رو1: 7 إلى جميع الموجودين في رومية…

إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.“(رو1: 7)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين. نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح ” (7:1).

لاحظ كيف أنه باستمرار يستخدم عبارة ” المدعو”، فيقول ” المدعو رسولا”، وأيضا “الذين بينهم أنتم أيضا مدعوون”، ثم “إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين” وهو لا يفعل هذا بدون هدف يخدم كرازته، لكنه يريد أن يذكرهم بالدعوة الموجهة للجميع، لأنه كان طبيعيا أن يوجد بين المؤمنين قوم في رتب عسكرية، ونبلاء، وفقراء، ومواطنين بسطاء، وقد فعل ذلك لكي ينزع جذور التمييز بين الرتب والمناصب ، فهو يكتب في رسالته تحية واحدة موجهة للجميع . فإن كان في الأمور الأكثر أهمية، أي في الأمور الروحية، كل شيء مشترك بين العبيد والأحرار، مثل محبة الله، الدعوة، البشارة المفرحة، والتبني، والنعمة، والسلام، والقداسة، وكل الأمور الأخرى، فكيف لا يكون التمييز بين الناس على أساس الأمور الأرضية دليلاً على الحماقة الشديدة، خصوصا إن كان الله قد وحدهم وجعلهم متساوين في منحهم العطايا الأكثر سموا؟ لذلك نجد أن المطوب بولس ـ منذ البداية – يبعد هذا المرض المخيف ويقود الجميع نحو الاتضاع الذي هو أساس كل صلاح. فهذه المساواة في الأمور الروحية قد جعلت العبيد يشعرون بالإرتياح والرضا، لأنهم أدركوا أنهم لن يتضرروا من كونهم عبيدا، طالما قد امتلكوا الحرية الحقيقية. وأيضا جعلت السادة الأحرار معتدلين، لأنهم أدركوا أن أعمال الإيمان لابد وأن تسبق الحرية، وإلا فإنهم لن يحققوا أية فائدة من وراء تلك الحرية، وهو يعرف كيف يختار أقواله بشكل واضح ومحدد. ولذلك فإنه لم يوجه رسالته إلى جميع الذين في روما ، لكن بالتحديد إلى “أحباء الله”، وهذا هو أفضل تحديد، إذ يظهر أيضا من أين تأتي القداسة.

4. حسنا فمن أين تأتي القداسة؟ تأتي من المحبة، لهذا قال “أحباء الله” وحينئذ أضاف ” مدعوين قديسين ” موضحا أن من خلال المحبة نقتني كل الخيرات وكل صلاح. وهو يدعو كل المؤمنين قديسين ” مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام” هذه هي المحبة التي تحمل خيرات غير محدودة، وهذه هي التحية التي طلب المسيح من الرسل أن يقولوها عندما يدخلوا البيوت، ولهذا فإن الرسول بولس كان على الدوام يبدأ بهذه التحية، أي بالنعمة والسلام. لأن المسيح لم يبطل حربا صغيرة، لكن حربا طويلة الأمد متعددة الأشكال والأساليب وأتى لنا بالسلام، ولذلك فإن هذا السلام لا يأتي بجهادنا نحن، لكن من خلال نعمته.

إذن فما دامت المحبة قد منحت النعمة، والنعمة منحت السلام، فقد تمني لهم أن يقيموا فيها دوما وبثبات، لكي لا تنشب الحرب مرة أخرى. ثم يترجى من ذاك الذي أعطى النعمة والسلام أن يحفظهما على الدوام بقوله: ” نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح”. وهنا هو يطلب من الآب وابنه يسوع المسيح معا. لأنه لم يقل لتكن لكم النعمة والسلام من الله الآب من خلال ربنا يسوع المسيح، لكن قال من الله الآب والرب يسوع المسيح . عجيبة هي محبة الله القوية. فالأعداء، والفجار صاروا قديسين وأبناء. وعندما يدعو المسيح قائلاً إن الله ابيه، فإن هذا يمثل إعلانا عن بنوته لله، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن تعبير “أبناء” يكشف عن عمق غنى صلاح الله.

إذن فلنتبع السلوك الحسن بالنعمة ولنحفظ السلام والقداسة. لأن الرتب والمناصب الأخرى هي وقتية وستختفي مع الحياة الحاضرة، بل وتشترى بالمال. وعليه فإن كيان الشخص الحقيقي لن يأتي بتقلد المناصب، لأن الرتب والمناصب لها فقط قوة في الزي، وفي تملق الحراس، بينما النعمة والسلام، لأنهما قد أعطيا من الله، فلن يستطيع ولا حتى الموت أن يوقفهما. النعمة والسلام يجعلاننا في حالة بهاء هنا في هذه الحياة، وترافقانا في الدهر الآتي أيضا . لأن الذي يحافظ على عطية التبني والقداسة بكل تدقيق، هو حقا مشرق وأكثر سعادة من ذاك الذي يرتدي التيجان وله الرداء الملوكي . بل إنه في هذه الحياة الحاضرة أيضا يتمتع بهدوء عظيم، متمسكا بالرجاء الصالح، دون أن يتملك عليه القلق والاضطراب، كما أنه ينعم بالفرح والشكر على الدوام. لأن المسرة والفرح لا تجلبهما – عادةً – السلطة الكبيرة، ولا الأموال الكثيرة، ولا حجم الملك، ولا قوة الجسد، ولا المأكولات الشهية والملابس المزينة، أو أي شيء من هذه الأمور العالمية الأرضية، بل فقط النمو الروحي والضمير الصالح هما اللذان يمنحان هذا الفرح وهذه المسرة. كما أن ذاك الذي يحمل ضميرا نقيا، حتى وإن كان يرتدي ملابس رثة ويتضور جوعا، فهو أكثر سعادة من أولئك الذين يحيون ي غنى فاحش، وبالعكس فمن يحمل ضميرا شريرا، حتى ولو إمتلك كل الأموال فهذا يكون الأكثر تعاسة من الجميع.

ولهذا فإن القديس بولس على الرغم من أنه عاش زاهدا، وفي عوز مستمر وتجرد، وكان يعاني من الآلام بشكل يومي، إلا أنه كان فرحا أكثر من ملوك عاشوا في عصور سابقة، وأعني آخاب على سبيل المثال. فعلى الرغم من أنه كان ملك وعاش في غنى كثير ووافر، لكن لأنه صنع الشر، فقد أصيب بالاكتئاب والضيق، وكان وجهه حزينا قبل وبعد الخطية. إذا فلو أردنا أن نتمتع بالفرح، فيجب علينا ـ قبل كل شيء – أن نتجنب الشر وأن نسعى نحو الفضيلة. فبدون هذا لن نستطيع أن نشترك في هذا الفرح الروحي. ولهذا فان الرسول بولس يقول في موضع آخر إن ” ثمر الروح هو محبة فرح سلام”. هذا الثمر يجب أن نبتغيه ونغذي به أنفسنا حتى نتمتع بفرح هذه الحياة، ونقتني الملكوت الآتي بالنعمة ومحبة البشر اللواتي لربنا يسوع المسيح الذي له المجد مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

دعاهم “مدعوّي يسوع المسيح”، فالفضل لمن “دعانا” مجانًا لنعمته. كما دعاهم “مدعوّين قديسين”. فإن كان شعب إسرائيل قد دُعي قديمًا بالجماعة المقدسة (حز 12: 16؛ لا 23: 2، 44) بكونهم الشعب المفرز لله القدوس (لا 11: 24، 19: 2)، فإن هذا الشعب قد فشل في تحقيق القداسة إلا من خلال الرموز والنبوات، أما الآن فقد جاء مسيحنا القدوس يدعونا للدخول فيه والثبات فيه، فنُحسب به أبرارًا وقديسين.

أراد الرسول في أبوته الحانية أن يوضح نظرته لهم، أنه يحترمهم ويقدّرهم، لأنهم “مدعوّو يسوع المسيح” [6]، “أحباء الله” [7]، “مدعوّون قديسين” [7]، كأنه يفتخر أن يكون خادمًا لهم!

يحسب القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذه الدعوة للقداسة هي كرامة فائقة ترافق المؤمنين حتى بعد عبورهم الحياة، إذ يقول: [الكرامات الأخرى تُعطى لزمان ثم تنتهي مع الحياة الحاضرة، هذه يمكن أن تُقتنى بمال… أما الكرامات التي يهبها الله، أي عطية التقديس والتبني، فلا يقدر حتى الموت أن يحطمها. إنها تجعل البشر مشهورين هنا، كما ترافقنا في رحلتنا إلى الحياة العتيدة.]

هذا وسرّ تقديسنا هو قبول “النعمة والسلام” [5]… فقد كانت كلمة “نعمة” هي تحية اليونانيين، و”سلام” أو “شلوم” هي تحية العبرانيين؛ أما وقد صار الكل جسدًا واحدًا فلم يقبلوا “النعمة والسلام” من بعضهم البعض، إنما تمتعوا بهما كعطية إلهية للجسد الواحد الذي يضم اليونانيين واليهود معًا. تقبلوا نعمة الله الفائقة، أي عطاياه المجانية والتي تتجلى في سكنى الله نفسه في داخلهم ليُعلن ملكوته فيهم باستحقاقات دم الصليب، وسلامه السماوي الذي يوّحد الإنسان مع خالقه والجسد مع الروح والإنسان مع أخيه، أيّا كان جنسه!

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الرسول بحكمة يبدأ بالنعمة ثم بالسلام، إذ لا نستطيع أن ننعم بالسلام الداخلي، بعد أن دخلنا خلال عصياننا في حرب روحية شرسة ما لم تعمل نعمة الله فينا لتهبنا بالمسيح يسوع روح الغلبة والنصرة؛ فنعيش في سلام حقيقي، كأبناء لأبٍ سماويٍ. هذه هي عطية الله لنا، ونعمته التي تسندنا في هذا الزمان الحاضر وترافقنا حتى تدخل بنا إلى الحضن الأبوي أبديًّا. يقول القديس:

[إنها تحية تقدم لنا بركات بلا حصر.

هذا (السلام) هو ما أمر به المسيح الرسل أن يستخدموه كأول كلمة ينطقون بها عندما يدخلون البيوت (لو 10: 5). لهذا يبدأ الرسول بالنعمة والسلام. فقد كانت توجد حرب ليست بهينة، وضع المسيح لها نهاية؛ كانت بالحقيقة حربًا متنوعة من كل صنف استمرت زمنًا طويلاً، وقد انتهت خلال نعمة المسيح وليس بمجهوداتنا الذاتية.

الحب جلب النعمة، والنعمة جلبت السلام، لذلك جاء ترتيب التحية لائقًا (النعمة والسلام)، طالبًا لهم أن يعيشوا في سلامٍ دائمٍ غير متزعزع، حتى لا يشتعل لهيب حرب أخرى، سائلاً الله أن يحفظ لهم هذه الأمور ثابتة، قائلاً: “نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح [7].

عجبًا! يا لقدرة حب الله، نحن الذين كنا قبلاً أعداء ومطروحين صرنا قديسين وأبناء! فإنه إذ يدعو الله “أبانا” يظهرهم أبناء له، وعندما يدعوهم أبناء يكشف عن كنز البركات كلها.]

السلام هو عطية الله التي يلزم أن نطلبها بالصلاة، فيهبها لنا إن صارت لنا الإرادة المقدسة، وكما يقول القديس جيروم: [يلزمنا أن نقتني السلام بالصلاة، هذا الذي يوجد ليس بين الجميع، بل بين من لهم الإرادة الصالحة… لأن مسكنه (الله) في السلام (مز 76: 10) .]

لاحظ القديس أمبروسيوس أن النعمة والسلام قد نُسبا للآب كما للسيد المسيح، إذ يقول: [ها أنتم ترون إننا نقول بأن نعمة الآب والابن واحدة، وسلام الآب والابن واحد، لكن هذه النعمة وهذا السلام هما ثمر الروح كما يعلمنا الرسول نفسه، قائلاً: وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة (غل 5: 22) .]

تفسير القمص متى المسكين

7:1 «إلى جميع الموجودين في رومية، أحباء الله مدعوين قديسين. نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح » .

لو لاحـظ الـقـارىء ودقق في الملاحظة، لوجد في الآية (5:1) أن ق. بولس يخاطب الأمم : « في جميع الأمم الذين بينهم أنتم». هنا يستدرك ق. بولس ليضم اليهود المتنصرين في شمولية : « إلى جميع الموجودين في رومية » .

«أحباء الله مدعوين قديسين»:

هـنـا يـضـم المحبة الأولى التي برحت بقلب يهوه نحو شعبه المختار، والكلام في هذا الأمر كثير، إلى المحبة الثانية والأقوى والأكثر دوماً التي في المسيح يسوع ومن أجله . فالكلام هنا لليهود والأمم في الإنـجـيـل الـواحـد . وهذه المحبة ، محبة الله ، هي نفسها التي ربطت قلب الرسول بهم ، فالذي دعاه دعاهم والذي أحبه أحبهم . وحينما يقول ق . بولس : « مدعوين قديسين» ، فهو يكرم دعوتهم التي للقداسة . فالدعوة لإتباع الله هي دعوة إفراز واعتزال من وسط العالم للالتصاق بالله ، وهي هي بعينها دعوة للقداسة. إذاً، فهم مدعوون ليكونوا قديسين .

والقداسة أو التقديس تتعدى التخصص الله إلى قبول روح الله للتقوى والطهارة والقلب العابد .

ولا يفوت على القارىء أن المسيحية عند ق. بولس قداسة، والإيمان بالمسيح هو تقديس ، والمؤمنون بالمسيح قديسون هم !

ولـكـن «الشعب المقدس» « وقديسي الله العلي » ، تقليد نبوي منذ العهد القديم ، يوصف به شعب الله المتمسك بالله . هكذا يصف الروح لدانيال النبي كيف سيملك شعب الله بعد ضيق الأيام ويكونون مملكة أبدية : « والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تُعطى لشعب قديسي العلي، ملكوته ملكوت أبدي . » (دا 7: 27)

والآن ،  ورث المسيحيون هذا الوعد، وصاروا شعباً الله العلي بالإيمان والاختيار والمحبة والتبئي التي خصهم بها الله في شخص ابنه يسوع المسيح . وهكذا ورثوا لقب « قديسي العلي» والمملكة ملكوت الله، والعربون تسلم لنا وهو قائم في قلوبنا. .

«نعمة لكم وسلام = χάρις ὑμῖν καὶ εἰρήνη»

وهبة النعمة هي دعاء إفخاريستي من عمق الليتورجيا الكنسية، ويبدو أنه كان هو الـدعـاء المسيحي السائد في الكنيسة الأولى، ولكن كان يلقى من الأسقف للشعب ، لأن «هبة النعمة» هي هبة رسـولية أو أسقفية . وقد وردت في قول ق. بولس هكذا: «لأني مشتاق أن أراكم لكي أمنحكم هبة روحية لثباتكم . » (رو 1: 11).

والنعمة في أصلها هي محبة الله التي تنسكب إزاء الإيمان بالله . والقديس بولس لا يعطيها من ذاته ، بـل مـن مـلء حـضـور المسيح الذي أصبح هو حياته : « لي الحياة هي المسيح» (في 1: 21)، «فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في» (غل 2: 20). فالنعمة التي يهبها ق. بولس هي نعمة محبة الله الموهوبة له في المسيح ذات العطايا المتعددة، فهي نعمة الله والمسيح .

كذلك السلام، هو حالة  توجد فيها النفس من جراء حضور الله في شخص يسوع المسيح حيث ترفع عن الإنسان كل ضغطة العالم والشرير. فسلام الله أعلى بكثير من السلام الذي يشعره الإنسان عند الراحة النفسية، لأنه حالة مقيمة في أعماق الروح والنفس بسبب حضور المسيح ، فهو سلام «لا ينزع» بحسب قول المسيح (يو 16: 22). لأن لا أحد ولا أي شيء يقدر أن ينزعه منا ، لا أحد ولا شيء يقدر أن يفصلنا عن المسيح وعن محبة الله التي لنا في المسيح (رو 8: 35-39)، لأن المسيح نفسه موجود في إقامة روحية سرية بقوة داخل النفس والروح .

ولا ننسى أن هذه الحالة هي أعلى وآخر معيار روحي طلبه لنا المسيح من الله أن يكون لنا وقد كان : «وعرفتُـهـم اسمك، وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم . » (يو 17: 26)

وق. بولس يعرف نوع هذا السلام بأنه يفوق العقل ويحفظ الفكر والعقل في المسيح : « وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع . » ( في 4: 7)

و واضح مـن مـضـمـون النعمة والسلام أنهما عطيتان متحدتان توجدان معاً، وكل منهما تؤازر الأخرى في قلب الإنسان. ليت الله يهبهما بحسب سخاء غنى نعمته لكل قارىء .

و بهذه الافـتـتـاحـيـة يكون ق. بولس قد قدم نفسه معرفاً برسالته وإنجيله ، وقدم إنجيله معرفاً بالمسيح المسيا وابن الله . ثم موضحاً علاقته المهنية (كرسول ) بالأمم و بالتالي بروما والموجودين فيها ، باثا فيهم النعمة مع السلام من لذن الله الآب والمسيح يسوع .

ثم بعد ذلك يدخل ق. بولس في الغرض الذي من أجله كتب الرسالة .

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (7): “إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح.”

مدعوين قديسين= المسيحية عند بولس هي قداسة، والإيمان بالمسيح هو تقديس، والمؤمنين بالمسيح قديسين، أي مفروزين عن العالم ليلتصقوا بالله، ويكونوا مخصصين لهوقد قبلوا روح الله ليعينهم علي ذلك، وعلي أن يحيوا بالتقوي والطهارة والقلب العابدوالقداسة هي سلم نصعد عليه فليس الكل قد وصل للكمال، بل القداسة درجاتوقوله مدعوينإذاً هم مثله، فهو أيضاً مدعو (آية1). فهو يفتخر بخدمة أحباء الله المدعوين.

نعمة لكم وسلام= كلمة نعمة هي تحية اليونانيين وكلمة سلام هي تحية اليهود، فهو يكتب للإثنينولكن بمعني آخر فالنعمة هي عمل الروح القدس في المؤمن والذي نتيجته السلام، لذلك فالنعمة تسبق السلام رو 1:5 والنعمة هي أعمال رحمة الله عموماً، الفداء وإرسال الروح القدس، وكل الخير الذي أعطاه الله لنا، والخير الأعظم هو إرسال الروح القدس، ومن نعمة الله غفران خطايانا ومنحنا رتبة البنوة. ومن الله أبينا والرب يسوع المسيحهذه تشير لتساوي الآب والإبن فالنعمة والسلام يصدران عن كليهما.

تفسير د/ موريس تاوضروس

 إلي جميع الموجودين في رومية، أحباء الله مدعوين قديسين، نعمة لكم وسلام من الله أبينا، والرب يسوع المسيح، (رو1: 7).

يوضح الرسول أن الـدعـوة المسيحية لاتقتصر علي شعب دون شعب، بل هي رسالة عامة لاتحدد بشعب معين بل تمتد إلي جميع الأمم، ومن بين هؤلاء الأمم يشير الرسول الي أهل رومية. ويصف الرسـول أهل رومية بأنهم «أحباء الله مـدعـوين قديسين». وعبارة «أحباء الله، تشير إلي محبة الله التي تمتد إلي جميع البشر ولأنه هكذا أحب الله العالـم حـتي بذل ابنه الوحيد، وفي حب الله لنا قـد دعانا لنكون قديسين، أي لنصيـر مـقـدسين في الروح القدس. مـحـبـة الله يجب أن تكون دافعا لنا لكي نسلك بالقداسة، ونصير قديسين، كما أنه هو قدوس. والحياة المقدسة تتمثل في الحياة مع الله والانفصال عن شرور العالم ومفاسده.

ويختم الرسول حديثه عن رسالته طالبا لأهل رومية أن تكون لهم انعمة وسلام من اللهر أبينا والرب يسوع المسيح» .

ومن الملاحظ في هذه العبارة أن الرسـول يسوي في الجوهر بين االآب والابن حـيث أن النعمة والسلام يصدران عنهما كليهما. أما كلمة نعمة، فهي تعني رحمة الله ومايتبع هذه الرحمة من خير وصلاح، وعلى الأخص تتمثل النعمة الإلهية فيمـا منحه الله لنا من غفران لخطايانا، ومن بنوة، أي أنها تتمثل علي الأخص فيما منحه الله من خلاص للبشر، لأن هذا الخلاص الذي تطلب أن يبذل الله ابنه الوحيد، هو قمة رحمة الله ومحبته للبشر.

تفسير كنيسة مارمرقس مصر الجديدة

ع6-7: بدأ الرسول بولس بتوجيه وتخصيص كلامه للمؤمنين في روما، ملقبًا إياهم بأحباء الله وأن المسيح يدعوهم لحياة القداسة، منعمًا عليهم بسلام وفرح.

† إن الله يدعوك لحياة القداسة إن أطعت وصاياه، فتمتلئ حياتك من السلام، تلك النعمة العظيمة التي يُحرَم منها العالم اليوم بسبب شره، بل وصار أولاد العالم يشكون كل يوم من الإكتئاب والأرق إذ “لا سلام قال الرب للأشرار”(إش48: 22).

رو1: 6 رسالة رومية رو1: 8
رسالة رومية – أصحاح 1
تفسير رومية 1 تفاسير رسالة رومية

 

زر الذهاب إلى الأعلى