التفسير القديم للكتاب المقدس – لوقا أصحاح 7
1:7- 10 شفاء عبد قائد المائة
ولما أتم جميع كلامه بمسامع الشعب، دخل كفرناحوم. وكان لقائد مائة خادم مريض قد أشرف على الموت، وكان عزيزا عليه. فلما سمع بيسوع، أوفد إليه بعض شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ليشفي خادمه. ولما وصلوا إلى يسوع، سألوه بإلحاح، قالوا: «إنه يستحق أن تمنحه ذلك، لأنه يحب أمتنا، وهو الذي بنى لنا المجمع». فمضى يسوع معهم. وما إن صار غير بعيد من البيت، حتى أرسل إليه قائد المائة بعض أصدقائه يقول له: «يا رب، لا تزعج نفسك، فإني لست أهلاً لأن تدخل تحت سقفي، ولذلك لم أحسب نفسي أهلاً لأن أجيء إليك، ولكن قل كلمة يُشف خادمي فأنا مرؤوس ولي جند بإمرتي، أقول لهذا: اذهب! فيذهب، وللآخر : تعال؟ فيأتي، ولخادمي : افعل هذا! فيفعله». فلما سمع يسوع ذلك، أعجب به والتفت إلى الجمع الذي يتبعه فقال: «أقول لكم: لم أجد مثل هذا الإيمان حتى في إسرائيل». ورجع المرسلون إلى البيت، فوجدوا أن الخادم قد تعافى.
نظرة عامة:
لما شفى يسوع عبـد قـائد المـائـة الـرومـاني عبر عن محبته للأعداء (أمبروسيوس). لقد زكَّي شيوخ اليهود، ممثلو إسرائيل، قائد المائة لدى يسوع، لأنه بنى لهم المجمع حيث يكون الله حاضرا في كلمته (مكسيـومس الـتـوريـنـي). بالإيمان صـار غـيـر المـسـتـحـق مـسـتـحـقـا أفـرام). وعوضا عن أن يكون قائد المائة جنديا عند الإمبراطور، أصبح الآن جندي سلام عند يسوع (مكسيموس الـتـوريـنـي). أمـا يسوع فأظهر تواضعه عندما شفى عبد قائد المائة (أمبروسيوس).
2-1:7 عبد عزيز على قائد المائة
يظهر يسوع محبة الأعداء بشفاء عبد رجل أممي.
أمبروسيوس: يرمز شفاء خادم قائد المائة إلى أنه ببركة الرب تم شفاء الأمم المقيدة بعبودية دنيوية، والمصابة بأهواء مميتة. لم يخطئ الإنجيلي في قوله إنه كان مشرفا على الموت. فلو لم يبرئه المسيح لمات. أتم ذلك برأفة سماوية، فمن أحب أعداءه اسـتـنـقـذهـم من براثن الموت وقبلهم في رجاء الخلاص الأبدي. (عرض القديس لوقا 83.5)
5-3:7 أعيان اليهود
بنى قائد المائة مجمعا لحضور الله.
مكسيموس الـتـوريـنـي: إشادة بقائد المائة قال اليهود للرب: «إنه يستحق أن تمنحه ذلك، لأنه يحب أمتنا، وهو الذي بني لنا المجـمـع». إذا شيد أحدهم بناء ينكر فيه المسيح افتقدته الرحمـة السماوية، فكم يفتقد الله من بنى مسكنا يبشر فيه بالمسيح يوميا! لم يوافق الرب قائد المائة على ما قام به، إلا أنه وافق على ما دفعه لإتمام البناء، بنى مجمعا في زمن لم يكن فيه مسيحيون، فلو كان هناك مسيحيون لبنى كنيسة بغيرة وتـفـان إنه يبشر بالمسيح حتى لو بنى مجمعا. (الموعظة 87، على عبد قائد المائة في الإنجيل)
8-6:7 قائد المائة
قائد المائة هو أول أممي مؤمن.
أفرام: «إني لست أهـلا لأن تدخل تحت ، سقفي، وليس باستطاعتي أن أستقبل شمس البر. ومضة تكفيني ليزول عني مرضي، وهذا ما يحدث للظلمة عندما يسطع الثور». لما سمع الرب ذلك منه أعجب به الإعجاب كله. وقال للذين كانوا بالقرب منه: «الحق أقول لكم: لم أجد مثل هذا الإيمان حتى في إسرائيل». قال هذا ليخزي الذين لم يؤمنوا به كما أمن بـه هـذا الغريب أحضـرهـم قـائـد المـائـة وجاء معهم ليزكوه. فوبخهم يسوع لأنهم لا يملكون إيمانا كإيمانه، ومن أجل أن يثبت أن إيمان قـائـد المـائـة كـان فـاتـحـة إيمان الأمم قال: «لا تظنوا أن هذا الإيمان مقتصر على قائد المائة». لقد رأى وآمن. «كثيرون من الناس أمنوا ولـم يروا». «وكثيرون سيجيئون من المشرق والمغرب ويجلسون إلى المائدة مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السماوات».( تفسير الإنجيـل الرباعي لتاتيان 6. 22أ- 22ب)
قائد المائة جندي سلام للمخلص.
مكسيموس التوريني: إن قائد المائة الثقي أصبح، بإقراره بأنه غير مستحق، جديرا بنيل الشفاء. وباعتباره أن بيته أحقر من أن يزوره السيد صار أكثر نبلا وقبولا، لا يذهب الرب إلى بيته، بل قوة شفائه تذهب. ولا يزور المريض، بل تزوره العافية التي شمله السيد بهاء (الموعظة 87، على عبد قائد المائة في الإنجيل)
10-9:7 يمدح يسوع قائد المائة ويشفي خادمه
شـفاء خادم قـائد المـائـة سـمـة للتواضع.
أمبروسيوس: ما أعظم الرب في تواضعه! إنه لم يأنف من زيارة خادم قائد المائة… لقد كان بإمكانه أن يشفيـه مـن دون الـذهـاب إلى بيته، ولكنه توخى أن يعطينا درسـا فـي الـتـواضـع ويعلمنا الاهتمام بالصغير والكبير. قال لرجل من حاشية الملك: «إذهب! ابنك حي»، ليدرك قدرة لاهـوتـه ونـعـمـة تـواضعه. رفض أن يذهب إلى القصر حتى لا يقال إنه يكون حيث الـغـنـى والـثـراء. أما إلى خـادم قـائـد المائة في وضعه فذهب بنفسه. خشية أن يؤول موقفه بأنه احتقار لمنزلة خادم قائد المائة، سواء كنا عبيدا أو أحرارا فنحن واحد في المسيح (عرض القديس لوقا 5. 13)
11:7 – 17 احياء ابن أرملة نائين
وذهب بعدئذ إلى مدينة يقال لها نائين، وتلاميذه يسيرون معه، وجمع كثير. فلما اقترب من باب المدينة، إذا ميت محمول، وهو الابن الأوحد لأمه وهي أرملة. وكان يصحبها جمع كثير من المدينة. فلما رآها الرب أشفق عليها، فقال لها: «لا تبكى!» ودنا من النعش، ولمسه فوقف حاملوه. فقال: «أيها الشاب، أقول لك: قم!»
فجلس الميت وأخذ يتكلم، فسلمه إلى أمه. فاستولى الخوف على الجميع فمجدوا الله قائلين: «قام فينا نبي عظيم، وافتقد الله شعبه!» وانتشر هذا الخبر عن يسوع في اليهودية كلها وفي جميع النواحي المجاورة لها.
نظرة عامة:
يربط لوقا إحياء هذا الميت بالشفاء السابق ليدل على أن يسوع هو تحقيق للأمل النّبوي في العهد القديم، وأن الـعـهـد المـسـيـاني قد أشرق الآن (كيرلس الإسكندري). الميت كان الابن الأوحد لأمه الأرملة، وهذا ما يحرك الـقـلـوب بالشفقة والرأفة، إن يسوع، ابن العذراء، التقى ابن الأرملة (أفرام). والميت يقابل يسوع، الحياة والقيامة (كيرلس الإسكندري). بكاء المرأة يثير عطف يسوع، وفي حزننا تشفع أم الكنيسة بنا (أمبروسيوس)، فيه ملء القداسة وملء الحيـاة. إنّـه الـكـلـمـة وقـد صـار بشرا ليحيي الميت ويحيي البشرية أيضا (كيرلس الإسكندري). لقد انتشر خبر المعجزة في اليهودية كلها وفي النواحي المجاورة لها وشهرت اسم يسوع (كيرلس الإسكندري).
11:7- 12 إطار الحادثة
إحياء الميت.
كيرلس الإسكندري: أنظر كيف يربط يسوع معجزة بمعجزة. لقد دعي لشفاء خادم قائد المائة، أما هنا فقد أتى من تلقاء نفسه من دون توجيه أية دعوة إليه… يبدو لي أنه بتدبير ربط هذه المعجزة بالأولى. (تفسير القديس لوقا 36)
لقاء ابن العذراء بابن الأرملة.
أفرام: لـقـي ابـن الـعـذراء ابن الأرملة كـان لـهـا إسفنجا يلملم قطرات دموعها وحياة لابنها الميت. أباد الموت في عقره، وأسلم الحياة للمنتصر. (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 6. 23).
يلقى الميت يسوع الحياة والقيامة.
كيرلس الإسكندري: كان يحمل الميت إلى الـقـبـر عـدد مـن أصدقائه، فلقيه المسيح الحياة والقيامة، الساحق الموت والفساد. فيه نحيا ونتحرك، وقد أعاد طبيعتنا إلى أصلها وحررنا من الموت… أخذته الرأفة على المرأة فكفكف دمعها، قال لها: «لا تبكي». وللحين تماسكت عن البكاء وهي ترى أن ابـنـهـا قـد اسـتـعـاد الحياة. (تفسير القديس لوقا 36)
15-13:7 الشفقة والمعجزة
الكنيسة، الأم الحزينة.
أمبروسيوس: خطيئتك المميتة لا تغسل بدمع ندامتك على ما فعلت، لذلك فلتبك الأم الكنيسة عنك… نـحـن قـلب مـن قـلـبـهـا. هناك، كمـا يـقـول بولس، قلب روحي، «نعم، يا أخي، أحسن إلي في الرب وأنعش قلبي في المسيح». نـحـن قـلب الكنيسة، لأننا نحن أعضاء جسده، من لحمه، ومن عظامه. فلتحزن الأم الـورعـة، ولـنـسـاعـد الجموع أيضا…. ليشفق جميعهم على أبو صالح في الجنازة تقومون من الموت، وتتخلصون من القبر؛ وتتوقف الجموع في جنازتكم عن الحركة، وتبدؤون بـالـنُطق بكلام الحياة، فـيـهلع الجميع. كثيرون يصلحهم مثال واحد، فيسبحون الله المانح إيانا المساعدة التي بها نتقي الموت. (عرض القديس لوقا 5. 92) جسد يسوع المقدس، الكلمة صار بـشـرا، وحـمـل الخلاص كيرلس الإسكندري: أقام المسيح من كان في طريقه ليلحد في قبر. وأما كيفية إقامته فترى بسهولة: «لمس النّعش، وقال: «أيها الشاب، أقول لك: قم!» بكلمة واحدة أنهض من كان ممددا في النعش، لا يصعب على الكلمة أمر. فماذا أقوى من كلمة الله؟ لماذا لم يجر المعجزة بـكـلـمـة، بل لمس النعش أيضا؟ جرى ذلك، يا أحبائي، لتعلموا أن جسد المسيح المقدس منقذ للبشر. فجسد الكلمة القدير هو جسد الحياة… فكما تكون للجديد المحمي حرارة الـثـار الـكـامـئـة فـيـه، تكون لجسد المسيـح الـقـدرة على إعطاء الحيـاة وعلى إبادة الموت والفساد، فجسد الكلمة كل شيء. فليلمسنا الرب يسوع المسيح ليخلصنا من كل عمل شرير، ومن الشهوات الجسدية، ويضمنا إلى صفوف القديسين. تفسير القديس لوقا 36)
17-16:7 جواب الناس
انتشار خبر إقامة ابن الأزملة في كل مكان كيرلس الإسكندري: ليعلم الجميع في كل مكان أن الرب هو الله، ولو بدا لنا في هيئة البشر. ففي مناسبات عديدة ووسـائـل مـخـتـلـفـة أعـطـانـا آيات القدرة الربانية وجلالها. أقصى أمراضنا، وانتهر الأرواح النجسة، أعطى العميان بصرا. وصـان أجساد الـنـاس مـن الموت، بعد أن طغى الموت بشراسة على الجنس البشري من آدم إلى موسى، وفق ما قاله بولس الإلهي، أقام ابن الأرملة في نائين فجأة وبشكـل مـعـجـز انتشر خبر المعجزة في اليهودية كلها، واستولت على إعجاب الناس. (تفسير القديس لوقا 37)
7: 18- 23 يسوع ويوحنا المعمدان
7: 18- 23 سؤال يوحنا وجواب يسوع
وأخبر يوحنا تلاميذه بهذه الأمور كلها، فدعا اثنين من تلاميذه وأرسلهما إلى الرب يسأله: «أأنت هو الآتي، أو ننتظر آخر؟» فجاء الرجلان إلى يسوع وقالا له: «إن يوحنا المعمدان أوفدنا إليك يسأل: «أنت هو الآتي، أو ننتظر آخر؟» فشفى في تلك الساعة أناسا كثيرين من الأمراض والعلل والأرواح الخبيثة، وأعاد البصر لكثير من العميان، ثم أجابهما: «اذهبا فأخبرا يوحنا بما سمعتما ورأيتما: العميان يبصرون، العرج يمشون، والبرص يطهرون والصم يسمعون، والموتى يقومون، والفقراء يبشرون. وطوبى لمن لا أكون له حجر عثرة».
نظرة عامة:
أرسل يوحنا اثنين من تلاميذه ليثبت لنا أن ما قاله لهما ولرفاقهما عن يسوع صحيح كل الصحة، فيتقوى تلاميذه قبل موته، ولا يتبددون كخراف لا راعي لها (أفرام). لم يكن نمو وعظ يسوع وفق ما أمله يوحنا. فيوحنّا هو رمز الشريعة، في حين أن العالم كان ينتظر مجيء مخلص يـكـون كـمـال الـشـريـعـة (أمبروسيوس).
بدلاً من أن يرد على سؤال تلميذي يوحنا بـقـولـه أنـا هـو المخلص، أجرى معجزات تشهد على أنـه هـو «الآتي» (كيرلس الإسكندري). إن لوقا، بإلقائه الضوء على المعجزات، برهن أن العهد القديم قد تم كما أنبأ به إشعيا (الذهبي الفم). إن تواضع يسوع في تحقيقه لنبوة العهد القديم هو حجر عثار للمراقبين (كيرلس الإسكندري).
7: 18- 23 سؤال يـوحنا وجواب يسوع
أرسل يوحنا اثنين من تلاميذه ليثبت وعظة.
أفـرام: أرسـل يـوحـــا اثـنـيـن مـن تلاميذه، لا ليستجوبا الرب، بل ليثبت أن ما أعلنه لهما من قبل كان صحيحا. لقد كان يوحنا يوجـه عـقـول تلاميذه إلى الرب… أرسلهما ليوطد إيمانهما بيسوع ويشاهدا بعيونهما معجزاته. (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان 9. 1-2)
يوحنا هو رمز الشريعة.
أمبروسيوس: إن يوحنا هو رمز الشريعة التي أنبأت بالمسيح… إنّها تعجز عن بلوغ غاية التدبير الإلـهـي بـدون الإنجيل المقدس. (عرض القديس لوقا 5. 93-94)
تشهد المعجزات على أن يسوع هو «الآتـي ».
كيرلس الإسكندري: قال لنا الإنجيلي الحكيم، «شـفـى يسوع في تلك الساعة أناسا كثيرين من الأمراض والعلل والأرواح الخبيثة، ووهب البصر لكثير من الـعـمـيـان». أقـامـهـمـا الرب شـاهـدي عـيـان لعظمته فأعجبا بقدرته وبقوته إعجابا لا حد له. ثم طرحا عليه السؤال باسم يوحنا، «أأنت هو الآتي، أو ننتظر آخر؟». للمخلص لـبـاقـة في الأجوبة تسحر المتسائلين. لم يجبه الشاهدين بالقول: «أنا هو». لو قال إني هو لكان قوله صحيحا لا غبار عليه. أثر أن يقنعهما، بمعجزاته وأعماله، بأنه هو المنتظر فيؤمنان به إيمانا لا يعتوره ريب، ويعودان إلى من أرسلهما مزودين بأدلة ثابته قال: «اذهبا فأخبرا يوحنا بما سمعتمـا ورأيتما»، «سمعتمـا أني أقمت الأمـوات بـالـكـلـمـة الـقـديـرة وبلمس اليد. وشاهدنما، وأنتما واقـفـان هـنا، إتمام ما جاء على لسان الأنبياء القديسين. العميان يبصرون، العرج يمشون، البرص يطهرون والصم يسمعون، الموتى يقومون، والفقراء يبشرون. لقد أعلن الأنبياء القديسون أن نبؤاتهم ستتم في الوقت المناسب. وقد تمت وأنتما على ذلك شاهدا عيان، إذهبا وأخبرا يوحنّا أنكما رأيتما بأعينكما أن النبوات قد تمت بقوتي وبقدرتي. (تفسير القديس لوقا 37).
إشعيا أنبأ بمعجزات شفاء يسوع للمرضى.
الذهـبـي الـفـم: أجرى المسيح المعجزات وعلم الجموع، علانية، أنه كما قـال عـنـه إشـعـيـا يـشـفـي الـعرج ويجعل العميان يبصرون والصم يسمعون. «عيون الـعـمـيـان تـنـفـتـح وكذلك آذان الصم». ثم يقول، ويقفز الأعرج كالغزال ويترنم لسانه الأبكم». هذا لم يحدث قبل مجيء المخلص. (ضد اليهود والأمم 8-9).
تواضع يسوع في إتمامه العهد القديم هو حجر عثرة لهم.
كيرلس الإسكندري: ثم قال: «طوبى لمن لا يكفر بي». جحده اليهود، لأنهم لم يعرفوا عمق السّر أو لأنهم لم يسعوا إلى معرفته. كل جزء من الكتاب المقدس ينبئ بأن كلمة الله سيخلي نفسه من السماء تواضعا وسيرى على الأرض… مع ذلك سيجحدونه، فيكون حجر عثرة لهم، فيسقطون ويتهشمون. لقد اتشح بالكرامة والمجد لما أجرى من معجزات، لكنهم رجموه وقالوا له: «ما أنت إلا إنسان، جعلت من نفسك إلها». المسيح وبخ، في جـوابـه سـخـافـة عـقـولـهـم التي لا توصف وقال: «إذا كنت لا أعـمـل أعـمـال أبي، فـلا تصدقونني. وإذا كنت أعملها، فصدقوا هذه الأعمال إن كنتم لا تصدقوني». طوبی لمن لا يجحد المسيح، بل يؤمن به. (تفسیر القديس لوقا 37)
24:7 – 28 شهادة يسوع عن يوحنا
ولما انصرف رسولا يوحنا، تحدث للجموع عن يوحنا: «ماذا خرجتم إلى البرية تنظرون؟ أقصبة تهزها الريح ؟ بل ماذا خرجتم ترون؟ أرجلا يلبس الثياب الناعمة؟ ها إن الذين يلبسون الثياب الفاخرة ويعيشون عيشة الترف يقيمون في قصور الملوك. أم ماذا خرجتم ترون؟ أنبيا؟ أقول لكم: نعم، بل أفضل من نبي. فهذا الذي كتب في شأنه: «هاءنذا أرسل رسولي قدامك ليعد الطريق أمامك». أقول لكم: ليس في أولاد النساء أعظم من يوحنا، ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه.
نظرة عامة:
ليوحنا كسابق ليسوع دور ذو شأن وأهمية في تدبير الله. يوبخ يسوع، في كلامه على يوحنـا عـلـمـاء الشريعة والفريسيين، ويريهم أن عظمة يوحنا، في ملكوت السماء تأتي من الإيمان لا من بر الشريعة (كيرلس الإسكندري). يقلع يوحنا في تعبيده الطريق ليسوع، عن زخارف الدنيا لأنه، على عكس غيره، لا يتهرز كقصبة في نهر لا جذور لها، ولا تستهويه المياه الشريعة الجريان. من القصب يصنع قلم يمده الروح بمداده (أمبروسيوس). يوحنا هو أعظم نبي مولود لامرأة، بيد أن يسوع هو أعظم نبي مولود لعذراء، وفيه تتم نبوة مـوسـى فـي تثنية الاشتراع (أمبروسيوس). يعلن يوحنا العهد الجديد، لكنه، كشخص تاريخي (مولود لامرأة)، لم يكن جزءا من العهد الجديد، من هنا أن أبناء العهد الجديد (المولودين لله) أعـظـم مـنـه (كيرلس الإسكندري).
عظمة يوحنا في الملكوت هـي بالإيمان لا ببر الشريعة.
كيرلس الإسـكـنـدري تـفـاخـر بعضهم من علماء شريعة وفريسيين، ومن لف لفهم، بالتقيد والعمل بما تقتضيه الشريعة. هنا يثبت أن المؤمنين بالرب يسوع يتفوقون عليهم، وأن أمـجـادهـم كـأتباع الشريعة هي أصغر إذا قـورنـت بـطـريـق الحـيـاة الإنجيلية، يتخذ يسوع المعمدان المبارك الذي كان أعظم مولود لامرأة نموذجا ومثالاً أعلن أنه نبي، وأنه أعلى من أي نبي سواه. يقول المسيح أيضا إنه لم يقم بين مواليد النساء من هو أعظم منه في البر الذي تنص عليه الشريعة. يصارح المستمعين بأن من هو أقل منه شأنا، وأدنى منه مرتبة في مفهوم الشريعة للبر، هو أعظم منه. لا يكون أعظم في بر الشريعة، بل في ملكوت الله، في الإيمان، وفي الأمجا التي تنتج عن الإيمان، فيه يتوج الـذيـن يـتـقـبـلـونـه بـأمـجـاد تـفـوق الشريعة…
يوضح يسوع أن منزلة المعمدان المبارك في بر الشريعة لا تعلو عليها منزلة. مع ذلك يصنّف أذني من الأصغر. يقول: «لكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه». ملكوت الله، كما أثبتنا، هو النعمة بإيمان نحسب به أهلاً لكل نعمة ولملك الـعـطـايـا الغنية الآتية من العلاء، أي من الله، يحررنا من كل لوم ويجعلنا أبناء الله، وشركاء في الروح القدس، وورثة للميراث السماوي. (تفسير القديس لوقا 38)
لم يكن يوحنا قصبة تهزها الريح، إذ زهد بزخارف العالم.
أمبروسيوس: «ماذا خرجتم إلى البرية تنظرون؟ أقصبة تهزها الريح؟» وبـخ تلميذي يوحنا قبل انصرافهما ليومنا بصليب الرب، ثم خاطب الجموع داعيا البسطاء إلى التقوى والفضيلة. فعل هذا خشية أن يتكبروا في قلوبهم، ويصابوا في عقولهم، وتختطف بصائرهم، فيفضلوا المبهرج على ما فيه نفع لهم والزائل على الدائم الأبدي.
«ماذا خرجتم إلى البرية تنظرون؟» يشبه العالم ببرية قاحلة، مقفرة، قال عنها الرب إنها جدباء، نظن أن المتبجحين في عقلهم المادي، والمجـرديـن مـن أيـة فـضـيـلـة والمتباهين بعظمة المجد الدنيوي الهشة يتخذهم الآخرون كنماذج ومثل حياتهم محفوفة بالمخاطر، ونهج حياتهم متقلب بسبب عواصف هذا العالم، لذلك يشبهون بقصبة. نحن كقصبة لا جذور لها. إن هبت علينا نسمة نجاح خفيفة مؤاتية، نهجو قريبنا على نزوته ونحبس يدنا عن مساعدته، ونسعى إلى إلحاق الضرر به.
الـقـصـبـة تـهـوى الأنهار والمياه الجارية، ونحن تسرنا الأمور التافهة الزائلة. (عرض القديس لوقا 103.5- 104)
كيف يكون المؤمن مثل قلم سريع الكتابة.
أمبروسيوس: إذا اقتلع المرء هذه القصبة من الروضة، وجردها من القشور، و«خلع الإنسان القديم مع كل أعماله». تصير قلم كاتب ماهر، فلا تعود قصبة بل قلما. يخط هذا القلم أحكام الكتاب المقدس في عقلنا الباطني وينقشها على ألواح قلوبنا… قلدوا هـذا الـقـلـم بـاعـتـدال جسدكم. لا تغطوا قلمكم، أي جسدكم، في الحبر، بل في روح الله الحي ليكون كل ما يسطره أبديا. كتب بولس رسالته بقلم كهذا، فقال: «أنتم أنفسكم رسالتنا، مكتوبة لا بجبر، بـل بـروح الله الحي».(عرض القديس لوقا 105.5-106)
يـوحنا أعـظـم نـبـي مـولـود لامرأة؛ ويـسـوع أعـظـم مـولـود لعذراء.
أمبروسيوس: يـوحـنّـا أعظم ممن قال عنه موسى: «يقيـم لـكـم الرب إلهكم نبيا من بينكم»، «سيأتي وقت تقتلع فيه من بين الشعب كل نفس لا تصيح لهذا النبي». إذا كان المسيح نبيا، فكيف يكون يوحنا أعظم من كل الأنبياء؟ لا ننكر أن المسيح نبي، بل نؤكد أن الرب هو نبي الأنبياء، ويوحنّا أعظم نبي، لكن من الذين ولدوا لامرأة، لا لعذراء، كان أعظم من الذين يساويهم في ولادته، أما ولادة المسيح فلم تكن ولادة بشرية، لذا لا يقارن إنسان بإله… ولا يقارن يـوحنا بـابـن الله. (عـرض الـقـديـس لـوقـا5. 109-110)
مـؤلـود لامرأة أو مـولـود لله.
كيرلس الإسكندري: «ماذا خـرجـتـم إلى الـبـريـة تنظرون؟» ربما تقولون «نبيا». نعم، إني موافق. إنه قديس ونبي، ويـفـوق الأنبياء كرامة، لم يعلن من قبل أنه أت، لكنه أشار بيده قائلاً: «هذا هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم». شهد صوت النّبي أنه أرسل أمام وجهي ليعد الطريق أمامي.” أشهد أنه لم يقم بين مواليد النساء أعظم منه، غير أن الأصغر… في ملكوت الله أعظم منه. كيف وبأي أسلوب هو أعظم منه؟ في أن يوحنا المبارك، مـع مـن سـبـقـه، ولد لامرأة، لكن الذين تسلموا الإيمان لا يدعون أبـنـاء الـنـسـاء، لكن، كـمـا قـال الإنجيلي الحـكـيـم، «يـولـدون مـن الله».( تفسیر القديس لوقا 38)
7: 29- 35 المؤيدون لتدبير الخلاص والرافضون له
فجميع الشعب الذي سمعه حتى جباة الضرائب أنفسهم أقروا ببر الله، فاعتمدوا عن يد يوحنا. وأما الفريسيون وعلماء الشريعة فأعرضوا عن تدبير الله في أمرهم، فلم يعتمدوا عن يده. «فمن أشبه أهل هذا الجيل؟ ومن يشبهون؟ يشبهون أولادا قاعدين في الساحة يصيح بعضهم لبعض فيقولون: «زمرنا لكم فلم ترقصوا ندبنا فلم تبكوا». جاء يوحنا المعمدان لا يأكل الخبز ولا يشرب الخمر، فقلتم: فيه شيطان. وجاء ابن الإنسان يأكل ويشرب، فقلتم: هوذا رجل أكول شريب للخمر صديق للجباة والخاطئين. ولكن الحكمة قد برَّها جميع بنيها».
نظرة عامة:
أن تقبل يسوع مخلصا هو أن تعلن أن الله بار وصـالـح، أي أن تـقـبل تدبيره الخلاصي كما أعلن في معمودية يوحنّا، معمودية التوبة (أمبروسيوس). «هذا الجيل» يضم الفريسيين، والصدوقيين، والشيوخ، والمحامين، وعلية القوم (كيرلس الإسكندري). الزمـر والـرقص هـمـا مـن متطلبات العرس الذي يتم الابتهاج فيه بـحضـور الـعـروسين، بحيث يكون يسوع الـذي يـخـرج مـن رحـم مـريـم (مكسيموس الـتـوريـنـي). أما الندب والبكاء فتستلزمهما الجنازة، إذ يبكي المرء على ما اقترف من مخزيات. يذكرنا الغناء والرقص بنشيد الأنبياء من أمثال موسى وحزقيال (أمبروسيوس). ينكشف أبناء هذا الجيل عن طفولية في اتباع طرائق من سبقهم، ولكن لا يهتدون إلى الإيمان بالرقص ولا بالبكاء (كيرلس الإسكندري). إن أبناء الحكمة هم أقل أبناء فلسطين شعبية: جباة الضرائب والأثمة الذين تتألف منهم كنيسة الأبرار (أوغسطين). الـتـبـريـر هـو بـالاعتراف بالخطايا. أمبروسيوس: يـتـبـرر الإنسـان بـاعـتـرافيـه بـخـطـايـاه، حسبما كتب: «اعترفوا أولاً بخطاياكم، فتنالوا البر». يتبرر الإنسان لأن عطية الله لا تـعـائـد ولا تقاوم، بـل يعترف بها بالبر. «الرب بار ويحب البر».(عرض القديس لوقا 2.6-4)
35-31:7 حكم يسوع على الذين يرفضون تدبير الله
زعماء الـيـهـود هـم أبناء هذا الجيل.
كيرلس الإسكندري: ينطبق كلام النبي علينا: «ويل للذين يدعون الشر خيرا والخير شرا، الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما، الجاعلين الحلـو مـرا والمر حلوا” كانت هذه صـفـة الإسـرائـيليين، ولاسيما رؤساؤهم، أي علماء الشريعة والفريسيون. «بمن أشبه أهل هذا الجيل؟ ومن يشبهون؟» (تفسير القديس لوقا 39)
رقصة العرس حيث يكون المسيح هو العريس.
مكسيموس التوريني: اعتاد الناس الرقص والغناء في الأغراس… أما نحن فتحتفل بعـرس اتـحـاد الكنيسة بالمسيح. يقول يوحنّا: «من له العروس فهو العريس» ( حسن أن نرقص في الغرس. داود، الملـك والـنـبـي، رقص أمـام تـابـوت العهد «بطرب كثير». رقص مبتهجا، لأنه رأى مريم في الروح، مـولـودة مـن نـسـلـه محمولة إلى خدر المسيح. يقول: «يطل منه كالعريس من خدره». فـاق داود كل الأنبيـاء بـإنشـاده، لأنـه كـان أشد بهجة وسرورا. بهذه الفرحة جمع الآتين بعده في غرس دعـانـا إلـى عـرسـه بشوق وحرارة، رقص أمـام تـابـوت الـعـهـد قـبـيـل الزفاف، وعلمنا ما يتوجب علينا فعله في الأعراس. لقد رقص داود النبي. (موعظة 42. 4-5 على توبيخ الشعب)
الغناء ورقص الأنبياء.
أمبروسيوس: «لكن الحكمة قد برها جميع بنيها». يقول «برها جميع بـنـيـهـا»، لأن البر محفوظ للجميع. فيستثنى منهم غير المؤمنين لتفتح الأبواب للمؤمنين. يقول كثيرون من اليونانيين: «الحكمة برتها أعمالها»، لأن واجـب الـبـر هـو الحفاظ عـلـى مـقـيـاس استحقاق كل فرد. يقول أيضا: «زمرنا لكم، فلم ترقصوا».
أنشد موسى نشیده عندما شق البحر الأحمر ليعبر اليهود، وبعد أن عبروا طوقت الأمواج خيول المصريين فسقطت وغرق فرسانها. إشعيا أنشد لحبيبه نشيد الكرم، ونادي بأن الناس الذين أخصبت فضائلهم وأثمرت أصبحوا عقماء بأعمالهم المشيئة. تـريـم الـعـبـرانـيـون بـالأناشيد لما تندت أقدامهم بلمسها لهيب النار، فيما اشتعل كل ما في الداخل والخارج، غير أن النار كانت لطيفة ولم تحرقهم. حبقوق لطف أحزان العالم بنشيد أنبأ فيه بأن آلام الرب الحلوة ستحدث للمؤمنين. وأنشد الأنبياء أناشيد روحية، تمور مدوية بنبوة خلاص العالم. وبكى الأنبياء، فلينوا قلوب اليهود القاسية بمرات حزينة ( عرض القديس لوقا 6.6 – 8)
لعبة اليافعين هي الرقص أو البكاء.
كيرلس الإسكندري: عـرضـا كانت هناك لعبة عند اليافعين من اليهود. يقسم فيها اليـفعـة إلـى فـريـقـيـن فـريـق يـسـخـر من الـتـشـويـش فـي الـعـالـم، ومـن تـضـارب الاتجاهات، ومن التغيير المؤلم والسريع مـن أذنـى الحدود إلى أقصـاهـا، وذلك بـالـعـزف على بعض الآلات الموسيقية، وفريق آخر يبكي. فلا يقاسم الباكون الذين يعزفون الموسيقى فرحهم ولا يفرحون، ولا يقاسم العازفون الباكين حزنهم. أخيرا، يوبخ بعضهم بعضا على عدم تعاطفهم، وعلى غياب الشعور بـالـود. يقول الفريق الأول: «زمرنا لكم، فلم ترقصوا». فيجيب الفريق الآخر: «ندبنا فلم تبكوا». (تفسیر القديس لوقا 39 )
حكمة يبرها بنوها.
أوغسطين: لا تكن مثل الذين رأوا يوحنا لا يأكل ولا يشرب فقالوا: «فيه شيطان»، أو مثل الذين رأوا المسيح يأكل ويشرب فقالوا: «هذا رجل أكـول وسـكـير، وصـديـق لجبـاة الضرائب والخطـأة». أضـاف الـرب شيئا ضروريا فقال: «الحكمة يبرها بنوها»، إذا سألت من هم بنوها، إقرأ ما كتب: «أبناء الحكمة هم كنيسة الأبرار».( رسـالـة 36، إلى کاسولانوس.)
36:7 – 50 يسوع يجلس إلى مائدة أحد الفريسيين ويغفر لامرأة خاطئة
ودعاه أحد الفريسيين إلى الطعام، فدخل بيته وجلس إلى المائدة. وكانت في المدينة امرأة خاطئة، فعلمت أنه على المائدة في بيت الفريسي، فجاءت ومعها قارورة طيب، ووقفت من خلف عند قدميه وهي تبكي، وأخذت تبل قدميه بالدموع، وتمسحهما بشعر رأسها، وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب. فلما رأى الفريسي المضيف هذا الأمر، قال في نفسه: «لو كان هذا الرجل نبيا، لعلم من هي المرأة التي تلمسه وما حالها: إنها خاطئة». فأجابه يسوع: «يا سمعان، عندي ما أقوله لك» فقال: «قل يا معلم». قال: «كان لمداين مدينان، خمسمائة دينار على أحدهما وخمسون على الآخر. ولم يكن بإمكانهما أن يوفيا دينهما فأعفاهما منه. فأيهما يكون أكثر حبا له؟» ؟ فأجابه سمعان: «أظنه ذاك الذي أعفاه من الأكثر». فقال له: «بالصواب حكمت». ثم التفت إلى المرأة وقال لسمعان: «أترى هذه المرأة؟ إني دخلت بيتك فما سكبت على قدمي ماء. وأما هي فبالدموع بلت قدمي وبشعرها مسحتهما. أنت ما قبلتني قبلة، وأما هي فلم تكف منذ دخولي عن تقبيل قدمي. أنت ما دهنت رأسي بزيت، أما هي فبالطيب دهنت قدمي. لذلك أقول لك إن خطاياها الكثيرة غفرت لها، لأنها أحبت كثيرا. وأما الذي يغفر له القليل، فإنه يجب قليلاً»، ؛ ثم قال لها: «غفرت لك خطاياك». ؛ فأخذ جلساؤه على الطعام يقولون في أنفسهم: «من هذا حتى يغفر الخطايا؟» فقال للمرأة: «إيمانك خلصك فاذهبي بسلام».
نظرة عامة:
دخل يسوع بيت الفريسي ليكمل وهو في الجسد عمل السماء (بطرس خـريـسـتـولـوغـوس). امتى رواية أخرى عن دهن يسوع بالطيب، فسمعان في متى لم يكن فريسيا، بل أبرص (أمبروسيوس). إن المرأة الـتـي مـسـحـت قـدمـي يسوع تمثل الكنيسة، إنها تأتي إلـى بـيـت سـمـعـان الـفـريسي، وبـيـتـه هـو المـجـمـع (بطرس خريستولوغوس). من غفر لها كثيرا أحبت كثيرا؛ لقد دهنت المرأة الخـاطـئـة قـدمـي يـسـوع بـالـطـيب (أمبروسيوس). أعمال المحبة التي قامت بها المرأة تجاه يسوع هي تحقيقات لتعليم الرب (إقليمس الإسكندري). استقبلته كنبي جاء من الله، جاء ليغفر للأئمة سوء إثمهم. تستجيب الكنيسة ليسوع بالإيمان مثلما استجابت المرأة، لأنه هو الديان الذي يفرز الأبرار من الأشرار (بطرس خريستولوغوس). لم يفت المرأة الخاطئة أن يسوع هو النبي (أفرام)؛ إنّها مؤمنة، أما الفريسي فكافر (أمبروسيوس). إن تواضع المرأة استحق لها غفران الخطايا (أوغسطين). بعد أن أخرت الفريسي سمعان امرأة تقدست شفتاها بتقبيل قدمي يسوع وغفرت لها خطاياها (أفرام).
هذا التعبير عن المحبة واضح الوضوح كله في مثل المدينين اللذين يمثلان الشعبين: الـيـهـودي والأممي (أمبروسيوس). يـورد يسوع لسمعان المثـل كـعـمـل مـصـالـحـة (أفرام). ما تسلمته المرأة من يسوع الطبيب مقابل غفران خطاياها كان شفاء معجزا يضاهي معجزاته في الشفاء في كل الجليل. هذه المعجزات دفعت سمعان إلى دعوة يسوع إلى الجلوس إلى مائدته (أفرام). تقبل المرأة قدميه، لأنها آمنت بـه تـتـبـادل الكنيسة اليوم القبلة قبل المناولة إعلانا عـن إيمـانـهـا واعـتـرافـا بـتـقـبـيـل المسيح وبتقبيل واحدنا الآخر (أمبروسيوس). لم ينقطع المسيح عن المسح بالزيت والكنيسة تـواصـل مـسـح المتـواضـع بـزيت الصـدقـة (أمبروسيوس).
تعترف المرأة بـيـسـوع كـالـه وسـمـعـان الفريسي يرى في يسوع الإنسان والإنسان وحسب (أفـرام). أرى يـسـوع الـفـريسي أنه النبي وأنه صفح عن خطايا المرأة التي مسحت قدميه (كيرلس الإسكندري). سمعان والفريسيون أمثاله يستعصي عليهم أن يفهموا أن يسوع المخلص يغفر الخطايا للمرأة المدينة له بعد أن أظهرت له محبة وإجلالاً (أوريجنس). غفر لها الكثير لأنها أحبته كثيرا (يوحنا كاسيانوس). وراء كل ذلك هناك تدبير الله الكريم، وهناك إيمانها بيسوع الذي هو مركز التدبير، لأنه هو محبة، ومحبته تصفح للأبناء (أمبروسيوس).
36:7 إطـار لـوقـا في وصـف الأشخاص، والمكان، والزمان
يجلس يسوع إلى مائدة الفريسي ليكمـل عـمـل السـمـاء.
بطرس خريستولوغوس: تلاحظ أن المسيح جاء إلى مائدة الفريسي لا ليملأ معدته بالطعام، بل ليتم عمل السماء وهو في الجسد. (موعظة 93، علی اهتداء مريم المجدلية.)
مقارنة رواية لـوقـا بـروايـة متى.
أمبروسيوس: يصور متى هذه المرأة وهي تسكب طيبا على رأس المسيح، وقد امتنع عن تسميتها خاطئة. استنادا إلى لوقا، سكبت الخاطئة الطيب على قدمي المسيح. المرأة ليست هي المرأة عينها في الروايتين، وإلا ناقض الإنجيليان أحدهما الآخر… إذا فهمت هذا، توافق على أن المرأة مباركة، وأنه سيُؤتى على ذكرها كلما بُشر بالإنجيل. ذلك أنها سكبت طيب المعاملة الجيـدة والأعـمـال الـصـالـحـة على رأس المسيح . (عرض القديس لوقا 6. 12-15)
38-37:7 غسلت المرأة الخاطئة قدمي يسوع، ونشفتهما، ومسحتهما بالطيب
المرأة ككنيسة والفريسي كمجمع.
بطرس خريستولوغس. يقول: «وإذا بامرأة خاطئة كانت في المدينة». من هي هذه المرأة؟ لا شك في أنها الكنيسة. سمعت أن المسيح جاء إلى بيت الفريسي، وبيته رمز للمجمع وسمعت أنه رسم هناك أسرار آلامه، وأقام سر جسده ودمه، الذي هو سر خلاصنا. تجاهلت المرأة علماء الشريعة واجتازت البوابين والحرس. «الويل لكم أيها المـحـامـون اسـتـولـيـتـم عـلـى مفتاح المعرفة». فتحت عنوة باب المناقشة، واحـتـقـرت عنجهية الفريسيين، وشقت طريقها إلى الردهة الداخلية الكبيرة لمأدبة الشريعة وهي تلهث. هناك اكتشفت أن المسيح غدر به في مأدبة المحبة العامرة بكؤوس حلوة. ( موعظة 95، تفسير مجازي لاهتداء مریم المجدلية.)
يُظهر مسحها لقدمي يسوع محبتها العظيمة له.
أمبروسيوس: تبارك من يمسح قدمي المسيح ولو بزيت. فسمعان لم يكن قد مسحهما، لكن تباركت هي التي مسحتهما بالطيب نعمة الأزهار اجتمعت في طاقة واحدة ففاح منها الشذا. الكنيسة وحدها تنتج هذا الطيب، عندها من أزهار الفاغية والرياحين ما لا يحصيه عد. تبدو المرأة كـأنـهـا عـاهـرة، لأن المسيـح اتـخـذ لنفسه شكل الخاطئين. (عرض القديس لوقا 6. 21-22)
ترمز أعمال محبة المرأة إلى محبة تعليم الرب.
إقليمس الإسكندري لم تكن المرأة قد تسلمت الكلمة بعد، لأنها كانت ما تزال خاطئة. كرمت السيد بأثمن ما تملك، أي بـالـطـيب. مسحت قدميه بشعرها، أي بزينة جسدها. سكبت على الرب دموع التوبة، فغفرت خطاياها.
هذا رمز لتعاليم الرب ولالامه. إن مسح قـدمـيـه بـالـطـيب يلمع إلى التعليم المقدس الذي انتشر شذاه في أقاصي الأرض. «إلى الأرض كلها وصل صوتهم». أظن أن قـدمـي الرب المطيبتين تنبئان بالرسل. ورائحة الطيب تنبئ بقبولهم الروح القدس. قـدمـاه تـرمزان إلى الرسل الذين اختيروا ليـطـوفـوا فـي الـعـالـم مبشرين بالإنجيل. (المسيح المعلم 2. 8)
تستجيب الكنيسة ليسوع بالإيمان مثل المرأة.
بطرس خريستولوغس: بيدين مليئتين بالأعمال الصالحة، تمسك الكنيسة بقدمي المبشر بالملكوت. تغسلهما بدموع محبتها، وتقبلهما بشفتين مسبحتين، وتسكب طيب الرحمة، إلى أن يعود إليها. وسيعـود وسـيـقـول لسمعان، وللفريسي، وللذين أنكروه، وإلى أمة اليهود: «دخلت بيتكم، فلم تعطوني ماء لقدمي». متى سينطق بهذا الكلام؟ عندما يدخل مجد أبيه ويفرز الأخيار من الأشرار مثلما يفرز الراعي الخراف من الجداء. يقول: «جعت فما أطعمتموني، وعطشت فما سقيتموني، وكنت غريبا فما آويتموني».(1) هذا يطابق قوله: «أمـا هـذه المرأة فقد غسلت قدمي ومسحتهما وقبلتهما، فقد صنعت للعبيد ما لم تصنعوه أنتم للسيد». فعلت للقدمين ما رفضتم فعله للرأس. أنفقت على العضوين الأسفلـيـن مـا رفـضــم أنـثـم إنـفـاقـه على خـالـقـكـم ويـقـول للكنيسة: «إن خـطـايـاك الكثيرة غفرت لك، لأنك أظهرت حبا جما». يـتـم غـفـران الخطـايـا عـنـدمـا تـزول فرص الخطيئة، ويذهب كل ما يؤدي إليها. يحدث هـذا عـنـدمـا يرتدي الفاسد عدم الفساد… فيصبح جسد الخطيئة مقدسا بجملته. وعـنـدمـا تـحـل السيادة الشـمـاويـة محل العبودية الدنيوية، يرتفع جيش البشر إلى الملكوت الإلهي. (موعظة 95، تفسير مجازي لاهتداء مريم المجدلية)
40-39:7 يسيء الفريسي الحكم على أعمال المرأة الخاطئة
المرأة هي التي آمنت، لا الفريسي.
أمبروسيوس: أنظر إلى ترتيب البيت. المرأة الخاطئة تمجد في بيت الفريسي. الكنيسة تتجلى في بيت الشريعة والنّبي، لا في بيت الفريسي، أمـنـت المرأة، لكن الفريسي لم يؤمن. قال: «لو كان هذا الرجل نبيا، لعلم من هي المرأة التي تلمسه». اليهودية هي بيت الشريعة المكتوبة على ألواح القلب لا على الحجر. الكنيسة تنال البر، لأنها أعظم من الشريعة. فالشريعة لا تصفح عن الإثم، ولا تملك سر التطهير من الخطايا؛ فما الشريعة أتمه الإنجيل. (عرض القديس لوقا 6. 23)
تقدست الشفاه الدنسة بتقبيل قدمي يسوع.
أفرام: أجرى الرب العظائم بصغائر الأمور لتعرف ما يحرم منه الذين نقص في يحتقرونها. لقد اختطفت المرأة الشفاء من هدب ثوب المخلص سرا، وهو القادر على الشفاء بكلمة يعلنها. إذا كانت الشفاه المدنسة قد تقدست بتقبيل قدميه، أفلا تزداد تقديسا بتـقـبـيـل فـمـه؟ تلقت المرأة الخاطئة، بقبلاتها، نعمـة الـقـدمـين المقدستين اللتين عـمـلـتـا عـلـى غـفـران خـطـايـاهـا لـقـد ضمخت بالطيب قدمي طبيبها، فنفحها بلطفه كنز الشفاء من ألمها. مطعم الجياع لم يحمله جوعه على تلبية الدعوة، ما حمل الغافر للخطأة على قبولهـا هـو تـوبـة المرأة الخاطئة. (موعظة على ربنا 13-19)
43-41:7 يـضـرب يسوع مثل المدينين
يـرمـز المديـنـان إلى اليهود والأمم.
أمبروسيوس: يقول: «كان لمداين مدينان، خمسمائة دينار على أحـدهـمـا و خمسون على الآخر».
مـن هـمـا هـذان المديـنـان سـوى الشعبين الـيـهـودي والأممي، إذ عليهما دين للكنز السماوي؟ يقول: «على أحدهما خمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون». إن النقد الذي حفرت عليه صورة الملك وحمل ختم الإمبراطور هو شيء لا يعباً به. فنحنُ لسنا مدانين بثروة مادية لهذا المداين، بل بمقدار اسـتـحـقـاقـاتنا، وبـقـيـم الفضائل فالجد، والبر، والاعتراف تقوم هذه الثروة. ويل لي، إن لـم أحـافـظ على ما تسلمته. يستطيع المرء، ولو بصعوبة، أن يوفي الدين كلـه لـهـذا المـدايـن. ويل لي، إن لم أسـأل: «أعفني من ديني». لو كان الرب يسوع لا يعرف أن دين بعضهم قد استحق وحان أجله، لما كان علمنا أن نصلي من أجل غفران خطايانا.
إننا لا نستطيع أن نكافي الله باستحقاق على ما تحمله لأجلنا في الجسد من ضرب، وصلب، وموت، ودفن. ويل لي إن كنت لا أحب أتجرأ على القول إن بطرس لم يكافئ الله بالمثل، فالله أحـبـه أكثر. وبولس لم يكافئ الله بالمثـل كـافـاً الموت بموت، ولكنه لم يسدد كل ديونه. إني أسمعه يقول، لأنـه لـم يـكـافـي الـرب، «مـن الـذي تقدمه بالعطاء لـيـكـافـاً بالمثل؟» لو كافأنا الصليب بصـلـيب، والموت بموت، فهل نكافئه عن كل ما له علينا، إذ هو منه، وبه وفيه؟ فلنكـافـتـه بـالحب على دينه لنا، وبالصدقة على هبته لنا، وبالنعمة على ما توفر لنا من ثروة. إن من يعطى القليل، يظهر الكثير من الحب (عرض القديس لوقا 6. 24-26)
يضرب يسوع المثل ليصالح سمعان. أفرام: يشبه قول ربنا سهما وضع الصلح على رأسـه مـشـحـوذا بالمحبة لتهدئة انفعالات الجسد. رماه من وقته على من كان مخاصما، فانقلب الخصام إلى سلام وألفة، وما إن قال الرب قوله المتواضع «يا سمعان، عندي ما أقوله لك»، حتى أجاب من انسحب سرا: «تكلم، يا رب» اخترق القول الحلو عقلا مرا فأثمر ثمرا طيبا، ومن كـان يـحـط مـن قـدره في الخـفـيـة مـدحـه علانيـة الـتـواضـع بـلسـان عـذب يخضع الأعداء… (موعظة على الرب 21-24)
48-44:7 يغفر يسوع للمرأة الخاطئة
يسوع الطبيب يشفي بمعجزة خطايا المـرأة.
أفـرام: أيها الفريسي الأعمى من افـتـرى عـلـى طـبـيـبـنـا؟ وأي طبيب يمنع المريض من أن يدنو منه؟ لماذا دنت منه المرأة المريضـة الـتـي شـفـيـت جـروحـهـا بدموعها؟ إن الذي انحدر ليكون ينبوع شفاء للمرضى أعلن: «من كان عطشان، فليأت إلى ويشرب». لما اعترض هذا الفريسي على شفاء الخطأة، شرح له الطبيب فن الشفاء، كان الباب مفتوحا للمريض، لا للأصحاء، «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل الأشرار».
إن شفاء المريض هو مجد الطبيب، والرب فعل ذلك ليخزي الفريسي الذي شكك في مجد طبيبنا. أجرى يسوع المعجزات في الشارع، لكنه أجرى أعظم منها بيت الفريسي، في الشوارع شفى أجسادا مريضة، لكنّـه فـي الـداخـل شـفـى أنفسا مريضة، في الخارج، أقام لعازر من بين الأموات. في الداخل، أعطى حياة للمرأة لما دخل الخاطئة. أعاد النفس الحية إلى جسد ميت، وطرد الخطيئة الشنعاء من امرأة خاطئة. أمـا الـفـريـسـي الأعمى، الذي لـم يـكـتـف بالمعجزات، فشكك في ما راه وحسبه أمورا عادية، لأنه عمي عن رؤية المعجز فيها. (موعظة على الرب 42)
تقبيل المسيح هو الإيمان والاعتراف به. أمبروسيوس: «أنت ما قبلتني قبلة، وأما فلم تكف، من دخلت عن تقبيل قدمي». القبلة علامة المحبة…. مـن يعترف، وهو يطالع الإنجيل، بأعمال الرب هي يسوع ويعجب بها بمحبة مقدسة يقبل قدمي المسيح. بقبلة محبة يلامس بلطف موطئ قدمي الرب وهو يمشي. نحن نقبل المسيح، في قبلة المناولة، فليفهم القارئ» … فالكنيسة لا تكف عن تقبيل قدمي المسيح، وتطالب بقبلات كثيرة في نشيدا الأنشاد. مـريـم المـبـاركـة كـانـت تستمع لكل أقواله، وتقبل كل كلمة عندما يقرأ الإنجيل أو الأنبياء، وتحفظ كل الكلام في قلبها. الكنيسة كالعروس، لها وحدها الـقـبـل فـالقبلة ضمان للعرس وامتياز للزواج. (الرسالة 62، إلى أخته)
يمسح المسيح بالطيب كما تمسح الكنيسة الأصغر والأدنى.
أمبروسيوس: تغسل الكنيسة قدمي المسيح، وتمسحهما بشعرها، وتدهنهما بالزيت، وتسكب الطيب عليهما. تهتم بالجريح وتواسي اليائس، وتنديهما بعطر النعمة الزكي، لا تسكب هذه النعمة على الغني والقوي فحسب، بل على وضـيـعـي النسب. تقيم كل وزن بالقسط وتستقبل الجميع بصدر رحب، وتعانقهم وتضمهم إلى قلبها.
مات المسيح مرة. ودفن مرة. ولكنه، مع ذلك، يريد أن يسكب الطيب على قدميه كل يوم. فما هما القدمان اللتان نسكب عليهما الطيب؟ هـمـا قـدمـا المـسـيـح الـقـائـل: «ما عملتموه لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي عملتموه». المرأة في الإنجيل ترطب هاتين القدمين وتبللهما بدموعها فتغفر خـطـيـئـة الـوضـيـعين، ويمحى ذنبهم، ويمنحون العفو من أحب الوضيعين قبل هاتين القدمين. ومن عرف الضعفاء بفضل هذا اللطف، سكب على هاتين القدمين طيبا. أنه يكرم في يشير الرب يسوع نفسه إلى الشـهـداء والـرسـل (الرسـالة ٦٢، إلى أخته)
ترى المرأة يسوع إلها، ويراه الفريسي بشراً.
أفرام: بمحبتها ذرفت دمعا كانت قد حبسته عيناها، وبجرأتها كشف الرب أفكار الفريسي الخفية… والرب الواقف بينهما ضرب مثلاً لتتشجع المرأة الخاطئة بمثله، وينبذ الفريسي بتفسير معانيه (تفسير الإنجيل الرباعي لتاتيان7. 18)
50-49:7 قال يـسـوع للمرأة الخاطئة «اذهبي بسلام»
يريها بصفحه عن خطاياها أنه هو النبي.
كيرلس الإسكندري: جاء ليصفح عن المثقلين بالديون كثيرها وقليلها، وليرحم الصغير ويعطف على الكبير… حرر المرأة الخاطئة آثامها الكثيرة قائلاً: «غفرت لك خطاياك». تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه المرأة تستحق الغفران؛ إن كلمته ترتبط بسلطة عليا. وبما أن الشريعة أدانت الخطـأة، فـمـن يـقـدر على أن يعين ما هو أسمى من الشريعة، إلا الذي أعطاها؟
للحين حرر المرأة وأوقـفـهـم عـلـى حـال الفريسي، ولفت انتباه الضيوف الجالسين إلى المائدة إلى أمور علمتهم أن الله الكلمة لـم يـكـن كـسـائر الأنبياء، وأنه أسمى من البشر، ولو اخـتـار أن يصير بشرا. (تفسير القديس لوقا 40)
يكرر غفرانه.
أوريجنس: يتم الغفران الأول بمعمودية «غفران الخطايا». والغفران الثاني بالاستشهاد. والثالث بالصدقة. قال المخلص: «أعطوا ما عندكم فتروا كل شيء طاهرا لكم». والرابع في الصفح عن خطايا إخـوتـنـا يـقـول الرب المخلص: «إن كنتم تغفرون للناس زلاتهم، يـغـفـر لـكـم أبـوكـم الشـمـاوي زلاتـكـم. وإن كـنـثـم لا تغفرون للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم». علمنا أن نقول في الصلاة الربانية: «واغفر لنا ما علينا كما نغفر نحن لمن لنا عليه». والخامس يتم عندما «يرتد خاطئ عن ضلاله». يقول الكتاب المقدس: «من رد خاطئا عن ضلاله خلص نـفـسـا مـن الموت وسـتـر كثيرا مـن الخطايا». والسادس يـأتـي مـن فـيـض المحـبـة يـقـول الـرب: «الحق أقـول لـك إن خطاياها الكثيرة غفرت لها، لأنها أظهرت حبا كثيرا». يقول الرسول: «المحبة تستر كثيرا من الخطايا». والغفران السابع يأتي من التوبة، مع أنها، والحق يقال، صعبة ومتعبة. الخاطئ يغسل «فراشه بدموعه» فتصبح «خبره نهارا وليلا». (مواعظ على اللاويين 2)
من أحب كثيرا غفرت خطاياه.
يوحنا كاسيان: في مقدور الإنسان أن يقيم أحيانا الصلاة الصادقة النقية، مهما كانت حاله. فلو كان في أدناها، أي لو تاب خوفا من العقاب ومن الدينونة الآتية، فتوسّلاته تغنيه بحرارة الروح، مثلما تغني الذي وصل إلى نقاء القلب، متطلعا إلى بركة الله، وممتلئا سعادة كبرى. يقول الرب: «من عرف أنه غفر له أكثر فاض بالحب أكثر». (بحث 2. 9 في الصلاة)