تفسير سفر الملوك الثاني أصحاح 18 للقمص تادرس يعقوب ملطي
الباب الرابع
يهوذا حتى السبي البابلي
2 ملوك 18-25
بعد السبي الآشوري وإزالة مملكة إسرائيل وجد بعض ملوك صالحين في يهوذا مثل حزقيا ويوشيا، لكن الأغلبية العظمى كانوا أشرارا، بل وتفاقم شرهم جدًا حتى زاد عن شر مملكة إسرائيل. هذا ما تحدث عنه إرميا النبي موبخا الشعب.
هذا ومن جانب آخر فإن الإصلاح الذي قام به الملوك مثل ويشيا كان يمس تصليح الهيكل وممارسة الطقوس دون إصلاح للقلب ورغبة جادة للرجوع إلى الرب.
هذا ما نلاحظه بكل قوى في سفر إرميا حيث جاء محور أحاديثه “القلب” وختانه.
الأصحاح الثامن عشر
حزقيا الملك الصالح
1 وفي السنة الثالثة لهوشع بن ايلة ملك إسرائيل ملك حزقيا بن احاز ملك يهوذا
2 كان ابن خمس وعشرين سنة حين ملك وملك تسعا وعشرين سنة في اورشليم واسم امه ابي ابنة زكريا
3 وعمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود ابوه
4 هو ازال المرتفعات وكسر التماثيل وقطع السواري وسحق حيَّة النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها ودعوها نحشتان
أقام موسى النبي الحية النحاسية لشفاء بني إسرائيل من ضربة مميته (عد4:21-9)، فكانت رمزًا للسيد المسيح مخلص العالم بالصليب، إذ سحق الحية القديمة وصلب سلطانها. أما وقد أصبحت موضعًا للعبادة في ذاتها كصنمٍ اضطر حزقيا إلى سحقها.
5 على الرب إله إسرائيل اتكل وبعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله
فاق حزقيا الملك كل ملوك يهوذا السابقين له والملاحقين (عدا داود النبي)، والعجيب أن أباه آحاز كان شريرًا، لكن شر أبيه لم يؤثر عليه، بل صار ذلك لتزكيه، إذ رفض طريق أبيه الشرير من أجل الرب.
6 والتصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي امر بها الرب موسى
7 وكان الرب معه وحيثما كان يخرج كان ينجح وعصى على ملك اشور ولم يتعبد له
كانت يهوذا تقع بين القوتين العالميتين العظيمتين في ذلك الحين وهما أشور ومصر. وكانت يهوذا تضم الطرق الرئيسية في الشرق الأوسط للتجارة العالمية، لهذا كانت كل من أشور ومصر تتنافسان على السيطرة على يهوذا.
هذا ومن جانب آخر كلما حدث معارك بيت القوتين تمر أحد الدولتين بيهوذا لتعبر إلى الأخر فتخربها. كانت يهوذا تُحسب كموقع يحمي كل دولة من الأخرى، بهذا فإن الدولة التي تسيطر على يهوذا تكسب ميزات اقتصادية وعسكرية على منافسيها.
عندما صار حزقيا ملكًا كانت يهوذا تحت سيطرة أشور، لكنه بإيمانه وبقوة الله على تلك الإمبراطورية القوية، بالرغم من أنه بحسب الفكر البشري يستحيل عصيان أشور.
8 هو ضرب الفلسطينيين إلى غزة وتخومها من برج النواطير إلى المدينة المحصنة
9 وفي السنة الرابعة للملك حزقيا وهي السنة السابعة لهوشع بن ايلة ملك إسرائيل صعد شلمناسر ملك اشور على السامرة وحاصرها
10 واخذوها في نهاية ثلاث سنين ففي السنة السادسة لحزقيا وهي السنة التاسعة لهوشع ملك إسرائيل اخذت السامرة
11 وسبى ملك اشور إسرائيل إلى اشور ووضعهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي
12 لأنهم لم يسمعوا لصوت الرب الههم بل تجاوزوا عهده وكل ما امر به موسى عبد الرب فلم يسمعوا ولم يعملوا
حكم حزقيا مع أبيه آحاز مدة من أربع عشرة سنة (729-715 ق.م.)، وحكم منفردًا ثماني عشرة سنة (715-796 ق.م.)، ومع ابنه منسي إحدى عشر سنة (796-686 ق.م.) فكانت كل مدة حكمه 43 سنة. أما مدة أليشع والعشرون سنة المدونة في (2مل1:18-2) فتشير إلى المدة التي كان لحزقيا فيها السيطرة الكاملة على المملكة، وعندما كان حزقيا على العرش.
13 وفي السنة الرابعة عشرة للملك حزقيا صعد سنحاريب ملك اشور على جميع مدن يهوذا الحصينة واخذها
حدث ذلك في عام 701 ق.م. بعد أربع سنوات من جلوس سنحاريب على عرش أشور وكان سنحاريب ابنا لسرجون الثاني، الملك الذي أخذ شعب إسرائيل إلى السبي، ولكي يمنع ملك يهوذا أشور من مهاجمة مملكة الجنوب كان يدفع له جزية سنوية. وعندما أصبح سنحاريب ملكًا أوقف حزقيا دفع الجزية. وعندما انتقم سنحاريب وجيشه أدرك حزقيا خطأه ودفع الجزية [14]، لكن سنحاريب هاجمه [19-25]. ومع أن سنحاريب هاجم يهوذا إلا أنه لم يكن مولعًا بالحرب مثل ملوك أشور السابقين، إذ كان يفضل أن يصرف معظم وقته في بناء عاصمة نينوى وتجميلها مع القيام بغزوات أقل. هكذا استطاع حزقيا أن يقوم بإصلاحاته الكثيرة وتقوية أنته.
14 وارسل حزقيا ملك يهوذا إلى ملك اشور إلى لخيش يقول قد اخطات ارجع عني ومهما جلعت علي حملته فوضع ملك اشور على حزقيا ملك يهوذا ثلاث مئة وزنة من الفضة وثلاثين وزنة من الذهب
15 فدفع حزقيا جميع الفضة الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك
16 وفي ذلك الزمان قشر حزقيا الذهب عن ابواب هيكل الرب والدعائم التي كان قد غشاها حزقيا ملك يهوذا ودفعه لملك اشور
17 وارسل ملك اشور ترتان وربساريس وربشاقى من لخيش إلى الملك حزقيا بجيش عظيم إلى اورشليم فصعدوا واتوا إلى اورشليم ولما صعدوا جاءوا ووقفوا عند قناة البركة العليا التي في طريق حقل القصار
18 ودعوا الملك فخرج اليهم الياقيم بن حلقيا الذي على البيت وشبنة الكاتب ويواخ بن اساف المسجل
شخصية حزقيا: أجرى إصلاحات دينية ومدنية، وكانت له علاقة نامية مع الله. نما في حياة الصلاة القوية، وحسبه سفر الأمثال بطلًا (أم1:25).
أم من نقاط ضعفه فهو عدم الحكمة في التخطيط للمستقبل لحفظ الميراث الروحي للأجيال التالية. كما تهور في استعراض كل ثروته لرسل ملك بابل.
19 فقال لهم ربشاقى قولوا لحزقيا هكذا يقول الملك العظيم ملك اشور ما الاتكال الذي اتكلت
20 قلت انما كلام الشفتين هومشورة وباس للحرب والان على من اتكلت حتى عصيت علي
21 فالان هوذا قد اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة على مصر التي إذا توكا أحد عليها دخلت في كفه وثقبتها هكذا هو فرعون ملك مصر لجميع المتكلين عليه
22 وإذا قلتم لي على الرب الهنا اتكلنا افليس هوالذي ازال حزقيا مرتفعاته ومذابحه وقال ليهوذا ولاورشليم أمام هذا المذبح تسجدون في اورشليم
23 والان راهن سيدي ملك اشور فاعطيك الفي فرس أن كنت تقدر أن تجعل عليها راكبين
24 فكيف ترد وجه وال واحد من عبيد سيدي الصغار وتتكل على مصر لأجل مركبات وفرسان
25 والان هل بدون الرب صعدت على هذا الموضع لاخربه الرب قال لي اصعد على هذه الأرض واخربها
26 فقال الياقيم بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقي كلم عبيدك بالارامي لأننا نفهمه ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور
27 فقال لهم ربشاقى هل إلى سيدك واليك ارسلني سيدي لكي اتكلم بهذا الكلام اليس إلى الرجال الجالسين على السور لياكلوا عذرتهم ويشربوا بولهم معكم
28 ثم وقف ربشاقى ونادى بصوت عظيم باليهودي وتكلم قائلًا اسمعوا كلام الملك العظيم ملك اشور
29 هكذا يقول الملك لا يخدعكم حزقيا لأنه لا يقدر أن ينقذكم من يده
30 ولا يجعلكم حزقيا تتكلون على الرب قائلًا انقاذا ينقذنا الرب ولا تدفع هذه المدينة إلى يد ملك اشور
31 لا تسمعوا لحزقيا لأنه هكذا يقول ملك اشور اعقدوا معي صلحا واخرجوا إلى وكلوا كل واحد من جفنته وكل واحد من تينته واشربوا كل واحد ماء بئره
32 حتى أتى واخذكم إلى ارض كارضكم ارض حنطة وخمرا ارض خبز وكروم ارض زيتون وعسل واحيوا ولا تموتوا ولا تسمعوا لحزقيا لأنه يغركم قائلًا الرب ينقذنا
33 هل انقذ آلهة الامم كل واحد ارضه من يد ملك اشور
34 أين آلهة حماة وارفاد أين آلهة سفروايم وهينع وعوا هل انقذوا السامرة من يدي
35 من من كل آلهة الاراضي انقذ ارضهم من يدي حتى ينقذ الرب اورشليم من يدي
36 فسكت الشعب ولم يجيبوه بكلمة لأن امر الملك كان قائلًا لا تجيبوه
37 فجاء الياقيم بن حلقيا الذي على البيت وشبنة الكاتب ويواخ بن اساف المسجل إلى حزقيا وثيابهم ممزقة فاخبروه بكلام ربشاقى
+ بالتأكد البار حزقيا لم يفرح في كارثة السبي التي ستحل على أولاده، لكنه لم يستطع أن يعترض على إرادة الرب، فتقبل أمر الرب بصبر بكونه خادمًا متواضعًا.
القديس أمبروسيوس
Jacob and the Happy Life, 1:8:36.