تفسير سفر يهوديت 13 للقمص أنطونيوس فكري
آيات (1-31): “وَلَمَّا أَمْسَوْا أَسْرَعَ عَبِيدُهُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَأَغْلَقَ بُوغَا أَبْوَابَ الْمُخْدَعِ وَمَضَى، وَكَانُوا جَمِيعُهُمْ قَدْ ثَقُلُوا مِنَ الْخَمْرِ، وَكَانَتْ يَهُودِيتُ وَحْدَهَا فِي الْمُخْدَعِ وَأَلِيفَانَا مُضْطَجِعٌ عَلَى السَّرِيرِ نَائِمًا لِشِدَّةِ سُكْرِهِ. فَأَمَرَتْ يَهُودِيتُ جَارِيَتَهَا أَنْ تَقِفَ خَارِجًا أَمَامَ الْمُخْدَعِ وَتَتَرَصَّدَ، وَوَقَفَتْ يَهُودِيتُ أَمَامَ السَّرِيرِ وَكَانَتْ تُصَلِّي بِالدُّمُوعِ وَتُحَرِّكُ شَفَتَيْهَا وَهِيَ سَاكِتَةٌ، وَتَقُولُ: «أَيِّدْنِي أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ وَانْظُرْ فِي هذِهِ السَّاعَةِ إِلَى عَمَلِ يَدَيَّ، حَتَّى تُنْهِضَ أُورُشَلِيمَ مَدِينَتَكَ كَمَا وَعَدْتَ وَأَنَا أُتِمُّ مَا عَزَمْتُ عَلَيْهِ وَاثِقَةً بَأَنِي أَقْدِرُ عَلَيْهِ بِمَعُونَتِكَ». وَبَعْدَ أَنْ قَالَتْ هذَا، دَنَتْ مِنَ الْعَمُودِ الَّذِي فِي رَأْسِ سَرِيرِهِ فَحَلَّتْ خَنْجَرَهُ الْمُعَلَّقَ بِهِ مَرْبُوطًا وَاسْتَلَّتْهُ، ثُمَّ أَخَذَتْ بِشَعَرِ رَأْسِهِ وَقَالَتْ أَيِّدْنِي أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ فِي هذِهِ السَّاعَةِ، ثُمَّ ضَرَبَتْ مَرَّتَيْنِ عَلَى عُنُقِهِ فَقَطَعَتْ رَأْسَهُ، وَنَزَعَتْ خَيْمَةَ سَرِيرِهِ عَنِ الْعَمَدِ، وَدَحْرَجَتْ جُثَّتَهُ عَنِ السَّرِيرِ. وَبَعْدَ هُنَيْهَةٍ خَرَجَتْ وَنَاوَلَتْ وَصِيفَتَهَا رَأْسَ أَلِيفَانَا وَأَمَرَتْهَا أَنْ تَضَعَهُ فِي مِزْوَدِهَا، وَخَرَجَتَا كِلْتَاهُمَا عَلَى عَادَتِهِمَا كَأَنَّهُمَا خَارِجَتَانِ لِلصَّلاَةِ وَاجْتَازَتَا الْمُعَسْكَرَ وَدَارَتَا فِي الْوَادِي حَتَّى انْتَهَتَا إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ. فَنَادَتْ يَهُودِيتُ مِنْ بُعْدٍ حُرَّاسَ السُّورِ: «افْتَحُوا الأَبْوَابَ فَإِنَّ اللهَ مَعَنَا وَقَدْ أَجْرَى قُوَّةً فِي إِسْرَائِيلَ». فَكَانَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ الرِّجَالُ صَوْتَهَا دَعَوْا شُيُوخَ الْمَدِينَةِ، وَبَادَرُوا إِلَيْهَا جَمِيعُهُمْ مِنْ أَصْغَرِهِمْ إِلَى أَكْبَرِهِمْ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي آمَالِهِمْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بَعْدُ. ثُمَّ أَوْقَدُوا مَصَابِيحَ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهَا بِأَسْرِهِمْ، فَصَعِدَتْ إِلَى أَعْلَى مَوْضِعٍ وَأَمَرْت بِالسُّكُوتِ، فَلَمَّا سَكَتُوا كُلُّهُمْ، قَالَتْ يَهُودِيتُ: «سَبِّحُوا الرَّبَّ إِلهَنَا الَّذِي لَمْ يَخْذُلِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ، وَبِي أَنَا أَمَتَهُ أَتَمَّ رَحْمَتَهُ الَّتِي وَعَدَ بِهَا آلَ إِسْرَائِيلَ وَقَتَلَ بِيَدِي عَدُوَ شَعْبِهِ هذِهِ اللَّيْلَةَ». ثُمَّ أَخْرَجَتْ رَأْسَ أَلِيفَانَا مِنَ الْمِزْوَدِ وَأَرَتْهُمْ إِيَّاهُ قَائِلَةً: «هَا هُوَذَا رَأْسُ أَلِيفَانَا رَئِيسُ جَيْشِ الأَشُّورِيِّينَ وَهذِهِ خَيْمَةُ سَرِيرِهِ الَّتِي كَانَ مُضْطَجِعًا فِيهَا فِي سُكْرِهِ حَيْثُ ضَرَبَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا بِيَدِ امْرَأَةٍ. حَيٌّ الرَّبُّ إِنَّهُ حَفِظَنِي مَلاَكُهُ فِي مَسِيرِي مِنْ ههُنَا وَفِي إِقَامَتِي هُنَاكَ وَفِي إِيَابِي إِلَى هُنَا، وَلَمْ يَأْذَنِ الرَّبُّ أَنْ تَتَدَنَّسَ أَمَتُهُ، وَلكِنْ أَرْجَعَنِي إِلَيْكُمْ بِغَيْرِ نَجَاسَةِ خَطِيئَةٍ فَرِحَةً بِغَلْبَتِهِ وَبِخَلاَصِي وَخَلاَصِكُمْ. فَاشْكُرُوا لَهُ كُلُّكُمْ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ رَحْمَتَهُ إِلَى الأَبَدِ». فَسَجَدُوا بِأَجْمَعِهِم لِلرَّبِّ وَقَالُوا لَهَا: «قَدْ بَارَكَكِ الرَّبُّ بِقُوَّتِهِ لأَنَّهُ بِكِ أَفْنَى أَعْدَاءَنَا». وَقَالَ لَهَا عُزِّيَّا رَئِيسُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ مِنَ الرَّبِّ الإِلهِ الْعَلِيِّ فَوْقَ جَمِيعِ نِسَاءِ الأَرْضِ. تَبَارَكَ الرَّبُّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ الَّذِي سَدَّدَ يَدَكِ لِضَرْبِ رَأْسِ قَائِدِ أَعْدَائِنَا، فَإِنَّهُ عَظَّمَ الْيَوْمَ اسْمَكِ هكَذَا حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَبْرَحُ مَدْحُكِ مِنْ أَفْوَاهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ قُوَّةَ الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ الَّذِينَ لأَجْلِهِمْ لَمْ تُشْفِقِي عَلَى نَفْسِكِ لأَجْلِ ضِيقَةِ وَشِدَّةِ جِنْسِكِ بَلْ رَدَدْتِ الْهَلاَكَ أَمَامَ إِلهِنَا». فَقَالَ كُلُّ الشَّعْبِ: «آمِينَ، آمِينَ». ثُمَّ دَعَوْا أَحْيُورَ فَجَاءَ فَقَالَتْ لَهُ يَهُودِيتُ: «إِنَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ الَّذِي شَهِدْتَ لَهُ بِأَنَّهُ يَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِهِ هُوَ قَطَعَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ بِيَدِي رَأْسَ جَمِيعِ الْكُفَّارِ، وَحَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الأَمْرَ هكَذَا، فَهُوَذَا رَأْسُ أَلِيفَانَا الَّذِي أَهَانَ إِلهَ إِسْرَائِيلَ بِاسْتِخْفَافِ كِبْرِيَائِهِ وَتَهَدَّدَكَ بِالْمَوْتِ إِذْ قَالَ لَك:َ إِذَا أُسِرَ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ آمُرُ أَنْ يَخْتَرِقُوا جَنْبَيْكَ بِالسَّيْفِ». فَلَمَّا رَأَى أَحْيُورُ رَأْسَ أَلِيفَانَا، ارْتَاعَ خَوْفًا وَسَقَطَ بِوَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ وَهَلِعَتْ نَفْسُهُ، وَبَعْدَمَا ثَابَتْ إِلَيْهِ رُوحُهُ وَانْتَعَشَ خَرَّ قُدَّامَهَا سَاجِدًا لَهَا وَقَالَ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ مِنْ إِلهِكِ فِي كُلِّ خِيَامِ يَعْقُوبَ، وَفِي كُلِّ أُمَّةٍ يُسْمَعُ فِيهَا بِاسْمِكِ يُعَظَّمُ لأَجْلِكِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ».”
آيات (1-4): أسرع عبيده إلى منازلهم= الكل سكر بسماح من أليفانا، وهذه هي تدابير الرب.
آيات (5-7): لا عمل ينجح دون صلاة، وها يهوديت تصلي، رأس السرير= عارضته، خيمة سريره= الناموسية وهذه لفت بها رأس أليفانا. دحرجت جثته عن السرير= هذه تساوي الشيطان تحت الأقدام. والمعنى العام قطع كل خطية محبوبة والابتعاد عنها فيسقط الشيطان تحت الأقدام. وأليفانا قتل بخنجره وهكذا الشيطان إنهزم بالصليب الذي دبره للمسيح. وهكذا كل من يندفع وراء شهوته تكون هذه نهايته.
الآيات (20، 21): الله حفظ هذه القديسة طاهرة دون أن يمسها أحد وكانت وسط آلاف الجنود الذين يشتهونها بل قتلت قائدهم. فالله يحفظ أولاده ويعطيهم قوة.
لأنه صالح لأن رحمته إلى الأبد= هذا مرد الهوس الثاني.
آيات (22-26): فرح الشعب وسبح الله. هكذا ينبغي أن نسبح الله كلما نفرح بعطاياه، كما عاد الأبرص شاكرًا المسيح حينما شفى العشرة البرص. وباركوا يهوديت التي عمل الله معها هذا العمل العظيم.