هيرودس أغريباس الثاني

(٤٨-٩٣م )

لمَّا مات أغريباس الأول (سنة ٤٤م ) كان ابنه الوحيد أغريباس الثاني مـا يزال حدثاً ابن سبع عشرة سنة فقط . وكان في روما يـتعلَّم تحـت رعايـة الإمبراطور كلوديوس قيصر الذي أراد تعيينه ملكاً على اليهود عوض أبيه، ولكن حسب مشورة الحكماء عيَّن والياً رومانياً مؤقتاً وبقي أغريباس الثاني في روما حتى سنة ٤٨م، وحينئذ أرسلوه ليتولَّى الحكم على ولاية “خالقي” التي هي لبنان، وكانت تحت حكم هيرودس المـدعو “خـالقي ” أحـد أبنـاء أرسطوبولس أي عم أغريباس الثاني، وكانت ولاية غير مرموقة ! … وأخـيراً في سنة ٥٠م عيَّنوه حاكماً على رئاسة ربع فيلبُّس وهي المنـاطق الـشمالية وأضافوا إليه بتانيا وتراخونيتس وأبيليه الـتي كانـت ضـمن رئاسـة ربـع ليسانيوس. هذا في أيام الإمبراطور كلوديوس، ولكـن في أيـام حكـم الإمبراطور نيرون أضافوا إليه أجزاء أخرى من الجليل وبيريه وأربع عشرة قرية أخرى.

وزيادة في التقرب إلى مراضاة اليهود أعطوا لأغريباس الثاني السلطة لعـزل وتعيين رئيس الكهنة وحراس الهيكل، والإشراف على خزانة الهيكل، وضـمناً الإشراف الكلي على الخدمة داخل الهيكل. وكانت الملابس الكهنوتيـة قـد وقعت منذ مدة طويلة تحت يد الحامية الرومانية لما استولوا على قلعة أنطونيـا ووجدوها مخبأة فيها، وظلت بعد ذلك تحت يد الحكَّام الرومانيين يـسلمونها لرئيس الكهنة في كل مناسبة ثم يستردونها بكـشف بعـد الخدمـة. وكـان يتليوس حاكم سوريا قد سلَّمها للهيكل سنة ٣٦م وفي زمان أغريباس الثاني حكم كلوديوس قيصر أن تسلَّم لليهود مرة واحدة بلاكشوف لتكون تحـت إشرافهم الدائم، وذلك حينما أراد الوالي الروماني كاسبيوس فـادوس في أيام أغريباس الثاني الاستيلاء عليها من جديد. ولكن تولِّى أغريباس الثاني هذه السلطة والإشراف على هذه الأمور أنشأ مجالات مـستمرة للاحتكاكـات، وذلك بسبب عدم دراية أغريباس بدقائق الناموس التي لم يكـن يـدركها إلاَّ الفريسيون المتفرغون للنقد وإثارة أحقاد الشعب على أتفه حركة تبدو لهم غير منسجمة مع تقاليدهم، مما تسبب في ازدياد روح التحفز والحقـد والتـذمر المستمر بين اليهود والحكام الرومانيين والأمميين على وجه العموم.

وبالرغم من إشراف أغريباس على أُورشليم والهيكل إلاَّ أنه لم يكـن لـه اتصال مباشر مع اليهود ورؤساء الفريسيين، لأن عاصمة أغريباس الثاني الـتي كان مقيماً فيها لم تكن أُورشليم بل قيصرية فيلبُّس الواقعة على منابع الأُردن الشمالية، وهي غير قيصرية التي على البحر مركز الجيش الروماني.

ولكن كان لأغريباس الثاني قصر متاخم لسور الهيكل يقيم فيه أثناء وجوده في أُورشليم، وبالأخص أيام الأعياد وخدمة المناسبات الدينية، وقد رفع البنـاء في القصر حتى أصبح قادراً أن يشرف على الحركة والخدمة داخل الهيكل، مما أثار عجرفة الكهنة الذين تضافروا وبنوا سوراً مرتفعاً داخلياً يفصل الهيكل عن قصر أغريباس، مما أثار حفيظة أغريباس، فاتصل بـوالي اليهوديـة الرومـاني دوركيوس فستوس المذكور في سفر الأعمال (٢٧:٢٤) ليهدمه ويزيله . فلـم يرضخ كهنة اليهود بل أوفدوا لجنـة منـهم للـشكاية لـدى الإمبراطـور نيرون (امبراطور ذلك الزمان الذي كان يقصده ق . بولس حينما قال لفستوس
«إلى قيصر أنا رافع دعواي») . وتوسطت بوبيا زوجة نيرون اليهودية الأصـل فأمر بترك السور وعدم هدمه. وهكذا ظلت العلاقات متوترة بـين أغريبـاس واليهود.

والمعروف عن أغريباس الثاني أنه كان ذا أخلاق منحلة، فقد كانـت لـه علاقة غير شريفة بامرأة عمه هيرودس خالقي التي كانت في نفس الوقت أخته (برنيكي) والتي كان يعيش معها كزوجة، ولكن سفر الأعمال في الأصحاحين ( ٢٥ و٢٦ ) لم يشأ أبداً أن يذكر أنها كانت زوجة له لعلم الكاتب بأنها كانت علاقة آثمة.

ويذكر سفر الأعمال أن أغريباس وبرنيكي انحدرا مـن قيـصرية فيلـبُّس (عاصمة مقاطعته التي كان يترأَّس عليها ) إلى قيصرية التي على الساحل مركـز إقامة الحاكم الروماني فستوس ليسلما عليه، إذ كان استلم حديثاً رئاسته على اليهودية (أع ١٣:٢٥،٢٧:٢٤)، وكان بولس الرسول في ذلك الوقت مقيداً ومسجوناً في قيصرية ومقاماً عليه دعاوي وشكاوي من اليهود.

ويُلاحظ أن الاعتراض الوحيد الذي قدمه فستوس الروماني علـى ق. بولس أثناء احتجاجه كان لمَّا ذكر المسيح أنه عتيد أن يكون نوراً للأمميين، فاعتبرها فستوس بذكاء ومبادرة أنها تمس الإمبراطور بصفته إلهاً، فـاحتج! (أع٢٣:٢٦-٢٤)

فاصل

المراجع:

  1. تاريخ بني إسرائيل – الأب متى المسكين

فاصل

 أغريباس الأول عائلة هيرودس الكبير  كاسبيوس فادوس
تاريخ العهد القديم

 

زر الذهاب إلى الأعلى