تفسير إنجيل لوقا أصحاح 21 – أ. بولين تودري
7- المعطي فبسخاء (21: 1-4)
ولاحظ الرب وهو جالس في الهيكل أن كل واحد من الشعب يأتي بتقدمته ويضعها في صندوق مخصص لذلك، حيث كانت تستخدم صندوق مخصص لذلك، حيث كانت تستخدم لسد احتياجات الهيكل وإعالة الكهنة والفقراء. ومدح الرب صاحبة الفلسين لأنها أعطت بسخاء، كل ما عندها، أعطت بالرغم من فقرها الشديد. فالرب لا يحتقر التقدمة مهما كانت قليلة، ولكنه ينظر إلى المحبة التي تقدم بها، وهو لا يزال ينتظر تقدمات شعبه من مال وجهد ووقت قي كنيسته إلى اليوم.
8- الحديث عن خراب أورشليم والمجيء الثاني (21: 5-38)
خرج يسوع آخر مرة من الهيكل، حيث ذهب إلى جبل الزيتون كعادته، وجلس في مواجهة الهيكل، وكانت تتم به عملية تجديد منذ عشرين عامًا، وربط التلاميذ بين هذه التجديدات وبين إعلان مُلك المسيح، فأشادوا بجمال الهيكل وحلاوة مبانيه أمام الرب يسوع، إذ كانوا قد تأثروا من كلامه حينما بكى على أورشليم وهو داخل إليها وقال انه لا يترك حجر على حجر إلا وينقض (لو19: 41-44)، كلموه لعله يراجع نفسه، ولكنه أكد لهم كلامه مرة ثانية في هذا الإصحاح، فظن التلاميذ أنه مع خراب أورشليم والهيكل تكون نهاية العالم، فسألوه عن علامات مجيئه الثاني (مر13: 1-3). فبدأ الرب يتكلم عن الأحداث التي تسبق خراب أورشليم فقال:
* أنه سيظهر أناس كاذبون يدَّعون أنهم هم المسيح المنتظر، وأن زمان القيامة قد قرب، وحدث ذلك فعلًا في أيام الرسل، ومن هؤلاء الرجال سيمون الساحر (أع8: 9، 10)، وثوراس الذي تبعه حوالي 400 من الرجال (أع5: 36)، ويهوذا الجليلي (أع5: 37).
* وستكون هناك حروب في أماكن متعددة، وحدث ذلك فعلًا إذ سمعوا عن حروب في روما وكريت وأزمير بآسيا الصغرى، هذا بالإضافة لما عاناه اليهود في أورشليم بسبب الرومان الذين حاصروا أورشليم لمدة ستة سنوات، حيث نفذ كل ما عندهم من أكل، وحدثت المجاعات التي مات بسببها الكثيرون، ولم يجدوا من يدفنهم، فظهرت الأمراض والأوبئة، واضطرت الأمهات إلى طبخ أولادهن لكي يسدوا جوعهن، ثم انتهى الحصار بأن دخل جيوش الرومان إلى أورشليم وهدموها، وقتلوا من فيها، وخربوا الهيكل حيث لم يترك فيه حجر على حجر إلا ونُقض، وكان ذلك سنة 70م.
* أما المسيحيون الموجودين في أورشليم في ذلك الوقت، فسوف يتعرضون لاضطهادات كثيرة من السلطات الدينية اليهودية، ومن السلطات الزمنية الرومانية، بل ومن الأقرباء حسب الجسد، كل هذا لأجل إيمانهم بالمسيح، ولكن شعرة من رؤوسهم لن تُمس، وعليهم فقط أن يصبروا على الألم حتى النهاية، ومن أشهر الذين استشهدوا في هذه الفترة القديس يعقوب الصغير احد التلاميذ الاثني عشر وذلك بقتله سنة 62 م. ومتياس الرسول الذي اختير نيابة عن يهوذا الخائن، حيث رجمه اليهود ومات سنة 68م.
وحينما شاهد المسيحيون حصار أورشليم بجيوش الرومان هربوا إلى جبال سوريا حسب وصية الرب لهم في آية (21). وكانت هذه الأيام صعبة جدًا على الكل، وبالأكثر على الحبالى والمرضعات لأنهم لم يقدروا على الجري والهرب. وأعلن الرب أن أورشليم ستكون خربة إلى أن يتم الكرازة بالإنجيل في المسكونة كلها.
ثم أكمل الرب كلامه عن مجيئه الثاني، ولم يستبعد تكرار العلامات التي تمت مرة في خراب أورشليم، وأعلن انه سيكون مجيئه مخيفًا جدًا، للأشرار ومفرحًا جدًا للأبرار. وعلينا أن ننتظر هذا اليوم ونحن بعيدين عن كل ما يشغلنا عن لقاء الرب بقلب مستعد.