يو1: 30 هذا هو الذي قلت عنه: يأتي بعدي رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي

 

29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ:«هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 30هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلاً:«إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ».” (يو1: 29-34)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

30:1- هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي.

‏المعمدان يكرر هذا الوصف وكأنه يوثق بين الواقع الذي مثله والنبوة التي تحدد موقعه «هأنذا أرسل ملاكي فيهيىء الطريق أمامي…» (ملا1:3). ثم يرجع على «الآتي بعده» ليصحح الوضع من جهة الأسبقية في الوجود والكرامة «كان قبلي».
والحقيقة التي كانت تشغل بال المعمدان هي الدور الذي وفع عليه أن يؤديه، فقد كان صعباً على نفسه للغاية أن يأتي إليه من هو أعظم منه ليعتمد منه، وليس ليعتمد منه فقط، بل ويأتي تائباً نائباً عن الشعب معترفاً بخطايا أمته وهو ليس فيه خطية ولا شبه شر!! «حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه ولكن يوحنا منعه قائلاً: أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلىّ، فأجاب يسوع وقال له: اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر، حينئذ سمح له.» (مت13:3-5)
‏هذا من واقع إنجيل القديس متى، حيث يتضح أن المعمدان كان يعرف المسيح وكان يعرف حتماً كل ما لابس ميلاده الاعجازي، فكان يعرف أنه أفضل منه بالروح. هذا بحسب ما يفهم من مضمون رواية إنجيل القديس متى. لهذا حاول أن يمنعه لكي لا يُخجل تواضعه ويضع يده على من هو أفضل منه. ولكن من رواية إنجيل القديس يوحنا نكمل الصررة أنه بالرغم من أنه كان يعرفه بالجسد، إلا أنه لم يكن يعرف قط أن هذا هو المسيا وأنه هو هو ابن الله.
‏هذا الاجراء وما لابسه, أي تعميد الرب, لم يأيته على ذكره القديس يوحنا، لأن الوصف بهذا التحديد يجعل معمودية المسيح تُفهم وكأنها دوراً أساسي في عملية الخلاص، والحقيقة التي أبرزها إنجيل يوحنا هي أن عماد المسيح لم يكن الا وسيلة لاستعلان المسيح والتعرف عليه كما سيجيء على لسان المعمدان في الأيات القادمة.
والتقليد الرسولى والكنسي عامة، بل ومفردات اللاهوت الخلاصي، لا تشير قط أن المسيح اعتمد على يد المعمدان عن الخطاة، أو اعترف بالخطايا عن الخطاة، أوتاب عن الخطاة، بمعنى أن معمودية يوحنا لا تدخل قط في مفردات الخلاص الذي أكمله المسيح عن الخطاة. بل إن من الأمور الثابتة إنجيلياً ولاهوتياً أن عمل المعمدان برمته لا يدخل دائرة التجديد في تأسيس ملكوت الله.
وفى هذا يقول ذهبى الفم: [في الحقيقة، إن المسيح غير محتاج للمعمودية لا التي كانت له (على يد المعمدان) ولا
‏معمودية الآخرين الذين (عمدهم المعمدان). بل بالأحرى فإن «المعمودية» ذاتها كانت في حاجة إلى قوة المسيح لأن الشيء الذي كان ينقص الكل هو التقديس النهائي الذي كان يحتاجه كل من يعتمد، ألا وهو الروح القدس الذي أعطاه المسيح لما جاء].
‏فالمعمدان لم يُحسب مع التلاميذ لا الاثني عشر ولا السبعين «فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد، متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عثر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الإثني عشر.» (مت28:19)
«الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الآصغر في ملكوت السموات أعظم منه.» (مت11:11)

فاصل
تفسير القمص تادرس يعقوب

 

“هذا هو الذي قلت عنه:

يأتي بعدي رجل صار قدامي،

لأنه كان قبلي” (30).

يكرر المعمدان هذه الشهادة أنه وإن سبق في الزمن مجيئه عن مجيء الكلمة المتجسد إنما ليهيئ الطريق، أما من جهة الوجود، فالكلمة كائن أزلي سابق له، وأعظم منه في الكرامة.

v يقول المعمدان: “مجيئي ليس له هدف إلا أن يعلن عن المحسن العام لكل العالم المسكون، وأن يقدم معمودية الماء، أما هذا فيطّهر كل البشرية ويهب طاقة الروح. يأتي بعدي ذاك الذي يظهر أكثر مني بهاءً، “لأنه كان قبلي“.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (30): “هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي.”

هو يأتي كسابق للمسيح (ملا1:3). ولكن المسيح الأزلي كان قبله. صار قدامي= في البهاء والعظمة والمجد.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى