يدعون أن الأقانيم الثلاثة مجرد ثلاثة أسماء أو أشكال لأقنومٍ واحدٍ) ولليهود، هؤلاء الذين سمعوه يتكلم. فالأولون يلزمهم ألا يقولوا أن الآب هو ذاته الابن، إذ كان يمكنهم هذا لو لم يُضف “المسيح” إلى العبارة، والآخرون يلزمهم ألا يفصلوا الابن عن الآب.
v تقول الكتب المقدسة أن الحياة الأبدية تستند على معرفة الإلهيات وعلى ثمر الأعمال الصالحة.
v “الإله الحقيقي وحدك“، يقول ذلك بطريقة ما لتمييزه عن الذين ليسوا بآلهة، إذ كان على وشك أن يرسلهم إلى الأمم… أما إذا لم يقبل (الهراطقة) هذا، بل بسبب كلمة “وحده” يرفضون أن يكون الابن هو الله الحقيقي، فهم بهذا يرفضون كونه الله نهائيًا… لكن إن كان الابن هو الله، وهو ابن الله الذي يدعى “الإله وحده“، فمن الواضح أنه هو أيضًا الإله الحقيقي وأن “وحده” توضع للتمييز عن الآخرين.
لو أن الابن ليس هو الإله الحقيقي فكيف يكون هو “الحق”؟ ،لأن الحق يفوق بمراحل “الحقيقي”.
v أولاً: لا توجد حياة أبدية في الاعتراف بالله الآب بدون يسوع المسيح.
v ثانيًا: يتمجد المسيح في الآب. فالحياة الأبدية بكل دقة هي أن نعرف الإله الحقيقي وحده ونعرف ذاك الذي أرسله، يسوع المسيح.
v إذن يتمجد الآب بالابن الذي عرفناه به.
المجد هو هذا أن الابن، إذ صار جسدًا، قبل منه سلطانًا على كل جسد، مع القيام بإعادتنا للحياة الأبدية…
ولكن ماذا تحتوى أبدية الحياة؟ تخبرنا كلماته: الحياة هي “أن يعرفوك” الإله الحقيقي وحده ويسوع المسيح الذي أرسلته. هل يوجد أي شك أو أية صعوبة هنا أو أي تضارب؟ الحياة هي أن تعرف الإله الحقيقي وحده.
القديس هيلاري أسقف بواتييه
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (3): “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته.”
هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك =
كلمة يعرف في الكتاب المقدس تشير للإتحاد الذي يثمر حياة. وهناك ثلاثة مستويات لهذا الإتحاد:- إتحاد جسد بجسد / إتحاد على مستوى اللاهوت / إتحاد المسيح بنا.
1- إتحاد جسد بجسد:- “وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين” (تك1:4) وهذا لأنهما صارا جسداً واحداً “يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكونان جسداً واحداً” (تك24:2). وهذا إتحاد أثمر حياة هو قايين.
2- إتحاد على مستوى اللاهوت:- وأيضاً يقال “ليس أحد يعرف من هو الابن إلاّ الآب ولا من هو الآب إلاّ الابن ومن أراد الابن أن يعلن له” (لو22:10). ففي هذه نرى الآب يعرف الابن والابن يعرف الآب. لأن الآب والابن واحد (يو30:10) والآب في الابن والابن في الآب (يو38:10). وبهذا نفهم أن المعرفة إتحاد. وأيضا هو إتحاد يثمر حياة، فالآب يريد حياة للإنسان، والابن يخلق الإنسان. وهذا ما تم أيضًا بالفداء، فالآب يريد أن الجميع يخلصون والابن تمم الفداء فكانت للإنسان حياة.
3- إتحاد المسيح بنا:– ولأن المسيح يقول “ومن أراد الابن أن يعلن له” أي من أراد الابن أن يعلن له الآب ويعلن له الابن، أي يعطيه أن يعرف الآب والابن، وفي هذه المعرفة إتحاد، والإتحاد يعني حياة. فالإتحاد مع المسيح يعني أن المسيح يعطيني حياته (في21:1 + غل20:2) وهذه الحياة حياة أبدية، فالمسيح إذ قام “لا يسود عليه الموت بعد” (رو9:6). وبهذا نفهم أن الحياة الأبدية التي نحصل عليها هي ثمرة لإتحاد المسيح بنا. إتحاد المسيح بنا أثمر حياة أبدية لنا.
إذا هناك نوعين من المعرفة:- الأول بمعنى الإتحاد. الثاني بمعنى to know.
وهذا الثبات في المسيح أو الإتحاد ينمو وكلما حدث النمو تزداد معرفة المسيح وتنمو (معرفة هنا = know him)، ولكنها ليست معرفة من خارج، كما يعرف إنساناً إنسان آخر، بل معرفة من خلال هذا الإتحاد الذي عمله المسيح “وأوجد فيه.. لأعرفه” (في9:3، 10). فكلما زاد الإتحاد تنمو المعرفة ويزداد الوضوح، وضوح الرؤية والاستعلان. فالمعرفة هي معرفة إتحاد وحب، وإدراك لمحبة الله العجيبة لنا، وبالتالي مبادلته حباً بحب. فالمعرفة هي حالة حب حقيقي مع الله، وتذوق وإختبار لمحبة الله. فالله محبة والله حياة فمن أدرك وتذوق المحبة صارت له حياة (راجع تفسير يو15: 9).
والرؤية هنا على الأرض محدودة. فالقداس الغريغوري وصف الله هكذا “غير الزمني، غير المحدود..” لكن ما هو الله بالضبط فهذا لا يعبر عنه بالضبط على الأرض.
والسماء فيها إتحاد على مستوى أكبر بكثير من الأرض تم التعبير عنه بالعرس (رؤ7:19) وهناك على هذا المستوى نعرف الله أي إتحاد(2كو18:3 + 1كو12:13) وهذا الإتحاد هو ما عبر عنه المسيح بقوله “أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي” (مت29:26) فهو إتحاد على مستوى جديد، ومعرفة على مستوى “وجهاً لوجه” على مستوى زيجي والمعرفة إتحاد، والإتحاد حياة أبدية. وهناك تعرف الكنيسة باسم “إمرأة الخروف” (رؤ19: 7) فالإتحاد أصبح كامل في السماء، هو ثبات في المسيح، والمسيح هو الحياة. والحياة الأبدية مجد وتذوق فرح أبدي بمعرفة هذا الذي أحبنا كل هذا الحب وأعد لنا كل هذا المجد، ويحملنا فيه إليه، وهذا معنى أن الحياة الأبدية أن يعرفوك أي يتحدوا بك ولكنه ليس إتحاد عادي ولكن اكتشاف فيه لذة وفرح بهذا الإله الحلو المحب.
هنا يُعرِّف المسيح الحياة الأبدية.. وهي أن نعرف الله الآب والمسيح يسوع. والمسيح هو القيامة والحياة (يو25:11). والمسيح له الحياة في ذاته مثل الآب وهو يحيي من يشاء (21:5، 26) ولأنه تجسد فهو أعطى العالم هذه الحياة بتجسده (37:6) وبالذات لأخصائه (28:10) وللذين يسمعونه ويدخل صوته إلى أعماق قلوبهم (24:5). فالمسيح هو الحياة أي قوة فعّالة محيية. وهو يعطينا هذا ليقدمنا لله أبيه (6:14) والوسائل التي إستودعها سر الحياة هي في المعمودية (5:3) وفيها نموت ونقوم لنحيا معه إذ نتحد به (رو3:6-5) والإفخارستيا (35:6، 48) وفي كلامه المحيي (63:6، 68). وفي الإيمان (37:7) وفي (63:6، 68). نرى أن كلام الله محيي (قارن مع “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله” مت 4:4). وهنا نرى الرابطة بين الحياة والمعرفة (know). فكلام الله الذي أوحى به الروح القدس (لكل من كتب الكتاب المقدس) له القدرة أن يحيي ويلدنا من جديد (1بط23:1). وهذه أهمية دراسة الكتاب المقدس لذلك يقول أحد الآباء أن الكتاب المقدس هو كلمة الله والمسيح هو كلمة الله.. لذلك فحينما نتأمل في الكتاب المقدس نرى صورة المسيح فنعرفه ونحبه ويتحول الحب إلى فرح. نحن نحصل على الحياة الأبدية هنا بواسطة الأسرار ولكننا نثبت فيها في السماء.
الحياة والنور
المسيح هو الحياة. وهو قال “أنا هو النور” (12:8). وفي (4:1) نسمع أن الحياة كانت نور الناس. فمن يعطيه المسيح حياته يدخل نوره إلى قلبه فيفتح وعيه فيدرك الله ويعرفه (know him) ويعيش في حضرته (1يو1:1-5). والعقل لا يمكنه إدراك هذه الحياة الأبدية، فالعقل لا يُدْرِكْ سوى الملموسات بالحواس الخارجية. ولكن الروح القدس المعطي لنا يعيننا على أن ندركها هنا إدراكاً جزئياً باستعلان يأتي من فوق، من خارج الكيان الإنساني (1كو9:2-12). هنا نرى أن الروح القدس يقود عقل الإنسان فيدرك ما لا يمكنه إدراكه وحدهُ. بل الروح القدس يقود الحياة كلها، فكر الإنسان وعمله ليكون بحسب مشيئة الله سواء بالفكر أو بالعمل ليكون الله غاية كل شيء. ولأن الحياة هي حياة المسيح والمسيح لن يموت ثانية فنحن صارت لنا حياة أبدية (رو9:6). وسمات هذه الحياة الأبدية أن يتذوق فيها الإنسان لذة الفرح الروحي والسلام الذي يعطيه المسيح الذي يفوق كل عقل (لذلك أطلق أباء اليهود على مجد الله الذي يظهر من بين كاروبي تابوت العهد لفظ شكينة وهي من السكينة والسلام الذي يملأ القلب حين يرى مجد الله) ولكن مهما كان السلام والفرح الذي نتذوقه هنا فهو كسبق مذاق، كعربون لما سنحصل عليه من فرح أبدي، هو عربون الملء الذي سنحصل عليه. ونلاحظ أنه كلما عرفنا شيئاً عن الله نفرح. فهل يمكن للإنسان أن يعرف الله بالكمال والتمام حتى في الأبدية؟ الله غير متناهي والإنسان حتى في الأبدية سيظل محدوداً غير قادر أن يدرك الله ويعرفه تمامًاً. لكن الله سيكشف له كل يوم جديداً فيفرح إلى درجة أنه لا يستطيع أن يفرح أكثر لمحدوديته، فيعطيه الله إتساعاً أكثر.. فيدرك ويعرف أكثر.. وهكذا. وهذا لن ينتهي فالله غير متناهي وهكذا نستمر للأبد نعرف شيئاً جديداً عن الله فنفرح ويزداد فرحنا للأبد. من صارت حواسه الروحية مفتوحة فهو في نظر الله حي. ومن حواسه مفتوحة يعرف الله. فمن يعرف الله إذاً هو الحي. ومن لا يدرك الله هو ميت. والحواس الروحية تبدأ تنفتح في سر المعمودية والميرون. فالمعمودية تعطي إستنارة والروح القدس يدرب الحواس الروحية (عب14:5) ومن يبدأ هذا الطريق يبدأ طريق الفرح الروحي وإدراك السماويات ومعرفة الله. هذه تبدأ لغير المؤمن عن طريق الأسرار. ولاحظ فالمعمودية تعطينا أن تكون لنا حياة المسيح الأبدية والروح القدس الذي يسكن فينا بسر الميرون يثبتنا في هذه الحياة. أما للمؤمن الخاطئ فيبدأ طريق التذوق بالتوبة التي هي معمودية ثانية فتتفتح حواسه الروحية، وهذه المعرفة التي تؤدى للفرح تنمو يوما بعد يوم هنا وفي السماء.
وفي مقابل الحياة الأبدية التي يحياها المؤمن التائب يحيا الآخرين في حياة وهمية في لذات مؤقتة مخادعة للحظات تنتهي ويعودوا لكآبتهم وأحزانهم. أمّا حياة المؤمن الأبدية التي يبدأها من هنا في عشرة المسيح فهي حياة الفرح الحقيقي والسلام الحقيقي. بل أن كل من تذوق لذة الفرح الروحي والسلام الذي يعطيه المسيح عاش هذه الأبدية. هو ربما يتذوقها في دراسته للكتاب المقدس أو في قداس أو في الصلاة. وهذه اللحظات التي يتذوق فيها الإنسان لذة الفرح الروحي تعطيه قوة للصمود في وجه الضيقات وآلام هذا العالم. بل يحيا مشتاقاً لحياة ملء الفرح في الأبدية (في23:1). أما من يعيش على ملذات العالم المظلمة لا يعرف سواها فقد اختار طريق الموت.
أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح= المسيح يعطي الحياة بالفعل والآب يعطي الحياة بالمشيئة. فالآب والابن يشتركان في إعطاء الحياة الأبدية. وعلى ذلك يتحتم أن تكون الحياة الأبدية هي معرفة الآب والابن معاً. وإدراك سر الله والخلاص وإدراك محبة الله الآب الذي بذل ابنه وإدراك محبة الابن الذي قدَّم ذاته في حب يسمو عن التعبير. وهذه العبارة تشير للمساواة بين الآب والابن. فهي إذاً برهان على لاهوت المسيح فمعرفة الآب موازية لمعرفة يسوع المسيح. ونلاحظ قوله يسوع (أي المخلص) .المسيح وهذه وظيفته بإعتباره الممسوح من الله بالروح القدس ليكون رئيساً وملكاً على كنيسته ورئيس كهنة يقدم ذبيحة نفسه ليقربنا لله أبيه. وحدك= أي دون الآلهة الوثنية وإبليس أو كل ما يؤلهه الإنسان في حياته كالذات والشهوات. ومعلمنا يوحنا يصف هذه الحياة الأبدية بأنها عشرة مع الآب والابن (1يو1:1-4) وفي هذه الآيات نرى معلمنا يوحنا يكلمنا عن المسيح الذي رآه وعرفه ولمسه. فيكف نرى المسيح ونلمسه ونعرفه؟ هذا يناله من يحبه ويؤمن به.. وكيف نصل لدرجة الحب؟.. هذا يأتي من العشرة مع المسيح في صلواتنا ودراستنا للكتاب المقدس وحضور القداسات والتناول. ومن أحب المسيح وقال مع عروس النشيد “أنا لحبيبي وحبيبي لي” يُعلِنْ له المسيح ذاته. والمحبة حياة فالله محبة. والتعرف على المسيح هو هو التعرف على الآب لأن رسالة المسيح هي استعلان الآب الذي فيه (يو9:14). ومعرفة الآب والابن هي بعينها شركة مع الآب والابن. وقول يوحنا “فإن الحياة أظهرت” فهذا إشارة للتجسد الذي به عرفنا الآب والابن.
الإله الحقيقي وحدك= الإله الحقيقي هو الذي يخلق ثم يحافظ على حياة مخلوقاته، يدبر ويعول ويعطيهم فرحاً حقيقياً. ومن اكتشف هذه الحقيقة هو إنسان له حياة، فالله الذي آمن به يكفل له حياة كريمة على الأرض وحياة أبدية بعد الموت. لكن هناك آلهة أخرى يخلقها الإنسان ويظن أنها حقيقية وهي غير ذلك، كالمال مثلاً الذي لا يستطيع هذا ولا علاقة له بالأبدية، والملذات يظنها الإنسان أنها تعطيه فرحاً حقيقياً وهذا وهم.. هذه آلهة غير حقيقية فهي لا تعطي حياة أبدية، بل تعطي موتاً.
أنت الإله الحقيقي وحدك= هنا المسيح يوجه كلامه للآب. وكلمة وحدك عائدة على الله مثلث الأقانيم. ونحن حين نوجه كلامنا للمسيح نقول له أيضاً أنت الإله الحقيقي، لأن صفة الألوهة هي للآب كما للإبن. والله واحد غير منقسم ولا منفصل. الله هو الحق والعالم وما فيه باطل ومن يعرف الحق يختاره فيحيا ومن يختار الباطل يموت ويستعبد فكلمة حقيقي تعني الثابت غير المتغير، أما العالم فسيفنى وهو متغير ومخادع. وقوله
ويسوع المسيح الذي أرسلته= هذه إشارة لأن الآب لم يُعْرَفْ إلاّ بتجسد المسيح الذي أعلن الآب. وكما أن الآب يمجد الابن، والابن يمجد الآب، كذلك الابن يستعلن الآب والآب يستعلن الابن بالروح القدس الذي أرسله. لذلك يستحيل معرفة أحدهما بدون الآخر. ولا يمكن فصل الإرادة (الآب) عن الفعل (الابن). محبة الآب لا يمكن أن تصل إلينا إلاّ بيسوع المسيح.
أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح = الملخص:-
1) الحياة الأبدية هي معرفة الآب والابن معا (إتحاد وحب متبادل). والآب والابن إله واحد لهما نفس جوهر الألوهية.
2) لا يوجد إله يعطى حياة أبدية كلها فرح ولذة وشبع سوى الله الآب وإبنه يسوع المسيح،3) أما كل ما في العالم لا يشبع فالعالم باطل (سراب).
4) الله هو الخالق وهو ضابط الكل الذي يحفظ خليقته،5) هو خلقنا لأنه أحبنا ويريد لنا حياة أبدية بالإتحاد معه والثبات فيه.
6) من يختار الله بحريته يحيا أبديا في فرح أبدى ومجد أبدى ،7) ومن يذهب وراء أي إله آخر (مال/شهوة/ذات/..) يهلك.
8) الله الآب أرسل الله الابن ليستعلن لنا الآب ومحبته وإرادته في أن نحيا أبديا في مجد وفرح وشبع.