رؤ3: 7 واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا…
“وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا:«هذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ: ” (رؤ3: 7)
+++
تفسير أنبا بولس البوشي
من الرؤيا: «وقال اكتب إلى ملاك كنيسة فيلادلفيا، هكذا يقول القدوس البار الذي معه مفاتيح أل داود، الذي إذا فتح لا يقدر أحد أن يغلق، وإذا أغلق لا يقدر أحد أن يفتح. إني عارف بأعمالك وإيمانك، وهوذا قد جعلت أمامك بابا مفتوحا لا يقدر أحد أن يغلقه، وقوتك صغيرة، لأنك حفظت قولي ولم تنكر اسمي. وهوذا قد سلمت إليك محفل الشيطان الذين يقولون أنهم يهود وهم كذبة. فأنا أدعهم يأتون ويسجدون أمامك ويخرون تحت قدميك. ويعلمون كلهم أنني أحببتك. لأنك حفظت كلامي وصبري، ولهذا أنا أيضا أحفظك من التجارب التي تأتي على كافة المسكونة، ويجرب كل من على الأرض. وأنا آتي سريعا، فاحفظ الذي معك لئلا ينزع أحد إكليلك. والذي يغلب أنا أعطيه (أن يكون) عمودا في هيكل إلهي، ولا يلقى خارجا. وأكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة الآتية من السماء من الله واسمي الجديد. من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس» (رؤ 3: 7-13).
التفسير: «أرسل إلى رئيس كنيسة فيلادلفيا» التي تفسيرها محبة الإخوة، قائلاً: «هكذا يقول القدوس البار» أعني أنه القدوس وبه يتقدس الكافة، والبار الذي بلا عيب، له السلطان أن يبرر ويشجب.
وقوله: «الذي معه مفاتيح أل داود» وبيت يعقوب كالمكتوب ولهذا «إذا فتح لا يستطيع أحد أن يغلق»، أعني قوة سلطان ألوهيته، إذا برر لا يقدر أحد على الإشجاب، وإذا ألقى في الحكم لا يقدر أحد أن يخلص من يده، ومع هذا فهو عالم بما تقدم وما تأخر. وقوله: «جعلت قدامك بابا مفتوحاً لا يقدر أحد أن يغلقه»، أعني باب التوبة، الذي جعله مفتوحًا قدامنا، لا يقدر أحد على إبطالها. وقوله: «قوتك صغيرة» عني ضعف البشرية. ثم أنه مدحه لحفظ قوله وجهاده على اسمه.
وقال: «لذلك هو ذا قد سلمت إليك محفل الشيطان، القائلين إنهم يهود» (أي) حافظين السُنة «وهم بالضد من ذلك»، لأنهم لم يقبلوا تجسّد المسيح الرب. وقوله: «إنه يدعهم يسجدون له» أظهر أن بهاء النصرانية يزداد في تلك النواحي ويعظم سلطانهم، حتي يصير أعداء الحق خاضعين تحت نيرهم لحفظهم أوامر رسله.
ثم زادهم مديحاً قائلاً: «ولأنك حفظت كلامي وصبري فلهذا أنا أحفظك من التجارب الآتية على الكافة التي على الأرض»، بين بهذا أعظم رجاء: إن الذين يحفظون وصية الله هو يحفظهم من المحن، ويجعل لهم حظا في ملكوته.
وقوله: «أنا آتي سريعاً» (يشير إلى) قلة بقائنا على الأرض وأنه يفتقدنا بالوفاة، الصالح والطالح، فمن حفظ الوزنة التي معه وتاجر فيها وربح خلص، ومن تهاون نُزعت منه الكرامة المؤبدة.
وقوله: «الذي يغلب يعطى (أن يكون) عمودا أبيض» لم يغن عمود حجر، بل مجدا قائما ثابتًا إلى الأبد في مدينة أورشليم المستعدة، التي هي الملكوت المستأنفة . وقوله «إلهي» لأجل التجسد. «والجديد» يعني (أن) الأشياء العتيقة (قد) زالت، وكل شيء تجدد بالمسيح له المجد.
تفسير ابن كاتب قيصر
16- (7) واكتب إلى ملاك كنيسة فيلادلفيا هذا ما يقوله القدوس الحق الذي بيده مفاتیح بيت داود الذي يفتح فلا يغلق أحد وإذا أغلق فليس يقدر أحد أن يفتح (8) أنا أعرف أعمالك وإيمانك هوذا جعلت أمامك بابا مفتوحا ولا استطاعة لأحد أن يغلقه لأن لك قوة يسيرة وحفظت قولى ولم تجحد اسمى (9) هوذا أعطيك جماعة الشيطان الذين يقولون إنهم يهود وليسوا هم قوم ولكنهم يقولون الكذب وهوذا أجعلهم يأتون ويسجدون لك وينطرحون أمام رجليك ويعلمون جميعهم أنى أنا أحببتك (10) وأنت حفظت قولى وصبرى ومن أجل هذا أنا أيضا أحفظك من التجربة الآتية على الخلق كلها لتجرب كل من على الأرض (11) وأنا آتي سريعا فتمسك بالذي معك كي لا يأخذ أحد إكليلك (12) من يغلب أضعه عمودا في بيت إلهى ولا يخرج بعد وأكتب اسم إلهى عليه واسم المدينة الجديدة التي لأبي أورشليم النازلة ء من قبل إلهي واسمى الجديد (13) من له أذنان أن يسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس السماء.
قوله : «اكتب إلى ملاك كنيسة فيلادلفيا[2] » ، مدينة سميت باسم من أنشأها وهو أتالوس فيلودلفوس أي محب الأخت . وهي لفظة يونانية تفسيرها : «فیلو» محب ، و «دلفيا » الأخت ، لأن في آخرها علامة التأنيث.
قوله : « هذا ما يقوله القدوس الحق الذي بيده مفاتیح بیت داود » القدوس والحق من الأوصاف الإلهية ، وعدل عن صيغة اسم الفاعل إلى المصدر للمبالغة ، كما يقول في عادل عدل وليتميز بذلك عن أوصاف البشر والمفاتيح يريد بها الحكم النافذ ، لأن طاعة المأمور للأمر كطاعة القفل للمفتاح ، وهو على سبيل المحاكاة والتمثيل المفهم للسمع ، ويريد ببت داود ملمه على يهوذا وإسرائيل . وحسن في التمثيل إنه لما ذكر مفاتيح ذكر بیتا ، وهذا المعنى إنما يصح أن يفهم من ناسوته المعظم وهو ، وإن كان ملك السماء والأرض ، فإن وعد الله لبني إسرائيل بالمنتظر على ألسن أنبي نه إنما كان هكذا ، وكذلك قال جبرائيل الملاك لسيدة نساء العالمين مريم البتول : « ويجلس على كرسى داود أبيه»(لو1: 32) ، وإن كان ليس أب البشر : فالنسبة الناسوتية له من الأمم تنتهى إلى داود ثم يهوذا.
قوله : «الذي يفتح فلا يغلق أحد وإذا أغلق فليس يقدر أحد أن يفتح » ، يريد بالفتح والغلق تنفيذ أحكامه بالحياة والموت ، والإسعاد والإشقاء ، والدينونة والمغفرة ، والعطاء والمنع ، إلى أمثال ذلك من مصادر القوة العالية . كما ذكر في بشارة هذا الرسول : «بل أعطى الحكم كله للابن »(يو5: 22) ، وقال هو المسيح عن نفسه : « أعطيت كل سلطان في السماء وعلى الأرض »(مت28: 18) ، ولا مانع إذا أعطى ولا معط إذا منع.
وأما قوله : « أنا أعرف أعمالك وإيمانك» ، قد مضى تفسير مثله.
قوله : «هوذا جعلت أمامك بابا مفتوحا ولا استطاعة لأحد أن يغلقه » ، يريد بهذا الباب الاستعداد والقبول منه ، بدليل قول بولس الرسول : « قد انفتح لی باب عظيم في البشري »(1كو16: 9) ، أي استعداد قوم يدخلون الإيمان . هكذا هذا الرئيس جعل له أن يدعو أرباب البدع الذين بمدينته لطاعته والخضوع له وأما كون لا استطاعة لأحد أن يغلقه ، فهو أن أحدا لا يقدر أن يجرفهم عن طاعته ، فذلك قوله عن جماعة الشيطان «هوذا أجعلهم يأتون ويسجدون لك وينطرحون أمام رجليك »
وقوله : «لأن لك قوة يسيرة وحفظت قولى ولم تجحد اسمى» ، القوة التي له هي المحافظة على الإيمان ، وإنه لا يجحد . وكونها يسيرة هو أنه لم تطل مدة عقابه ولا كثرت آلامه بحيث يعدم صبره ويعز جلده، بل نال الشهادة مناجزة مساهلة ، بدليل قوله : «فتمسك بالذي معك كي لا يأخذ أحد إكليلك» . قوله « وحفظت قولی» ، يريد بذلك حفظه الوصايا بالإجهاد في العبادة ومثابرته عليها.
أما قوله : «هوذا أعطيك من جماعة الشيطان الذين يقولون إنهم يهود وليسوا هم قوم ولكنهم يقولون الكذب » جماعة الشيطان كل من خرج من الحق ، ومن جملتهم هؤلاء القائلون إنهم يهود وليسوا هم قوم ولكنهم يقولون الكذب وقد فسرنا هذا النص بعينه في ما كتب به إلى كنيسة اسمرنا . وقوله : « وهوذا أجعلهم يأتون ويسجدون لك وينطرحون أمام رجليك »، إتيانهم إليه هو طاعتهم له وهي الموهبة الأولى . وسجودهم له وانطراحهم أمام رجليه هو خضوعهم له ، وهو الموهبة الثانية . وقوله : « ويعلمون جميعهم أنى أنا أحببتك وأنت حفظت قولي وصبري» ، أما علمهم بأن سيدنا له المجد أحب هذا الرئيس فهي الموهبة الثالثة وحفظ قوله قد بين ، وأما إضافة الصبر إلى سيد الكل ، فإن الشيء قد يضاف تارة إلى فاعله كقولك : هذا السيف صنعتي ، وتارة إلى مفعوله كقولك للمجروح : هذا جرحك ، والمراد هنا بقوله وصبرى إضافة الشيء إلى مفعوله ، فيكون تقدير القول : يعلم جميعهم أنى أحببتك وأنك حفظت قولي وثبت على اسمى.
قوله : « من أجل هذا أنا أيضا أحفظك من التجربة الآتية على الخلق كلها لتجرب كل من على الأرض» ، أي ومن أجل حفظ وصاياي أنا أحفظك من التجربة الآتية ، والتجربة النازلة بالخلق أجمع هيجان الملوك الكفار في تلك الأيام بتحريك من الشيطان على جميع المؤمنين ، وعقابهم لهم بأنواع تفوق الحصر بالنار ، والسلخ ، والغليان في الزيت والقطران ، وتقطيع الأعضاء إربا إرباً، وتسريج الجسم بأمشاط الحديد ، وعصر الهنبازين ، وإراقة الخل والجير على الجراحات ، والنشر بالمنشار ، والصلب بالتسمير ، والإلقاء إلى الأسد والحيات ، وإلى غير ذلك ، والقتل بالسيف أخيرا . ولذلك سطر التواريخ آخر قوانين الرسل ما نسخته : «لما فرغ الحواريون من وضع السنن الجديدة ، وكثر المؤمنون على الأرض ، فكان الملوك – بحيل الشيطان – كفارا ، فأسرعوا لقتل المؤمنين وتعذيبهم ليسجدوا للأصنام . وكان في ضيق وشدة وقهر يشغل عن وضع سنن أخرى نحو ثلاثمائة وست وخمسين سنة إلى قرب ملك قسطنطين الكبير . وإذا نال إنسان إكليل الشهادة معجلا من غير عذاب يطول فيه أمره ويعدم صبره ، فلا شك أن هذا حفظ وعناية.
وقوله : «وأنا آتي سريعا » ، هذا الإتيان إشارة إلى انتقال هذا الرئيس بالشهادة ، ولهذا تلاه بقوله : «فتمسك بالذي معك كي لا يأخذ أحد إكليلك »
قوله : «من يغلب أضعه عمودا في بيت إلهى ولا يخرج بعد» ، قد فسرنا الغلب ما هو ، والعمود يريد بها الثبات بدليل قوله ولا يخرج بعد وقول الرسول بولس أيضا «فلنعلم كيف يجب أن يكون في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمـودا وثباتا للحق » . ويريد ببيت إلهه أورشليم السمائية ، وبقوله لا يخرج بعد ، أي لا ينتهي هذا الخلود في النعيم ولا انقضاء له ، بل يكون أبدا سرمديا . وقوله : « وأكتب اسم إلهى عليه واسم المدينة الجديدة التي لأبي أورشليم النازلة من السماء من قبل إلهى واسمى الجديد» ، قد عرفت أن الاسم تارة يراد به مجرد الاسم كما قال : «فص وعليه اسم مكتوب» ، وتارة يراد به المسمى كقوله «لكن لى عندك أسماء قلائل» أي أشخاص قلائل . وكما قال الإبركسيس : «وفي هذه الأيام قام بطرس في وسط الإخوة ، وكانوا كثيرا مجتمعين هنا وهنا يكونون قدر مائة وعشرين اسما » ، ومراده أشخاص . وهذه ثلاثة أسماء قد ذكر كتابتها هنا : الأول قوله : «اسم إلهي» ، وأظن هذا الاسم هو الذي قيل في الفصل العشرين [فص ۱.۳] عن الأمين الصادق إن «على رأسه أكاليل كثيرة » (5) وهناك اسم مكتوب لا استطاعة لأحد أن يعلمه إلا هو وحده ، فمحاولة معرفة هذا الاسم بعد هذا القول جهالة ، لأنه من الأسرار المكنونة الغوامض المصونة عن البشر وغيرهم . ولعل في معرفة هذا الاسم الأعظم أو التلفظ به تأثير ، ولذلك أخفى وكتم ، لأن في أسماء الله تعالى الواردة في الكتب العتيقة والحديثة أسماء لا تذكر في كل وقت ولا كيف اتفق ، بل في أعياد كبار وأوقات مخصوصة ، كالاسم العبراني الذي على أربعة أحرف ، والاسم الذي على ستة أحرف ، وأسماء أخرى تجرى هذا المجرى ؛ فيكون هذا الاسم المكتوب أعظمها ، وهذا ما يكمن قوله فيه وقد ذكر في كتاب قصص الرسل مما يناسب هذا المعنى «إنهم كانوا يعملون العجائب بالاسم» ، وكقول بطرس الرسول للمفلوج المجتدى منه : «الذي لي أنا أعطيه لك باسم يسوع الناصري قم »
والثاني قوله : «اسم إلهي عليه واسم المدينة الجديدة التي لأبي أورشليم النازلة من السماء من قبل إلهي» ، إن كانت إشارته بهذا الاسم إلى لفظة أورشليم فهو ظاهر ، وإن كانت الإشارة به إلى أسماء أخر لهذه المدينة فهو مكتوم ، ولعله الذي قال عنه أولا : إنه مكتوب على الفص ، والله أعلم باليقين في ذلك . والكلام في المدينة النازلة من السماء سيأتي في مكانه بمشيئة الله تعالى.
والثالث قوله : « واسمى الجديد » ، وهذا الاسم هو المذكور في الفصل العشرين [فص ۱.۳] المقول فيه عن سيد الكل : «واسم مكتوب على ثوبه وفخذه ملك الملوك ورب الأرباب » ( ، فهذا هو اسمه الجديد . أما الكتابة في قوله : « وأكتب اسم إلهى عليه» فإن كيفيتها مشكلة مستبعدة إن كان اللفظ على ظاهره ، لأنها تكون من باب الوسم والعلامة ، والأقرب أن يكون مراده بالكتابة التعريف ، ومثال ذلك : أنك إذا عرفت من شخص أنه ابن فلان وأخو فلان ونسيب فلان ، فإن هذه ثلاثة تعريفات دلت على ثلاثة معان ملحقة وتختص به ، وتدركها أنت منه وتعرفها كما تعرف من المكتوب ما يدل عليه والكتابة هي المعرفة بذلك . فيكون تقرير هذا الفص بهذا الاعتبار على هذه الصورة : من يغلب آخذه إلى الملكوت ، ويعرف أنه له نسبة اختصاص إلى إلهى وإلى ، وأنه من أهل الملكوت . وأما الترتيب في ذكر هذه الأسماء الثلاثة فإنه بدأ باسم الإله لشرفه ، وختم باسم سيدنا لأنه آخر ما يسمع ويبقى في الذهن ؛ فتعين أن يكون اسم المدينة وسطا وبقية الفص قد مضى تفسير مثله.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إلى ملاك كنيسة فيلادلفيا 7 – 12.
- من هو؟
“واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا”، قيل إنه الأسقف كوذرانوس، غير أن القديس إيرونيموس يقول بأن هذا الأب كان أسقفًا على أثينا وليس على فيلادلفيا.
- وصف الرب
أ. إذ اتسمت هذه الكنيسة بالتراخي في العمل، لهذا يقدم الرب نفسه لها قائلاً: “هذا يقوله القدوس” [7]. وأنه يكفي للمخلوقات الحية الأربعة (رؤ 4) أن تدرك في الرب أنه قدوس لتسجد له على الدوام ليلاً ونهارًا بلا ملل. وما أن يسمع الأربعة والعشرون قسيسًا السمائيون الأربعة مخلوقات الحية يقولون “قدوس، قدوس، قدوس” حتى يقوموا من على كراسيهم ويخلعوا أكاليلهم، ويلقونها عند رجليه ساجدين. وهم يصنعون هذا منذ خلقتهم إلى يومنا هذا ويبقون هكذا إلى الأبد في شوق وهيام نحو هذا القدوس لا يعرفون ماذا يقدمون له.
هكذا عندما يدرك الإنسان حقيقة قداسة الله يلتهب بنيران الحب المتأججة نحو عبادة الرب والسجود له وخدمته بلا ملل!
ب. يقدم نفسه على أنه “الحق”، حتى تترك هذه الكنيسة تراخيها لتسلك طريق الحق.
ج. يقدم لها نفسه “الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح”. هذا الوصف الذي سبق أن أعلنه إشعياء في ألياقيم رمز المسيح (22: 21). وكأن الرب يشجع كنيسته قائلاً: لماذا تتراخين في العمل وأنا وحدي أفتح لكِ أبواب السماء، وأغلق عليكِ، فلا يقترب منك إبليس. أما المفتاح الذي به يفتح فهو:
أ. يرى القديسان كيرلس الكبير وإيرونيموس أنه سلطان الحل والربط الذي وهبه الرب لعروسه خلال تلاميذه (مت 16: 19).
ب. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أنه الصليب الذي به يفتح لنا الرب باب الفردوس، ويدخلنا الملكوت كما يغلق به في وجوهنا الجحيم وجهنم.
ج. يرى القديس غريغوريوس صانع العجائب أن هذا المفتاح هو فهم الكتاب المقدس وخاصة النبوات، لأن روح المسيح الذي كتب النبوات هو وحده القادر أن يوضحها ويكشفها.
- حال الكنيسة
“أنا عارف أعمالك،
وهأنذا قد جعلت أمامك بابًا مفتوحًا،
ولا يستطيع أحد أن يغلقه،
لأن لك قوة يسيرة،
وقد حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي” [8].
بالرغم مما اتسمت به هذه الكنيسة من تراخٍ في العمل، لكنه يعرف أعمالها القليلة ولا ينساها. إن كل صلاة مهما بدت فاترة، وكل صدقة، وكل مثابرة مهما بدت هينة لا يتجاهلها الله، جاعلاً باب الخلاص مفتوحًا أمامنا. من أجل القليل يقدم الله الكثير.
ولعل الباب المفتوح هنا هو باب الخدمة الفعال (1 كو 16: 9)، فإذ كانت له قوة يسيرة في الكرازة والرعاية يهبه الله قوة للخدمة غير ناسٍ أنه حفظ كلمته ولم ينكر اسمه، من أجل هذا يقول له:
“هنذا أجعل الذين من مجمع الشيطان،
من القائلين أنهم يهود وليسوا يهودًا، بل يكذبون.
هانذا أصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليكِ،
ويعرفون أني أنا أحببتك.
لأنك حفظت كلمة صبري،
أنا أيضًا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله
لتجرب الساكنين على الأرض [9-10].
بالرغم من ضعف الجهاد لكن الله لا ينسى هذا التعب. من أجل هذا يعطيه الرب نعمة فيحطم قوة الشيطان التي لبست مجمع اليهود كآلة في يده. وهنا يقدم لنا الرب مبدأين:
أ. المبدأ الأول أننا لسنا كفاة من أنفسنا للعبادة أو للخدمة لكن كفايتنا من الله (2 كو 3: 5). إننا بنعمة الله أكفاء وقادرون على تحطيم قوة الشر بكل شجاعة وثقة. نحن في ذواتنا “كأن لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات، لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفيةٍ ليكون فضل القوة لله لا منا” (2 كو 1: 9؛ 4: 7).
ب. المبدأ الروحي الثاني أننا نكون أمناء فيما بين أيدينا يهبنا الله الأمانة فيما يفوق طبيعتنا. نتحفظ من الشر قدر استطاعتنا، فيحفظنا الرب مما هو ليس بإرادتنا. نعمل بأمانة الآن، فيهبنا الله الأمانة في أشد لحظات الظلمة المقبلة.
- العلاج والمكافأة
يتركز علاج التراخي في العمل في إدراك حقيقة مركز الإنسان وما أعده الله له في الحياة الأبدية بهذا يمتلئ رجاءً، فيعمل بفرح وثقة في غير يأس. لهذا يقول له الرب:
“ها أنا آتى سريعًا،
تمسك بما عندك،
لئلا يأخذ أحد إكليلك.
من يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي،
ولا يعود يخرج إلى خارج،
وأكتب عليه اسم إلهي،
واسم مدينة إلهي، أورشليم الجديدة،
النازلة من السماء من عند إلهي، واسمي الجديد.
من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس” [11-13].
بهذا الرجاء يحمس الرسول أولاده قائلاً “هكذا اركضوا لكي تنالوا، وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأما نحن فإكليلاً لا يفنى” (1 كو 9: 24-25).
إنه يعين رجاءنا بقوله: “ها أنا آتى سريعًا“. فيليق بنا أن نتمسك بما عندنا من البركات التي نلناها، سالكين كما يليق كأبناء الله بالمعمودية وكهياكل مقدسة للروح القدس.
كما يحذرنا “لئلا يأخذ أحد إكليلك“، كما أخذ البشر إكليل الملائكة الساقطين، وأخذ يعقوب بركة عيسو (تك 25)، وأخذ يهوذا بركة رأوبين (تك 49)، وأخذ داود إكليل شاول، وأخذ متياس إكليل يهوذا، وأخذت الأمم البركة برفض اليهود.
وما هو إكليلنا أو رجاؤنا؟
أ. يصير الغالب “عمودًا في هيكل الآب“. والعجيب أنه يدعو الآب “إلهي” مكررًا ذلك أربع مرات، مبينًا علاقة المسيح بالمؤمن الغالب في أبهي صورها، مظهرًا وحدة الحب اللانهائي حتى يدعو أباه معنا قائلاً عنه “إلهي”. وهذا يكفي أن يكون إكليلنا. هذه الوحدة التي لا نستحقها ولا يقدر الفكر أن يتصورها!
ب. يقيمنا أعمدة حية في السماء، والأعمدة تشير إلى النصرة كما أقام المكابيون أعمدة على قبورهم وهم ينقشون عليها أسماءهم (1 مك 13: 29). ويرى الأسقف فيكتورينوس أن الأعمدة هي زينة البناء، لهذا يكون الرعاة الغالبون هم زينة المؤمنين في السماء في يوم الرب العظيم. وقد دعا الرسول بولس يعقوب ويوحنا وبطرس أعمدة الكنيسة (غلا 2: 9) ودعا “كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته” (1 تي 3: 15).
ج. لا يعود يخرج إلى خارج. كالعمود الذي يرتكز عليه البناء، وكابن يبقى إلى الأبد (يو 8: 35)، هكذا يكون حال الغالبين في الأبدية.
وكما يقول القديس أغسطينوس: [من لا يشتاق إلى المدينة التي لا يخرج منها صديق ولا يدخلها عدو!]
د. ينقش على العمود ثلاثة أسماء هم المنتصرون المخفيون:
أولاً: اسم الآب، فإن كل نصرة تسندها محبة الله وتدبيره الخفي.
ثانيًا: اسم مدينة الله، أورشليم الجديدة النازلة من السماء. المدينة المنتصرة على كل قوى الشر، وهي تبقى منتصرة إلى الأبد لا تصيبها عوامل زمنية ولا يهاجمنا عدو بعد.
ثالثا: اسم السيد المسيح الجديد، وربما يكون الاسم “الحمل” إذ يتكرر في سفر الرؤيا حوالي 28 مرة، لكن على أي الأوضاع سيسجل على كل مؤمن اسم الرب، ليس بلغة بشرية، بل بالوحدة الخفية والرباط الأبدي بيننا وبينه كأعضاء في جسده.
ويبقى اسم الرب جديدًا في تذوقنا له في الأبدية، لا يشيخ ولا يمل المؤمن من التلذذ بنطقه والاستمتاع بحلاوة عذوبته.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
كنيسة فيلادلفيا
معنى كلمة فيلادلفيا هو محبة الإخوة. وهذه تشير للعصر الأخير قبل مجىء ضد المسيح. ومحبة الإخوة تشير لعصر وحدة وتآلف بين الكنائس يسمح به الله ليسبق الأيام الصعبة عند ظهور ضد المسيح. وكما قلنا من قبل فإن كنيسة لاودكية الأخيرة تمثل زمن مجىء ضد المسيح التى سيكون فيها ضيق لم ولن يكون مثله (دا1:12). وتكون وحدة الإخوة كإستعداد لمواجهة هذه الأيام الصعبة.
ومشكلة هذه الكنيسة:- لأن لك قوة يسيرة = فهم عندهم قوة يسيرة هذا بالرغم من انهم لم ينكروا الإيمان بالمسيح. وهذه الحالة قد تصيب الإنسان وبالذات الخدام حين يواجهون مشاكل كثيرة. وأمام ضغط المشاكل التى تبدو بلا حل ومن كثرتها يصاب الخادم بشىء من الإحباط وأنه على مشارف اليأس. فالمشاكل كثيرة وأكبر من طاقته. والسيد المسيح يبغض هذا الشعور. فالكنيسة بيت الله هى كنيسته هو وما نحن سوى خدام لديه وألات فى يديه لذلك يجب أن يتغلب على شعور الإحباط هذا بالإتكال على الله من كل القلب عارفين قوته وأن الخدمة هى خدمته. هذه الحالة هى حالة الكنيسة فى فترة ما قبل ضد المسيح حيث يبدأ فك الشيطان فتزداد الخطايا والعثرات وتزداد المشاكل جداً.
والمسيح يشجع هذا الملاك ويقول له = قد حفظت كلمتى ولم تنكر إسمى = فهو إنسان صالح ولكنه يشعر أنه لا يقوى على العمل بسبب مشاعر الإحباط التى يواجهها.
ومن له ثقة وإيمان يعلم أن الله سوف يظهر مجده وبالتالى بإيمانه هذا وثقته هذه يعمل الله فيه ويشعل الخدمة معه، أما من له قوة يسيرة فلن يقوى إلا على أن يخلص نفسه فقط. هذا الملاك مشكلته أنه ظن أن الأبواب مغلقة أمامه من كثرة المشاكل.
والصورة التى ظهر بها المسيح لهذه الكنيسة هى صورة القادر على كل شىء فلماذا الإحباط؟
الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح = إذا الخادم عليه أن يعمل بلا كلل ولا ملل ولا يأس، لكن الله هو الذى يتولى حل المشاكل وقتما يريد فهو المسئول عن الكنيسة وعن خلاص النفوس، ويستخدمنا كآلات فى يديه. ضرب السيد المسيح هذا المثل لشرح هذه الحقيقة “هكذا ملكوت الله كأن إنساناً يلقى البذار على الأرض وينام ويقوم ليلا ونهارا والبذار يطلع وينمو وهو لا يعلم كيف” (مر27،26:4) القدوس الحق = يقف السمائيون أمام الله يتأملون فى عظمته وقدرته وقوته وجبروته ومحبته ومجده، فيفرحون به ويسبحونه قائلين قدوس قدوس قدوس وبتسبحتهم هذه تشتعل قلوبهم بنار محبته لقداسته ومجده.
وبولس الرسول يعلمنا أنه لكى نمتلىء بالروح القدس علينا أن نسبح ونرنم ونرتل (أف19،18:5). وهذه الصورة للمسيح هنا أنه القدوس الحق تعلمنا أن نعمل عمل السمائيين أى نتأمل فى الله القدوس ونسبحه مثلهم فتشتعل قلوبنا محبة له وثقة فيه عوضا عن الإحباط، فنعمل ونخدم بأمانة. وكلما خدمنا بأمانة نكتشف يد الله القدوس معنا، والله الحق الذى ينتصر على الباطل، فتلتهب قلوبنا داخلنا ولا يعود لنا قوة يسيرة، بل نعمل بقوة كما بنار وتلتهب مشاعرنا بالرغبة فى الخدمة، وهو الذى يفتح ولا أحد يغلق، فهو يفتح أمامنا الطريق ولنلاحظ أن هناك نوعين من المشاعر الخاطئة قد تصيب الخادم:-
- الأول هو الشعور بالكبرياء لنجاح خدمته وإحساسه بانه هو الذى يعمل.
- الثانى هو الشعور بصغر النفس واليأس وأنه لا أمل فى حل المشاكل.
أما الشعور الصحيح فهو أن الله هو الذى يعمل فالحرب له وليست لنا. لذلك نسمع قول الرب هنذا قد جعلت امامك بابا مفتوحا ولا يستطيع أحد أن يغلقه. والله يفتح لمن له غيرة مقدسة وقلب مملوء ثقة وإيمان ويصلى بلجاجة
ونحن نعانى من نوعين من المشاكل:
- مشاكل حالية نعرفها.
- مشاكل مستقبلية مجهولة نتوقعها ونخشاها.
والله بهذا يعطى الإطمئنان لكل منا بانه المسئول عن حل المشاكل الحالية والمستقبلية فلماذا الخوف؟
ولأن هذه الكنيسة تسبق زمنيا فترة نهاية العالم ومجىء ضد المسيح فنسمع فيها عن نبوتين:
- عودة اليهود.
- التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله فى نهاية الأيام.
نبوة بعودة اليهود:- عودة اليهود للإيمان هى من علامات الأيام الأخيرة كما نفهم من رسالة رومية ص 10. وهنا نبوة واضحة بعودتهم ففترة كنيسة فيلادلفيا زمنيا هى فترةنهاية الأيام وقبل مجىء ضد المسيح مباشرة. هنذا أجعل القائلين أنهم يهود.. هنذا أصيرهم يأتون ويسجدون = وليس من الخطأ أن نشعر أننا نقترب من ايام النهاية، ولكن الخطأ كل الخطأ أن يتجاسر أحد ويحدد يوما أو سنة للنهاية. ومما يعطينا الشعور بإقتراب النهاية إيمان اليهود المتزايد بالمسيح هذه الأيام. والإحصائيات تقدر عدد المؤمنين منهم بالمسيح من اليهود الموجودين بدولة إسرائيل بحوالى 60.000 مؤمن يسمون أنفسهم اليهود الماسيانيين. أما الذين مازالوا على عنادهم ورفضهم للمسيح وإهانتهم له فيسميهم مجمع الشيطان من القائلين أنهم يهود وليسوا يهود بل يكذبون.
ولأن أيام ضد المسيح ستكون أياماً صعبة جدا، فهنا نجد أن الرب يعطينا طمأنينة أنه سيحفظ أولاده. أنا أيضا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض. ولاحظ أن هذا الكلام يسبق كنيسة لاودكية مباشرة التى تمثل فترة ضد المسيح أى فترة التجربة العتيدة أن تجرب الساكنين على الأرض. وقوله ها أنا آتى سريعا يشير لأن هذه التجربة (ظهور ضد المسيح) تسبق مباشرة مجىء المسيح الثانى للدينونة. وحقا فاليهود يوجد منهم كثيرون يؤمنون الآن. ولكن هذه الآيات تشير أيضا لعودة كثير من الخطاة إلى أحضان الله والله القادر على كل شى قادر أن يعيد أشر الخطاة ويجعلهم شهوداً وخداما له.
إلا أن عودة اليهود وسجودهم هذا يفسر لكنيسة فيلادلفيا نفسها أيام يوحنا بإيمان بعض اليهود المقاومين للكنيسة فى وقتها. وهكذا تفهم كنيسة فيلادلفيا أيام يوحنا أن ساعة التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله هى إضطهاد الدولة الرومانية للكنيسة. والله سيحفظ إيمان الكنيسة ويعزيها فى هذا الوقت.
لأنك حفظت كلمة صبرى = أضاف الصبر إلى الكلمة لأن الإيمان المسيحى ينبغى أن يقترن بالصبر أمام الضيق والإضطهاد. ومن يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص.
ها أنا آتى سريعا = لأن كنيسة فيلادلفيا تسبق كنيسة لاودكية التى تعبر عن نهايةالأزمنة ومجىء المسيح الثانى، نسمع هذه العبارة ولكنها تعنى لكل واحد منا أن ساعة إنتقالنا للسماء آتية سريعاً فلنصبر على آلام هذا العالم بلا جزع ولا إضطراب.
تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد أكليلك = أحسن شرح لهذه الآية هو قصة شهداء سبسطية الأربعون. فالمتردد الذى ترك بحيرة الثلج وذهب للماء الدافىء منكراً المسيح فقد إكليله وأخذه بدلا منه الجندى الذى آمن بالمسيح ونزل فى بحيرة الثلج بدلا منه. وهذه الآية تنفى أن للرب مختارين عينهم للحياة الأبدية، ومرفوضين عينهم للهلاك. لأنه إن كان هذا الأسقف مختارا فما معنى لئلا يأخذ أحد إكليلك وإذا لم يكن مختارا فما معنى تمسك بما عندك. الحقيقة أن الله يريد أن الجميع يخلصون (1تى4:2)، أما القرار فهو قرارى وبحريتى الشخصية. وهذا لا يمنع معونة الله حتى يكون القرار الذى أتخذه لصالح خلاص نفسى، والمعونة قد تكون بالتشجيع أو بالتأديب. ولاحظ أنه قيل عن اليهود.
مجمع الشيطان= فهم بعد أن كانوا شعب الله وإبن الله البكر فقدوا هذه النعمة بإختيارهم الخاطىء وقيل عنهم مجمع الشيطان. فلنحذر لئلا نفقد النعم التى أعطاها الله لنا.
يأتون ويسجدون = هو سجود الإحترام وليس العبادة وهذا رد على من ينكر السجود أمام الآب البطريرك أو الأساقفة.
أنا أيضا سأحفظك من ساعة التجربة = هذه الآية رد على البلاميس الذين يقولون أن المؤمنين سيختطفون على السحاب وأن الضيقة ستأتى على الأشرار فقط. وهنا نرى أن الضيقة ستشمل العالم كله، لكن الله سيحفظ المؤمنين. وقيل أنها تجربة لأنها تجرب المؤمنين أى تنقيهم، أما الأشرار الهالكين فلن يستفيدوا منها، لن تكون تجربة بالنسبة لهم.
والوعد لمن يغلب:- أجعله عمودا = فى هيكل سليمان كان يوجد عمودان إسمهما بوعز وياكين. وقيل عن الهيكل أنه كان مستندا عليهما، والبعض قال إنهما كانا فقط للزينة. وهنا الله يود أن يؤكد لكل أولاده أهميتهم لديه. فكل منا سيكون عموداً فى الهيكل أو يزينه. فلماذا مشاعر صغر النفس التى تنتاب أولاد الله بالرغم من أن الله يؤكد على أهميتنا عنده. الشعور بصغر النفس يعرقل حياتنا الروحية ويعرقل الخدمة. المسيح يقول له بالرغم من قوتك اليسيرة سأجعلك عمودا ويقول له هذا لتشجيعه.
أكتب عليه إسم إلهى = المعنى أننا صرنا مخصصين لله ولخدمته وللشهادة له. ومن يحمل إسم الله لابد أن تبدو عليه مظاهر التقوى والقداسة والوداعة والفرح.
وإسم مدينة إلهى = هذه تعبر عن تحول الإنسان إلى إنسان سماوى له المواطنة السماوية هذه تشبه جواز السفر المكتوب فيه فيزا دخول بلد ما. والمدينة هى أورشليم السماوية.
وإسمى الجديد = يشير هذا لأننا فى السماء سنعرف المسيح معرفة جديدة غير التى عرفناها على الأرض، سنكتشفه من جديد ونتعرف على قدرته كإله قدير وعلى حلاوة عشرته. وتكون هذه المعرفة متجددة كل يوم، نكتشف من أعماق محبة المسيح لنا ما يجعلنا نفرح بالأكثر. وكل يوم نكتشف قدراته وصفاته فنفرح بالأكثر. فيد الله وأعماله الرائعة تظهر جديدة كل يوم وكأنها تظهر لأول مرة. وأعماله فى الكنيسة الآن، وكونه يحمل كنيسته بشعبها وخدامها، وإحتضانه للكنيسة يبدو دائماً جديداً وبكل الحب.
تكرار كلمة إلهى = يشير للصلح الذى حدث بينى وبين الله الآب والذى صنعه المسيح بفدائه فنحن بالمسيح المتجسد وبفدائه رجعنا شعبا خاصا بعد أن كنا مرفوضين والمسيح يقول إلهى هنا لأنه بعد تجسده وإتحاده بجسد البشرية صار يتكلم بلسانها فالكنيسة جسده. المسيح بلاهوته واحد مع الآب ولكن بناسوته يقول إلهى.
يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح = الله يفتح أمام أولاده باب الرجاء والنصرة والخلاص ويغلق أمامهم أبواب الخطية والسقوط ليحميهم.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع7: ملاك الكنيسة: هو القديس كوزرانوس.
فيلادلفيا: مدينة بناها ملك برغامس (فيلادلفس) وأطلق عليها اسمه، وتعرضت لزلازل كثيرة أفقرتها وجعلت سكانها يهجرونها على مدى الأزمان.
القدوس الحى: يقدم السيد المسيح نفسه هنا باسم من أسمائه وصفاته “القدوس” وهي صفة لا تطلق إلا على الله ولا يشترك أحد معه في هذا اللقب، أي إعلان واضح عن لاهوته، وكذلك هو “الحق” أي الفاحص الأعماق والصادق في كلامه والعادل في أحكامه.
له مفتاح داود: تنبأ إشعياء عن المسيح المخلص فقال “أجعل مفتاح بيت داود على كتفيه فيفتح وليس من يغلق ويغلق وليس من يفتح” (إش 22: 21-22).
فيؤكد السيد المسيح هنا أنه هو من تكلم عنه إشعياء بالروح القدس، وتعبير “مفتاح داود” يعني سلطان الملك المطلق والذي بيده كل شيء، فهو يفتح الملكوت وبيت أبيه لمن يريد ويغلقه في وجه من لا يستحق.
أيضًا يأتي مفتاح داود كإشارة ورمز لعلامة الصليب التي تفتحِ أمام من يرشمها بإيمان أعين الإنسان على الملكوت، وتغلق القلب والحواس أمام الشيطان وعروضه.
كذلك يمكن القول أن هذا المفتاح يرمز إلى السلطان المعطى للكنيسة (مت16: 19) وهو المسمى بسلطان الحل والربط، فهي وحدها امتداد لسلطان سيدها المسيح في أن تفتح أبوابها للخطاة التائبين وتغلقها أمام من أصروا على ضلالتهم.
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ3: 6 | سفر الرؤيا | رؤ3: 8 | |
الرؤيا – أصحاح 3 | |||
تفسير رؤيا 3 | تفاسير سفر الرؤيا |