يو3: 31 الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع…

 

25وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ:«لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».” (يو3: 25-36)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع،

والذي من الأرض هو أرضي،

ومن الأرض يتكلم.

الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع”. (31)

العريس النازل من السماء (يو ٣: ١٣) هو فوق الكل، أعظم من موسى والأنبياء ومن يوحنا المعمدان نفسه.

يتحدث يوحنا عن نفسه عندما يقول: “الذي من الأرض“، لأنه وُلد كسائر البشر؛ لا يقدر أن يتكلم بما ينطق به المسيا السماوي، إنما يمهد للسماوي. ليس من وجه مقارنة بين الأنبياء (ومن بينهم يوحنا المعمدان) والسيد المسيح. فالأنبياء وإن شهدوا للحق لكنهم كبشر يتكلم الله بهم على الأرض، أما المسيح فيتكلم من السماء لأنه سماوي.

v أراد أن يبين لنا أن المسيح لا يحتاج إلى أحد إذ هو كفء لذاته وهو أعظم من الكل… بقوله: والذي من الأرض هو أرضي، ومن الأرض يتكلم” يعني به ذاته… أرأيت كيف أن يوحنا المعمدان لم يقل قولاً آخر إلا أنه صغير، وآت من الأرض، وفي الأرض وُلد؟ أما المسيح فجاء إليهم من السماء، فبهذه الأقوال كلها أخمد حسدهم.

v كأنه يقول: إن قورنت أموري بأمره تبدو قليلة وهابطة وفقيرة كما لو كانت تحمل طبيعة أرضية.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v إذ يتحدث عن الإنسان فيه (في يوحنا) فهم أرضي يستنير باللَّه.

لو لم يستنر لبقي أرضًا ومن الأرض يتكلم…

لتأتِ نعمة اللَّه وتنير ظلمته، كما قيل: “أنت تنير سراجي يا رب، لتنر ظلمتي يا إلهي” (مز18: 28).

لتأخذ فكر الإنسان وتحوله إلى نورها، ففي الحال يبدأ يقول مع الرسول: “لا أنا بل نعمة اللَّه التي معي” (1 كو 15: 10)، “فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ” (غلا 2: 20)…

هكذا يوحنا، بكونه يوحنا هو من الأرض، ومن الأرض يتكلم، وأما ما تسمعه من إلهيات من يوحنا، فهو من ذاك الذي ينيره، وليس من ذاك الذي يستلمه.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

31:3- الَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ والَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. الَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ.

يشترك كافة الشراح في الرأي ما عدا العالم «هوسكنز» والعالم «هنجستنبرج» بأن حديث المعمدان وشهادته تنتهيان عند الآية (30‏), بعد ذلك ينقسم العلماء إلى من يقول أن الباقي على لسان المسيح، والى من يقول أنه بقلم يوحنا الرسول، ولكن الأباه الآوائل ذهبي الفم واغسطينوس وغيرهما لا يرون هذا الرأي الأخير بل يعتبرون أن شهادة المعمدان مستمرة حتى نهاية الأصحاح, وسنأخذ برأيهم؟ لأن الكلام لا يخلو من لمسات حية هي من روح المعمدان، باعتبار أن المعمدان انكشفت له السماء وعرف صوت الروح القدس وسمع شهادة الأب من نحو الابن.
‏غير أن شرح الكلام لو كان على لسان المسيح شيء، وشرحه من قلم يوحنا الرسول شيء» وشرحه بفكر المعمدان شيء آخر تماماً, وسيكون أضعفهم بلا نزاع, لأن المسألة مسألة استعلان، ولم يعط للمعمدان أن يستعلن المسيح إلا كونه الآتي، لأن المعمدان محكوم بفكر العهد القديم.

«الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع»:

يلاحظ أن الفعل في المضارع المستمر فهو مجيء أو إرسال دائم ومستمر. و«من فوق» هي نفس الوصف الذي أعطاه المسيح للميلاد من فوق, وقد فسرها المعمدان ثانياً بقوله: «الذي يأتي من السماء». الإشارة هنا إلى المسيح الذي يتكلم عنه المعمدان؛ وهو يتكلم عن خبرة، لأنه أخذ تعليمات واضحة وصريحة من الله الذي يرى الروح القدس نازلاً ومستقراً عليه يكون هو الذي يعمد بالروح القدس. وبالفعل رأى وشهد أنه ابن الله, فليس أكبر من ذلك دليلاً ليقول المعمدان أن المسيح من فوق من السماء، هذا يوضح أن المعمدان يعلم تماماً من أين أتى المسيح.
‏فإذا كان المسيح هو من فوق، من السماء، فهو بحكم علو مكانته وطبيعته يكون الأعلى, أي فوق الجميع بلا نزاع, كرامة ومجداً وعلمأ وتأثيراً. وفي الحال يلتفت المعمدان إلى نفسه، وبالتالي إلى كل معلم من هذه الأرض، حاصراً كل معرفته، كإنسان من الأرض وعلى مستوى الأرض، في أن فعلها وأثرها محدودان، وهذا يوضح بالتالي أن المعمدان مقتنع أن رسالته محدودة بمحدوديته. وهذا صدق, خاصة فيما تعنيه معمودية الماء فقط, وذلك على مستوى «المولود من الجسد جسد هو, والمولود من الروح هو روح».

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية31): المعمدان هو قائل هذا الكلام وحتى نهاية الإصحاح. حسب رأي الآباء ومنهم ذهبي الفم وأغسطينوس. الذي من فوق= فهو رأى الروح نازلاً ومستقراً عليه، وهو شهد أنه إبن الله، فهو يعلم من أين أتى المسيح، وبالتالي فهو فوق الجميع علماً وتأثيراً وكرامة ومجداً. الذي من الأرض= هنا المعمدان يقارن نفسه بالمسيح.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى