تفسير الإنجيل بحسب القديس لوقا أصحاح 18 للأنبا غريغوريوس
الفصل الثامن عشر
لو18: 1-8 مثل الأرملة والقاضي الظالم :
وكما كان فادينا يصلى في كل حين ولا يفـتـر عن الصلاة ولا يمل منها أبدأ، طلب إلى تلاميذه وإلى كل المؤمنين به أن يصلوا هم أيضاً في كل حين، ولا يفتروا أو يملوا. ولكي يوضح لهم أثر المداومة على الصلاة والإلحاح واللجاجة فيها، ضرب لهم هذا المثل قائلاً كان في مدينة قاض لا يخاف الله ولا يهاب إنساناً وكان في تلك المدينة أرملة لا تفتأ تجيء إليه قائلة: اقتص لي من خصمي. . فظل زماناً لا يشاء ذلك. بيد أنه . بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنساناً، فإنني من أجل أن هذه الأرملة لا تفتأ تزعجلي، سأقتص لها حتى لا ترهقني بمجيئها المستمر، . ثم قال الرب اسمعوا ما يقول القاضي الظالم. أفلا يقتص الله لمختاريه الذين يصرخون إليه نهارا وليلا؟ أيتمهل عليهم؟. أقول لكم إنه يقتص لهم سريعاً. ومع ذلك متى جاء ابن الإنسان يا ترى فهل يجد إيماناً على الأرض؟..
ففي هذا المثل نجد أمرأة فقيرة وضعيفة مات زوجها ففقدت بموته عائلها الذي كان يصد علها غائلة الجوع، ويرد عنها طمع الطامعين وجشع الجشعين، ويحميها من شر الذين يتطلعون إلى القليل الذي تركه لها، فيغتصبون ذلك القليل عنوة وقهراً، أو خيانة وغدراً، بعد أن يخدعوها بما يتظاهرون به من ورع وتقوى فتأتمنهم وتضع ما لديها بين أيديهم، ثقة فيهم وإطلناناً إلى ورعهم وتقواهم المزعومين. وقد حدث بالفعل أن احتال عليها محتال واغتال حقا من حقوقها، فلجأت إلى قاضي المدينة ليقتص لها من خصمها ويعيد إليها الحق الذي اغتصبه منها. بيد أن هذا القاضي كان لسوء حظها قاضياً ظالماً لا يخاف الله في أداء واجبه، غاشماً لا يهاب إنساناً مهما كان مركزه بين الناس . فظل زماناً لا يستجيب لها ولا يأبه لها ولا ينصفها من خصمها، ربما إنتظاراً لأن تقدم إليه رشوة يتطلع إليها، شأن القضاة الظالمين، أو ربما لمجرد أنه قاسي القلب شرير لا يحفل بالضعفاء ولا يرحم المساكين المظلومين. ولكن المرأة إذ كانت مؤمنة بحقها المغتصب ومصممة على إسترداده من غاسبه، ظلت تلاحق ذلك القاضي الكافر الفاجر في إلحاح ولجاجة وفي غير فتور ولا ملل، ملاحقة إياه في كل مكان يذهب إليه، صارخة إليه بشكواها في غير يأس ولا قنوط، حتى أزعجته بملاحقتها الدائمة له وأرهقته بصراخها المستمر إليه حتى اضطرته آخر الأمر لأن يستجيب لها ويسترد لها حقها من خصمها، لا يدافع من عدله، أو من رشوة قدمتها إليه، أو من خوفه من الله أو الناس، فقد كان يتبجح في وقاحة بأنه لا يخاف الله ولا يهاب إنساناً، وإنما خلاصا من إزعاج تلك المرأة له وإرهاقها إياه .
فإن كان هذا ما فعله القاضي الظالم الغاشم إزاء تلك المرأة البائسة الضعيفة التي آمنت بحقها وصممت على الحصول عليه، فداومت على ملاحقته ليستمع إليها، والصراخ إليه ليستجيب لمطلبها، فكم بالأحرى يفعل الله الكامل العادل الرحيم الكريم الرعوف العطوف إزاء المؤمنين به المختارين منه، الذين ظلمهم الظالمون، وتكل بهم الطغاة الغاشمون، وأثم في حقهم الأشرار الأثمون، وطاردهم المطاردون، واضطهدهم المضطهدون، واعتدى عليهم الأعداء المعتدون، فراحوا يصرخون إليه نهاراً وليلاً، في ضراعة دائمة، وابتهال مستمر،، ، وانسحاق كامل، متوسلین إليه في إيمان عميق بكماله وعدله ورحمته وكرمه ورأفته وعطفه، بأن يحميهم من أولئك جميعاً وأن يصد عنهم أذاهم ويرد إليهم ما سلبوه من حقوقهم، ويمسح بيديه الحبيبتين الحنونتين ما سببوه لهم من آلام وأسقام وأحزان وأشجان؟ هل يصم الله أذنيه عن ضراعتهم الدائمة وإبتهالهم المستمر، أو يغمض عينيه عن إنسحاقهم الكامل وإيمانهم العميق ؟ كلا، فإنه وإن توانى أحياناً بعض الوقت لحكمة يقصدها ولا يعلمها إلا هو، سيستجيب لهم بقدر ما يؤمنون، وسيقتص لهم من ظالميهم بأسرع مما يظلون.
بيد أن مخلصنا إذ كان يعلم ضعف الإنسان وتقلب طبعه وتذبذب إيمانه، قرر في صيغة الاستفهام أو صيغة الاستنكار أن أغلب أهل الأرض لن يظلوا متذرعين بذلك القدر من الإيمان الذي يدفعهم إلى مداومة الصلاة إلى الله، والاستمرار فيها بغير فتور ولا ملل، سواء عند مجيء ملكوته الذي كان يوشك أن يحل على الأرض، أو عند مجيده الثاني في اليوم الأخير. فلن يظل حافظاً لوصيته تلك ومحافظاً عليها إلا القليلون، وهذا هو معنى قوله ومع ذلك متى جاء ابن الإنسان يا ترى فهل يجد إيماناً على الأرض؟.
لو18: 9-14 مثل الفريسي والمشار:
ثم أراد فادينا أن يعلم تلاميذه والناس جميعاً أن يكونوا متواضعين في علاقتهم بالجميع، ولا سيما بالله، فلا يتمادون في الثقة بما يتوهمون أنهم يتصفون به من ورع وتقوى، وينقادون وراء هذا الوهم فيصفون غيرهم بالشر والفساد، محتقرين لذلك إياهم، متعالين عليهم، فضرب ـ له المجـد ـ هذا المثل لقوم كانوا على الأرجح من الفريسيين، وكانوا يثقون في أنفسهم بأنهم أبرار، ویزدرون غيرهم ولا سيما العشارين جباة العشور أي الضرائب، متهمين إياهم بأنهم أشرار، قائلاً صعد رجلان إلى الهيكل ليصليا. وكان أحدهما فريسيا والآخر عشاراً. فوقف الفريسي ليصلى في نفسه قائلاً: اللهم أشكرك على أنني لست كسائر الناس المغتصبين الظالمين الفاسقين، ولا كهذا العشار. فإنني أصوم مرتين في الأسبوع، وأؤدى العشور عن كل ما أملك . أما العشار فوقف عن بعد ولم يجرؤ حتى على أن يرفع عينيه إلى السماء، وإنما أخـذ يقرع صدره قائلاً: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبراً أكثر من ذاك، لأن من رفع نفسه اتضع ومن خفض نفسه ارتفع .
وهكذا نرى أن ذلك الفريسي وقف يصلي، على الأرجح في مكان بارز من الهيكل، كي يراه الناس فيتوهمون فيه الصلاح، ومن ثم يحترمونه وترتفع مكانته في أعينهم. لأن الفريسيين كما قال عنهم مخلصنا كل أعمالهم يعملونها بغية أن يراهم الناس، (مت 23: 5) ، ولأنهم كما قال علهم أيضاً يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع ليراهم الناس، (مت 6: 5). وليت هذا الفريسي فيما قاله عندئذ في نفسه كان يصلي فعلا، لأن صلاة الإنسان هي ابتهال إلى الله وضراعة يسكبها بين يديه. وإنما كان كل ما قاله مجرد افتخار بنفسه واحتقار لغيره، لأنه شكر الله، لا على نعمته التي أسبغها عليه، وإنما لأنه كما توهم في نفسه لم يكن كسائر الناس المغتصبين الظالمين الفاسقين. وقد كان في هذا يشير صراحة إلى العشار الذي كان يراه واقفاً يصلي هو الآخر، لأن الفريسيين كانوا يتهمون العشارين بأنهم يغتصبون أموال الناس بالباطل، ويظلمونهم فيما يجبونه منهم بغير حق، ويحيون حياة الغش والفجور، حتى لقد كانوا حين يذكرونهم يقرنونهم دائماً بالزناة والخطاة والأشرار. وإن كان ذلك الفريسي لم يقصر تفضيله لنفسه على ذلك العشار وحده ، وإنما على سائر الناس. وكأنه هو البار وحده دون غيره من الناس جميعاً. بل ليت ذلك الفريسي تفاخر فيما قال على الناس جميعاً، بل إنه تفاخر على الله ذاته، إذ راح يعدد مآثره على الله، ذاكراً لله أو مذكراً إياه بأنه يصوم مرتين في الأسبوع، ويؤدى العشور عن كل ما يملك، وكأنه إذ كان يفعل ذلك أصبح دائنا لله، وأصبح الله مديناً لا بالمكافأة والثواب عن تلك الأفعال التي . وإن كانت من الفرائض التي أوصى بها الله في شريعته – لم تكن إلا مظهرا من مظاهر تلك الشريعة وليست جوهرها الذي إذا انتفى ينتفى المظهر معها. لأنه ما قيمة الصيام وتأدية العشور إن كان الضمير فاسداً والقلب فاسقاً والأفكار شريرة والأفعال شائنة والأقوال متكبرة تضمن التعالي على الناس جميعاً، بل على الله المتعالى نفسه؟
أما العشار فلم يقف في صدر الهيكل رافعا رأسه في كبرياء واستعلاء كما فعل الفريسي كي يراه الجميع، وإنما انزوى في مكان بعيد عن أعين الناس كي لا يراه أحد، وهو ـ إذ هو عـالم بخطاياه معترف بها شديد الخجل منها ـ كان يشعر بأنه غير مستحق أن يقف في أي مكان من بيت الله الطاهر القدوس، ومن ثم لم يجرؤ. وهو في استخفائه واستحيائه وتذلله ـ حتى على أن يرفع عينيه إلى السماء، وإنما أخذ يقرع صدره في لوعة النادم المستغفر، وفي ضراعة الخاطئ المقر بخطاياه ، المتوسل إلى الله أن يرحمه من عواقب تلك الخطايا، وأن يعفو عنه، بعد أن ندم وتاب، فانعاً ـ لو أنه نال ذلك العفو منه ـ بأن يقبله كأحقر عبيده، وكأنه يردد قول الابن الضال حين عاد إلى أبيه قائلاً ، يا أبي قد أخطأت إلى السماء وأمامك، ولم أعد مستحقاً أن أدعى لك ابناً، فاجعلني كأحد أجرائك، (لو 15: 18 و 19).
وفي النهاية نجد أن فادينا الإلهي الديان، العالم بما في النفوس علماً كاملاً، والعادل عدلاً مطلقاً، أصدر حكمه على هذين الطرازين من البشر: فقرر أن العشار المتواضع، المقر بخطاياه ، النادم عليها، الطالب الرحمة والمغفرة من الله بشأنها، قد نزل إلى بيته مقبولاً أمام الله، مبراً من خطاياه أكثر من ذلك الفريسي، بل ربما دون ذلك الفريسي المترفع، المفاخر بفضائله، الزاعم أنه دائن حتى لله بها. الذي لم ينطلق بكلمة واحدة تدل على أنه يطلب لنفسه أي رحمة أو مغفرة . لأن من أدعي الرفعة لنفسه، كان ذلك يتضمن استعلاء على الناس فيكرهونه، وينبذونه من مجتمعهم، ولا يتعاملون معه، فلا يلبث أن يؤدي به ذلك إلى الفقر إن كان غنياً، وإلى الضعف إن كان قوياً، وإلى فقدان مكانته إن كان ذا مكانة عظيمة، وإلى الحرمان من جاهه إن كان ذا جاه عريض. كما أن ذلك يتضمن استعلاء على الله، وتمرداً عليه، فيسقطه الله كما سبق أن استعلى الشيطان على الله وتمرد عليه فأسقطه الله وهوى به إلى أسفل سافلين . وأما من خفض نفسه ولو كان غنياً أو قوياً أو عظيم المكانة أو عريض الجاه ، محبا للناس، خادماً لهم معاوناً إياهم، باذلاً من ماله وقوته ومكانته وجاهه لتوفير سلامهم وسلامتهم، فإن الناس يحبونه ويرحبون به أينما ذهب، ويبدون له التكريم والتعظيم حيثما رأوه، ومن ثم يزداد غنى على غناه وقوة على قوته ومكانة فوق مكانته وجاها فوق جاهه، حتى ليرتضيه الناس كبيرا عليهم وسيداً لهم. كما أنه إذ يتواضع أمام الله، مطيعاً إياه، متفانياً في خدمته والولاء له، يرضى الله عنه ويجعله من مختاريه ورعايا ملكوته، فيملحه بذلك شرف بنوته . ويرفعه بذلك إلى أعلى عليين، حيث يدعم مع الأبرار والقديسين.
لو18: 15- 17 دعوا الأولاد يأتون إلى :
وقد آمن الناس بأن فادينا قدوس ومبارك، قادر بمجرد لمسة من يده أن يمنح البركة وما تتضمنه هذه البركة من نعمة إلهية لا حدود لها. وقد سبق لإشعياء النبي أن تنبأ قائلاً وأسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك، (إش 44: 3).
ومن ثم قدم بعض الحاضرين إلى فادينا أطفالهم – وهم أحب الناس إليهم – ليلمسهم، فيسكب من روحـه عليـهم ويباركهم، ويمنحهم تلك النعمة الإلهية التي تفوق كل نعمة في السماء والأرض، بيد أن التلاميذ حين رأوهم يغطون ذلك انتهروهم، إذ كانوا كسائر الناس في تلك الأيام ينظرون إلى الأطفال نظرة إزدراء واحتقار واستهانة واستخفاف. كما أنهم خشوا أن يكون فيما فعله أولئك القوم إزعاجاً لمعلمنا وإرهاقاً له وإضاعة لوقته. وأما فادينا فنهى تلاميذه عن أن يفعلوا ذلك، ودعا الأطفال إليه قائلاً «دعوا الأطفال يأتون إلى ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله، ، إذ أن الأطفال . في وداعتهم وبراءتهم وطهارتهم ـ لم يتلوثوا بعد بشرور هذا العالم وأثامه، ولم يداخلهم بعد ما يداخل الناس مع تقدمهم في السن من خبث ومكر، وخيانة وغدر، ورياء والتواء، وزهو وكبرياء، وشهوات وأطماع، وغلظة قلب ولوم طباع. فهم لا يزالون يتصفون بالصفات التي يتصف بها ملائكة السماء. ومن ثم فهؤلاء الأطفال – بعد أن يتطهروا من لوثة الخطيئة الأصلية الجدية ولكل من احتفظوا بصفات هؤلاء الأطفال من الذين تقدموا في السن ولم يتغيروا ـ ملكوت الله . ولذلك أكد مخلصنا له المجد هذا المعنى قائلاً والحق أقول لكم إن من لا يقبل ملكوت الله مثل طفل فلن يدخله .
لو18: 18-30 ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية :
وقد حدث أن أحد الرؤساء ذوي المكانة الرفيعة بين اليهود سأل مخلصنا قائلاً «أيها المعلم الصالح ماذا أعمل كي أرث الحياة الأبدية ؟ . ويبدو من الأسلوب الذي تكلم به هذا الرئيس أنه كان مخلصاً في سؤاله، ولم يكن خبينا ماكراً يبغى الإيقاع بمعلمنا أو اصطياد تهمة يوجهها إليه كما كان يفعل أعداء مخلصنا ومناوئوه، كما يبدو أنه كان يحترم معلمنا إحتراماً حقيقياً لا ظاهرياً، ويثق فيه ثقة صادقة لا منافقة، إذ دعاه بالمعلم الصالح، وقد كان لقب المعلم، أرفع الألقاب في المجتمع اليهودي وأكثرها دلالة على التكريم والتعظيم. ثم إنه نعته بأنه الصالح،، إيماناً خالصاً منه بصلاحه له المجد. فضلا عن أن السؤال الذي وجهه إليه كان يتضمن إيمانه بالحياة الأبدية في المساء، التي لم يكن يؤمن بها بعض فقهاء اليهود أنفسهم وعلمائهم، ولا سيما الصدوقيون الذين كان منهم كهنة ورؤساء كهنة. ومن ثم وجد فادينا فيه إنساناً صادقاً في رغبته أن يتعلم، مخلصاً في نيته أن يفهم ويتقدم في الإيمان. ولذلك أراد أن يأخذ بيده لينعم ويفهم حقيقة شخصية ذلك الذي جاء ليتعلم منه ويفهم على يديه. وإذ سمعه مخلصنا يدعوه بالمعلم الصالح، سأله سؤالاً أراد به أن يستدرجه إلى ذلك، قائلا له «لماذا تدعوني الصالح؟ فإنه ليس صـالـحـاً إلا واحـد هـو الله، . أي مـادام الله وحده هو الصالح، ومادام هذا الرجل قـد نـعـتـه هو بالصالح، فهو إذن ذلك الواحد الذي هو وحده الصالح وهو الله ذاته. فلم يكن سؤال مخلصنا إذن سؤالاً استنكارياً، ولا تعجبياً، ولم يكن سؤالاً بسيطاً أي استطلاعياً، وإنما كان سؤالا ، توليديا، ، أي أن المقصود منه إثارة الشاب الغنى على التفكير في مدلول الكلمات التي نطق بها هو نفسه، ومنها استطاع الرب يسوع أن يولد في ذهن الشاب الرئيس المعرفة الحقيقية بشخص المسيح المبارك، وأنه المتصف وحـده بما لا يتصف به غـيـر الله وحـده، ولأنه ليس صالحا إلا واحـد وهوالله. . ثم بعد هذا الإيماء والتوجيه غير المباشر، بدأ مخلصنا يجيبه عن سؤاله إجابة مباشرة وإن تكن بسؤال أيضاً، قائلاً له أتعرف أنت الوصايا: لا تزن. لا تقتل، لا تسرق ، لا تشـهـد بالزور. أكرم أباك وأمك؟ . وقد كانت تلك من الوصايا العشر التي هي أساس شريعة العهد القديم التي لو فهمها الإنسان على وجهها الصحيح وعمل بها في روحها وحقيقتها وجوهرها، لا في مجرد لفظها وشكلها ومظهرها، لكانت كفيلة بأن تجعله مستعداً لأن يسير في الطريق الذي يؤدي به لأن يرت الحياة الأبدية. وقد أجاب الرجل قائلاً كل هذا قد حفظته منذ حداثتي،، أي أنه كان شأن الرجل المتدين قد حفظ هذه الوصايا كلها وحافظ عليها بالمعني الذي تلقنه من رجال الدين اليهودي. بيد أن رجال الدين هؤلاء قد لقنوه إياها كما فهموها هم فهما لفظياً سطحياً ظاهرياً، لا فهماً روحياً عميقاً جوهرياً. فلم يكن حفظه لها ومحافظته عليها على هذا الوجه كافياً لأن يبلغ به نيل الحياة الأبدية التي كان يشتهيها ويتطلع إليها. ومن ثم فإن ، مخلصنا لما سمع منه ذلك قال له: «يعوزك مع ذلك شيء آخر. بع كل ما تملك ووزعه على الفقراء، فتقتنى لك كنزاً في السماء وتعال اتبعني: . أي أنه لا يكفيه أنه عرف وصايا الشريعة وعمل بها على الوجه الذي فهمه بها، والذي أدى به لأن يتمسك بالأرضيات غافلاً عن السمانيات، متشبئاً بالحياة الأرضية الغانية. مضحياً في سبيلها بالحياة السمائية الأبدية، فإن كان يشتهي حقا أن يرث تلك الحياة الأبدية ويتطلع إليها، فيبرهن على ذلك بأن يتخلى عن كل ما يملك من متاع الدنيا متصدقاً به على الفقراء، فيقتني له بذلك بدلاً من ذلك الكنز الأرضى الزائل، كنزاً خالداً في السماء . وليـتـبـع مخلصنا في كل تعاليمه ووصاياه التي تدعو كلها إلى السمائيات لا إلى الأرضيات، وإلى التفرغ تفرغاً كاملاً للإهتمامات السمائية لا إلى الإهتمامات الأرضية، لأنه لا يمكن للإنسان أن يسير في وقت واحـد في إتجاهين متناقضين، ولا أن يعـبـد في وقت واحـد سیدین متضادين، أحدهما أرضي هو المال، والآخر سماوى هو الله. فإن كان يريد عبادة المال فقد نبذ بذلك عبادة الله، وإن كان يريد عبادة الله فلينبذ عبادة المال . فلما سمع الرجل ذلك اغتم لأنه كان غنياً جداً، ولأنه على الرغم من أنه كان يطمع في أن يختار عبادة الله ليرث الحياة الأبدية التي يتوق إليها، كانت أمواله الكثيرة عزيزة عليه جدا بحيث جعلت إختياره لعبادة الله ووراثته للحياة الأبدية بهذا الشرط أمراً عسيراً عليه، لا يطيقه ولا يحتمله، ومن ثم فإنه كما جاء في إنجيل القديس منى معنى حزيناه (مت 19: 22). فلما رأى مخلصنا ذلك قال وكم هو عسير على ذوى الثروات أن يدخلوا ملكوت الله . إنه لأسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يدخل على إلى ملكوت الله.. وذلك أن الإنسان الذي يحصر كل همه وإهتمامه في جمع المال حتى يتوافر له منه قدر كبير، يتوهم أن في ذلك المال سلامه وسلامته وقوته ومتعته في هذه الدنيا، ويتخيل أنه بدونه لا يستطيع أن يحيا، ومن ثم يجعل عليه كل اتكاله من دون الله، بل يجعله من دون الله حامياً يحميه، وسنداً يسنده ، وصنما يعبده . ولذلك يكون من أصعب الأمور عليه أن يعبد الله مع . عبادته للمال، حتى ليغدو أسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يدخل غنى في ملكوت الله، وذلك كناية عن الاستحالة المطلقة لأن يحدث هذا. ولما كان اليهود يـعـتـقـدون أن الأغنياء والأثرياء ـ وهم زعماؤهم ورؤساؤهم الدينيون والمدنيون على السواء، وهم الذين يهيمنون على السنهدريم أعلى سلطة دينية ومدنية لهم، ويسيطرون على الهيكل أقدس أمكنتهم، ويرأسون المجامع التي هي معابدهم ومحاكمهم ومدارسهم – هم أقدر الناس على التقرب إلى الله، وأجدر الناس بدخول ملكوته، أدهشهم ذلك القول من مخلصنا، فقال السامعون في استغراب «فمن يستطيع إذن أن يخلص ؟». فقال مخلصنا غير المستطاع عند الناس مستطاع عدد الله»، أي أنه إن كان الأغنياء والأثرياء عاجزين إلى درجة الاستحالة عن الخلاص ودخول ملكوت الله، فإن الله الذي يستطيع كل شيء ولا يستحيل عليه شيء، مما هو مستحيل على الناس، قادر على أن يحول قلوب الأغنياء والأثرياء عن عبادة المال إلى عبادته هو، متى توافر لهم أو لبعضهم من الاستعداد ما يوهل قلوبهم المظلمة لأن تتقبل قبسا من نوره الإلهي، وما يوهل، ضمائرهم المائتة لأن تدب فيها الحياة في لحظات الإشراق الروحي الذي كثيراً ما دفع ببعض الملوك لأن يتخلوا عن عروشهم، وكثيراً ما دفع ببعض ذوى الجاه الدنيوى والإتجاه الأرضى لأن يزدروا جاههم ويغيروا اتجاههم، نابذين ذلك كله، ومتخذين وجهتهم نحو السماء، رافعين أعينهم من أسفل إلى أعلى، وقد زالت الغشاوة عن أبصارهم ويصائرهم، فرأوا الله ومجد ملكوته، فانقطعوا لعبادته وتطلعوا إلى مجد ذلك الملكوت في ندم وتوبة، وفي خضوع وخشوع، وفي انسحاق يؤهلهم لكل استحقاق للخلاص من ربقة الدنيا والتحليق في تحرر وانطلاق نحو السماء، حيث يطرقون أبواب ملكوت الله فيدخلونه ويصبحون من أبنائه وورثته.
وإذ قال فادينا لذلك الرجل الغني إنه لكي يرث الحياة الأبدية عليه أن يتنازل عن كل ما يملك ويتـبـعـه، قـال بطرس لمعلمه حين سمع منه ذلك وها نحن أولاء قد تركنا كل شيء وتبعناك، ، قاصداً بذلك أن يسأل فما هو نصيبنا إذ فعلنا ذلك؟ . فقال قادينا له ولكل الذين كانوا حاضرين عندئذ يستمعون إلى تعاليمه والحق الحق أقول لكم إنه ما من أحد ترك بيتا أو زوجة أو إخـوة أو أبوين أو أبناء من أجل ملكوت الله، إلا وينال في هذا الزمان أضعافاً مضاعفة، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية»، أي أن أي تضحيات من جانب الإنسان بالممتلكات الأرضية أو العلاقات العائلية من أجل ملكوت الله إن كانت تحول بينه وبين التطلع نحو ذلك الملكوت، ينال عنها الإنسان في هذا الدهر أثناء حياته على الأرض من البركات الروحية والتعزيات الإلهية، فضلاً عن أعمال المحبة والمودة التي يلقاها من الناس، مالا يمكن تقديره بأي مقتديات أرضية، أو مقارنته بأي إمتيازات دنيوية. وأما في الدهر الآتي، أي في الحياة الأخرى السماوية، فإنه ينال عنها الحياة الأبدية في ملكوت الله، حيث يتنعم بكل ما أعده الله لأبناء ذلك الملكوت من بركات وتعزيات لا يمكن أن يحدها عقل أو يصل إلى مداها خيال. وتأسيساً على ذلك القول الإلهي، وتطبيقاً لكلمات مخلصنا له المجد، فإن الآباء الرسل ومن جرى مجراهم مـن خـدام الإنجيل، وكذلك الرهبان، ممن تركوا من أجل الله وظائفهم وأعمالهم السابقة التي كانوا يتعيشون منها، كما تركوا الأهل من وزوجة أو إخوة أو أبوين أو أبناء، من أجل خدمة الإنجيل وملكوت الله، قد نالوا ما عوضهم عن محبة أهلهم، محبة كثيرين جداً ممن تلدهم كلمة الله عن طريقهم، فصار لهم ـ بفضل خدمتهم لله – إخوة وأخوات، وينون وبنات، وآباء وأمهات، أكثر ممن تركوا أضعافاً مضاعفة. وهؤلاء يبدون نحـوهم من مشاعر المحبة والمودة والاهتمام والرعاية ما يعوضهم عن محبة الأهل الذين تركوهم من أجل الإنجيل وملكوت الله. على أن خدام الله لا يكسبون هذا وحده على الأرض، وإنما يكسبون أيضا في الحياة الأخرى الجزاء الصالح الأخروي، والحياة الأبدية مع الله.
لو18: 31-34 السيد المسيح يتنبأ بموته وقيامته :
بيد أن مخلصنا أراد ـ إذ صرح بالمجد الذي يناله أولئك الذين يتركون كل شيء ويتبعونه – ألا يخطئ تلاميذه فهم ذلك فيظنون أن هذا المجد الذي وعدهم به هو مجد دنيوي، كما كانوا لا يزالون إلى ذلك الحين يتوهمون، وكما كان اليهود جميعاً يظنون فيما يتعلق بالمسيح الذي ينتظرونه، على مقتضى ما لقنهم فقهاؤهم وعلماؤهم الدينيون، موهمين إياهم أن المسيح الذي تنبأ بمجيله الأنبياء سيجيء كملك أرضى وكقائد حربي يقودهم ليفتح بهم العالم، كي يعيد إليهم مملكة داود التي فقدوها ويجعلهم سادة كل الشعوب، فانتحى فادينا بتلاميذه الاثني عشر وصرح لهم بالحقيقة التي تتعارض مع كل ظنونهم، وتتناقض مع كل أوهامهم، فيحول من جهة بينهم وبين أن تلعب المطامع بره وسهم في أن يكونوا هم الأمراء والوزراء في تلك المملكة الأرضية التي يحلمون بها، وليمهـد أذهانهم لتلك الأحداث الرهيبة التي تنتظره وتنتظرهم معه، مشجعاً إياهم فلا تصدمهم حين تقع أو تثبط هممهم أو تؤدي بهم إلى اليأس والقنوط، وإنما يكونون مستعدين لها متوقعين وقوعها، عاقدين العزم على مواجهتها بإيمان عميق وجنان ثابت، فقال لهم وها نحن أولاء صاعدون إلى أورشليم، وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان، فإنهم سيسلمونه إلى الوثنيين ويهزأون به ويهينونه ويبصقون عليه، وبعد أن يجلدوه يقتلونه، وفي اليوم الثالث يقومه . وقد كان ذلك بالفعل هو الذي تنبأ به الأنبياء عن المسيح المنتظر حين يجيء، مقررين أن اليهود على الرغم مما سيصنع بينهم من معجزات إلهية وينادي به من تعاليم سماوية، سينكرونه ويتنكرون له ويهينونه ويستهينون به ويعادونه ويعتدون عليه، ويحاربونه ويتآمرون ضده ، ن ، ثم يمسكونه ويتهمونه كذباً ويشهدون عليه زوراً ويحكمون عليه ظلماً، ثم بعد أن يوسعوه ضرياً وتعذيباً، وهزءاً وسخرية، ومهانة وعاراً، يقتلونه بأشلع وسائل القتل وأبشعها وحشية وقسوة وإيلاماً. إذ جاء في نبوءات المزامير تأمر الرؤساء على الرب وعلى مسيحه، (مز 2: 2) . وجاء في نبوءات إشعياء النبي بلسان المسيح وبذلت ظهري للضاربين وخـدي للناتفين، وجهى لم أستر عن العار والبصق، (إش 50: 6). وجاء في نبوءات إرميا النبي بلسان المسيح أيضاً صرت للضحك كل النهار. كل واحد استهزأ بي.. لأن كلمة الرب صارت لي للعار والسخرية كل النهار، (إر 20: 7 و8) . وقد أشارت النبومات إلى أن اليهود سيقتلون المسيح بوسيلة كانوا لا يستخدمونها إلا مع أخطر اللصوص وأحقر المجرمين، وهي تسمير يدي المحكوم عليه وقدميه في خشبة على هيئة الصليب يعلقونه عليها حتى يموت، وقد جاء في نبوءات للمزامير بلسان المسيح أحاطت بي كلاب، جماعة من الأشرار اكتنفتني. . ثقبوا يدي ورجلي، (مز 21: 16). كما ذكرت النبوءات صراحة أن المسيح بعد أن يموت على الصليب ويدفن يقوم في اليوم الثالث من بين الأموات حيا، إذ جاء في نيومات هوشع النبي بلسان المسيح يحيينا بعد يومين.. في اليوم الثالث يقيمنا فتحيا أمامه، (هو 6: 2). ويدل ذلك على أن فادينا كان يعلم بكل ما سيحدث له علماً كاملاً وبتفصيل دقيق، يتفق مع النبوءات التي تنبأ بها الأنبياء والتي كان ينبغي في التدبير الإلهي أن تتم بحذافيرها، ولكن تلاميذه لم يفهموا من ذلك الذي قاله لهم شيئاً، لأن فقهاء اليهود كانوا قد أخفوا عنهم : تلك الحقائق الواردة في نبوءات أنبيائهم، والمدونة في أسفارهم المقدسة، عما سيحدث للمسيح الآني إليهم، ولم يصرحوا لهم إلا بالأمجاد التي سيحققها لهم. وياليتهم فهموا تلك الأمجاد فهماً روحياً سماوياً صحيحاً، وإنما أولوها على مقتضى أطماعهم وشهواتهم تأويلاً مادياً دنيوياً خاطئاً، ومن ثم فهمها التلاميذ كما فهمها سائر اليهود ذلك الفهم المادي الدنيوي، فلم يفقهوا مما قاله لهم معلمهم عندئذ شيئاً. وقد كان معناها الصحيح محجوباً عنهم، لأن عقولهم القاصرة كانت عاجزة عن أن يفهموه، ولأن قلوبهم التي كانت لا تزال مغلقة حالت بينهم وبين أن يفقهوه ، فلم يفهموه أو يفقهوه إلا بعد أن تحقق فعلاً، وعندئذ شهدوا به، وجاهدوا حتى استشهدوا في سبيل إعلانه للعالم أجمع .
لو18: 35-43 معجزة شفاء الأعمى في أريحا :
وعلى الرغم من أن مخلصنا وهو في طريقه إلى أورشليم، كان يعلم أنه في هذه المرة في طريقه إلى الموت على يد اليهود، لم ينقطع عن أن يقدم إليهم الخدمة والرحمة اللتين تنطويان على أعمق وأسمى معاني الحب والحدب والحنان. فقد حدث أنه لما اقترب من أريحا التي تقع في الطريق إلى أورشليم، كان رجل فقير أعمى جالساً في مدخل الطريق يستعطى. فلما سمع ذلك الرجل جلبة الجمع الذين كانوا لا يفتأون يتزاحمون حول فادينا أينما ذهب والذين كانوا مجتازين معه في هذه المرة أيضاً، سأل اما عسى أن يكون هذا؟،، فأخبروه بأن يسوع الناصري مجتاز، وإذ كان مخلصنا يسوع المسيح الذين كانوا يلقبونه ـ إذ عاش في الناصرة – بالناصري، قد ذاعت شهرته في كل فلسطين وأنحائها بسبب تعاليمه التي كان لا يفتأ ينادي بها ومعجزاته التي كان لا يفتأ يصنعها، انتهز ذلك الأعمى المسكين هذه الفرصة الذهبية التي أتيحت له، فصرخ قائلاً «يا يسوع ابن داود ارحمني، . وقد دل قوله هذا على أ أنه قد آمن بأن يسوع الناصري هذا هو نفسه المسيح ابن الله الذي تنبأ الأنبياء بأنه سيجيء من نسل داود، ولذلك لقبه بابن داود. وقد طلب منه أن يرحمه لأن الأنبياء كانوا قد تنبأوا بأن المسيح الذي ينتظرونه حين يجيء سيرحم الضعفاء البائسين، إذ تنبأ إشعياء النبي بأنه «على بانسيه يترحم، (إشعياء 13:49). وإذ ظن الذين كانوا يسيرون في مـقـدمـة الجمع أن هذا الرجل بصراخه سيزعج المعلم، انتهـروه ليسكت، ولكنه ـ لعمق إيمانه بالرب يسوع، وحاجته لأن ينال الرحمة منه، وثقته بأنه لن يخيب رجاءه ، أخذ يصرخ ويصرخ أكثر فأكثر في إلحاح ولجاجة قائلاً «يا ابن داود ارحمني،، فوقف مخلصنا له المجد وأمر بأن يأتوا به إليه. فلما اقترب سأنه قائلاً «ماذا تريدني أن أفعل لك ؟». وقد كان مخلصنا يعلم بالفعل ماذا يريد الرجل أن يفعل له، ولكنه أراده أن يحدد طلبه على مسمع من الحاضرين، لكي تظهر المعجزة التي سيصنعها في كامل مجدها أمامهم فيؤمنوا . فقال الرجل يارب أن أبصر، ، فقال له فادينا أبصر. إن إيمانك قد خلصك، . وهكذا كانت كلمة واحدة من مخلصنا يقولها في صيغة الأمر، شأن صاحب السلطان، كافية لأن يتحقق في الحال ما أمر به. ولو كان هذا الذي أمر به يبدو في أعين البشر مستحيلاً. فهو يقول للشيء كن فيكون، شأن الله الخالق. وذلك لأنه هو الله الخالق نفسه، لأنه ابنه وكلمته، ولأنه واحد معه، ولأنه خلق الكل به (أف 3: 9). ولأنه كما جاء في إنجيل القديس يوحنا كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان، (يو 1: 3) . وبالفعل أبصر الرجل الأعمى على الفور، وقد توطد إيمانه بذلك الذي خلصه وخلص البشر جميعاً، فتبعه وهو يمجد الله، كما أن كل الجمع الحاضرين إذ رأوا ذلك الذي حدث أخذوا يسبحون الله الذي كان قائماً في تلك اللحظة بينهم وهم لا يعلمون، لأنه كان متخذاً جسد الإنسان وابن الإنسان. ولم يكونوا بعد يعلمون تلك الحقيقة التي تعلو على مدارك البشر، والتي أعلنها القديس يوحنا فيما بعد في إنجيله. إذ قال إن «الكلمة اتخذ جسداً، وحل بيتنا ورأينا مجده، (يو 1: 14).
تفسير إنجيل لوقا – 17 | إنجيل لوقا – 18 | تفسير إنجيل لوقا | تفسير العهد الجديد | تفسير إنجيل لوقا – 19 |
الأنبا غريغوريوس | ||||
تفاسير إنجيل لوقا – 18 | تفاسير إنجيل لوقا | تفاسير العهد الجديد |