رو1: 6 الذين بينهم أنتم أيضا مدعوو يسوع المسيح

الَّذِينَ بَيْنَهُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا مَدْعُوُّو يَسُوعَ الْمَسِيحِ.“(رو1: 6)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” الذين بينهم أنتم أيضا مدعوو يسوع المسيح ” (6:1).

أي أن مع هؤلاء الذي دعاهم من بين الأمم، هم أيضا (أهل رومية) مدعوین لهذا. لم يقل إنه دعي الآخرين (الأمم) معهم. حتى لا يشعروا بتميزهم على الآخرين وبقوله ” أنتم أيضا مدعوو يسوع المسيح” وقد أراد أن يوضح بذلك أنه لا يوجد عبد ولا حر، الجميع في المسيح واحد، فبالأولى كثيرا لا يوجد فرق بين ملك ومواطن عادي، لهذا فأنتم وهؤلاء قد دعيتم ولم تأتوا من تلقاء أنفسكم.

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

دعاهم “مدعوّي يسوع المسيح”، فالفضل لمن “دعانا” مجانًا لنعمته. كما دعاهم “مدعوّين قديسين”. فإن كان شعب إسرائيل قد دُعي قديمًا بالجماعة المقدسة (حز 12: 16؛ لا 23: 2، 44) بكونهم الشعب المفرز لله القدوس (لا 11: 24، 19: 2)، فإن هذا الشعب قد فشل في تحقيق القداسة إلا من خلال الرموز والنبوات، أما الآن فقد جاء مسيحنا القدوس يدعونا للدخول فيه والثبات فيه، فنُحسب به أبرارًا وقديسين.

أراد الرسول في أبوته الحانية أن يوضح نظرته لهم، أنه يحترمهم ويقدّرهم، لأنهم “مدعوّو يسوع المسيح” [6]، “أحباء الله” [7]، “مدعوّون قديسين” [7]، كأنه يفتخر أن يكون خادمًا لهم!

يحسب القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذه الدعوة للقداسة هي كرامة فائقة ترافق المؤمنين حتى بعد عبورهم الحياة، إذ يقول: [الكرامات الأخرى تُعطى لزمان ثم تنتهي مع الحياة الحاضرة، هذه يمكن أن تُقتنى بمال… أما الكرامات التي يهبها الله، أي عطية التقديس والتبني، فلا يقدر حتى الموت أن يحطمها. إنها تجعل البشر مشهورين هنا، كما ترافقنا في رحلتنا إلى الحياة العتيدة.]

هذا وسرّ تقديسنا هو قبول “النعمة والسلام” [5]… فقد كانت كلمة “نعمة” هي تحية اليونانيين، و”سلام” أو “شلوم” هي تحية العبرانيين؛ أما وقد صار الكل جسدًا واحدًا فلم يقبلوا “النعمة والسلام” من بعضهم البعض، إنما تمتعوا بهما كعطية إلهية للجسد الواحد الذي يضم اليونانيين واليهود معًا. تقبلوا نعمة الله الفائقة، أي عطاياه المجانية والتي تتجلى في سكنى الله نفسه في داخلهم ليُعلن ملكوته فيهم باستحقاقات دم الصليب، وسلامه السماوي الذي يوّحد الإنسان مع خالقه والجسد مع الروح والإنسان مع أخيه، أيّا كان جنسه!

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الرسول بحكمة يبدأ بالنعمة ثم بالسلام، إذ لا نستطيع أن ننعم بالسلام الداخلي، بعد أن دخلنا خلال عصياننا في حرب روحية شرسة ما لم تعمل نعمة الله فينا لتهبنا بالمسيح يسوع روح الغلبة والنصرة؛ فنعيش في سلام حقيقي، كأبناء لأبٍ سماويٍ. هذه هي عطية الله لنا، ونعمته التي تسندنا في هذا الزمان الحاضر وترافقنا حتى تدخل بنا إلى الحضن الأبوي أبديًّا. يقول القديس:

[إنها تحية تقدم لنا بركات بلا حصر.

هذا (السلام) هو ما أمر به المسيح الرسل أن يستخدموه كأول كلمة ينطقون بها عندما يدخلون البيوت (لو 10: 5). لهذا يبدأ الرسول بالنعمة والسلام. فقد كانت توجد حرب ليست بهينة، وضع المسيح لها نهاية؛ كانت بالحقيقة حربًا متنوعة من كل صنف استمرت زمنًا طويلاً، وقد انتهت خلال نعمة المسيح وليس بمجهوداتنا الذاتية.

الحب جلب النعمة، والنعمة جلبت السلام، لذلك جاء ترتيب التحية لائقًا (النعمة والسلام)، طالبًا لهم أن يعيشوا في سلامٍ دائمٍ غير متزعزع، حتى لا يشتعل لهيب حرب أخرى، سائلاً الله أن يحفظ لهم هذه الأمور ثابتة، قائلاً: “نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح [7].

عجبًا! يا لقدرة حب الله، نحن الذين كنا قبلاً أعداء ومطروحين صرنا قديسين وأبناء! فإنه إذ يدعو الله “أبانا” يظهرهم أبناء له، وعندما يدعوهم أبناء يكشف عن كنز البركات كلها.]

السلام هو عطية الله التي يلزم أن نطلبها بالصلاة، فيهبها لنا إن صارت لنا الإرادة المقدسة، وكما يقول القديس جيروم: [يلزمنا أن نقتني السلام بالصلاة، هذا الذي يوجد ليس بين الجميع، بل بين من لهم الإرادة الصالحة… لأن مسكنه (الله) في السلام (مز 76: 10) .]

لاحظ القديس أمبروسيوس أن النعمة والسلام قد نُسبا للآب كما للسيد المسيح، إذ يقول: [ها أنتم ترون إننا نقول بأن نعمة الآب والابن واحدة، وسلام الآب والابن واحد، لكن هذه النعمة وهذا السلام هما ثمر الروح كما يعلمنا الرسول نفسه، قائلاً: وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة (غل 5: 22) .]

تفسير القمص متى المسكين

6:1 «الذين بينهم أنتم أيضاً مدعوو يسوع المسيح » .

«بينهم» في المكان لأن روما هي في وسط العالم الوثني أي الأمم، وفي الإنجيل لأنهم مدعوون بالكرازة بيسوع المسيح ، وهنا تأتي دعوتهم على مستوى دعوة بولس وإن كانت تتفاوت جداً في الرتبة، فهؤلاء لدعوة الإيمان كمؤمنين، وهذا لدعوة إطاعة الإيمان كرسول، ولكن كرامة الدعوة من كرامة الداعي، فهم في نظر ق. بولس مكرمون وقديسون بسبب طاعتهم لدعوة إنجيل المسيح .

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (6):”الذين بينهم أنتم أيضاً مدعوو يسوع المسيح.”

 ومن بين هؤلاء الأمم فإنكم يا أهل رومية مدعوين لكي تكونوا من خاصة المسيحولا فضل لأحد في هذه الدعوة بل هي نعمة الله المجانية التي لو قبلها أحد لآمن بالمسيحوهذه النعمة هي به ولأجل اسمه (آية 5).

تفسير د/ موريس تاوضروس

لإطاعة الإيمان في جميع الأمم الذين بينهم أنتم أيضا مدعوو يسوع المسيح :

وعـبـارة الاطاعـة الإيمان، تعني أننا يجب أن نتـقـبـل قـضـايا الإيمان وحـقـائقـه بـكل طاعة وخضوع ، فـإن الـحـقـائق الإيمانية ليست هي هذه المعارف التي تستند فقط إلي الإقناع العقلي والبرهان المادي، بل هي حقائق موحي بها تستلزم الطاعة. إن عمل الإيمان هو أن نطيع وأن نقبل وأن نسلم بالحقائق المعلنة ونسير علي هـديـها في سلوكنا وتصرفاتنا، وبين هؤلاء الأمم المدعوين للإيمان، يشير الرسول بولس إلي أن أهل رومية، مدعوين لكي يكونوا من خاصة يسوع المسيح.

تفسير كنيسة مارمرقس مصر الجديدة

ع6-7: بدأ الرسول بولس بتوجيه وتخصيص كلامه للمؤمنين في روما، ملقبًا إياهم بأحباء الله وأن المسيح يدعوهم لحياة القداسة، منعمًا عليهم بسلام وفرح.

† إن الله يدعوك لحياة القداسة إن أطعت وصاياه، فتمتلئ حياتك من السلام، تلك النعمة العظيمة التي يُحرَم منها العالم اليوم بسبب شره، بل وصار أولاد العالم يشكون كل يوم من الإكتئاب والأرق إذ “لا سلام قال الرب للأشرار”(إش48: 22).

رو1: 5 رسالة رومية رو1: 7
رسالة رومية – أصحاح 1
تفسير رومية 1 تفاسير رسالة رومية

 

زر الذهاب إلى الأعلى