الإعلان الإلهي

الإعلان الإلهى

بعد فساد الطبيعة البشرية بالخطية، أصبح من الضرورى أن يكشف الله نفسه للانسان وأن يقوده إلى طريق الديانة الحقيقية. وعلينا الآن أن نتعرف على هذه الفاعلية التي بواسطتها يكشف الله أسرار طبيعته ومشيئته للكائنات العاقلة والتي تدعى بالإعلان الإلهى هذه الفاعلية هي بلا شك فاعلية واحدة.

ولكن من حيث أنها تتحقق في صور وأشكال مختلفة، فإنه يمكن أن تتميز في نوعين من الإعلان : الإعلان الطبيعى والإعلان فوق الطبيعي، أما الإعلان الطبيعي فإنه أعطى للانسان منذ البداية فى معجزة الطبيعة من ناحية.

ومن ناحية أخرى فى هذا العالم الصغير الباطنى الذى للانسان، وكذلك في سير التاريخ ومدلوله من ناحية ثالثة وعلى الرغم من أهمية هذا الإعلان الطبيعي، فإن هناك الحاجة الملحة إلى تكميله بالإعلان فوق الطبيعى الذى يعتبر الإعلان الطبيعي ممهدا له يهب نوراً ضعيفاً من السهل أن يبهت ويظلم تحت تأثير شهوة الخطيئة.

ان شمس الإعلان الإلهى الكاملة تشرق من خلال الإعلان فوق الطبيعي، الذي فيه يتكلم الله مباشرة للمختارين ولهذا يدعون بوسطاء الله.

على أن هؤلاء الوسطاء يسمعون صوت الله ليس في وضع سلبي كامل بل يكونون في حالة من الشعور بالارادة الالهية واضعين كل قواهم لادراك واستيعاب الأسرار المعلنة هؤلاء الوسطاء المختارون الذين استخدموا بواسطة الله هم البطاركة والأنبياء.

وقبل كل شيء، كشف لنا الله فى ابنه ليس من خلال اتصال على فترات ولكن في صلة مستمرة مباشرة مع الله الآب وذلك ابان تجسد الابن على الأرض. وهذا هو أكمل صورة للاعلان كشف فيها الله عن ذاته بواسطة المسيح الكلمة .

معنى الإعلان الالهى

يمكن أن يحدد الإعلان الإلهى بأنه فاعلية الله التى يكشف بها لمخلوقاته العاقلة أسرار الوجود والطبيعة ومشيئته الالهية حسب امكانية البشر الذهنية المحدودة. ومعنى ذلك أن العامل الأساسى الفاعل فى الإعلان الالهى هو الله نفسه الذي كشف للبشر أموره غير المنظورة ويعلن لهم أو يبلغهم من خلال وسطانه الخاصين، ما هو خفى ومجهول من أسراره وما يعجز البشر عن ادراكه بقواهم العقلية أو الفكرية. وسواء كان الإعلان الإلهى يتم بطريقة غير مباشرة فيما يسمى بالإعلان الإلهي الطبيعي أو سواء كان يتم بواسطة وسطاء عاقلين اختارهم الله لتبليغ هذا الإعلان الإلهي، فإن الله فى جميع هذه الأحوال هو الذى يكشف نفسه للبشر. أما فيما يتصل بالانسان المشمول بهذه الفاعلية الالهية فهو يمثل عامل الاستقبال ولكن ليس في المعنى السلبي الكامل ان الانسان بلا شك ليس هو مصدر هذا الإعلان الإلهى، ولكنه اذ يرى ما يكشف به الله ذاته أو يسمع اعلانات الله مباشرة. فإنه هو أيضاً يعد قواه الروحية ليدرك ويستوعب ما يظهره الله له.

ويظهر اشتراك الله الفعلى بدرجة ما فى الإعلان الإلهى على الأخص فيما يسمى بالإعلان الإلهى الطبيعى والذى فيه يطلب من الانسان أن يدرك أمور الله غير المنظورة (قدرته السرمدية ولاهوته عن طريق المصنوعات (رو 1: 22). ولهذا قال الرسول بولس ان معرفة الله ظاهرة فيهم، لأن الله أظهرها لهم” (رو 1: 19) ومن أجل ذلك لامهم الرسول ” لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كاله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء، وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الانسان الذى يفنى والطيور والدواب والزحافات (رو 1: 21-23)

وفي جميع الحالات التى يكشف الله فيها ذاته ومشيئته للبشر عن طريق الوسطاء الذين اختارهم فإنه يمدهم بمعرفة لم تكن لهم دراية فيما مضى فيبدو الوسيط ناقلا لأمور كان يجهلها سابقاً وصار يدركها بصورة تامة وينقلها بدقة (أنظر 1صم15: 12 ، 16: 6 ، 2صم 7: 2 )، وبهذا يتميز اعلان الله عن المشاعر الخاصة أو الاهتمامات الخاصة للشخص الذي استقبل هذا الإعلان ولكنه من ناحية أخرى يدرك هذا الإعلان ويشارك من هذه الناحية بدرجة ما فى الإعلان الإلهي أن الله لا يتكلم في آلات جامدة بلا حياة ولكنه يتكلم فى كائنات عاقلة تستثار فيهم القوى الروحية والعقلية على مدى الإعلان وتدرك هذه القوى اعلانات الله وتنقلها.

وحيث أن الله يقصد فى الإعلان الإلهى أن يكشف ذاته المخلوقاته العاقلة وأن يتعرفوا إلى مشيئته الالهية صار من الواضح أن الغاية من الإعلان الإلهي هي كشف ارادة الله لكل شعبه: ” فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم (أع 16: 10)، وانما صعدت بموجب اعلان وعرضت عليهم الانجيل الذي اكرز به بين الأمم (غلا 2: 1)

الإعلان الالهي الطبيعي

الإعلان الإلهى الطبيعي أسبق من الإعلان فوق الطبيعي وقد سطر هذا الإعلان الطبيعي في نظام الخليقة ،ومقاصدها وذلك قبل خلقة الانسان وعندما خلق الانسان سطر في باطن الانسان كعالم صغير في وسط الخليقة كلها. لقد زود الله البشر جميعاً بمزايا وهبات عقلية وأخلاقية تحمل الانسان نحو الله ” لكي يطلبوا الله لعلهم يتلمونه فيجدوه، مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيداً (أع 17: 27) وبذلك يمكن للبشر أن يسمعوا صوت السماء تحدث بمجد الله وأعمال يديه تخبر بحكمته وعظمته.

وعلى ذلك يكون مجال الإعلان الطبيعى الإلهى هو معجزة الخليقة التي أثارت دهشة المرنم واعجابه فترنم قائلا ” ما أعظم أعمالك يارب كلها بحكمة صنعت (مز 103: 24). ولكن أيضا من ناحية أخرى هناك هذا العالم الداخلى الروحي المركب للانسان انه عالم مركب لأنه لا يتألف فقط من القوة العقلية للانسان التي يكون عملها الانتقال من الجزئى إلى الكلى ومن الحسومات إلى ما هو فوق الحس بل أيضا من القلب والضمير والشريعة الطبيعية على ما يقول الرسول بولس “الذين يظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهدا أيضا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة (رو 2: 15) ثم ان الله باعتباره خالق العالم وهو يوجه البشرية نحو غاية خيرة، لا يظل بعيدا عن حياة البشرية وعن تاريخها “اذ هو يعطى الجميع حياة ونفساً وكل شيء وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم (أع 27: 26) “الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأسم يسلكون في طرقهم، مع أنه لم يترك تفه بلا شاهد وهو يفعل خيرا يعطينا من السماء أمطارا وأزمنة مثمرة ويملا قلوبنا طعاما وسروراً (أع 14: 16، 17).

وعلى ذلك يتحقق الإعلان الطبيعي الالهي في المجالات الثلاث التالية :

1- العالم المحسوس.
2- عالم الانسان الباطنى
3- تاريخ البشرية .

+ ولكن ماذا يهب هذا الإعلان الطبيعي للإنسان ؟

بلا شك يعطى للانسان الأفكار العامة والأساسية التي تعتبر أساساً لكل الأديان. ويعبر عنها بوضوح أكثر أو أقل في كل دين مثل :

الإيمان بكائن فائق يخلق ويحكم العالم وتبدو عدالته وسيادته على العالم الانساني، ويحس الانسان بالالتزام نحو هذا الاله فيعبده ويقدم له القرابين استمطاراً المراحمه وتجنبا لغضبه. واذا كان حقا ان تقييم الخير والشر يختلف بين الأديان الا أن الأديان جميعها تلتزم بالقانون الأخلاقي الذي يفرض عن طريق الضمير فكرة الواجب والالتزام وتظهر هذه الفكرة في كل عصر من العصور وتوجد عند كل شعب من الشعوب بغض النظر عن الاختلاف بين الأديان فى مفاهيم الخير والشر أو الفضيلة والرذيلة.

+ ويبدو تأثير هذا الإعلان الطبيعي الإلهى فى الترانيم التي وجهت منذ القديم لله ليس فى الكتب المقدسة فقط (انظر مثلا أيوب – المزامير – أشعياء ) بل أيضاً فى الكتب الكلاسيكية القديمة مثل

‏1- Cicero : De Nat. Deor 11, De Divin. 11. 72.

‏2- Xenophon: apomnimonevmata 1, Cha, 4,5 etc.

وكذلك يمتلىء العصر الحديث من مثل هذه الكتابات ولسنا ننكر ما يخص به العصر الحاضر من اتجاهات الحادية ضد الإيمان بالله على أن هذا لا يعنى أن الله لم يصبح كافياً لتفسير العالم أو ضرورياً للسيادة على الحياة البشرية، بل بسبب ما يغشى العقل الانسانى من ضباب الخطيئة الذى يحجب عنه الرؤية السليمة للأمور، فلم يعد يقرأ بفهم ووعى كتاب الخليقة» الذى يشهد لوجود الله وكماله المطلق. وكذلك بالنسبة للتاريخ البشرى لم يعد يميز الانسان الخاطىء بين صوت الله وصوت البشر.

+ ومع هذا فليس لنا أن ننكر أهمية الإعلان الطبيعي ويكفى أن نقول أن الإعلان الطبيعى هو المجال الذي تنمو فيه شجرة الإعلان فوق الطبيعي الإعلان الطبيعي يقود الانسان ليتقبل الإعلان فوق الطبيعي والذين ينكرون الإعلان الطبيعي لا يمكنهم أن يدركوا أو يتذوقوا الإعلان فوق الطبيعي ويؤكد هذا ماقاله السيد المسيح لنيقوديموس ان كنت قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون، فكيف تؤمنون أن قلت لكم السماويات» (يو 2: 12). فاذا كنا لا ندرك الأمور التي نصل إليها بالعقل فكيف ندرك الأمور التى تعلو الادراك العقلى لأنها فوق مستوى العقل ولا تقبل الا بالإيمان ؟

إن الإعلان الطبيعي يمهد للإعلان فوق الطبيعي، ولكنه لا يهب بمفرده إن كمال الاستنارة حتى يمكن أن نكتفى به ونقف عنده واذا كان قد قيل عن الناموس الذى أعطى من الله مباشرة لموسى بأنه «مؤدبنا إلى المسيح» فبالأحرى يقال هذا عن الإعلان الطبيعى أنه يؤدبنا إلى الإعلان فوق الطبيعي أن الإعلان فوق الطبیعی ضروری جداً للانسان حتى يتمكن من خلاله أن يحقق العودة إلى حالته الأولى التي فقدها بسبب الخطية والتى يمكن أن تحقق لنا الشركة المباشرة مع الخالق. نأخذ منه بطريق مباشر اعلانات مشيئته.

الإعلان فوق الطبيعي

الإعلان فوق الطبيعي يكمل ويتمم الإعلان الطبيعي. وعن طريق الإعلان فوق الطبيعين فإن الله بأحداث غير عادية ربما لا تدخل ضمن نواميس الطبيعة)، يكشف أسرار ملكوت السماوات ويفتح طرقا غير طبيعية للخلاص وهكذا :

1- يجب ألا نغفل أن الكتاب المقدس ليس نظاماً عقائدياً، ولكنه بالأحرى مجموع تاریخی متسق ان كل ما يعلمه… يعلمه سواء مباشرة في تاريخ أو على أساس تاريخي أي يكون أساسه وتفسيره في تاريخ ان اعلان الخلاص وصل إلينا في شكل تاريخي ويمثل السيد المسيح المركز لهذا التاريخ. فاذا أردنا أن نفصح في اختصار عن ماهية الكتاب المقدس. يمكننا أن نوجز ذلك فيما يلى :

“ان الكتاب المقدس هو قبل كل شيء كتاب تاریخی”

ونحن لا نقصد من هذا أن الكتاب المقدس لا يحوى شيئاً آخر غير قصص تاريخية، ولكننا نؤكد أن الكتاب المقدس منظوراً إليه فى مجموعه يمثل مجموعة من المذكرات التاريخية ويمثل السيد المسيح المحور الأساسي لهذا التاريخ المقدس. فهو مركزه الثابت غير المتغير ونحن ننظر إلى السيد المسيح كمركز لهذا التاريخ ليس لأن الأحداث التاريخة المنفصلة ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخص المسيح ولكن لأن التاريخ في مجموعه وجملته يشير على الدوام إلى المسيح الكتاب بجملته هو کتاب «خريستولوجيكن أى كلام فى المسيح يعرض الإعلان الإلهي في شكل تاریخی محوره المسيح ويتضمن نبوات ورموزا تشير إلى المسيح وتتحقق في مجينه ليس هناك حقيقة فى هذا الكتاب الالهى الا وتتركز فى النهاية في شخص المسیح.

2- ان الله يتكشف لوسطائه في حالة “و وجد وانجذاب” ekstasis. في هذه الحالة فإن الشخص الذى يستقبل هذا الإعلان فإنه إما أن يكون في الروح» أي في حصر تام لكل احساسات الجسد المألوفة فهذه تتوقف، أو تنحى هذه الاحساسات لوقت ما دون أن تتوقف عن العمل بالشكل النهائى وكمثال لحالة الأولى التي يكون فيها الانسان فى الروح وفى حصر تام لكل احساساته الجسدية ما حدث بالنسبة للرسول بولس عندما اختطف للسماء الثالثة :

” انه لا يوافقني أن أفتخر فانى آتى الى مناظر الرب واعلاناته. اعرف انساناً في المسيح قبل اربع عشرة سنة، أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم اختطف هذا إلى السماء الثالثة وأعرف هذا الانسان أفى الجسد أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم انه اختطف إلى فردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان أن يتكلم بها (2کو 12: 1-4) انظر Chrysostomos : 2 Cor. hom. 26. 

وكذلك ما حدث بالنسبة للرسول بطرس عندما رأى الملاءة نازلة من السماء. يقول سفر الأعمال فجاع كثيرا واشتهى أن يأكل وبينما هم يهينون له وقعت عليه غيبة فرأى السماء مفتوحة واناء نازلا عليه مثل ملاءة عظيمة مربوطة بأربعة أطراف ومدلاة على الأرض» (أع 1: 10 ،11).

وكمثال للحالة الثانية. لدينا حالة الوجد التي تعرض لها الرسول بطرس ” واذا ملاك الرب أقبل وثور أضاء في البيت، فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا قم عاجلا فسقطت السلسلتان من يديه وقال له الملاك تمنطق وألبس تعليك ففعل هكذا. فقال له ألبس رداءك واتبعنى فخرج يتبعه. وكان لا يعلم أن الذي جرى بواسطة الملاك هو حقیقى بل يظن أنه ينظر رؤيا فجازا المحرس الأول والثانى وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة فانفتح لهما من ذته فخرجا وتقدما زقاقا واحدا وللوقت فارقه الملاك. فقال بطرس وهو قد رجع إلى نفسه علمت يقيناً أن الرب أرسل ملاكه وأنقذني من يد هيرودس ومن كل انتظار شعب اليهود ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون” (أع 12: 7-12).

انظر فيما يتصل بالإعلان الإلهي :

‏1- Theodoros Mopsouestias: Naoum a. 1 (M. 66 401)

‏2- Origen : Against Celsus 7,4 ( 11 1425)

‏3 Didymos 2 Cor. (M. 39, 1677, 1704)

‏4. Chrysostomos Psalm 40 Ch 1-2 (M. 55, 183-185)

 وما نريد أن نؤكده بالنسبة للاعلان الالهى أن المستقبل لهذا الإعلان يكون في حالة من الغيبة عن عالم الحس تحت تأثير فاعلية الروح القدس. وبموجب هذه الحالة تنقطع علاقة الانسان بالعالم الخارجى ولكنه يظل محتفظاً بشعوره وأحاسيسه في علاقة روحية مع الله أى أننا نكون هنا ازاء أبعاد للفكر عن حالته الطبيعية، فيكون العقل فى حالة تغريب فينتقل الانسان كما لو كان يبعد عن نفسه حتى أنه في هذه الحالة من الذهول والاندهاش على الرغم من أنه يكون في حالة يقظة، فإن عقله كمن ينسحب عن كل ما يحيط به من مشاهد ويثبت ويتركز بأكمله في أمور الهية لايرى شيئا سوى الأشكال والصور القابعة فيها، ويظن أنه يدرك بعينه الجسدية وأذنه الحقائق التي يكشفها له الله … وفي مقابل عبارة “في الروح توضع عبارة “رجع إلى نفسه” التي قيلت عن بطرس عندما انتبه وادرك ما قد حدث له بواسطة الملاك الذى أخرجه من السجن (أع 12: 11). 

٢- الله يعلن ذاته ومشيئته في صور مختلفة : رؤى – أحلام – أقوال ویرى رجال الله القديسون الرؤى (optasia -orama)

أ- في حالة من الوجد. سواء بصورة غيبة كاملة أو غير كاملة لحواس الجسد (أنظر أع. ١٠:١-١٦ أر : ١٣/١١ ص ٢٤ عاموس ص ٧ ٢صم ١٧:٦، رؤا : ١) في جميع هذه الروى كان العقل هو الذى يرى وهو الذي يسمع.

ب- بعض الرؤى تتم باشتراك الحواس الجسدية أيضا، كما يبدو من الأمثلة التالية :

– ” فرأی أي كرنيليوس ظاهراً في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكاً من الله داخلا إليه وقائلا له یا کرنیلیوس. فلما شخص إليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد. فقال له : صلواتك وصدقاتك صعدت تذكاراً أمام الله والآن أرسل إلى يافا رجالا واستدع سمعان الملقب بطرس انه نازل عند سمعان رجل دباغ بيته عند البحر. هو يقول لك ماذا ينبغى أن تفعل فلما انطلق الملاك الذى كان يکلم کرنیلیوس نادی اثنين من خدامه وعسكرياً تقياً من الذين كانوا يلازمونه” (أع 10: 3-8).

ومثل ظهور ملاكين للنساء عند القبر ليعلنا لهن قيامة المسيح : ” فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع وفيما هن مختارات فى ذلك اذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة واذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض قالا لهن لماذا تطلبن الحى بين الأموات ليس هو ههنا لكنه قام … (لو 24: 1-9).

ومثل بعض رؤى لبولس الرسول : وظهرت” لبولس رؤيا فى الليل رجل مکدونی قائم يطلب إليه ويقول اعبر إلى مكدونية وأعنا فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دعانا للبشرهم” (أع 16: 9، 10).

” فقال الرب لبولس برؤيا فى الليل لا تخف بل تكلم ولا تسكت (أع 18: 9).

(ح) رؤى تتم في الأحلام وأثناء النوم :

” ولكن فيما هو متفكر فى هذه الأمور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا یوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذى حبل به فيها هو من الروح القدس” (مت 1: 20 ) .

” وبعدما انصرفوا اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا قم وخذ الصبي وأمه و اهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك (مت 2: 13).

” يقول الله ، ويكون فى الأيام الأخيرة انى أسكب من روحى على كل بشر فيتنبا بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً ” (أع 2: 17).

” فقال اسمعا کلامی ان كان منكم نبى للرب فبالرؤيا استعلن له فى الحلم أكلمه واما عبدی موسی فلیس هكذا بل هو أمين فى كل بيتى فما إلى فم وعيانا أتكلم معه لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين (عدد 12: 6-8).

انظر:

‏Chrysostomos : Acts hom. 34

 

(د) في هذه الرؤى سمعوا أيضاً أقوال أو كلام الرب، بل يبدأ الأنبياء عادة في الرؤى، بما يشير إلى أنها تتضمن كلام الرب إليهم كما يقول أرميا النبى : كلام أرميا … الذي كانت كلمة الرب إليه فى أيام يوشيا» (إر 1: 2).

وكذلك نقرأ : صار كلام الرب إلى حزقيال الكاهن… (حز 1: 3) وفى رؤيا بطرس الرسول يقول سفر الأعمال : ” وصار إليه صوت قم يا بطرس اذبح وكل … (أع 10: 13) وهنا نتساءل : ما المقصود بالاستماع إلى أقوال الرب وكلماته ؟

ان الرب المعلن هو روح. فعندما يقول الكتاب كلام الرب صار إلى النبي»، يجب أن نفهم هذا نسبياً بمعنى أن روح الله يعلن ذاته داخلياً لروح الإنسان فيتقبل الانسان صوت الله ليس بأقل وضوح وجلاء مما تتقبله الأذن الجسدية من أصوات مسموعة.

وسطاء الإعلان الالهي الفائق للطبيعة

وضح مما سبق أن الله يختار البعض لكي يعلن عن طريقهم ذاته ويكشف ارادته الالهية وبواسطتهم تصل رسالة الله للبشرية جمعاء. وهذا هو ما أشار إليه الرسول بولس في افتتاحية رسالته إلى العبرانيين :

الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة (عب 1:1) ويعودالرسول يكمل العبارة فيقول : 

“كلمنا في هذه الأيام الأخيرة فى ابنه الذى جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين … ” (عب 1 : 2-4)

ومن الواضح أيضاً أنه لا يمكن لأحد من البشر : لا نبى ولا رسول، وكذلك لا يمكن حتى للملائكة أن يوضعوا فى مرتبة الابن. وهذا ما أكد عليه الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيين وعلى الأخص في الاصحاحين الأول والثاني.

فالمسيح بلا شك لم يكن كغيره من البشر. مجرد واسطة فى يد الله يستعملها على فترات متباعدة غير متواصلة لكشف اعلاناته بل لقد أكد البشير صلته الدائمة المستمرة المباشرة الله عندما قال الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً الا ما ينظر الأب يعمل (يو 5: 19).

انظر Chrysost: John hom. 38.

وعلى ذلك فالمسيح وحده هو الذى يستحق لقب “المعلم المطلق” لأن كل معلم آخر لم يكن هكذا، لأن أى معلم لابد أن يتتلمذ ويتعلم قبل أن يصير معلماً . أما المسيح فهو وحده بالطبيعة «معلم»، له كل الحكمة وكل المعرفة، ولذلك قال السيد المسيح لتلاميذه ” أنتم تدعوننى معلما وسيداً وحسناً ،تقولون، لأنى أنا كذلك (يو 13: 13) .

انظر : Chrysos., Math, hom, 72, Cyril of Alex: John 13. 13 (M. 74, 121).

وهكذا أكمل فى المسيح الإعلان الإلهى الذى لم يكن قد تحقق سابقاً بواسطة أي انسان كل ما قدمه لنا الأنبياء والرسل قد اخذوه وتعلموه من المسيح : قال السيد لتلاميذه :

” ان لى أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ذلك يسجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم (يو 16: 12 -15).

‏انظر : Chrys., John, hom. 78.

ويشهد الرسل قائلين: “ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة (يو 1: 16).

انظر: (169) Cyril of Alex, John

‏Chrys., John hom. 14.

وقال الرسول بولس : ” المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كو 2: 3).

‏ انظر Chrys., Col. hom. 5, Theophilos Antiochas (M. 124, 1236). : المسيح اذن هو الإعلان الأكمل لله نحو البشر.

الإعلان الخارجي والداخلى

ان الفعلان الأكثر استعمالا في العهد الجديد للتعبير عن الإعلان الإلهي هما : phaner (یو 9: 2 ، رو 1: 19، 3: 12، کو 1: 26) apokalupt (مت 16: 17، لو 10: 21 ، رو 16: 25).

وعلى الرغم من أن الكلمتين يبدو أنهما يدلان على معنى واحد، فإنه من الممكن مع ذلك حسب معنى الآيات التي ترد فيها هاتان ،الكلمتان أن نتبين أن كلمة Phanerew تشير بالأكثر إلى عملية الإعلان نفسها وبصورة موضوعية، أى الإعلان الخارجي، بينما أن كلمة apokaluptw تتصل بالمتقبل للاعلان الالهى أى تشير إلى الإعلان الداخلي.

الفعل phanerw يشير الى عمل أو فاعلية الله التى بها يعرف أو يعلن نفسه أو أسراره التي كانت سابقاً غير معروفة ومكتومة، كما يبدو من الآيات التالية :

وهكذا فإن أموره غير المنظورة ” تصير عند بعض الناس “ظاهرة فيهم”. “لأن الله أظهرها لهم بالمصنوعات (رو 1: 19 ) ، كذلك أيضاً الآن “ظهر بر الله ” بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء. ويشير أيضا الرسول بولس إلى أن السر الذى كان مكتوماً في الأزمنة الأزلية “ظهر الآن وأعلم به جميع الأمم بالكتب النبوية “ (رو 16: 26).

أما الفعل apokaluptw فهو يشير بالأكثر إلى فاعلية النعمة الالهية والتي بها ترفع العوائق التي كانت تعمى العيون عن الرؤية الحقيقية. فليس هناك من فائدة للنور بالنسبة للشخص الأعمى.

إن ظهور الاله المتأنس كان إعلاناً لمجد الله استفادت منه العقول النيرة ولذلك شهد يوحنا المعمدان قائلا : ” والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا (يو 1: 14). على أنه بسبب العقول المظلمة والأذهان الغليظة، فإن اليهود لم يروا هذا المجد لأنه حتى اليوم ذلك البرقع نفسه عند قراءة العهد العتيق باق غير منكشف الذى يبطل في المسيح… لكن حتى اليوم حين يقرأ موسى البرقع موضوع على قلبهم ( 2كو 2: 14-15). وعندما أدرك الرسول بطرس مجد المسيح، فقد كان ذلك لأن الله باعلان داخلي لبطرس قد أظهر هذا “طوبى لك يا سمعان بن يونا، ان لحماً ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السماوات” (مت 16: 17).

انظر: chrysos., Math, hom, 54.

 وبالنسبة للرسول بولس فإن ظهور المسيح العلنى لاسرائيل. سوف يظل بدون فائدة ما لم يعلن الله ابنه فيهم كما يقول الرسول عن نفسه “ولكن لما سر الله الذي أفرزنى من بطن أمى ودعانى بنعمته أن يعلن ابنه فى لأبشر به بين الأمم للوقت لم استشر لحماً ودماً» (غلا 1: 15، 16).

+ هكذا يبدو الفارق بين الظهور الموضوعي والإعلان الشخصى وعن هذا الظهور الموضوعى يقول الرسول بطرس عالمين أنكم افتديتم… بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح معروفاً قبل تأسيس العالم ولكن قد أظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم (1بط 1: 18-20)، ويقول أيضاً ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون اكليل المجد الذي لا يبلى (1بط 5: 4 ) .

أما الإعلان الشخصى فيتوقف على حالة الشخص وهل يضع برقعا على عينيه، أم ينفتح قلبه النير لقبول الظهور الالهى كما يبدو من قول القديس لوقا : «وفى تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للاطفال» (لو 10: 21).

+ بالنسبة للاعلان الخارجي فقد كمل في شخص المسيح الذي كما قلنا هو الإعلان الأكمل للذات الإلهية ولأسرار الملكوت ولا يقبل أية زيادة أو اضافة. نحن لا ننتظر اعلانا آخر يكمل هذا الإعلان لأن الإعلان قد تم وكمل وبلغ صورته النهائية في شخص المسيح، ولكن ما نفعله هو أننا نحاول أن نفهم هذا الإعلان ونتعمقه، ونستوضح معانيه ومدلولاته.

أما بالنسبة للاعلان الداخلى فالأمر يختلف فإن طريق النمو والتقدم مفتوح أمامنا حتى نصل بممارسة الأسرار الالهية لأن نكون شركاء الطبيعة الالهية» (2بط 1: 4) 4,13 (M. 94, 144), cyril of Alex., John 1,12 (M. 73, 153): Damascus

وما قيل عن الرسول بطرس من أن الله هو الذى أعلن له (مت 16: 17). ينطبق بدرجة ما على كل البشر. وقد قال السيد المسيح فى هذا الشأن : “لا يقدر أحد أن يقبل إلى أن لم يجتذبه الآب الذى أرسلني … انه مكتوب فى الأنبياء ويكون الجميع متعلمين من الله فكل من سمع من الآب وتعلم يقبل إلى ” (يو 6: 44-45).

انظر : chyrsos., John, hom. 45, cyril of Alex., John 45 (M. 73,552, 553). The ophilaktos(. 123 1305)

المذاهب المضادة للإعلان الالهى

المذهب الطبيعي Naturalism : حسب هذا المذهب تكون الطبيعة هي الوجود كله ولا وجود الا للطبيعة أى للحقيقة الواقعية المؤلفة من الظواهر المادية المرتبطة بعضها ببعض، على النحو الذي نشاهده في عالم الحس والتجربة ومعنى ذلك أن المذهب الطبيعي يفسر جميع ظواهر الوجود بارجاعها الى الطبيعة ويستبعد كل مؤثر يجاوز حدود الطبيعة ويفارقها. ويسمى أصحاب هذا المذهب بالطبيعيين Naturalistes  وهم الدهريون الذين ينكرون وجود الصانع المدبر ويزعمون أن العالم وجد بنفسه دون حاجة إلى علة خارجية عنه.

‏وأظهر صورة لهذا الفكر، تبدو في المذهب المادي Materialism وهو الذي يفسر كل شيء بالأسباب المادية ويطلق على الذين يقولون بأن المادة وحدها هي الجوهر الحقيقي الذي به تفسر جميع ظواهر الحياة وجميع أحوال النفس، وهو بهذا يقابل المذهب الروحي  spiritualism الذي يثبت وجود جوهر مستقل عن المادة وهو الروح. ویری المذهب المادي أن جميع أحوال الشعور ظواهر ثانوية ناشئة عن الظواهر الفيزيولوجية المقابلة لها. وبالطبع فإن هذا المذهب ينكر الإعلان الإلهي لأنه ينكر وجود الله ووجود الروح الانسانية ويفسر العالم تفسيراً آليا ميكانيكيا. 

مذهب وحدة الوجود Pantheism وهو المذهب القائل بأن الله والطبيعة شيء واحد وبأن الكون المادى والانسان ليس الا مظاهر للذات الالهية وحسب مذهب وحدة الوجود عند اسبينوزا ان الله وحده هو الوجود الحق وان العالم مجموع ظواهر وأحوال ليس لها وجود حقيقى دائم ولا جوهر متميز

مذهب التأليه الطبيعي مذهب الإيمان بالله بغير الاعتقاد بديانة منزلة ويدعو خاصة الى الإيمان بدین طبیعی مبنى على العقل لا على الوحى ويؤكد على الأخلاقية منكراً فى القرن الثامن عشر تدخل الخالق في نواميس الكون. وعلى ذلك فإن مذهب التأليه الطبيعى وان أثبت وجود الله بالأدلة العقلية الطبيعية الا أنه التسليم بالإعلان الإلهى والتغلغل في معرفة صفات الله وعنايته وهو لا يؤمن بتدخل ارادة deism وهو يرفض الله العالم. 

ويشترك مع هذا المذهب العقلى Rationalism الذي يرى أن العقل بغير حاجة الى الوحي الالهي هو الهادى الأوحد الى الحقيقة الدينية.

مذهب الاأدريين Agnosticism يقوم على الاعتقاد بأن وجود الله وطبيعته وأصل الكون أمور لا سبيل إلى معرفتها .

مذهب التأليه الديني

‏في مقابل هذه المذاهب الخاطئة. هناك مذهب التأليه الديني Theism وهو يثبت وجود اله واحد متعال ويعتمد على العقل والنقل في تحديد صفاته وأفعاله. واذا كان مذهب التاليه الطبيعي يعتمد على العقل وحده، فإن مذهب التأليه الديني يعتمد على العقل والنقل، وهو يجعل عناية الله محيطة بكل شيء ويقول بتدخل الله في العالم. أي أن مذهب التأليه الديني لا يتقبل فقط الإيمان بوجود الله وجوداً شخصياً، ولكنه يؤمن بأن الله يحافظ على العالم ويدبر أموره الله بلا شك يعلو على العالم ولكنه في نفس الوقت يعمل في العالم ويتدخل في حياة البشر وسير التاريخ ومن الطبيعي أن الله في صلاحه يشاء أن يعلن عن ذاته وعن ارادته للانسان ولا يمكن أن يظل الله ساكنا تجاه خليقته التي به تحيا وتتحرك وتوجد لأننا ذرية الله ” (أع 17: 28) ” ولكى يطلبوا الله لعلهم يتلمسونه فيجدوه مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيداً (أع 17: 27). ” من مثل الرب الهنا الساكن في الأعالى الناظر فى السماوات وفى الأرض” (مز113: 5، 6 ) .

نقل وتبليغ الإعلانات الالهية

اذا كان الله يعلن ذاته وإرادته للانبياء والرسل على نحو ما أشرنا سابقاً. الا أنه لا يحبس اعلانه عند هذه الفئة فقط، بل يكون على هذه الفئة من الأنبياء والرسل أن تبلغ الإعلان الإلهى لشعب الله بأكمله سواء شفويا أو كتابياً، ويتم هذا بوحي من الروح القدس ضمانا لسلامة تبليغ الإعلانات الإليهة التي سلمها الله لهم. وهذه الفاعلية الجديدة للروح القدس يجب أن تتميز عن الإعلان الإلهى الفائق للطبيعة ومهما كان الارتباط وثيقا بين الوحى والإعلان فيجب أن نلاحظ التمييز بينهما.

ومن الممكن أن يتم الإعلان الإلهى دون أن يرتبط هذا الإعلان بنقله سواء بوحى شفوي او کتابى ولدينا مثال لذلك ما حدث مع بولس الرسول الذي تحدث عن اعلانات الله له فقال : ” انه لا يوافقني أن أفتخر. فانى آتى الى مناظر الرب واعلاناته . اعرف انسانا في السيح قبل أربع عشرة سنة، أفى الجسد لست أعلم أم خارج الجسد است أعلم. الله يعلم اختطف هذا الى السماء الثالثة وأعرف هذا الانسان أفي الجسد أم خارج الجد لست أعلم الله يعلم انه اختطف الى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان أن يتكلم بها ” ( 2کو 12: 1-4) 

ومع ذلك فإن الرسول بولس لم يكتب لنا بوحى الهى ماذا تضمنت هذه الإعلانات التي راها ومن ناحية أخرى يمكن أن يتم وحى لرجال الله القديسين دون اعلان كما حدث مثلا بالنسبة للأناجيل فيما يقول القديس لوقا البشير : «كما سلمها الينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة (لو 1: 2) فيما يتصل بالإعلان والوحي انظر :

‏1 chrysost. Is 2,1 (M. 56, 27).
2- theodoritos: lez. 1,2 (M. 81, 821).
3- Irenaeus : Elen. Ill, 1.1 (M 7.844).

+ يجب أن نلاحظ أن الكتاب المقدس وهو كتاب موحى به من الله ليس هو ذاته الإعلان، ولكنه التقليد يمثلان المصدرين اللذين نستقى منهما الإعلان الإلهي واذا كان مع الكتاب المقدس يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإعلان الإلهي الا أنه يتميز عنه

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى