يو20:5 لأن الآب يحب الابن، ويريه جميع ما هو يعمله…

 

 

19فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. 20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. 21لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. 22لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، 23لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. “(يو5: 19-23)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“لأن الآب يحب الابن، ويريه جميع ما هو يعمله،

وسيريه أعمالاً أعظم من هذه، لتتعجبوا أنتم”. (20)

جاء الفعلان “يحب“، و”يريه” في اليونانية في صيغة الحاضر المستمر، يحملان معنى الحب والرؤية وهما عملان مستمران لا ينقطعان. هو حب الوحدة الكاملة في ذات الجوهر، لذا لم يستخدم “أغابي” بل “فيلين” ورؤية العمل المستمر، والذي يحمل الشركة معًا في ذات العمل الإلهي.

الأعمال التي أعظم من شفاء المفلوج هي إقامة الموتى (٢١)، وقيامته من الموت، وإدانته للعالم (٢٢).

v هذا يبرز أن الكل يأتي إلى الوجود خلال إرادة واحدة وسلطة واحدة وقوة واحدة… مادام المسيح لا يفعل شيئًا من ذاته، إن كان المسيح يفعل كل الأمور مثل الآب… لأنه لم يقل بأن “كل الأمور التي يرى الآب فاعلها يعملها هو”، بل “ينظر ما يعمله الآب”.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v أنه أمر أعظم جدًا أن يقوم ميت عن أن يُشفى مريض. هذه أمور أعظم.

لكن متى يُظهر الآب هذه الأمور للابن؟

ألا يعرفها الابن؟

المتكلم نفسه ألا يعرف كيف يقيم الموتى؟

هل كان محتاجًا أن يتعلم كيف يقيم الأموات إلى الحياة ذاك الذي به كان كل شيء؟ هذا الذي أوجدنا في الحياة حين كنا عدمًا هل كان محتاجًا أن يتعلم كيف نقوم من الأموات؟

فماذا إذن تعني كلماته؟…

إنه يتحدث إلينا تارة بما يليق بجلاله، ومرة أخرى بما يليق بتواضعه. هو نفسه العلي تنازل، لكي يرفعنا نحن الذين أسفل إلى العلا.

ماذا إذن يقول: “وسيريه أعمالاً أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم” (20). إن ما يظهره هو لنا لا لأجله. وإذ يريه الآب لأجلنا، لذلك قال “لتتعجبوا أنتم“.

لماذا لم يقل: “سيريكم الآب” بل سيرى الابن؟ لأننا نحن أيضًا أعضاء الابن، وما تتعلمه الأعضاء يتعلمه هو بطريقة ما في أعضائه.

كيف يتعلم فينا؟ كما يتألم أيضًا فينا.

أين نُثبت أنه يتألم فينا؟ من الصوت الصادر من السماء: “شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟” (أع 9: 4).

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين

20- لأَنَّ الآب يُحِبُّ الابن وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.

‏هنا يأتي الفعل في المضارع المستمر، فالآب يحب الابن حباً دائماً لم ولن ينقطع، أي هو حب الاتحاد أو على الأصح الوحدة الكلية.
‏كما يلاحظ أن فعل «يريه» يأتي أيضاً على مستوى فعل المحبة أي في المضارع الدائم. والمعروف أن جوهر المحبة عطاء، وهنا عطاء المحبة هو العمل الذي يريه الآب للابن، ‏وعمل الحبة عند الآب والابن هو آية, هو معجزة, هو حياة أبدية، في صورة أقوال وأعمال!
المسيح يكشف أساس التطابق في العمل بين الابن والآب: وكلمة «المحبة» المستخدمة هنا لا تفيد التوقير والمشاعر المنعكسة من التعارف المعبر عنها في مواضع أخرى بالأغابي, فهذه تنبع من حكم الفكر والخبرة الشخصية، بعكس الـ «فيلين» فهي محبة الكيان والطبيعة. وهذه توضح العلاقة الذاتية بين شخص الآب والابن. وهكذا بالابن ومن خلال الابن تُستعلن محبة الله الآب التي للابن, التي صارت لناء في صورة الأعمال التي يعملها الابن، فهي كلها أعمال المحبة الخالصة. والابن حينما يعمل أعمال الآب فهو يرد على حب الآب: «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله» (يو34:4). فالأعمال التي يعملها المسيح هي بحد ذاتها استعلان دائم لمحبة الله. لذلك تأتي كل أعمال المسيح وهي تتضوع برائحة حب الآب، سواء مع هذا المقعد أو الأعمى المولود هكذا أو كل الآيات التي أجراها يوسع، فالحب الإلهي هو غايتها وعلتها معاً، لذلك صح قول المسيح في صلاته للآب: «أنا مجدتك على الأرض. العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته.» (يو4:17‏)
‏هنا يستعلن المسيح سر المحبة في الله كعنصر قائم في الذات الإلهية بين الآب والابن, وسر حب الآب للابن, فقد أُعطي المسيح الامتياز الأعظم لاستعلان الآب أقصى ما يكون الاستعلان. فالتطابق في العمل والإرادة بين الآب والابن نابع من التحام الحب، وليس التعالي أو الامتياز. فالحب الإلهي القائم في الذات الإلهية هو سر وحدة العمل والفكر والإرادة. ولكن لأن الابن الآن قد تجسد آخذاً صورة الإنسان، أصبح من واقع الحال البشري أن يتكلم المسيح قائلاً إن الآب «يريه» كل ما هو يعمله، وأصبح أيضاً من واقع التقدم البشري الخاضع للزمان أن يتكلم المسيح ويقول «وسيريه» أعمالاً أعظم، لأن التدرج في الاستعلان خاصة من مستوى الماديات إلى الروحيات يناسب الإنسان. أما الأعمال التي هي أعظم من معجزة شفاء المقعد، مثل إعطاء الحياة بالخلاص أي الحياة الآبدية بالقيامة من الأموات, وبالتال الدينونة, فهي الأعظم. لأن الأمور الأقل هي للجسد والأعظم هي للروح: «فقال له سيده: نعماً أيها العبد الصالح والأمين. كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير. ادخل إلى فرح سيدك. (مت21:25‏)
‏«لكي تتعجبوا أنتم»: مع أن المسيح لا يميل إلى إتيان العجائب ليتعجب الناس، لأن الإيمان الذي يسعى أن يعطيه المسيح يعطيه كعطية: «لأنكم بالنعمة مخلصون “بالإيمان” وذلك ليس منكم هو عطية الله» (أف8:2)، ويعطيه نتيجة الثقة واليقين الذي يستقر في قلب من يسمع الكلمة طائعاً ببساطة قلب وليس بتعجب الذهن؛ ولكنه هنا يتكلم إلى الفريسيين بنوع خاص، كنوع من غير المؤمنين المعاندين، لذلك يؤكد ويشدد على نوعيتهم الخاصة بقوله: «أنتم», إضافة إلى صيغة المخاطب. ولماذا؟ لأنهم لا يخضعون لمنطق الإيمان الروحي ولا يتقبلون عمل الابن في شفاء المقعد، فأصبح لابد أن يريهم أعمالاً أعظم لكي يخضع أذهانهم العاتية، حتى إذا ما أنكروها أيضاً يكونون كمن عُميت أبصارهم وانسدت أذانهم ودخلوا تحت الدينونة بإرادتهم. لأنهم إذا لم يقبلوا الابن وقد عمل أمامهم أعمال الآب يكونون قد رفضوا الآب: «هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لى أن الآب قد أرسلني.» (يو36:5).

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (20): “إن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله وسيريه أعمالاً أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم.”

مطابقة أعمال الابن لأعمال الآب راجعة للصلة المكينة بين الآب والابن والمبنية على المحبة. فالله محبة والوحدة بين الآب والإبن تم التعبير عنها بأن الآب يحب الإبن. والأعمال التي يعملها المسيح هي إعلان دائم عن محبة الآب للإبن والتي صارت لنا، والابن يعلن محبته في خضوعه التام لإرادة الآب (يو34:4). والابن المتجسد يقول إن الآب يُريه وسيُريه من واقع الزمن البشري. فمعجزة تفتيح عيني الأعمى التي حدثت بعد ذلك هي أعجب ثم إقامة لعازر أعجب وأعجب. والمسيح يسمى هذه المعجزات أعمال. فهي بالنسبة لنا خوارق ومعجزات أما بالنسبة له فهي مجرد أعمال. لتتعجبوا= فهو يعلم أنهم لن يؤمنوا وسيكتفوا بالتعجب، أمّا المؤمن فهو يؤمن حتى دون أن يرى. فالتعجب إن لم يتحول إلى إعجاب والإعجاب إلى إيمان يتبخر التعجب. والفعلان يحب ويريه جاءا بصيغة الحاضر المستمر فهما عملان مستمران لا ينقطعان. والآب يحب الإبن= أي إرتباط ووحدة في المحبة فطبيعة الله المحبة.

 

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى